*الحملة الإعلانية والإعلامية خدعت الجمهور.. والأحداث خالية من الرعب ربما أصيب البعض بخيبة أمل سينمائية بعد مشاهدة فيلم «وردة» أول فيلم رعب صناعة مصرية منذ عشرات السنين؛ ربما هاجمه البعض واصفًا إياه أنه عمل دون المستوى ولم يصل بمشاهديه مرة واحدة طوال أحداثه إلى ذروة الرعب التى تمنوها قبل الدخول إلى دار العرض، ربما خرج الفيلم بحوار مفكك ركيك بين أبطاله وتشوه إخراجى واضح.. وربما أيضا كانت الحملة الإعلانية والإعلامية للفيلم قد أوحت إلى المشاهد أنه أخيرًا وبعد طول غياب على موعد مع حالة من الرعب والذعر فى دار العرض بفيلم مصرى طالما غاب عن المنافسة، وذلك بمجرد عرض البروموهات الخاصة بالفيلم قبل عرضه بأيام، والتى اعتمد صناعه على أن تكون لمشاهد حقيقية لجلسات إخراج الجن من أشخاص «ملبوسين» حول العالم وليس فى مصر وحدها؛ تلك الحالة هى التى رفعت سقف طموح وتطلعات المشاهد قبل دخول الفيلم قبل أن تصيبه تلك الحالة من خيبة الأمل التى رصدناها مؤخرا.. ففيلم «وردة» يعتبر فيلم الرعب الوحيد الذى عاصره جيل السينما الجديد والذى لم يحضر يومًا عرض أعمال سينمائية قدمت توليفة الجن والمس الشيطانى مثل «المرأة التى هزمت الشيطان» و«الإنس والجن» و«التعويذة» وغيرها من الأفلام التى قدمت فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى؛ ويحكى فيلم «وردة» عن رحلة شاب مصرى يعيش فى أوروبا «وليد» يقرر العودة إلى قريته بالمنوفية من أجل المساهمة فى حل أزمة أسرته والتى كان يعتقد أنها بسبب طمع فى الميراث من أحد أقاربه الذى يحاول إيهام أمه وشقيقته بأن ما يحدث لهم هو مس شيطانى؛ وعاد وليد وصديقته التونسية وقرر تصوير فيلم بالكاميرا الخاصة به لرفعه على المدونة التى أنشأها على الإنترنت للتعريف بأن كل ما يحدث ما هو إلا مجرد خداع ولايوجد أى مس شيطانى؛ لكنه يفاجأ بأن شقيقته «وردة» تقوم بأفعال غريبة طوال أحداث الفيلم لدجة أنها تنهى الفيلم بقتل والدتها قبل أن يموت «وليد» نفسه مع نهاية الأحداث؛ الفيلم جاء خاليًا من أية حالة رعب حقيقية يمكن أن تصيب المشاهد بالفعل لدرجة أنك تشعر أحيانًا أنك تريد الضحك على ما يحدث بسبب عدم منطقيته، ويتحمل المؤلف محمد حفظى الجزء الأكبر من أزمة تفكيك السيناريو والحوار، خاصة فى المشاهد التى كانت تحمل حوارا بين بطل الفيلم وصديقته اللذين تناولا فيها كل ما يحدث لشقيقته وردة بالتفصيل، على الرغم من أنك كمشاهد لم تكن قد قابلت تلك الحالة لوردة إلا مرة احدة أو اثنتين على الأكثر؛ فكيف لهما أن يتعرفا على كل ما حدث لها والمشاهد لم تعرض من الأصل.. بينما يتحمل المخرج هادى الباجورى المسئولية الأكبر فى أزمات الصورة والتقطيعات غير المنطقية، خاصة وأنه اعتمد على أن تكون صورة الفيلم خارجة من كاميرا فيديو عادية يقوم البطل بالتصوير بها وهى طريقة وإن كانت جديدة على المشاهد المصرى إلا أنها لم تخرج مقنعة له بالشكل الذى تمناه المخرج، فتشعر معها أنها أفسدت الحالة السينمائية للفيلم وجعلته أقرب للأفلام التسجيلية منها إلى الروائية؛ وكانت الصدمة الكبرى التى لاحظناها على كل من بحث فى الفيلم هى عدم مشاهدة إخراج الجن الحقيقية التى ربما كانت سببًا مباشرًا فى أن يقوم عشاق الرعب بدخول الفيلم؛ إلا أن فريق العمل عاد وخيب أمله من جديد، حيث تم ذكرها على استحياء فى مشهد واحد أثناء مشاهدتها على الإنترنت لتقضى بذلك على آخر أمل فى الرعب لدى المشاهد.
ورغم كل الإخفاقات السابق ذكرها تبقى تجربة «وردة» ليست هى النهاية وإنما هى بداية فكر صناعة سينما مختلفة؛ وإن لم تكن الأمنيات وحدها كافية لتحقيق النجاح فالإصرار بالتأكيد يصنع فارقًا؛ ولعل فى تكرار التجربة عدة مرات إفادة لصناع السينما والجمهور على حد سواء وهو الأمر الذى يستحق من كل صناع السينما والمهتمين بها أن يقوموا دائمًا بدعم تلك التجارب والأفكار- مع نقدها بالتأكيد ووضع خطوط حمراء عريضة تحت الأخطاء ليتعلم منها صناع تلك التجارب- لتستمر وتعيد الكرة من جديد لنصل فى النهاية إلى النتيجة التى يتمناها الجمهور.