رئيس وحدة الأبنية بمجلس الدولة: التحول الرقمي يساعد في تقريب العدالة الإدارية    وزير الزراعة: تطوير قانون التعاونيات على رأس أولوياتنا المرحلة المقبلة    «مياه المنيا» تبحث خطة تحصيل المستحقات وتحسين الخدمة    «القاهرة الإخبارية»: بايدن يتفاهم مع نتنياهو لمنع التوسع في رفح الفلسطينية    الأهلي 5-2 الترجي.. ماذا تقول عقدة "رادس" عن دوري الأبطال؟    درجات الحرارة غدا الأربعاء.. «الأرصاد» تحذر من موجة حارة شديدة    "كنت منفعل".. صلاح عبد الله يتراجع عن مطالبته بمقاطعة أوبر بعد حادثة فتاة التجمع    قصواء الخلالى: مصر داعية للسلام وإسرائيل جار سوء و"ماكينة كدب بتطلع قماش"    فيديو.. عالم أزهري: الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.. والتراث ليس معصوما من الخطأ    اعرف قبل الحج.. هل الطواف حول الكعبة من الدور الثاني أو الثالث ينقص الثواب؟    الكشف على 1000 مواطن مجانا في قافلة طبية بالبحيرة    لو بتعمل «دايت».. 5 وصفات لحلويات خالية من السكر    تحكم في وزنك من خلال تعديلات بسيطة على وجباتك    وزير الدفاع البريطاني: سنزود فرقاطاتنا بالبحر الأحمر بقدرات هجوم بري    الشيبي: بيراميدز يستحق التتويج بالدوري.. ولا أحب خسارة أي تحدِ    إنفوجراف| 5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    «السرب» يتصدر قائمة الإيرادات و«على الماشى» يتذيل الترتيب    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    غدًا.. الحكم على المتهم بدهس «طبيبة التجمع»    جامعة الأقصر تفتتح مركزًا للطلاب ذوي الإعاقة    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    قبل البيرة ولا بعدها؟..تعليق علاء مبارك على انسحاب يوسف زيدان من تكوين    أحمد موسى يفجر مفاج0ة عن ميناء السخنة    بعد تصدرها التريند.. تعرف على آخر أعمال فريدة سيف النصر    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    جامعة حلوان تنظم ورشة عمل للتعريف باختصاصات عمل وحدة مناهضة العنف ضد المرأة    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    مفاجأة كبرى.. ديبالا في مدريد هذا الصيف    الاتحاد الأوروبي يوسع عقوباته على إيران بسبب روسيا    الإحباط والغضب يسيطران على العسكريين الإسرائيليين بسبب حرب غزة    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    المدير الفني ل «نيوكاسل يونايتد»: نعلم مدى صعوبة مباراة مانشستر يونايتد غدًا    القاهرة الإخبارية: فصائل المقاومة نصبت أكمنة لمحاور التوغل الإسرائيلي برفح    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    الغندور يثير غضب جماهير الأهلي بسبب دوري أبطال أفريقيا    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بكفر الشيخ لجلسة الخميس المقبل    أبو الغيط أمام الاجتماع التحضيري لقمة البحرين: التدخل الظولي بكل صوره أصبح ضرورة للعودة لمسار حل الدولتين    «أبوالغيط»: مشاعر الانتقام الأسود تمكنت من قادة الاحتلال    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    مجدي عبدالغني يثير الجدل بسؤال صادم عن مصطفى شوبير؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



50 ألف مواطن فى انتظار الموت .. أهالى « عرب أبو ساعد» يتنفسون هواء المصانع « المسرطن »

السكان: نسجل مواليدنا على شهادات الوفاة ونترقب الكوارث كل لحظة
دعاء عاشور فقدت وليدها بعد شهرين بسبب أمراض الرئة.. وياسمين فقدت الجنين فى رحمها
خالد: ندفن ثلاثة إلى أربعة أطفال يوميا.. نخيلة: حفيدتى قمر 14 ماتت بكوكتيل أمراض
البيئة متقاعسة والأهالى يطالبون بالتشجير والحكومة لا تشعر بحجم المأساة

الموت يسكن بين اللحم والعظم.. يعوى كجموع الغربان، تحت القفص الصدرى.. يتسلل مع الهواء، إلى الرئتين، ورويدا رويدا، يستعمرهما ولا يترك الإنسان، إلا جثة هامدة زرقاء.

هكذا يعيش سكان منطقة عرب «أبو ساعد» بحلوان، هواؤهم مسرطن، وفيه إلى جانب السرطان «كوكتيل» من الأمراض التى تقتل على مهل وبمنتهى التلذذ، وبلا شفقة.

الضحايا من سكان المنطقة، الذين يبلغ عددهم نحو خمسين ألفًا من الفقراء، شأنهم شأن كل الضحايا فى مصر، قبل الثورة، وبعد الثورة، أما الجناة فكالعادة المصرية السيئة والمتأصلة أيضًا، هم بعض أصحاب رءوس المال، الذين لا يعنيهم إلا أن تتكدس الملايين فى خزائنهم، ولا فرق إن كانت هذه الملايين نظيفة أو ملوثة بالدماء.

سكان عرب «أبو ساعد»، فى هذا التحقيق، يروون حجم المأساة التى تكسر ظهورهم كسرًا، ويكشفون عن أنهم لا يتجرعون المرارة وحدهم، إذ يشاطرهم فلذات أكبادهم هذه «الوليمة المسمومة»، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، فالأجنة فى الأرحام لم يستثنهم الموت المجانى من وجبته الإجبارية، إلا إذا كانت الوجبة البديلة هى الإصابة بالتشوهات الولادية.

هنا عرب «أبو ساعد»، حيث الناس يعيشون إلى جوار الموت المرتقب، ويسجل الآباء شهادات ميلاد أبنائهم على تصاريح الدفن.. مع الأسى والأسف.

وتتعدد مصادر التلوث فى منطقة عرب «أبو ساعد»، الواقعة شمال مدينة الصف بجنوب حلوان، فهناك أكثر من 500 مصنع للطوب ومصانع أعلاف وأسمدة ومصانع للأسمنت والحديد والكوك ومصانع حرق الجير، كما تعانى من مشاكل فى مياه الشرب ولا يوجد صرف صحى وبوار الأراضى الزراعية تصل إلى آلاف الأفدنة بسبب استخدام مياه الصرف الصحى فى الأغراض الزراعية.

يروى سكان المنطقة أن مأساتهم بدأت حين أعلنت إحدى شركات الأسمدة عن افتتاح مصنع هناك، لكن هذا الإعلان لم يكن مباشرًا، ففى عام 2005، انتشرت أخبار تفيد بتوزيع ثلاجات وغسالات على الأهالى وتجهيز العرائس ممن فقدن العائل.

الأخبار المكذوبة التى استخدمها أصحاب المصنع للتغرير بالأهالى، شاعت فى كل مكان، وشعر الناس بأن السماء فتحت لهم أبواب الرحمة، لكن أحلامهم تلاشت كسحائب الصيف، إذ اكتشفوا أنهم اشتروا الوهم، ولم يحصدوا إلا الجراح.

بائعو الوهم طالبوا الأهالى بالتوقيع على أوراق كشرط الحصول على التبرعات ثم رحلوا ولم يحصل الأهالى على شىء، إلا أن المصانع أخذت تقام كى تنفث السم فى حياة الناس.

الأهالى انتفضوا ولعنوا المخادعين، وقرروا الثورة على السرطان الإجبارى، فما كان من إدارة المصنع إلا أن لوحت بالتوقيعات، التى استخدمها المصنع دليلا قانونيا، على أن الناس موافقون على أن يتسرطنوا.

ولم يكتف أصحاب المصنع بهذا الأمر، إذ هاجموا الغاضبين و«عايروهم» بأنهم سددوا مبلغ عشرة ملايين جنيه، على سبيل التبرعات، لتلبية احتياجات الأهالى من علاج ومأوى وبناء مستشفى للعلاج المجانى.

وقال جابر أمين، أحد سكان المنطقة: «الكبار نهبوا الفلوس دى وحطوها فى جيوبهم»، فلم نجد بعد الوعود التى أغرقونا بها، إلا السراب.

وقال خالد أبو ساعد من الأهالى: إن 50 ألف مواطن يعيشون بعرب «أبو ساعد» أصبحوا مهددين بالموت بسبب الأمراض الخطيرة كالالتهاب الرئوى الحاد بسبب الأدخنة الناتجة عن المصانع التى تحيط بالمنطقة وأن المنطقة الصناعية تبث السموم كل لحظة، وهى غير صالحة لمعيشة للبشر ولا للحيوانات، والدخان الناتج عن المصانع يشوه أطفالنا وإجهاض نساء المنطقة وموت أطفالنا.

وتقدم سكان المنطقة بالعديد من طلبات الإحاطة للمسئولين، وعلى رأسهم وزير البيئة، ومحافظ الجيزة ومحافظ القاهرة، بنقل المصانع المدمرة أو نقل بيوتهم إلى الصحراء وذلك للعيش بطريقة بدائية دون تنفس هواء مسمم ومسرطن.
واتهم بعض المسئولين بالحصول على رشاوى، لتكميم أفواه أهل المنطقة، مؤكدا أن «كل بيت فى المنطقة لديه شهادة وفاة، وكل أم ثكلت أحد فلذات الكبد».

ويضيف: «إننا ندفن كل يوم ثلاثة أو أربعة أطفال، يموتون فى ريعان طفولتهم بسبب استنشاق الهواء الملوث والمسرطن، فأطفالنا شيوخ، وشيوخنا مرضى والفقراء لا يجدون العلاج ولا الغذاء».

وطالب بتشجير طريق الأوتوستراد ب«أبو ساعد» للحد من التلوث والدخان والأتربة التى تنتج عن هذه المصانع وقال: «يا اما يشتروا بيوتنا ويرمونا فى الجبل أو ينقلوا المصانع للجبل».

وتقول دعاء عاشور إحدى ضحايا دخان المصانع: «ابنى مات بعد ولادته بشهرين بسبب ضيق التنفس والتلوث الذى ينتج عن المصانع فضلا عن حرق قش الأرز وانبعاثات غاز الأمونيا الناتج عن مصنع الأسمنت ومصنع العلف».

وتقول: «ابنتى عندها حساسية على الصدر وتليف فى الرئة ولا تستطيع العيش بغير جهاز التنفس من يوم ولادتها ولدينا 3 أجهزة تنفس فى بيوتنا كل أطفالنا عايشه عليها».

وتشير ياسمين محمود بدورها إلى أنها كانت حاملا ويوم ولادة أول أطفالها فوجئت بطبيب الولادة يخبرها بأن جنينها مات فى الرحم قبل الولادة بأربعة أيام.. وأرجع الطبيب موت الجنين إلى أن غاز الأمونيا الذى تستنشقه انتقل إليه فلم يتحمله.
وتقول: «أشعر أحيانًا أنى أريد أن أحمد الله لأنه عز وجل، رحم هذا الجنين من أن يولد فى هذه البيئة الملوثة.. إن الأطفال هنا محكوم عليهم بالموت، والفرحة هنا تولد من قلب الأسى»، حسب تعبيرها.

ويقول جرىء سالم: «أنا متزوج من 16 سنة وربنا لم يرزقنى نعمة الإنجاب، ما اضطرنى إلى إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية التى أكدت أنى مصاب بضعف الحيوانات المنوية بسبب استنشاق الهواء الملوث.

كما نصحنى الطبيب بعدم الإنجاب لأن احتمالات إنجابى أطفالا مشوهين مرتفعة نسبيًا، وهذا ما جناه علينا المصنع، وما جنينا على أحد».
ويقول: «إن التلوث فى الهواء واضح للعين المجردة، لدرجة أننا أحيانا لا نستطيع أن نرى أمامنا، والأطفال يعيشون بأجهزة التنفس الاصطناعى، وهى غير متوفرة بالوحدة الصحية اليتيمة التى توجد بالمنطقة، موضحا أن طبيب الوحدة لا يأتى إلا مرتين أسبوعيا».
ويروى أن زوجته كانت حاملا، بعد ثلاثة أشهر من عقد قرانه عليها، ومما يؤسف أنها أصيبت بنزيف حاد، ما أدى إلى أن فقدت الجنين لعدم وجود إسعافات أولية.

ويختتم كلامه قائلا: «فى الدول التى تحترم شعوبها، يحظى الحيوان برعاية صحية كاملة، فهناك رحمة ومرحمة، أما فى مصر، فلا أحد للفقير إلا الموت والمرض».

وأضاف عزت غالى عبده وشهرته مجدى أن لديه طفلين هما يوسف البالغ من العمر سنة وأجريت له عملية جراحية لتوسيع الشريان التاجى فى مستشفى حلوان العام، وكريمة 3 سنوات عندها ثقب فى القلب.

ويقول: «تركت بلدى فى الجنوب، وجئت إلى القاهرة، بحثًا عن الرزق، وعملت بائع تجزئة للفاكهة، ويا ليتنى لم أفعل، فعلاوة على أن الرزق شحيح، زاد مرض الطفلين همومى، وأثقل كاهلى بالمزيد من الأعباء، أما ما يتردد عن العلاج المجانى فى الوحدة الصحية فهذا محض أكاذيب لا علاقة لها بالحقيقة».
أما حسن نخيلة العجوز الذى تجاوز الخامس والستين فلم يستطع مغالبة دموعه إذ كان يتحدث عن حفيدته التى ماتت قبل أن تحتفل بعيد ميلادها الرابع عشر.

ويقول: كانت ابنة 14 وقمر 14 أيضًا، وهى سندى الذى أستند إليه فى أرذل العمر، وبعد أن وهنت عظامى واشتعل الرأس شيبًا، موضحًا أنها ماتت بين ذراعيه لمدة نحو عام بعد أن نهش المرض اللعين رئتيها وسكنت الغازات السامة دماءها واستوطنت شرايينها.

ويضيف: «هل يرضى الرئيس المؤمن الذى يصلى الفروض الخمسة فى مواقيتها، أن تموت طفلة بزيادة فى ضغط الدم وبتصلب شريان القلب وتضخم بالطحال؟»، مؤكدا أنها ظلت فترة طويلة داخل العناية المركزة بمستشفى أبو الريش الجامعى.

ويقول: «تكلف العلاج نحو 8200 جنيه، لكن هذا المبلغ الذى أجبر أباها على بيع أثاث بيته، لم يرحمها من المصير المحتوم.. رحلت وتركت لنا جميعًا الحسرة والمرارة.. وها نحن نتأهب للحاق بها بنفس أمراضها، طالما بقيت المصانع تنشر الخبائث فى حياتنا، وتقتلنا بمنتهى التلذذ».

وأكد أحد الأهالى وهو عضو بحزب الحرية والعدالة رفض ذكر اسمه أنه يملك العديد من محاضر المخالفات لهذه المصانع حيث إن مصنع الأسمدة يبعد عن المنطقة السكنية بكيلومتر واحد، وحسب المادة رقم أربعة وثلاثين من لائحة قانون البيئة، لابد أن تبعد المناطق الصناعية عن السكنية بعشرة كيلومترات على الأقل.

ورد الدكتور على عبد الرحمن، رئيس الاتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئة، فى تصريحات خاصة ل «الصباح» أن وزارة البيئة وزارة ضعيفة وأن هذه المصانع الموجودة بالمنطقة غير مرخصة بيئيا والوزارة ليس لديها سوى أن تفعل مخالفات للمصانع والدور التنفيذى للحكومة، مؤكدًا أن الوزارة تقوم بعمل العديد من المخالفات لكن الحكومة لا تؤدى الدور المطلوب منها لتخفيف وطأة الكارثة عن كاهل الناس.

كما أوضح عبد الرحمن أن الحل يكمن فى أن يرفع أهالى «أبو ساعد» قضية لنقل هذه المصانع لما تسببه من تلوث على المنطقة والأمراض التى تصيبهم وأن الأهالى تنتقل من المنطقة أو نقل المصانع.

الأطباء يحذرون من زيادة حالات تشوه الأجنة
قال الدكتور أحمد البشار، استشارى أمراض النساء التوليد ل«الصباح» إن معظم حالات الإجهاض وحالات تشوه الأجنة بمنطقة «أبو ساعد»، ترجع إلى التلوث الشديد والسموم بالمنطقة الناتج عن المصانع القريبة من المناطق السكنية.

وأكد الدكتور سعيد الشيخ، الباحث بمعهد بحوث الفلزات، أن السموم الناتجة من مصانع السماد وغاز الأمونيا، الذى يستنشقه أهالى المنطقة، تسبب السرطان بسبب الدخان، وهناك كارثة بيئة صحية حقيقية، ولا يجوز تجاهلها لأنها آخذة فى التفاقم فى منطقة «أبو ساعد».

كما أكدت دراسة حديثة أعدها الدكتور حمدى هشام، الأستاذ بكلية طب جامعة عين شمس، أن مصانع الطوب تحرق يوميا مئات الأطنان من المازوت عالى الكبريت، وهناك انبعاثات أكثر خطورة من الكبريت، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة تركيز العناصر التى تصيب بالمرض فى الهواء، موضحا أنه إذا كانت هناك المئات من تلك المصانع بدأت فى استخدام الغاز الطبيعى، فلابد أن يخضع الأمر إلى تقويم دقيق من قبل وزارة البيئة، بحيث تضمن صحة المواطن، وهذا حق دستورى.

ويقول محمد أحمد صاحب أحد مصانع الطوب، إن إدارة الحى تفرض غرامة كبيرة على كل من يرفض التحول إلى الغاز الطبيعى، وهو الأمر الذى وافق عليه أصحاب تلك المصانع، نظرا للتكلفة المنخفضة للغاز الطبيعى بالمقارنة بالمازوت، وذلك مقابل خفض محدود فى كمية الإنتاج.

طبيب الوحدة يجبر الأهالى على تسديد رسوم.. ويهاجم محررى «الصباح»:
«أعلى ما فى خيلكم اركبوه.. الوزارة فى جيبى»

يشكو الأهالى من عدم الاهتمام بالوحدة حيث يسددون للكشف فى كل مرة 10 جنيهات بالرغم من أن مقابل الكشف المحدد من الحكومة جنيه واحد فقط، أما بالنسبة لخدمات العلاج الطارئة أو ما يسمى بالإسعافات، فيصل سعر خياطة الجروح إلى خمسة جنيهات للغرزة الواحدة، فيما يصل سعر استخراج شهادة الميلاد إلى سبعين جنيهًا.

وأكدت ( ن. ف) حكيمة بوحدة عرب «أبو ساعد» الصحية- رفضت ذكر اسمها- أن هناك أشياء غريبة تحدث بالوحدة، وكشفت عن أن الوحدة تدار كما لو كانت عيادة خاصة.

وأكدت أن الطبيب يجبر الأهالى على دفع عشرة جنيهات قبل أن يوقع الكشف الطبى على المريض، هذا على الرغم من أن معظم سكان المنطقة يعيشون تحت خط الفقر.

وكشفت أيضًا عن أن بعض الممرضات يشاركن الطبيب الأرباح غير الشرعية ويحصلن يوميًا على ستين جنيها من «دماء الغلابة».. وتقول: إنها تتعرض لاضطهاد كبير لأنها تواجه الفاسدين فى وجوههم على حد قولها.

وتضيف: «الجزاء الذى حصلت عليه لأنى سعيت إلى كشف الفساد، هو أن الطبيب حرر ضدى مذكرة وتعرضت لخصم من راتبى والتهمة أنى وجهت سبا بألفاظ غير لائقة إلى الطبيب».

وتتحسر الممرضة على الأوضاع فى الوحدة الصحية بقولها: «العصابة لسه حاكمة، والثورة التى انطلقت من أجل الفقراء لم تحقق شيئًا، فالكل تآمر من أجل مصالحه على الإنسان المصرى».

وعندما واجهت «الصباح» طبيب الوحدة، الدكتور جمال عبدالناصر، باتهامات الأهالى حدثت مشادة كلامية بينه وبين محررى «الصباح» ورفض التحدث خوفا من تصويره وتسجيل كلامه وأنكر أى اتهامات له قائلا: «والله العظيم كله كذب»، وعند مواجهته بأنه لا يأتى إلا يومين كل أسبوع رد «مش مشكلتى الناس تموت ماليش فيه إحنا عندنا عجز».

وعندما اطمأن أن كلامه غير مسجل اعترف بأن الوحدة لا يوجد بها سوى أشياء مبدئية ولا توجد آلات جراحة ولا خيوط، واعترف أيضا بأن لديه معدات غير مصرح باستخدامها من قبل وزارة الصحة، وأنه يستغلها فى الوحدة لمصلحته الشخصية ويأخذ ثمنها من الأهالى ثم طرد المحررين وسبهم قائلا: «أعلى ما فى خيلكوا اركبوه ومش هتقدروا تعملولى حاجة والوزارة كلها فى جيبى واطلعوا بره».. وهذا مثبت فى تسجيل صوتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.