*دمشق: «لو مش معاك فلوس روح عند صيدلية أحسن » .. ودار الطب «من غير فلوس إطلع برة » *النيل بدراوى: روحوا مكان تقدروا على تمنه.. ومصر الدولى: سيب تليفونك وبطاقتك رهن *الزهيرى: ادفع عشان تعدى.. واللواء: ادفع عشان تخرج *السلام الدولى: لما تكمل تمن الكشف تعالى.. وممرضة«الأمل »: اللى ممعهوش ميلزموش *الصحة »: لسنا مشرفين على كل مستشفيات مصر.. وقدموا شكاوى لمجلس الوزراء أزمة المرضى الفقراء فى حالات الطوارئ، ما دفع رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، إلى إصدار قرار بإلزام جميع المنشآت الطبية الجامعية والخاصة والاستثمارية المرخص بإنشائها طبقًا لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 والمستشفيات التابعة لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، بتقديم خدمات العلاج لحالات الطوارئ والحوادث بالمجان لمدة 48 ساعة، يُخير بعدها المريض أو ذووه فى البقاء بالمنشأة على نفقته الخاصة بالأجور المحددة المعلن عنها أو النقل الآمن لأقرب مستشفى حكومى، على أن تتحمل الدولة تكاليف العلاج من موازنة العلاج على نفقة الدولة، وفى جميع الأحوال لا يجوز نقل المريض إلا بعد التنسيق مع غرف الطوارئ المركزية أو الإقليمية المختصة أو غيرها، لتوفير المكان المناسب لحالته الصحية. القرار جيد وأشاد به الجميع، وظن الفقراء أن يخفف عنهم، لكنه لم يتعد كونه قرارًا على ورق حتى لو ورق رسمى. وتكشف «الصباح» عبر مغامرة صحفية فى عدد من المستشفيات الخاصة والاستثمارية، أن جميعها لا تعرف عن قرار رئيس الوزراء شىء، ولا تشعر أبدًا بألم المريض، وترفع شعار «ادفع تدخل». السلام الدولى مجموعة كبيرة من رجال الأمن التفت حول محررة «الصباح»، بمجرد دخولها مستشفى «السلام الدولى» فى المعادى، وهى أحد أكبر المستشفيات الاستثمارية فى مصر، سألتهم عن باب الطوارئ، فأشار أحدهم إلى طابور، وهو يقول «خدى دور الأول يا مدام»، الطابور طويل والجميع ظن أنه مخصص للحصول على أرقام ترتيب الدخول إلى غرف كشف الطوارئ، لكنه كان مخصصًا للحصول على أرقام ترتيب الوقوف على شباك التذاكر. أخبرت المحررة المسئولين أمام البوابات أن الحالة حرجة وتعانى من نزيف حاد، ولابد من إيقافه فورًا، إلا أنهم لم يهتموا، فانتظرت فى الطابور أكثر من نصف ساعة، حتى جاء دورها، وبدأ موظف الاستقبال فى الأسئلة التى يسألها لكل من يقف أمامه، هل هذه أول زيارة؟، هل لديك تأمين تابع لإحدى الشركات؟ وعندما أخبرته أنها الزيارة الأولى وليس لديها تأمين صحى، قال كشف أمراض النساء والتوليد، ثمنه 380 جنيهًا، فقالت له إنها لا تستطيع دفع هذا المبلغ وحالتها خطرة، وهى حامل، وقد يتعرض الجنين إلى مشاكل خطيرة، رجته المحررة واستعطفته وطلبت منه أن يسمح لها بالدخول وستدفع المبلغ ليلًا، لكنه قال «اتفضلى برا يا مدام وتعالى بكره اكشفى، أو أقولك اتفضلى ولما تجهزى تمن الكشف ابقى تعالى»، ثم أدار وجهه ليكمل حديثه مع زميله فى المكتب المجاور، وأشار لها رجل الأمن الواقف بجوارها، لمغادرة المستشفى وهو يقول «اتفضلى يا مدام متعطليناش». النيل بدراوى مستشفى «النيل بدراوى»، وهى من أشهر المستشفيات فى مصر، خصصت جزءًا كبيرًا من عملها، لشركات التأمين الصحى، التى تتعاقد معها للعاملين بالقطاع الخاص، وقليلًا ما يتم التعامل مع مريض عادى داخل هذا المستشفى. ورغم دخول المحررة إلى المستشفى وحالة الإعياء والتعب واضحة على ملامحها، إلا أن أحدًا لم يلتفت إليها، وكل ما فعلوه أنهم سألوها «انتى تبع إيه؟»، فسألتهم ماذا يقصدون؟، فأوضحوا أنهم يقصدون تابعة لأى شركة تأمين، لأن الأسعار مرتفعة بشكل كبير. صعدت المحررة إلى الطابق المخصص لعيادة أمراض النساء والولادة، قابلتها إحدى العاملات، وعندما علمت أنها بلا تأمين، قالت لها ثمن الكشف 200 جنيه، والموجات الصوتية والسونار 120 جنيهًا، ليصبح إجمالى المطلوب 320 جنيهًا، مضيفة «انتى بقى هتقدرى تدفعى؟»، فقالت لها أنها لا تستطيع الدفع، وكل ما تريده أن يسعفها أحدهم، فتركتها وهى تقول «ابقى روحى مكان تقدرى على ثمنه علشان يسعفك». مصر الدولى وفى مستشفى مصر الدولى بمنطقة الدقى، دخل المحرر على أنه يعانى من ألم شديد فى البطن، وأشار له أحد الممرضين بدخول الكشف، فظن أخيرًا أن هناك مستشفى تطبق قرار رئيس الوزراء. وبعد أن أنهى الطبيب الكشف، وأحضر حقنة لتخفيف آلام المعدة، وبعد مماطلة معه لعدم إعطائه الحقنة، ووافق الطبيب أخيرًا وقال له ليأخذها فى أى وقت خارج المستشفى، وعندما هم المحرر بالخروج أشار له قائلًا» اذهب إلى قسم الحسابات»، ليفاجأ أن ثمن الكشف 183 جنيهًا، منها 180 جنيهًا ثمن دخول الطوارئ، و3 جنيهات فقط ثمن الحقنة. وعندما قال المحرر لموظف الحسابات إنه ليس معه هذا المبلغ، وظروفه المادية لا تسمح أصلًا بدفع مثل هذا المبلغ، فأجرى الموظف عدة اتصالات هاتفية، مع مسئولى المستشفى، وطلب منه التوجه إلى مسئول العلاقات العامة بالمستشفى، الذى بدأ كلامه مع المحرر قائلًا «الكلام دا ماينفعش، إزاى تدخل المستشفى وانت مش معاك تمن الكشف». قال المحرر للموظف، إنه لم يكن يعلم أن ثمن الكشف غالٍ بهذا الشكل، كما أنه أجرى الكشف فى قسم الطوارئ، فلماذا كل هذا المبلغ، فأجاب الثانى أن سعر التذكرة فى قسم الطوارئ 180 جنيها لأى شخص، وهذا يسير على الجميع وعليك. ومع إصرار المحرر بأنه لا يملك هذا المبلغ، تدخل موظف الحسابات وقال له اترك بطاقتك الشخصية وهاتفك، كضمان لحق المستشفى إلى أن تحضر ثمن الكشف فى المساء، فحاول المحرر استعطاف مسئول العلاقات العامة، باعتباره مغتربًا من مدينة طنطا، ولابد أن يعود إلى بلده، ولا يستطيع العودة دون هاتف، واستمر الأمر لبعض الوقت، حتى وافق المسئول على ترك الهاتف والتحفظ على البطاقة الشخصية فقط، لحين إحضار المبلغ المطلوب، بعد أن وعده المحرر أن الدفع سيكون فى أسرع وقت ممكن. دمشق وفي مستشفى دمشق بحى المهندسين، دخل محرر «الصباح» يعانى من صداع وألم شديدين وحالة من الإغماء، وعندما توجهنا به إلى قسم الطوارئ، وجدنا اثنين من الموظفين ومعهما طبيب، أكدوا لنا أن الكشف فى الطوارئ ب 175 جنيهًا، واتصلوا بطبيب الطوارئ ليحضر للكشف على المحرر. بادرنا بسؤال موظف عن أنه من المفترض أن الطوارئ مجانًا، فابتسم قائلًا «لا طبعًا ب 175 جنيهًا»، وعندما قلنا له إننا لا نملك هذا المبلغ، أغلق السماعة بعدما ألغى استدعاء الطبيب، فطلبنا منه أن يسمح لنا بالجلوس قليلًا، فنظر لنا باشمئزاز وأشار لنا بيده موافقًا، موضحًا أن هذه هى تعليمات المسئولين فى المستشفى. انتظرنا أكثر من ربع ساعة، وموظفو الاستقبال يتفرجون علينا، ومريضنا يتألم، ولم يعيرنا أى أحد اهتمامه، إلا طبيب الاستقبال وقال لنا «سعر الكشف فى المستشفى هنا مرتفع جدًا، لو عايز تقيس الضغط وتطمئن على سبب هذه الدوخة روح أى صيدلية قريبة أو روح مستشفى حكومى». الأمل بالقرب من «دمشق»، يقع مستشفى «الأمل» التى يختلف فيها الوضع قليلًا، فعندما توجهنا إليها، ووقفنا أمام قسم الطوارئ والاستقبال فوجئنا بموظف الأمن يقترب منها وهو يسأل «عاوزين إيه يا شباب ماله صاحبك»، فأجبته بأن زميلى أصيب بحالة إعياء شديدة ويشعر بمغص فى معدته وصداع شديد، فقال الرجل ادخلوا قسم الاستقبال وسجلوا اسم المريض، وبالفعل توجهنا إلى قسم الاستقبال فإذا بموظفين مشرفين جالسين أمام باب الطوارئ، فأخبرناهما أننا نريد الكشف فى قسم الطوارئ، أليس مجانيًا؟، فقالا لنا «لا نعرف شيئًا ادخلوا اسألوا الموظفين المسئولين». دفعنا باب الطوارئ فإذا بطبيب الاستقبال أمامنا، سألنا نريد الكشف فى قسم الطوارئ، فأشار بإصبعه إلى الخزينة، توجهنا إلى الموظفين، وطلبنا منهم الإسراع لأن الحالة خطرة، فضحك أحدهم، وقال «طب ادفع يا باشا وتعالى»، فسألناه هو الطوارئ مش مجانى؟، فضحك ثانيًا، وقال «لا مش مجانى الكشف ب 80 جنيهًا، وادخل اسأل الدكتور عشان تصدق»، قلنا له ليس معنا، فصمت وتجاهلنا تمامًا، رغم استمرارنا فى الحديث، فقررنا الخروج من المستشفى، لكن قبل الخروج استوقفنا إحدى الممرضات، وسألناها عن مجانية خدمة الطوارئ، فقالت «ما فيش حاجة ببلاش يا كابتن دى مستشفى خاصة، اللى ممعهوش ميلزموش». دار الطب «دار الطب» مستشفى شهير فى منطقة الجيزة، يسير على نهج المستشفيات الأخرى، فأخبرنا أحد موظفيها أن ثمن التذكرة لدخول قسم الطوارئ 75 جنيها، غير شامل العلاج أو أى خدمة تقدم للمريض داخل المستشفى، ولما أخبرناهم أننا لا نملك المال الكافى، طردونا. ولم يختلف الوضع كثيرًا داخل مستشفى «المركز الدولى»، الكائن بمنطقة شبرا الخيمة، حيث أخبرتنا موظفة الطوارئ أن سعر التذكرة 30 جنيهًا، كذلك أحد مستشفيات الهرم، فأكدوا لنا أن ثمن التذكرة 50 جنيهًا يتم تحصيلها. والوضع نفسه فى مستشفى «الزهيرى» بالمنيل، وقالت موظفة الاستقبال إن سعر التذكرة 120 جنيها، يدفعها المريض قبل دخول باب الطوارئ. اللواء ودخلنا مستشفى «اللواء» الكائنة بمنطقة أرض اللواء، بالقرب من ميدان لبنان، بدعوى أن زميلنا مصاب بصداع شديد، استقبلتنا الممرضة، قائلة «خير فى حاجة؟»، فقلنا لها إن زميلنا يعانى من دوار وصداع شديد، ويحتاج إلى الطوارئ، فقالت ادخلوا الغرفة الأمامية، وسيأتى طبيب للكشف عليه، ودخل إلينا الطبيب ووقع عليه الكشف. ثم جاءت الممرضة وطالبتنا بثمن الكشف، فسألنا الطبيب أليس قسم الاستقبال والطوارئ مجانيًا، فصمت، وردت الممرضة قائلة «لا أحنا دخلناك بدون حجز تذكرة لأنك كنت تعبان قوى، وقلنا بعد الكشف نأخذ الفلوس»، ثم طالبنا الطبيب بالصمت لاستكمال الكشف، وأكد أننى أعانى من الصداع بسبب التهاب «اللوزتين، وأحتاج إلى محلول، وطالب الممرضة بذلك. سألنا الممرضة كم ثمن المحلول؟، فقالت 60 جنيهًا، فرفضنا، وتدخل الطبيب مستفهمًا، فقلت له إننى أعانى من حساسية من الحقن، فقاطعتنا الممرضة قائلة «فتحت زجاجة المحلول، ولازم تدفع تمنها، ورفضوا إخراجى إلا بعد دفع ثمن زجاجة المحلول». ومن جهته أكد الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة ل«الصباح » أن من أصدر قرار علاج المرضى بالمجان هو رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ووزارة الصحة لا تشرف على كل مستشفيات مصر. وأشار إلى أن مستشفيات القوات المسلحة ليست تابعة لإشراف الوزارة، والمستشفيات الجامعية أيضًا، ومستشفيات السكة الحديد، موضحًا أن هناك لجنة تسمى «لجنة الرعاية الحرجة»، أعضاؤها من وزارة الصحة، لكن متواجدين فى مقر مجلس الوزراء، ومسئوليتهم تلقى الشكاوى، فى حالة امتناع أى مستشفى عن تقديم الخدمة الطبية لمرضى الطوارئ، وتتحرك اللجنة تحت إشراف مجلس الوزراء.