حالة من الاعتراض تنتاب ممثلى الأقباط فى لجنة الخمسين، وصلت إلى حد التهديد بالانسحاب من اللجنة المكلفة بتعديل الدستور، بسبب الخلاف مع حزب النور والأعضاء السلفيين بشأن المادة 219 فى الدستور الجديد، وهى المادة المتعلقة بتفسير كلمة «مبادئ الشريعة» والتى ينص عليها مشروع الدستور فى المادة الثانية. اللجنة تواجه ضغوطا من أعضائها المنتمين للتيار الإسلامى لإلغاء المادة 219 ظاهريا، لكن مع نقل نصها كما هو إلى ديباجة (مقدمة) الدستور، وهو الأمر الذى يرفضه الأقباط بشدة، فيما يرى بعض الأعضاء إلغاء هذا النص تماما باعتبار أنه يثير المخاوف الطائفية وقابل لتأويلات مختلفة. من جانبه، هدد الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها وممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بلجنة الخمسين، بالانسحاب من اللجنة المكلفة بتعديل الدستور فى حال الإصرار على تفسير كلمة «مبادئ الشريعة الإسلامية» داخل ديباجة الدستور، مؤكداً أن الكنيسة لم تكن طرفا فى الاتفاق المنعقد بين ممثلى الأزهر وحزب النور بشأن مواد الهوية بالدستور. وعن الجدل القائم حول المادة 219 بين ممثلى الأقباط فى لجنة الخمسين، أكد المفكر القبطى كمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى، أنه لم يتم انسحاب أى من ممثلى الأقباط فى لجنة الخمسين، ولكنهم هددوا بذلك نظراً لتشدد السلفيين فى الحفاظ على طبيعة المادة الثانية للدستور كما يرونها هم، وهى نفس رؤية دستور الإخوان السابق. زاخر أكد فى تصريحات خاصة ل«الصباح» أنه لا يوجد مادة فى الدستور حاليا برقم 219، ولكن الخلاف كله الآن منصب على المادة الثانية التى تنص على أن الشريعة الإسلامية «المصدر الرئيسى للتشريع»، وتفسير هذه العبارة يحاول السلفيون وضعه فى ديباجة الدستور كجزء مكمل يؤخذ به فى تفسير الدستور على أنه نص دستورى يطبق. زاخر قال إن ما حدث نوع من التلاعب، حيث تم حذف المادة 219 ولكن أتت ديباجة الدستور لتشتمل على نفس مفردات المادة موضع الخلاف، وهو ما يعد تلاعبا بمدنية الدولة، مضيفا: «أعتقد أن الكنيسة ليست فقط هى التى ستنسحب من لجنة الخمسين إنما القوى المدنية كلها، لأن هذه الديباجة سيستند إليها المشرع كجزء من الدستور، لذلك لابد أن تعدل وتحذف منها مفردات المادة 219 التى تنتقص من مدنية الدولة وتسمح بتأسيس أحزاب على أساس دينى». الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب «الوفد» وعضو لجنة الخمسين، اعتبر أن المادة 219 القديمة ترسخ لفكرة «الدولة الدينية» ويجب حذفها، وأن «المادة الثانية بصياغتها المختصرة كافية لتحديد هوية مصر الإسلامية والتى لا تتوقف على مادة بعينها. وأضاف البدوى أن الدساتير من 1923 وحتى 1970 لم يكن فيها مادة الشريعة وعلى الرغم من ذلك فإن هوية الدولة إسلامية، مشيرا إلى أن المادة 219 يشوبها «عوار دستورى». وكشف البدوى ل«الصباح» أن حزب «النور» اتفق مع ممثلى لجنة الخمسين على وضع تفسير جديد لمبادئ الشريعة الإسلامية يتم إقراره فى ديباجة الدستور الأولى، وهو ما اعترض عليه ممثل الأقباط فى اللجنة، رافضا أن يكون هناك بديل للمادة 219 فى المسودة الأولى من الدستور. من جانبه، حذر حسين عبدالغنى، عضو اللجنة عن التيار اليسارى، من إقرار المادة 219 كنص منفصل أو فى ديباجة الدستور، مؤكدا أن الغرض منها سياسى لا دينى، وأن مسألة إعادة صياغتها تهدد الأمن القومى، وتهدد بتحويل مصر إلى «دولة طائفية مذهبية»، حسب تعبيره، لافتا إلى أنها «جعلت تفسير الشريعة مقتصراً على الجماعة والسُّنة، وهذه طائفية لأن الأمم العاقلة هى التى تُقر دستوراً للجميع، وليس لطائفة أو جماعة بعينها».