الأزهر: لازم موافقة أمنية.. الكنيسة: مينفعش.. واللى فى القلب فى القلب.. والطائفة اليهودية: مش عاوزين نروح فى داهية مسئول ب«الداخلية»: تغيير الديانة بدون موافقة الأمن «تكدير للسلم العام».. وإحالة القضايا المضبوطة للنيابة وفق النصوص القاطعة وواجبة النفاذ للدستور المصرى، وتحديدًا المادة 64 فإن «حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون»، غير أن التطبيق الفعلى لذلك النص يبدو «حبرًا على ورق» وفق التعبير المصرى الشائع، «الصباح» خاضت مغامرة تكشفها سطور هذا التحقيق، لمعرفة مدى تطبيق هذا النص الدستورى، ومدى إمكانية إقدام مواطن مصرى على تغيير ديانته إذا أراد. فى داخل مشيخة الأزهر الشريف بالدراسة، تواجدت «محررة الصباح» فى ساعة مبكرة، ووصلت إلى مكتب يقع فى الدور الأرضى استقرت على مدخله لافتة كتب عليها «إشهار الإسلام للمصريين»، المكتب الذى كان يجلس فيه 4 شباب وفتاة، أغلبهم فى العشرينيات من عمرهم، وأمام الموظفين الخمسة، وقف شابان لم يتجاوز عمرهما 25 عامًا، كانا يجيبان عن أسئلة موظفى الأزهر، بشأن أسباب طلبهم تغيير دينهم للإسلام، وعما إذا كانوا يقومون بذلك عن قناعة ورضاء تام إيمانًا بالله ورسوله وكتابه، أم لا؟ وقدم الشابان للموظفين مسوغات تغيير الديانة، والتى كان أبرزها، طلبًا موجهًا للجهات الأمنية لتغيير اسمه ودينه، وبحسب موظفين بالمشيخة تحدثوا ل«محررة الصباح»، - التى لم تكشف عن هويتها، وزعمت أنها ترغب فى التحول للإسلام، وقال أحدهم، إن الشروط الرسمية تتضمن شهادة مختومة من مفتى الجمهورية تؤكد موافقته على تغيير الديانة وقبولها فى الإسلام، وألا تكون قاصرًا فى السن، وأن يكون لديها اثنان من الشهود مسلمان، بالإضافة إلى موافقة كتابية من وزارة الداخلية بالموافقة على تغيير الديانة. وعندما أبدت «محررة الصباح» عدم قدرتها على تنفيذ تلك الشروط خاصة فيما يتعلق بالموافقات الرسمية، نصحها أحد المترددين على المشيخة، بالتوجه للجامع الأزهر، وتحديدًا للجنة الفتوى بالأزهر، والتى يقع داخل الجامع إلى يمين المدخل الرئيسى، وأمامها لافتة تشير إلى عدم دفع أى رسوم عن الفتوى، وفى داخل اللجنة نصحها أحدهم تلافيًا لمشكلة صعوبة الإجراءات، بالتوجه إلى إحدى الزوايا بمنطقة شبرا الخيمة، حيث يوجد متطوعون يُعلّمون الراغبين فى تغيير دينهم فرائض الدين الإسلامى - وتحتفظ الصباح بأسماء وعناوين القائمين على تلك الزوايا-. وفور وصول «محررة الصباح» لتلك الزوايا، التقت سيدة متزوجة من أحد الشيوخ الذى يقوم بمهمة تعليم الراغبين فى تغيير دينهم بالفروض الإسلامية، واستقبلتها السيدة بحفاوة وترحاب قائلة: «أهلا بمن تابوا»، وفى إحدى غرف المعيشة الصغيرة التى كانت تمتلىء جدرانها بالآيات القرآنية والأدعية وصوت قرآن خافت يخرج من الراديو، وقامت السيدة بالتعريف بدين الإسلام وسمات الرسول والملائكة وطريقة وأداء الصلوات، وأكدت السيدة أنها لاتجنى هى أو زوجها أى أرباح من وراء ذلك. من جانبه، يؤكد الدكتور حسين صالح، رئيس لجنة الفتوى، مدير منطقة الوعظ والإرشاد الدينى بأسيوط، أن من حق كل إنسان اختيار دينه، وأن عقوبات الخروج من الدين، لم تكن إلا لمن حاولوا الإساءة والغدر بالمسلمين، وأضاف أن الله كفل للبشرية جمعاء حق اختيار دينهم دون إكراه والاختيار فى الإيمان بالله حق من حقوق البشرية فقد خلقنا الله مختلفين، ونخطئ ونصيب ولله الحساب فقط وليس للبشر. وأضاف «صالح» أن الإسلام يكفل حق اتباعه أو غيرهم، واختيار دين الإسلام أو ديانة أخرى، ويجب أن يتم ذلك دون عقاب، فالعقاب لن يغير مما فى عقل الإنسان، وما قرر الإيمان به، وأكد أن ترك الإسلام من الكبائر، فهو كفر بالله عز وجل وبكتابه، لكن الله أكد أن من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والأمر يجب أن يحال إلى الأجهزة الأمنية والقضائية إذا كان الأمر سيتسبب فى فتن نتيجة رفض المجتمع لذلك، انطلاقًا من حماية الفرد وحماية الأمة. المسيحية وإذا كانت محاولة الدخول فى الإسلام كان لها منفذ رسمى يطلب أوراقًا ومسوغات فضلًا عن زاوية أخرى بعيدة عن الدولة، فإن الأمر بالنسبة للراغبين فى دخول الدين المسيحى يبدو قريب الشبه، وأما إحدى الكنائس الأرثوذوكسية بمنطقة شبرا الخيمة، كان رجل أمن يجلس على الباب الرئيسى للدخول، وعندما حاولت «محررة الصباح» الدخول، طلب منها بطاقتها الشخصية، وعندما وجد أنها مسلمة سألها لماذا تريدين الدخول للكنيسة، فأبلغته بصوت هامس، أنها مسلمة على الورق فقط، وأنها ترغب فى التحول للمسيحية، وبعد نظرة فاحصة من قبل رجل الأمن طلب من أتباعه إلى داخل الكنيسة، لتلقى أحد القساوسة، وبعد انتهاء القس من صلاته، تحدث إلى «محررة الصباح» واصطحبها إلى مكتبه، وطلب منها أن تشرح طلبها، وبعد انتهائها من الحديث، قال: «الأمر خطير جدًا، وأعلم حق الإنسان فى اختيار معتقده، فالله يهمه ما فى القلب وليس ما كتب على الأوراق»، وتابع: «ليس عليكى أن تكونى مسيحية عبر الورق، ويكفى أن تحضرى معنا يوم الأحد والإيمان بقلبك، ولكننى لا أستطيع مساعدتك، واستكمل «مكاننا هذا مفتوح لكى فى أى وقت أردتى القدوم للعبادة والاستفسار عن أى شىء، ولا أستطيع مساعدتك أكتر من ذلك». وقبل أن تنصرف المحررة من الكنيسة، قال لها أحد المترددين على الكنيسة، والذى يبدو أنه عرف بقصتها من رجل الأمن، إن هناك طريقة أخرى لتغيير ديانتها من الإسلام للمسيحية، عن طريق مجموعة ممن يقومون بتسفير الحالات التى تسعى لتغيير الديانة إلى دول عربية وأجنبية، ويقومون بتغيير الديانة بشكل مجانى. ويقول القس مرقس ميلاد، كاهن كنيسة السيدة العذراء بالإسكندرية، إن الدستور والقانون المصرى لا يتناولان تغيير الديانة بشكل صريح، كما أن المجتمع يتقبل أن يتحول مسيحى إلى الإسلام، لكنه يرفض العكس، وتابع أنه لا يعرف أية كنيسة تقوم بتحويل مسلم لمسيحى مؤكدًا أن تلك الأمور إذا تمت فإنها تتم فى السجل العقارى بموجب القانون والدستور ولا علاقة للكنيسة بذلك. مصدر أمنى وأكد مصدر أمنى رفيع المستوى، ل«الصباح»، أن أية واقعة يتم ضبطها من قبل وزارة الداخلية خاصة بتغيير الديانة من المسيحية للإسلام أو العكس، بطرق غير شرعية، يتم إحالتها للنيابة العامة فور ضبطها، وتعتبر وزارة الداخلية مثل هذه القضايا بمثابة تكدير للسلم والأمن العام، وأن الداخلية ضبطت العديد من هذه القضايا عن طريق معلومات رصدها جهاز الأمن الوطنى. وكشف المصدر، أن هناك قضية تم ضبط متهمين فيها تحت مسمى «رجال التنصير» وهم مجموعة من المتهمين كانوا يستدرجون المسلمين وينصرونهم بطرق غير شرعية بعيدًا عن الكنيسة، وأشار المصدر إلى أن هناك رقابة من جهاز الأمن الوطنى على تلك المجموعات من الطرفين، مسلمين ومسيحيين، للحد من مثل هذه القضايا، التى تثير الفتن فى المجتمع. اليهودية: على الرغم من أن أعدادًا من يعتنقون اليهودية قليلون للغاية، إلا مجرد مكالمة تليفونية جمعت «محررة الصباح» مع «ماجدة هارون»، رئيسة الطائفة اليهودية فى مصر، للسؤال عن الخطوات الواجب اتباعها للتحول من دين آخر لليهودية، فكان رد رئيس الطائفة: «انتى هتودينى فى داهية» ثم أغلقت الهاتف. ووفقًا لبحث أعدته «المبادرة المصرية لحقوق الإنسان»، تحت عنوان « تغيير الديانة وحرية المعتقد» فإن الدولة لا تعترف بالتحول من الإسلام وترفض الاعتراف القانونى بتغيير المعتقد الدينى للمواطنين، أو تغيير اسم مسلم إلى اسم مسيحى فى مستندات تحقيق الشخصية، وهذا يعنى أن من يغيرون ديانتهم يواجهون صعوبات كثيرة فى مجالات قانون الأسرة المستندة لديانة الشخص، مثل الزواج والطلاق والميراث، كما لا يستطيع هؤلاء المواطنون تربية أبنائهم على المعتقد الذى يتبنونه الآن، ويلجأ البعض منهم للحصول على مستندات مزورة تقر بمعتقدهم الجديد من أجل تسيير أمور حياتهم، لكن هذا يضعهم تحت طائلة المحاكمة الجنائية ويعرضهم للسجن بتهم تزييف المستندات. وأضافت المبادرة فى بحثها أن الدستور والقانون المصرى لم يتناولا مسألة تغيير الديانة بشكل صريح، وتحدد اللوائح الداخلية لوزارة العدل إجراءات ينبغى أن تتبعها مصلحة الشهر العقارى لإثبات التحول إلى الإسلام وتوثيقه، عملًا بالقانون 68 لسنة 1947، يجب أن تقوم مكاتب الشهر العقارى بتوثيق كل المستندات لكل المواطنين المصريين، بينما ينص القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التسجيل التوثيق على إعفاء الشهادات التى توثق التحول إلى الإسلام من أى رسوم؛ فى إشارة واضحة إلى التشجيع الرسمى على هذا النوع من تغيير الديانة دون غيره. وتتضمن اللوائح الخاصة بمصلحة الشهر العقارى والتوثيق فصلًا بعنوان «توثيق إشهار الإسلام». ويحتوى الفصل على الإجراءات التفصيلية التى يجب اتباعها لإثبات تحول شخص ما إلى الإسلام بشكل رسمى، إذ يجب أن يكون عمر طالبى الدخول فى الإسلام أكبر من 16 عامًا، ويجب أن يتقدم من يرغب فى تغيير ديانته بطلب إلى مديرية الأمن التابع لها. ووفقًا للمبادرة، فإن الشرطة تتولى بدورها ترتيب مقابلة بين طالب التغيير وممثل للطائفة الدينية التى ينتمى لها الشخص فى ذلك الوقت، ليقدم له «النصح» بالبقاء على ديانته، عندئذ يحق لطالب التغيير أن يسحب طلبه «إذا قبل نصيحة رجال الدين من ديانته الأصلية»، خلافًا لذلك، يستلم طالب التغيير شهادة بعدها من مكتب الشهر العقارى توثق تحوله إلى الإسلام.