رسالة «أحمد» للفتيات: «ممكن أعيش خدام تحت رجليكى.. تضربينى وتدوسى على وشى بالجزمة» «هبة»: خطيبى يحب الإهانة والسباب ولا يغار ولا يمانع أن أمارس الغرام مع رجل آخر انتشر الحديث فى الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعى عن المازوخية، وتكاثرت المشاكل الاجتماعية التى تتعلق بها، والتى أثارت الكثير من الجدل بين فريق يعتبر الأمر مرضًا نفسيًا، وفريق يرفض الحديث عنها لتعارضها مع تقاليد المجتمع، وفريق ثالث لا يعرف شيئًا عن الأمر. ظهر مصطلح «المازوخية» من خلال الكاتب النمساوى ليوبولد مازوخ، الذى كتب رواية (فينوس ذات الحلل الفروية)، وهى بمثابة أول رواية تتحدث عن الممارسات المازوخية. ويطلق على المازوخية أيضا اسم «الماسوشية» أو «الماكوزية»، فارتبط اسم مازوخ بهذه الظاهرة، التى كانت بمثابة وصمة عار له، فحاول كثيرًا أن يغير هذا الاسم، لكنه فشل. «أحمد».. شاب يعانى من المازوخية، يقول ل«الصباح» إنه منذ صغره يشعر بالميل إلى التلذذ بالإهانة والسباب من قبل أصدقائه وأقاربه. وأضاف أنه فيما بعد كان يعزز ذلك الشعور عن طريق الإنترنت، فيصنع حسابات مزيفة على موقع فيس بوك، ويبعث الرسائل للفتيات ممن يجدهن على صفحات مختلفة، ويشعر بأنهن قويات الشخصية، ويكون نص الرسالة (أنا ممكن أعيش خدام تحت رجليكى، وممكن تشتمينى وتضربينى وتدوسى على وشى بالجزمة!) ويستطرد بأن منهن من تستجيب له، وتقتصر العلاقة على التواصل عبر الإنترنت، ومنهن من ترفض. وتشكو «هبة» على إحدى الصفحات الاجتماعية على الإنترنت من أن خطيبها مريض بالمازوخية، فقالت إنه ضعيف الشخصية، ويحب الإهانة والسباب، وتفرض سيطرتها عليه. وأضافت أنه لا يغار عليها، ولا يمانع بأن تشرب السجائر والمخدرات، أو أن تحب رجلًا غيره، أو حتى تكون لها علاقة معه. لكنها أشارت إلى أنه يحاول تلقى العلاج عند طبيب نفسى لحل تلك الأزمة. أما «إيهاب» فكتب على مدونة نفسية أنه تعرض للسب والإهانة من قبل الفتيات فى سن المراهقة كلما طلب من إحداهن الارتباط العاطفى. ويقول إن تلك الإهانة تناسبت مع شخصيته، فأصبح يتذكر الشتائم من الفتيات ويتخيل أنه يتعرض للإهانة على أيديهن بشتى الطرق. ثم أصبح بعد ذلك يتصل بأرقام غريبة عبر الهاتف حتى يسمع السباب والشتائم من الفتيات والنساء خصوصًا، حتى أصبح له صديقات يهينونه كلما طلب منهم ذلك، وتطور معه الأمر حتى بدأ يبحث على الإنترنت عن صور وفيديوهات للمازوخية، وأصبح مدمنًا لها. وسبق للسينما العربية أن تناولت فكرة المازوخية فى العديد من الأفلام، مثل «درب الهوى»، عندما يذهب السياسى المرموق إلى أحد بيوت المتعة الحرام، ويطلب من إحدى الفتيات أن تهينه وتشتمه وتطبل له كى يرقص، ويقول كلماته الشهيرة (أنا عايز واحدة تهزأنى.. تهزأنى). كما نجد فى فيلم (شفيقة ومتولى) مشهدًا يطلب فيه السياسى ذو المنصب الرفيع من البطلة، وهى سعاد حسنى، أن تضربه بالكرباج ضربًا مبرحًا قبل أن يقيم علاقة معها. ويقول الدكتور هاشم بحرى إن المازوخى الذى يحتاج إلى التعذيب، لا يتطلب هذا الضرب المبرح، وهذا الألم الشديد، مؤكدًا أن ما تعرضه السينما فى هذا الإطار يأتى فى إطار المبالغة الدرامية. يقول الدكتور هاشم بحرى، رئيس قسم الطب النفسى بالأزهر، إن المازوخية نوعان: الأول هو المنتشر بين الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى، والمتمثل فى الشخصية المازوخية، التى تشعر باللذة والسعادة عندما تٌهان وتٌسب من قبل الآخرين، فتحتاج إلى من يسيطر عليها حتى تشعر بأنها تابعة للآخرين، فترحمهم من عبء المسئولية وتشعرهم بالأمن. أما النوع الثانى فهو المازوخية الجنسية، وهى عدم الشعور بالمتعة الجنسية إلا عند الشعور بالتعذيب والإهانة والألم، ويعد ذلك نوعًا من أنواع الاضطرابات الجنسية. وأوضح بحرى أن أسباب الإصابة بالمازوخية فى أغلبها مكتسبة من خلال النشأة فى مراحل عمرية صغيرة، مثل نشأة الإنسان فى بيئة غير سوية، كأن تتعرض الأم للإهانة والضرب على يد الأب والأقارب، فيتوحد الطفل مع الأم، ويأخذ دور المرأة بقية حياته. أو أن يتعرض الطفل نفسه للضرب والإهانة على يد الأم أو الأب بطريقة وحشية، فيرغب فى الانتقام من نفسه ومن والديه فيما بعد، فيبحث عمن يهينه بقية حياته كما كان يفعل والداه من قبل. وهناك حالات أيضًا يتعرض فيها الطفل للعنف الجسدى والتحرش الجنسى، فتتحول شخصيته إلى الشخصية المازوخية. ومع ذلك أكد بحرى أن أسباب المازوخية غير واضحة حتى الآن، رغم وجود دراسات ترجعها إلى اضطرابات فى الفص الصدغى بالمخ، خاصة الفص الصدغى الأيسر، لافتًا إلى أن أغلب الفئات المصابة بالمازوخية تكون فى مراحل الانتقال العمرية، وهى الانتقال من الطفولة إلى المراهقة، ومن المراهقة إلى الشباب، وهى أكثر المراحل التى يكون بها تغيرات واضطرابات جنسية وفسيولوجية، وإذا لم يكن هناك دعم من الأسرة فى تلك المراحل، تظهر حينها المازوخية. وأضاف بحرى أن الممارسات المازوخية على فيسبوك ممن يكتب أنه يريد أن يهان أو يعذب، تكون أغلبها عمليات نصب واستغلال ممن يعانون من اضطرابات جنسية للاحتيال عليهم من خلال تكوين جروبات على الإنترنت، لأن أصحاب الشخصيات المازوخية لا يكشفون عن شخصياتهم الحقيقية فى أغلب الأحيان. من جانبها، تقول الدكتورة عائشة محمد، أستاذ علم الاجتماع، إن العلاقات الأسرية غير السوية وتعرض الطفل للضرب المبرح، أو إلغاء شخصيته ورأيه واختياراته فى أبسط الأمور، وكذلك المعاملة السيئة والضرب المبالغ فيه فى المدرسة، وإلغاء شخصيته بين زملائه، يؤثر على سلوك الطفل فيما بعد، فيفقد سيطرته على أبسط أمور حياته، وصولًا إلى حد أنه يحتاج إلى من يتحكم فى حياته ومصيره، ويكون ذلك شرطًا وحيدًا للشعور بالأمان، مما يؤدى إلى إصابته باضطرابات نفسية وجنسية، ويزداد الأمر فى بعض الحالات حتى يصبح الفرد عبدًا لمن حوله.