أربعة أزمات أطلت برأسها الفترة الماضية على الكنيسة الأرثوذكسية وباتت تهدد بالتبعية بانفجار عدد من القضايا الأخرى، الأمر الذي وضع القيادات الكنسية فى مأزق حقيقي أمام الأقباط لاسيما أن من بين هذه الأزمات أزمات قائمة منذ سنوات طويلة ولكنها تشتعل بين الحين والآخر والسكوت عليها أو تسويفها بات أمر لا يقبل الانتظار. ويستعرض "الموجز" تفاصيل الأزمات الأربع والتى تتنوع ما بين أزمة أصحاب قضايا الأحوال الشخصية ومشكلة الأقباط المختطفين فى ليبيا منذ أغسطس 2014 وقضية القمص بيشوى اندرواس كاهن كنيسة مار مرقص بالعاصمة الأمريكيةواشنطن والذى قدم استقالته إضافة إلى الخلافات التى نشبت بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية بعد رفض كاهن أرثوذكسي الصلاة على عروسين توفيا بسبب انتماءهما للمذهب البروتستانتى. *قضايا الأحوال الشخصية واحده من الملفات التي تؤرق الكنيسة الأرثوذكسية وتحاول أن تجد حلاً لها، ولكنها لم تستطع أن تجد حلاً يرضي جميع الأطراف، وفي محاولة من البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لحل هذه المشكلة وتهدئة الأوضاع أعلن عقد سيمنار للمجمع المقدس في الفترة من 28 فبراير حتى 2 مارس المقبل بدير الأنبا بيشوى، لمناقشة القضية. وقد أعرب البابا عن رغبته الملحة في إقرار اللائحة بشكلها الحالي بعد أن استند إلى آراء الفريق القانونى بالكنيسة ولكنه قرر عقد السيمنار لكي يأخذ موافقة أعضاء المجمع المقدس على المواد الخلافية مثل العنف والهجر كسبب للطلاق. وكان البابا تواضروس قد أجل "سيمنار" المجمع المقدس الذى كان من المقرر له نوفمبر الماضى بعدما اجتاحت السيول دير الأنبا بيشوى. من جانبه أكد اشرف أنيس، أحد مؤسسي "رابطة الحق في الحياة"، أن السيمنار ما هو إلا مسّكن آخر من مسكنات المؤسسة الكنسية وذلك بسبب ثورة أصحاب مشكلات الأحوال الشخصية بعد تأجيل المؤتمر الذي كان من المفترض أن يعقد في نوفمبر الماضي. وأشار إلى أن هذا المؤتمر خاص بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية فقط ولن يشمل باقي الطوائف الأخرى وبذلك لن يقدم حلاً لمشكلات الأحوال الشخصية، موضحاً أن المؤتمر سيخرج بلائحة وأن يوافق عليها المجمع المقدس الذي سينعقد في شهر يونيه المقبل، وإذا وافق عليها المجمع سترسل إلي مجلس النواب لإقرارها أو رفضها، وإذا لم يوافق سيعود ملف الأحوال الشخصية إلي نقطة الصفر من جديد. وتابع أنيس "في ضوء ذلك نري أن القانون الجديد لن يخرج الي النور قريبا، وسيظل أصحاب مشاكل الأحوال الشخصية معلقين تحت رحمه الأساقفة حتى العام المقبل". ومن جانبه قال هانى عزت المصري، مؤسس رابطة منكوبي الأحوال الشخصية "منذ ثلاث سنوات ونحن نتلقى وعوداً غير صادقة وصلت لحد الكذب من بعض الأساقفة، ولذلك فإن هذا المؤتمر لن يقدم جديداً لنا خاصة وان الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى أكد أن هناك 33 أسقفاً من إجمالى 35 معارضين لتعديلات الهجر والإدمان والإساءة الجسدية التي يريد البابا إدراجها". وأكد أن حل مشكلة الأحوال الشخصية يكون عن طريق تدخل الدولة وبقوة وحزم لوقف هذه المهزلة وإجبار الكنيسة على تقديم لائحة الأحوال الشخصية مع قانون دور العبادة الموحد. * أزمة الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية ثاني القضايا التي فُجرت منتصف الأسبوع الماضي كان على خلفية الأزمة التى نشبت بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية، بعد رفض كاهن بكنيسة تابعة للطائفة الأرثوذكسية الصلاة علي عروسين لقيا مصرعهما ليلة الزفاف إثر اختناقهما بالغاز داخل شقتهما، لأنهما ينتميان إلي طائفة أخري ولذلك لا يجوز الصلاة عليهما وفقاً لتعاليم الطائفة الأرثوذكسية. وقد بدأت القصة حينما رفض كاهن كنيسة قرية "اتليدم" بمحافظة المنيا، الصلاة علي عروسين يتبعان الطائفة الأنجيلية، وقد كان عدد كبير من المشيعين للجنازة توجهوا للصلاة على الفقيدين ولم تتسع الكنيسة الإنجيلية الموجودة بالقرية للجميع فتوجهوا للكنيسة الأرثوذكسية وهى المكان الوحيد الذي يسع هذه الأعداد ولكن الآباء الكهنة المسئولين عن الكنيسة رفضوا الصلاة عليهما لأن العروسين من البروتستانت ولا يجوز الصلاة عليهما في الكنيسة الأرثوذكسية، وهو ما أثار غضب الكثير من أهالي القرية. وترتب على هذه الواقعة غضب قيادات الكنيسة الإنجيلية حيث وصف الدكتور أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، ما حدث بالكارثة، موضحاً أن راعى الكنيسة الإنجيلية بالقرية كان مسافرا خارج القرية وأن أهالي المتوفين استأذنوا كهنة الكنيسة الأرثوذكسية للصلاة فيها فرفضوا، ومع رغبة الأهالي فى دفن المتوفين عاجلا، عرض المسلمون عليهم الصلاة بالمسجد. وتابع "علمنا السيد المسيح أن الإنسان أهم من الطقس ومن القوانين الوضعية وأعتقد أن حالة رفض الصلاة على الزوجين هي حالة إنسانية في المقام الأول، وكان ينبغي أن ينظر إليها من هذه الوجهة". وأشار إلي انه يحترم طقوس كل طائفة وممارستها لكن إذا لم يكن الإنسان هو الهدف تصير كل الممارسات بلا قيمة أمام الله. ولكنه عاد ليؤكد أن كهنة كنيسة المنيا لا يعبرون عن موقف الكنيسة الأرثوذكسية الأم، وأن ما حدث لن يؤثر على علاقات المحبة الأخوية بين الإنجيليين والأرثوذكس. وبعد أن تعرضت الكنيسة الأرثوذكسية بالمنيا لهجوم شديد من قبل بعض القساوسة والنشطاء الأقباط أصدر المجلس الإكليريكي بإيبارشية المنيا وأبو قرقاص، بيانا توضيحيا بشأن رفض الكنيسة القبطية بقرية إتليدم التابعة لمركز أبو قرقاص، صلاة الجنازة على جثمان زوجين "بروتستانت" جاء فيه "المشكلة تتلخص في الاعتذار عن القيام بشعائر أرثوذكسية ومن خلال الكاهن الأرثوذكسي، وبخلاف ذلك لا توجد مشكلة في استخدام المكان، وليصل فيه القسيس الرسولي، إن أراد ولم يكن هناك من بديل". وتابع المجلس الإكليريكي في بيانه "نحن نحترم الآخرين، ولكننا في ذات الوقت نتمسك بالعقيدة الأرثوذكسية، وندافع عنها ونشرحها، مسامحين كل من يتطاول علينا أو يسيء إلينا باسم التسامح والمرونة والحب". *استقالة كاهن أمريكا أثار خبر تقدم القمص بيشوي أندرواس، كاهن كنيسة مارمرقص بالعاصمة الأمريكيةواشنطن، باستقالته الرسمية من الكهنوت تعجب الكثير من الأقباط في الولاياتالمتحدة الذين أكدوا أن القمص بيشوى يعد رمزا من رموز التعليم بالكنيسة القبطية وأن استقالته ليس لها سبب محدد. وتناقل أقباط أمريكا خطابا للقمص بيشوى أندراوس، يوضح فيه أسباب استقالته، وقال فيه "سبب صمتي عما يثار حول سبب الاستقالة هو أنني لا أريد وضع قادة الكنيسة فى أى موقف سلبى، وهذا ما أتمني تحاشيه بأى ثمن، حتي ولو على حساب سمعتي، إلا أن خوفي من تعثر الأقباط دفعني لكتابة خطابي هذا، لتكذيب أي اتهامات باطلة قد تكون وصلت إلى مسامعهم". وتابع القمص فى خطابه "هناك أمور كثيرة تحدث خلف الستار لا يعلمها إلا عدد قليل ممن يعنيهم الأمر، منها خلاف خلال السنوات الأخيرة بين الأكليروس بالكنيسة، حيث كانوا يظهرون للخارج بأنهم على توافق، بينما هم غير متحدين فى الحقيقة ولكل منهم رؤية مختلفة، الأمر الذي كان معطلاً لنمو الكنيسة على المستويين الروحى والمادي". وأشار إلي أنه اضطر في الآونة الأخيرة إلى الحصول على إجازة 6 شهور بسبب المرض، وأضاف: بعد تلك الفترة اجتمعت مع أعضاء الأكليروس وأخبرتهم برغبتي فى التنحى عن قيادة الكنيسة وأن اخدم بصفتي كاهناً فقط، وأعلنت استعدادي التام للخضوع تحت قيادة من سيجرى اختياره، ولكن الأمور لم تتحسن بل أصبحت أكثر سوءاً، حيث تلقيت فى بداية صوم الميلاد الماضى شكوى من المكتب البابوى عن مجموعات التلمذة، وشكوى أخري تقول أنني دعوت الدكتور عاطف عزيز - الشماس المعزول من الكنيسة والصادر بحقه قرار من المجمع المقدس بالعزل هو ومجموعته عام 2002 لسعيه لتشكيل كنيسة جديدة باسم العهد الجديد مناهضة للكنيسة القبطية -، لخلوة فى الكنيسة، وهو ما لم يحدث. وأشار القمص إلى أنه رد على الشكوى التي قدمت ضده ولكنه لم يتلق رداً مما جعله يستمر فى خدمته مع علمه بأن النهاية أصبحت وشيكة، وتابع "كل ما حدث جعلني أوقف مجموعة التلمذة الجديدة التى بدأتها مؤخراً حتى تهدأ الأمور، وقد تقدم المكرسان "شادى وأمير المتهمان بأنهما من أتباع عاطف عزيز"، باستقالتهما من الخدمة حتى يبدآن فى مكان آخر". وأكد كاهن كنيسة مارمرقص في خطابه علي أن الأمور لم تتحسن بل زادت سوءاً حيث تلقت زوجته فى 5 يناير الماضي اتصالاً من الأنبا كاراس، النائب البابوى بأمريكا الشمالية طلب منها وقف كل مجموعات التلمذة التى كانت تقوم بها، وفي نفس اليوم التقى هو بعدد من الكهنة الذين أخطروه بأن المكتب البابوى وبعض الأساقفة الموجودين فى الولاياتالمتحدة كانوا على اتصال بهم لمعرفة حال كنيسة مارمرقس، ومدى تدخل الدكتور عاطف عزيز وانتشار تعاليمه، وقالوا له إن تعاليمه تشبه تعاليم "عزيز"، وهو ما دفعه لتقديم الاستقالة. وفور تداول هذا البيان بين أقباط المهجر بأمريكا أعلن عدد منهم السفر إلى القاهرة لعقد لقاء مع البابا للمطالبة بعدم الموافقة على الاستقالة وتوضيح ما يفعله أحد الأساقفة بأمريكا لإجبار القمص بيشوي علي الاستقالة من منصبه، موضحين أن هذا الأسقف يقوم ببث الشائعات ضد الكاهن. وعندما وصلت للبابا تواضروس الثاني، بابا الأسكندرية، المذكرة الرسمية التي تحمل نص الاستقالة، شكل لجنة بابوية مكونة من 4 كهنة بالمهجر برئاسة القمص أنجيلوس سعد، كاهن كنيسة العذراء والبابا أثناسيوس فى ميسيساجا بكندا ، والقمص يوحنا نصيف، كاهن كنيسة العذراء بشيكاغو، والقمص موريس بغدادى، الكاهن بكنيسة نيوجرسى للتحقيق فى أسباب تقديم الكاهن استقالته. وبعد عمل اللجنة لمدة أسبوع تبين أن سبب تقديم القمص بيشوي بالأستقالة هو أحد الأساقفة بأمريكا والذي يريد الحصول على الكنيسة القبطية بواشنطن، وأوضحت اللجنة في بيان لها أن البابا يرفض استقالة الكاهن، لأن كل الاتهامات باطلة ولا أصل فيها بل من يروجها احد الأساقفة بأمريكا وهو يريد الحصول على مجلس إدارة الكنيسة، مؤكدين أن البابا سيترأس مجلس إدارة كنيسة مارمرقص بواشنطن وهي تعتبر كبرى الكنائس القبطية بأمريكا. ومن المقرر أن يأتي الكاهن بيشوي اندراوس إلى القاهرة للقاء البابا خلال الأيام المقبلة لبحث أسباب الاستقالة ومعرفة حقيقة الشائعات التي يطلقها أسقف أمريكا ضده. *الأقباط المختطفين في ليبيا في نهاية الأسبوع الماضي نظم عدد من أهالي الأقباط المختطفين فى ليبيا وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الخارجية، وقام الأهالي برفع صور ذويهم الذين اختفوا منذ ما يقرب من عام ونصف ولم يعرفوا عنهم شيئاً، كما رفع الأهالي لافتات يناشدون فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتدخل من أجل رجوع أبنائهم لأرض الوطن. ويبلغ عدد المخطوفين 7 من محافظات مختلفة منهم 3 من أسيوط، وواحد من سوهاج، وواحد من المنيا، وآخر من الإسكندرية، وآخر من دمنهور، وقد تم اختطافهم على دفعتين في أغسطس 2014 ويوليو 2015. ومن جانبه قال وجيه شنودة، شقيق احد المختطفين بأسيوط، "علمت أن أشقائي الثلاثة تم اختطافهم في أغسطس 2014، وقد عرفت هذه المعلومة من بعض الأشخاص الذين كانوا معهم هناك". وأوضح انه تواصل منذ معرفة اختطاف أشقائه مع المسئولين بوزارة الخارجية أكثر من 10 مرات ولكنه لم يتلق أي استجابة أو أي معلومة تطمأنه علي أشقائه. وأشار إلي أن هناك العديد من عمليات النصب التى تتم علي أهالي الأقباط المختطفين فى ليبيا، مضيفاً "تلقيت اتصالاً من أحد الأشخاص منذ 40 يوماً وطلب مني ربع مليون جنيه نظير عودة أشقائي الثلاثة لمصر وبالفعل حاولنا جميع المبلغ ولكن قبل أن أعطيه الأموال عرفت أن هناك الكثير من حالات النصب التي تمت علي بعض الأهالي ولذلك لم أعطيه أيه أموال". وأوضح وجيه انه يتواصل مع أهالي باقي الأقباط المختطفين في المحافظات الأخرى للتنسيق لتنظيم العديد من المظاهرات خلال الفترة المقبلة للضغط علي المسئولين لحل مشكلتهم. ومن جانبه قال نادر شكري، الناشط القبطي وأحد المتواصلين مع أهالي المختطفين، "أزمة اختطاف 7 مصريين على هويتهم المسيحية فى ليبيا لأكثر من عام تمثل مأساة كبيرة لأسرهم فى ظل انقطاع الأخبار عنهم بل واستغلال البعض لبساطتهم والتربح منهم بطلب أموال منهم لكشف معلومات عن أبنائهم وهو ما يشير إلى غياب دور الدولة فى القيام بدورها بمساندة هذه الأسر". وطالب الحكومة بسرعة الرد على الأسر بشأن مصير أبنائهم، خاصة وأن هناك أكثر من ثلاثة أشقاء وابن عمهم خطفوا منذ 25 أغسطس 2014 أثناء عودتهم لمصر، وأشار الي أن الأسر قدمت معلومات لوزارة لخارجية فى أكثر من لقاء قد تساعد فى التوصل لهم ولكن الوزارة لم تعط الاهتمام الكافى فى ظل عملية استهداف المصريين في ليبيا ولذلك ناشدت الأسر الرئيس السيسى بعد أن سئموا من وعود مسئولى الخارجية الزائفة.