أزمة كبيرة أحدثها الشيخ إيهاب يونس عندما وقف فى أحد البرامج التليفزيونية مرتديا الزى الأزهرى منشدا أغنية "لسه فاكر" لكوكب الشرق أم كلثوم وهو ما كان سببا فى إحداث ضجة هائلة داخل المجتمع المصرى عامة وبين رجال الدين خاصة تدخلت على إثرها وزارة الأوقاف وأعلنت منع" يونس" من الخطابة والإمامة وإلقاء الدروس الدينية، وإلحاقه كباحث دعوة بالإدارة التابع لها لحين انتهاء التحقيقات معه بمعرفة النيابة الإدارية, قبل أن يتقدم بالتماس إلى وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة الذي قبل التماسه وقرر عودته للخطابة مرة أخري.. لكن "يونس" لم يكن أول من قام بذلك من الشيوخ الذين جمعوا بين الدين والغناء وهو ما نتعرض له بالتفصيل. في تسجيل قديم مدته 14 دقيقة يعود إلى عام 1988 في منزل المبتهل ممدوح عبدالجليل جلس المنشد والقارئ الراحل محمد عمران، في إحدى سهراته بصحبة أصدقائه الموسيقارعبده داغر وعازف العود مدثر أبو الوفا، وطلب قهوته ثم بدأ يثني على تقاسيم أبو الوفا وداغر، ويستمتع بأداء عبد الجليل في مقطع لأغنية "حلم" لأم كلثوم. عبد الجليل لم يقل في البداية إلا جملة واحدة "خلصنا الكلام كله"، بعدها أخذ عمران نفساً طويلاً من سيجارته، وتبادل مع صديقه نغماً هادئاً ومقامات لا آخر لها، تتوسطها آهات تعبّر عن حالة السلطنة، وجمل خفيفة متبادلة بينهما مثل "قول يا جدع". أغنية أم كلثوم لم تكن التسجيل الوحيد لعمران، فالرجل الذي تعلّق بالقرآن حفظاً وتلاوة لم يجد عيباً في غناء القصائد وإنشاد بعض الموشحات بمرافقة آلات موسيقيّة. وفي تسجيل آخر غنى الشيخ محمد عمران قصيدة "يا من هواه أعزه وأذلني" بمرافقة "كمان" عبده داغر، الذي رافق أغلب تسجيلاته، وكان الموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي حار في طبقات صوت عمران، حاضراً، وكان يردد بين الحين والآخر عبارات إعجاب بأداء عمران، ومن فرط دهشته بالأداء وكيفيّة التنقل بين النغمات والمقامات بسهولة شديدة، قال أثناء التسجيل: "يا عيني... ح تروح على فين دلوقت". في تسجيل ثالث بحضور موسيقار الأجيال، وبناءً على دعوة منه، لم يجد عبد الوهاب وصفاً لأداء عمران وتقاسيم داغر في ابتهال "يا سيد الكونين" إلا قوله: "الله عليكم انتو الاتنين". عبد الوهاب أيضا تجاوب معهما سريعاً وحيّاهما: "الله الله"، فردّ عليه عمران: "إحنا مش مجهزين يا أستاذ، بس هنقول حاجة إن شاء الله هتعجبك". ضحك الموسيقار وقال: "كفاية تواضع"، وبعدها انطلق عمران يشدو. كان موسيقار الأجيال هائماً في الموسيقى والغناء ويردد في كلّ حين بعفويّة: "يا واد يا واد" كلّما ذهب الشيخ إلى مقام جديد، فيرد الشيخ على مدحه بكل تواضع "العفو يا سيدي". الإعجاب كان واضحاً على ردود فعل "عبد الوهاب" في تلك الليلة يصرخ: "يا جبار يا جبار"، ثم يستفزهما: "جاري كمان لو كنت شاطر"، ولم يجد عمران إلا كلمة "العفو" ليرد بها على الموسيقار الكبير الذي لم يمّل الثناء على الأداء بكلمات كثيرة مثل: يا ساتر، آه ياحبيبي، كده كده. ولد عمران في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج في 15 أكتوبر 1944، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في سن العاشرة على يد الشيخ محمد عبد الرحمن المصري ثم جوّده على يد الشيخ محمود جنوط في مدينة طما. انتقل إلى القاهرة قبل أن يتم عامه الثاني عشر، ليلتحق بمعهد المكفوفين للموسيقى، حيث تعلم أصول القراءات والإنشاد وعلم النغم والمقامات الموسيقيّة وفن الإنشاد الديني. رحل الشيخ محمد عمران عن عالمنا في 6 أكتوبر 1994، تاركاً مجموعة من التسجيلات النادرة.