رصد الكثير من الخبراء والمحللين منذ اندلاع الأزمة القطرية تضارب المواقف والتصريحات الصادرة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية ازاء الأزمة "تارة مع وتارة ضد" فقد صدرت عن الإدارة الأمريكية فى البداية تصريحات يُفهم منها أنها تتفهم فرض العقوبات على قطر وأن للأخيرة تاريخاً طويلاً فى دعم الإرهاب وغرّد الرئيس الأمريكى على "تويتر" قائلاً إن ما يجرى فى المنطقة إنما هو محصلة لزيارته التاريخية للمملكة العربية السعودية وهو ما فُهم منه أيضاً دعم الدول الأربع المقاطعة لقطر بل وممارسة الضغط على الأخيرة. لا سيما بعد أن صرحت مندوبة الولاياتالمتحدة فى الأممالمتحدة بالقول إن محاربة الإرهاب ووقف تمويله هو ما يهم الولاياتالمتحدة أكثر من القاعدة العسكرية قى قطر. وفى ذات الوقت وعلى النقيض جاءت تصريحات الخارجية الأمريكية التى حثت على ضرورة عمل جميع الأطراف من أجل الوصول إلى حل سلمي ودبلوماسي لهذه الأزمة تبعه تصريح لناطقة في وزارة الخارجية تعجبت فيه من أن المقاطعة القطرية ما تزال مستمرة إلى أن جاء وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون إلى المنطقة وقرر زيارة ثلاث دول فقط هى الكويتوقطر والسعودية وفى الدوحة أعلن عن توقيع اتفاق أمريكى قطرى لمكافحة الإرهاب ووقف تمويله وهو الاتفاق الذى كان بمثابة إعلان حماية أمريكية لقطر فمسألة وقف دعم الإرهاب وتمويله باتت أمراً قطرياً أمريكياً لا شأن للدول المقاطعة به وهو إعلان كان بمثابة صفعة على وجوه وزراء خارجية الدول الأربع قبل أن يلتقى بهم. ولعل هذا يفسر موقف قطر المتشدد والذى يسير باتجاه معاكس لرغبة الدول الأربع فقد طوّرت علاقاتها مع إيران واستقدمت عناصر من الحرس الثورى الإيرانى كما أعلنت منح تركيا قاعدة عسكرية على الأراضى القطرية بل وقامت بعملية هجوم مضاد إذ أعلنت قطر أنها تمهل دول الخليج الثلاث المقاطعة لها ثلاثة أيام فقط للتراجع عن عقوباتها وإلا فإن قطر سوف تنسحب من مجلس التعاون الخليجى. والحقيقة فإن هذا الموقف القطرى أربك حسابات الدول الأربع قبل أن تؤكد تمسكها بشروطها ال 13 لحل خلافها مع النظام الحاكم في قطر ولاشك أن هذا لاقى الاستحسان والترحيب في مصر وكل الدول العربية. وبصرف النظر عما سوف يحدث فإن زيارة وزير الخارجية الأمريكية الأخيرة كشفت بوضوح عن جوانب المراوغة فى الموقف الأمريكى وأن واشنطن تعمل على الاستفادة القصوى من هذه الأزمة وغيرها من الأزمات بالمنطقة عبر ضرب الأطراف بعضها ببعض واتخاذ مواقف غامضة بل ومتناقضة المهم أنها تجعل واشنطن اللاعب الرئيسى إن لم يكن الأوحد تجنى الثمار تباعاً ومن الأطراف المختلفة. فقد أبرم ترامب خلال زيارته للملكة العربية السعودية صفقات تجارية وعسكرية بقرابة النصف تريليون دولار وخلال الأيام القليلة الماضية أعلن عن صفقة لتوريد طائرات مقاتلة من طراز "إف 15" لقطر بقيمة 12 مليار دولار. فإلى متى تستمر الدول العربية خاضعة للإبتزاز الأمريكى؟