قال مسئولون في الإدارة الأمريكية بأن الرئيس الأمريكي أوباما، وهو يتعرض حالياً لضغوط متزايدة بعد الانتكاسة في الحرب على تنظيم داعش، سيقوم بتسريع عملية تدريب وتجهيز مقاتلين من القبائل السنية كي يتمكنوا من إبطال المكاسب الأخيرة التي حققها الإرهابيون. وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى اجتماع عقده أوباما أول أمس مع كبار مستشاريه في الأمن القومي بعيد الهزيمة الكبيرة التي منيت بها القوات العراقية في مدينة الرمادي. فقد سيطر متشددو داعش على عاصمة منطقة الأنبار التي يسكنها غالبية سنية. وتقول الصحيفة إن مسئولين أمريكيين هونوا في بداية الأمر من أهمية السيطرة على الرمادي التي تبعد حوالي 100 كم شمال غرب بغداد. ولكن المعركة أظهرت ضعفاً كبيراً لدى القوات العراقية، والذي تعول الاستراتيجية الأمريكية على أهمية مشاركته، مما اضطر البيت الأبيض للاعتراف بالنكسة. ويأتي سقوط الرمادي، بحسب رأي "وول ستريت جورنال"، ليوقف الجدال بين واشنطنوبغداد بشأن المكان الذي يفترض تركيز القتال حوله. إذ بعد استعادة مدينة تكريت في مارس ، أرادت بغداد التركيز على الأنبار، فيما رغب بعض المسئولين الأمريكيين بالعمل على استعادة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق. واليوم ألغى مسئولون أمريكيون فكرة السعي للسيطرة فوراً على الموصل، ويعملون على التركيز بشدة على محافظة الأنبار. ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض جون إيرنيست الحرب بأنها "أيام من التقدم ... وفترات من التراجع". وقال بأن الرئيس الأمريكي وفريقه للأمن القومي يبحثون بعمق في "بعض الجوانب الفاشلة في الاستراتيجية العسكرية ضد داعش، والتي هي بحاجة لتحديث". وبحسب "وول ستريت جورنال"، قال مسئولون بأن الإدارة الأمريكية صادقت، كخطوة أولية، على سعي الحكومة في بغداد لتسريع عملية تدريب وتجهيز مقاتلين من القبائل السنية، وتوسيع دائرة التجنيد في الجيش العراقي، وتدريب قوات الأمن المحلية". وبعد سقوط الرمادي، أمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بإرسال ميليشيات شيعية لمواجهة داعش في المدينة، وهو أمر قد يشعل توترات طائفية مع القبائل السنية. ويدعم البيت الأبيض، بحسب الصحيفة، تدريب وتجهيز المزيد من المقاتلين السنة من خلال برنامج التدريب العسكري الحالي، والذي مكن البعثة الأمريكية من إعادة تدريب سبعة آلاف مقاتل عراقي، ولكن ليس من الواضح بعد، ما هو الدور الذي سوف تضطلع به تلك القوات على أرض المعركة. ورأى مسئولون أمريكيون في سقوط الرمادي كجبهة في إطار حرب معقدة يحتمل أن تنطوي على انتكاسات أخرى خلال السنوات المقبلة. وما زالت بغداد تنظر للرمادي كمنطقة مختلفة كلية عن العاصمة بغداد المحاطة بحراسة مشددة، أو بالنسبة للمناطق الكردية المحمية أيضاً. وقد اقتصرت غزوات داعش في العراق على قلب المناطق السنية. وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى اجتماع أوباما يوم أول أمس، بأكثر من 12 من كبار مستشاريه للأمن القومي، ولكن مسئولين في الإدارة الأمريكية قالوا بأنهم لا يتوقعون إجراء تعديلات أساسية على الاستراتيجية الأمريكية تقضي بإرسال مزيد من القوات الأمريكية إلى المنطقة لمحاربة داعش. وقال إيرنيست "هل يفترض بنا أن نغير استراتيجيتنا في كل مرة تتعرض الحملة ضد داعش لنكسة؟ أم يفترض بنا أن نتحمل مسؤوليتنا بجدية من أجل تقييم إنجازاتنا، وتقدير الخطوات الواجب اتخاذها من أجل تعديل استراتيجيتنا لتفادي نكسات أخرى؟". وأدت الهزيمة في الرمادي لتوجيه عدد من الجمهوريين والديموقراطيين سلسلة من الانتقادات لاستراتيجية أوباما في العراق. وقال رئيس مجلس النواب الأمريكي، جون بوينر "إن خطة الرئيس فاشلة، وقد حان الوقت لأن يتبنى استراتيجية واقعية شاملة من أجل دحر الخطر الإرهابي الداهم". كما صرح النائب آدم شيف، عضو لجنة الاستخبارات في المجلس "لا أعتقد أننا خسرنا الحرب، ولكن لا أعتقد أيضاً بأننا حققنا تقدماً كبيراً". وقال مسئول رفيع في الجيش الأمريكي بأنه لا شيء يدعو لإجراء تغيير شامل "إن وزارة الدفاع تعتقد بأن مسار العمل الحالي يجري في الاتجاه الصحيح". وكان بعض المسئولين العراقيين والأمريكيين وصفوا سقوط الرمادي بأن تحول غير طبيعي، وأشاروا إلى عوامل استثنائية رافقت المعركة، كهبوب عاصفة رملية ليلة دخول الجهاديين إلى المدينة أول أمس. كما أوحى مسئولون أمريكيون بأنه كان لتسجيل صوتي بث في وقت سابق على أنه رسالة من البغدادي، دوره في دفع المقاتلين المتشددين لاقتحام الرمادي. وقال مسئول العلاقات الإعلامية في وزارة الدفاع العراقية ناصر نوري "الحرب التي تواجهها قواتنا غير تقليدية، وقد كانت عمليات الاحتفاظ بالمناطق المحررة صعبة جداً جداً". وبعد سقوط الرمادي، أعلنت الولاياتالمتحدة عن عزمها تزويد القوات العراقية بألف صاروخ من نوعية الصواريخ التي تحمل على الكتف، ومن المتوقع أن تصل الشحنة في يونيو المقبل. كما صرح مسئولون عسكريون أمريكيون بأن بغداد ليست عرضة للسقوط في أيدي التنظيم الإرهابي.