أكد الكاتب الصحفى توماس جورجسيان انه لم يعد ملف أمن سيناء أمرًا يخص مصر وإسرائيل فقط، بل أمر ينال اهتماما، ويسبب قلقا لدى أهل واشنطن. هذا ما نسمعه ونقرؤه منذ فترة طويلة فى العاصمة الأمريكية. والحديث عن أمن سيناء ليس مقصورا على الكواليس وأروقة القرار، بل يتم التصريح به على لسان مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين فى مؤتمرات صحفية وحلقات نقاش وبحث. وأكمل توماس جاءت حادثة خطف المجندين الأخيرة لتثير من جديد التساؤلات حول هذه القضية الشائكة التى تواجهها مصر بخصوص سيناء. والقضية (لمن يهمه الأمر) أكبر وأعقد وأخطر من الإشارة إلى بؤرة أو بؤر إرهابية فى سيناء، خصوصا أننا نتحدث، كما قال أحد المراقبين للملف، عن «ملاذ آمن» لحركات ومجموعات إرهابية وجدت فى سيناء حرية الحركة والتحرك والمرور للأفراد والعتاد. وبما أننا أمام ملف ملىء بالأخطار والمفاجآت و«سيناريوهات المستقبل» فتجاهل ما يقال ويتردد ويشار إليه والاكتفاء بوصفه «مؤامرة» لهو أمر غير مرغوب وغير مقبول. كما أن التعامل مع الأعراض دون معالجة الجذور يجعل من تفجر الأزمة أمرا معتادا ما بين حين وآخر. واضاف جوجسيان ان أمن سيناء بالمناسبة ورد ذكره وتمت مناقشته خلال زيارة تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكى الأخيرة لمصر وإسرائيل. ولم يعد بالأمر المستبعد أنه كان موضع تشاور خلال زيارة مدير ال«سى آى إيه» الأخيرة لإسرائيل وأيضا زيارة قائد القيادة المركزية للقوات الأمريكية إلى مصر. ودون «المبالغة فى توصيف الحال» أو «الاحتماء بالطنطنة الوطنية» أو «اللجوء إلى البغبغة الإعلامية» فإن حقائق كثيرة تغيرت وتبدلت على أرض الواقع فى سيناء خصوصا بعد «الربيع العربى» و«سقوط الأنظمة الديكتاتورية». وبالتالى فإن الحديث عن سيناء «ليس كمنطقة عازلة بين مصر وإسرائيل» و«لكن بمنطقة مرور وعبور وتحرك للإرهاب والأسلحة» بدأ تحديدا يتردد هنا فى واشنطن فى صيف 2011 بعد سقوط نظام القذافى وتدفق الأسلحة من ليبيا مرورا بمصر وربما وصولا إلى غزة أو ما وراء سيناء إلى أماكن أخرى فى المنطقة. كما أن هذا الحديث صاحبته تحذيرات وتنبيهات إسرائيلية ومن ثم أمريكية عن التوتر أو التفجر المحتمل فى سيناء. واضاف جورجسيان ىف تقرير نشرته جريدة "التحرير" كما أن هذا الحديث عن أمن سيناء وخريطة الإرهاب فى المنطقة بدأ يزداد حدة وقلقا بعد حادثة بنغازى (ومقتل السفير الأمريكى وثلاثة آخرين) وتفجر الموقف فى مالى ثم تزايد تفاقم الموقف فى سوريا وظهور ميليشيات مسلحة متعددة، البعض منها يوصف بأن له صلة من قريب أو بعيد بالقاعدة. وبما أن الخطر القائم وأيضا القادم يخص مصر وإسرائيل والمنطقة وأمريكا. فلم يتردد خبراء أمريكيون وهم يتناولون «ملف سيناء» فى أن يشيروا إلى ضرورة استمرار تعاون مصرى /إسرائيلى /أمريكى أمنى وعسكرى ومخابراتى و«أجهزة رصد» وربما «طائرات بدون طيار - درون» لمواجهة هذا الخطر المتغلغل والمنتشر والمتفشى فى سيناء. والتعاون ضد عدو مشترك، ليس بالأمر الغريب طالما الأدوار محددة والأهداف واضحة. خبير عسكرى إسرائيلى كان يتحدث منذ فترة فى واشنطن أشار إلى أن مساحة سيناء الشاسعة مقارنة بمساحة إسرائيل، كما أن الحركة فيها بالنسبة إلى الجماعات المسلحة متاحة و«دون قيود وشروط». وأشار أيضا إلى خطر الميليشيات المسلحة فى المنطقة أكبر وأعقد من الجيوش النظامية!! أمن سيناء بملفاته المتعددة والمتشابكة فى حاجة إلى قراءة جادة واستقراء عاقل. وأيضا فى حاجة إلى جدية التعامل معه ليس بهدف تأجيل تفجره و«تطمين الرأى العام» أو «جلسات تسوية وتوافق» بل مواجهة حقيقية تتعامل مع الواقع ومستجداته ومتطلبات الأمن القومى المصرى.