* معارك الملفات الستة * اختبارات القوة كشفت قدرة الجيش على خوض معارك فى جبهات مختلفة * سر تأجيل السيسى فتح ملفات فساد الكبار وأباطرة السياسة والنخاسة ظل مفهوم الأمن القومى المصرى غائبا لسنوات عن الكثير باستثناء الدوائر المعنية بهذا الملف المهم كما ان القاهرة كثيرا ما تعرضت لاختبارات قوة على المستوى السياسى والدبلوماسى خلال السنوات الماضية أما الأن وفى ظل المتغيرات التى تشهدها المنطقة فنحن امام اختبارات عسكرية صعبة ومباشرة وقد نجحت القوات المسلحة المصرية فى كتابة بطولات ستسطر لها فى تاريخ العسكرية من جديد منها عملية حق الشهيد التى تقتلع جذور الارهاب وتحاصر جيوبه فى سيناء . وفى الوقت الذى ينفذ فيه الجيش عمليات عسكرية واسعة فى سيناء كانت له مشاركات مهمة وقوية فى عدد من التدريبات الدولية والاقليمية اخرها التدريب البحرى المشترك " تحية النسر 2016 " الذى نفذته عناصر من القوات البحرية المصرية والأمريكية والإماراتية ، وإستمر لعدة أيام بنطاق المياه الإقليمية بالبحر الأحمر . تضمن التدريب إدارة أعمال قتال بحرية مشتركة شملت أعمال الإستطلاع البحرى وتنفيذ الأعمال الهجومية والدفاعية بمشاركة العديد من الوحدات والقطع البحرية . ونفذت الوحدات البحرية المشاركة عدد من الرمايات بالذخيرة الحية النهارية والليلية لصد وتدمير الأهداف السطحية والجوية المعادية ، وتنفيذ أعمال لصد هجوم بالزوارق السريعة على الوحدات البحرية ، وتضمن التدريب أيضاً تنفيذ أعمال حق الزيارة والتفتيش للسفن المشتبه بها ، وتنفيذ تدريب أنسب الأساليب لمكافحة الغواصات ، كما نفذت عناصر من الضفادع البشرية للقوات الخاصة البحرية للدول المشاركة بياناً عملياً للبحث عن المتفجرات والعبوات الناسفة والألغام البحرية وكيفية التعامل معها والتخلص منها . ويعد " تحية النسر 2016 " من أهم التدريبات المشتركة للبحرية المصرية مع الدول الشقيقة والصديقة ، ويأتى إستمراراً لسلسلة من التدريبات المشتركة للقوات البحرية المصرية والأمريكية والإماراتية والذى يعكس عمق علاقات التعاون العسكرى بين البحريات الثلاث . وقبله بأسابيع شاركت مصر بقوات فى مناورة رعد الشمال بالذخيرة الحية والذى استضافته المملكة العربية السعودية . المعلومات المهمة التى حصلنا عليها كشفت ان هذه المشاركات والمناورات الى جانب العمليات العسكرية فى سيناء تؤكد على حقيقة واحدة وهى ان القوات المسلحة قادرة على المواجهة على اكثر من جبهة وفى اتجاهات مختلفة وهذا الجانب الفنى والاستراتيجى المهم لا يستطيع تنفيذه سوى جيوش الدول العظمى التى تخوض ما يسمى "حرب ونصف " وحربين "وحربين ونصف " وثلاث حروب فى توقيت واحد او توقيتات متقاربة . ولم يأت ذلك كله مصادفة فالخلفية العسكرية والاستخباراتية لصانع القرار السياسى الرئيس عبد الفتاح السيسى جعلته ملما ومدركا بحجم المخاطر التى تحيط بدوائر الامن القومى المختلفة ومن بين هذه الملفات ملف التحديات العربية اذ أن مصر هى قلب العالم العربي، وأنه بعد انهيار الأوضاع، مع أحداث ما اطلقوا عليه ثورات «الربيع العربي»، فى سوريا واليمن وليبيا، ومن قبلها العراق، وفقدان هذه الدول لجيوشها القوية أصبحت مصر تتحمل مسئوليات تنوء بحملها الجبال فهى محور الأمن القومى العربي الاول والاكبر لقوة جيشها ونفوذها وسياساتها الخارجية المؤثرة ، الذى لم تؤثر فيه التقلبات التى حدثت بالمنطقة. ورغم تأخر حسم ملف القوات العربية المشتركة التى نادت به مصر الا انها لم تنسحب من المشهد وقامت بكل مسئولياتها تجاه الاشقاء العرب . أما المحور الثانى ولايقل اهمية عن المحور العربى فهو "افريقيا "وقد شهدت هذه الدائرة فتوراً فى التحركات المصرية نحو دول إفريقيا، بعد أن كانت مصر، فى عهد الرئيس عبد الناصر، ملجأ لكل حركات التحرر الأفريقية، وداعماً لاقتصادات هذه الدول، وأنشأت منظمة الوحدة الأفريقية. إلا أن غياب الدور المصرى عن إفريقيا، خلال فترات سابقة، أدى إلى ابتعاد معظم هذه الدول عن مصر، مما أدى إلى قلة تأثير مصر على الحكومات الإفريقية، وكان أبرز مثال لذلك، متمثلاً فى موقف هذه الدول غير المساند ولا الداعم لمصر فى مشكلة سد النهضة مع إثيوبيا. لكن الامور لم يكن ابدا من الممكن ان تستمر او تستقيم هكذا فقام الرئيس السيسي، فور توليه رئاسة الجمهورية، كان أول أعماله حضور مؤتمر القمة الإفريقي، وما تلا ذلك من تكثيف زياراته للسودان وإثيوبيا، فضلاً عن تكليفه لرئيس الوزراء بزيارة الدول الإفريقية. وبدء عودة الدور المصري، مجدداً، فى إفريقيا، لاحتواء هذه الدول واحتضانها مرة اخرى . وهناك معلومات مهمة ومؤكدة ان الفترة المقبلة ستشهد المزيد من العلاقات الثنائية مع هذه الدول. ومن بين الملفات المهمة والخاصة بالامن القومى المصرى هى ملف حوض نهر النيل ويعتبر هذا الملف من أخطر الدوائر الملتهبة فنتيجة لإهمال مصر لعلاقاتها مع دول المنبع، وتلاشى دور مصر تدريجياً مع هذه الدول، جاءت النتيجة فى استغلال إثيوبيا لأحداث ثورة يناير، وما أعقبها من فترة حكم الإخوان، لتبدأ ببناء سد النهضة، وتعطيل المفاوضات، لتكسب أكبر وقت ممكن. ولا شك أن تحرك القيادة السياسية الآن، يسير وفقاً لسيناريوهات معدة. ولقد جاء وعد الرئيس السيسى مطمئناً للمصريين فى اثناء الاحتفال ببدء زراعة مليون ونصف فدان فى الفرافرة، بأنه لن يفرط فى حقوق مصر من مياه النيل. اما ملف البحر الأحمر فلا يقل اهمية عن سابقيه ايضا كما كان فى عهود سابقة ولم يكن لهذا الملف أهمية كبرى، بل كان البعض يعتبر ان البحر الأحمر «بحيرة عربية» فى الشمال كانتا مصر والسعودية، وفى الجنوب كل من السودان واليمن والصومال وكان مضيق باب المندب تحت السيطرة الكاملة لجمهورية اليمن ومع تدهور الأحداث فى الصومال، بدأت أعمال القرصنة من بعض العناصر الصومالية، باعتراض السفن المارة فى مضيق باب المندب. والمعلومات التى حصلنا عليها اكدت إن مصر قامت بالتنسيق مع الدول الأوروبية وأمريكا، لتكوين قوة مشتركة فى باب المندب، من خلال القاعدة العسكرية الأمريكية - الفرنسية فى جيبوتي وخلال أشهر قليلة تم القضاء على القراصنة الصوماليين، وعادت الملاحة إلى طبيعتها فى البحر الأحمر. ولم يدم الوضع طويلاً، إذ اندلعت الأحداث فى اليمن، وتصاعدت وتيرتها بسيطرة ميليشيات على عبد الله صالح والحوثيين على عدن، وأجزاء عديدة من اليمن، ووصلت قواتهم إلى جزر باب المندب، وهم ما يعد تهديداً مباشراً للملاحة فى البحر الأحمر، وبالتالى فى قناة السويس؛ بالرغم من أن تلك الميليشيات لم تتدخل لمنع أو تعطيل الملاحة فى البحر الأحمر، خوفاً من تطور الصراع ودخول مصر فيه بشكل مباشر. وأخيراً، قامت القوات الشرعية اليمنية باستعادة هذه الجزر. وفى كل الأحوال يبقى هذا الاتجاه الاستراتيجي، وملف البحر الأحمر، فى بؤرة الاهتمام المصري، وهو ما يوجب علينا تأمينه باستمرار، بمختلف الوسائل، أولها الدبلوماسية، والاتفاقات الثنائية، والتحالفات إن وجدت. ويظل العنصر العسكرى متاحاً، إذا ما لزم الأمر. وهذا مادعا الرئيس السيسى لتوقيع العديد من الصفقات العسكرية، لتبقى مصر، دائماً، جاهزة بقواتها المسلحة لتأمين هذه الدائرة، التى من شأنها التأثير على أكبر وأهم موارد الاقتصاد المصري وهو قناة السويس. ومن بين الملفات المهمة ملف البحر الأبيض المتوسط وهو أحد الملفات الخطيرة والتى تمثل اختبار قوة وسيطرة للدولة المصرية .. فهو من التحديات التى برزت حديثاً على السطح لصانع القرار المصري حيث كانت هذه الدائرة هادئة، لا يعكر صفوها أى نزاعات، سوى ما يمكن أن يحدث بين مصر وإسرائيل، إلا أن الأحداث السياسية حولت هذه الدائرة إلى منطقة توتر. فدولة ليبيا أصبحت خارج السيطرة، وسوريا، على الطرف الآخر، اشتعلت بها الأحداث، ومازالت مشتعلة، وتركيا، فى الشمال، تشجع الإرهاب، بل وتدعمه. كل ذلك من الممكن احتواؤه، حتى ظهر عامل جديد، سيشعل الصراع فى ملف البحر المتوسط فى الفترة المقبلة، وهو اكتشاف الغاز الطبيعى فى مصر وإسرائيل. فكما أكدت كل الدراسات، فإن البحر الأبيض المتوسط، يطفو فوق بحيرة من الغاز الطبيعي، وقد عزز ذلك اكتشافات حقل «شروق» المصري، وقيام شركة بريتيش بتروليوم (BP) بتوقيع اتفاقية مع مصر، مقدارها 12 مليار دولار، للبحث عن الغاز. تلا ذلك اكتشافات الغاز فى سواحل قبرص، وبدأت اليونان، هى الأخرى، فى أعمال البحث والتنقيب. وهو ما أدى لتكرار زيارات الرئيس السيسي، أخيرا، إلى كل من قبرص واليونان، لترسيم الحدود البحرية بين مصر وهذه الدول، لمنع أى نزاعات مستقبلية فى المنطقة، ومنع أى تدخلات أجنبية وقد وضعت مصر هذه الدائرة نصب أعينها لحمايتها بكل الطرق. وكل ماسبق وغيره من الملفات التى تحمل شعار سرى للغاية او هام جدا تؤكد ضرورة ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي، بدعم القوات المسلحة المصرية بأحدث الأسلحة لحماية والدفاع عن الإمكانات الاقتصادية المستقبلية فى المنطقة. ففى الماضى كنا نقول إن الحرب القادمة فى المنطقة ستكون «حرب المياه»، أما اليوم فالحرب القادمة ستكون «حرب الطاقة». الحبهة الداخلية الصلبة والمتماسكة احد مطلبات الامن القومى فى المرحلة الراهنة ايضا وكم هى الملفات الشائكة فى هذا الملف والتى تمسك بها الدولة ويتابعها صانع القرار بنفسه لكن تأجيل الحسم فيها يعد من الحكمة ومن بين هذه الملفات ملف الاعلام وانفلات عدد من الكوادر التى مارست ادوارا هدامة تحت مسمى الحرية والجرأة وتصدر المشهد بينما فضائح هؤلاء لو تكشفت كاملة ستكون بمثابة زالزال يؤثر على تماسك المجتمع والجبهة الداخلية فى مرحلة فارقة تحتاج لحكمة لكن الدولة عازمة على محاسبة كل اوجه الفساد وبتوجيهات من الرئيس السيسى ومتابعة يومية لكثير من هذه الملفات .