يؤكد الكثير من المحللين أن ما يحدث في اليمن ما هو إلا مواجهة بين السنة متمثلين في التحالف العربي بقيادة السعودية والشيعة متمثلين في الحوثيين أو بالأحرى إيران التي تدعمهم بكل قوة وبالفعل بمتابعة تصريحات المسئولين الإيرانيين نجد أن طهران هي القوة الإقليمية الوحيدة التي تعارض التدخل العسكري في اليمن ،ويبدو أنها ستخسر كثيرا في حال نجاح عملية عاصفة الحزم يرى مصطفى سالم الخبير المتخصص في الأمن الإقليمي والشئون الإيرانية في مقاله المنشور على موقع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أن إيران تبدو هي المنتقد الوحيد لعملية عاصفة الحزم، حيث أنها الطرف المتضرر جراء هذه العملية التي لم تكن في حسبان قادة إيران وأضاف سالم أن حالة التوتر التي انتابت إيران والتي بدت في تصريحات مسئوليها كرد فعل للعمليات الجارية ضد الحوثيين باليمن والموالين لإيران، بعنصر المفاجأة الذي اتسمت به عملية عاصفة الحزم وإعداد الدول المشاركة فيها، لاسيما أن هذا التوافق والتوقيت الذي بدأت فيه العمليات لم يكن ضمن السيناريوهات المقدرة من جانب طهران ، الأمر الذي أدى إلى حالة الارتباك تلك، وتركيز طهران على وقف العمليات نظرا لإدراكها أن حلفائها سيرغمون في النهاية وتحت وطأة الضربات المتلاحقة وإمكانية التدخل برياً للخضوع للشروط التي ستطرح عليهم لتسوية الأزمة، وهو السيناريو الذي لم تتحسب له إيران التي أسهمت بفعالية في تعطيل المفاوضات ورفض المبادرة الخليجية بغرض توفير الظروف الضاغطة على طارحي المبادرة الخليجية للخضوع لشروط الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح من خلال كسب مزيد من الوقت لتثبيت الموقف على الأرض، بل والسيطرة على عدن، وهو ما لم يكتمل بسبب سرعة اتخاذ القرار بتوجيه ضربات إجهاضية تحول دون تنفيذ هذا المخطط الموضوع من جانب الإيرانيين. وأوضح سالم أن السبب الأبرز لهذا الارتباك الإيراني هو أن إدراك إيران لمحدودية قدرتها على التحرك عسكريا لدعم حلفائها في اليمن، بخلاف الوضع الجاري في سورياوالعراق، وإدراكها كذلك لضعف الحوثيين وعدم قدرتهم على المقاومة بمفردهم بالمقارنة بحزب الله في لبنان قد يخرجان الإيرانيين واقعيا من الحسابات التفاوضية في المراحل اللاحقة، وهو ما سيؤدي بالتبعية لإجهاض الطموحات الإيرانية بالاحتفاظ بالنفوذ والقدرة التأثيرية في اليمن، خاصة مع تدخل قوة إقليمية رئيسية مثل مصر طرفا في العملية العسكرية بإمكاناتها المعروفة، وفرضها حظرا بحريا شديدا على منطقة باب المندب والموانئ اليمنية، وتأثير ذلك على إمدادات السلاح الإيراني للحوثيين وأكد سالم أن التحسب الإيراني من تبعات الرد العربي في اليمن لمساندة النظام الشرعي هناك، وما تبع ذلك من قرب التوافق على إنشاء قوة عربية مشتركة، ربما يفتح المجال أمام الشروع في تدخلات عربية في الدول الأخرى التي تشهد صراعات قائمة، وهي الدول التي تنشط فيها إيران وتفرض نفوذها فيها، مستثمرة حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني القائمة، بما يتضمنه ذلك من طرح إمكانية إقصاء النفوذ الإيراني تباعا وانكماشه، وملأ الفراغ الذي انتزعته إيران التي استثمرت جراء حالة التراجع العربي في السنوات الأخيرة ووفقا لسالم لم يكن في حسابات إيران كذلك هذا القدر من التحول في الموقف التركي تجاهها، إذ على الرغم من تفاوت الرؤى بين الجانبين بشأن الملف السوري، خصوصاً بشأن الإبقاء على النظام السوري برئاسة الأسد، وهو ما تتبناه إيران وسعت منذ اللحظة الأولى للثورة في سوريا لمساندة النظام القائم، فإن طهران ربما لم تتوقع هذا التوافق التركي مع السعودية، فضلا عن قلق أنقرة من تمدد النفوذ الإيراني في العراق بدعوى محاربة داعش بتوافق إيراني واضح مع الولاياتالمتحدة، وصولا للتحسب من سيطرة القوات الموالية لإيران على الموصل، وما قد ينتج عنه من إمكانية إقدام واشنطن على منح الإيرانيين مزيداً من النفوذ بالمنطقة على حساب الدور التركي وأشار سالم إلى أن ارتباك إيران جاء كذلك من رد الفعل الأمريكي الداعم لعملية عاصفة الحزم، والذي أحبط الطرف الإيراني الذي سعى لاستثمار رغبة واشنطن في الإسراع للتوصل لاتفاق طارئ على أقل تقدير بشأن البرنامج النووي الإيراني في تعزيز وضعية الحوثيين بشكل فعلي على الأرض للضغط على السعودية للقبول بتسويات ما كانت لتقبل بها، وأبرزها التسليم بالوضعية الإقليمية الجديدة لإيران باعتبارها القوة الأكثر تأثيرا على مجريات الأحداث بالشرق الأوسط، والطرف الواجب تواجده على مائدة المفاوضات في تسوية أي من ملفات المنطقة، وصولا للمساومة لاحقا على ملفات العراقوسورياولبنان التي تتنافس الدولتان، السعودية والإيرانية، على فرض رؤيتهما السياسية ونفوذهما على الساحة الداخلية في هذه الملفات، خاصة الملف السوري الذي طالما سعت إيران لدفع الرياض للتسليم بقبول مبدأ كون بشار الأسد طرفاً أساسياً في أي تسوية مستقبلية ترتبط بسوريا ومن هنا تخشى إيران من تأثر موقف القوى المفاوضة لها فيما يتعلق بملفها النووي من إبطاء وتيرة المفاوضات وعدم التوصل لتفاهمات تؤدي لرفع العقوبات كما كانت ترغب طهران، تأثرا بظهور عامل جديد على الساحة، متمثلا في القدرة التأثيرية للقرار العربي، وترقب القوى الدولية، لاسيما الولاياتالمتحدة التي تمثل الطرف الضاغط على باقي الدول المفاوضة للتوصل لاتفاق إطار، حيث تتحسب واشنطن من تأثر علاقاتها خلال المرحلة القادمة مع حلفائها التقليديين بالشرق الأوسط، خاصة أن قرار العمل العسكري جاء خارج التنسيق مع واشنطن، حتى وإن كانت قد أُعلِمَت به. ولذلك فإن إيران التي طالما سعت لطرح نفسها خلال المفاوضات باعتبارها الطرف المؤثر، والذي يمكن الاعتماد عليه في الشرق الأوسط أصبح محل إعادة تقييم، وبما يضعف من الوضعية التفاوضية لإيران أو على الأقل سيؤدي لإعادة تقييم قدراتها. ورأى سالم أن إيران ستسعى بكل السبل لإظهار الوضع في اليمن باعتباره حربا طائفية لتبرير سعيها للتدخل في الشأن اليمني، والاضطلاع بدور ترويجي لهذا المنهج في المجتمع الدولي للحشد لضغوط دولية على الأطراف الفاعلة المشاركة في الحملة العسكرية ضد الحوثيين وطرح صورة ذهنية مفادها التداعيات المترتبة على استقرار المنطقة، فضلا عن إمكانية اللجوء لاستثمار الوضع الراهن لوضع شروط خلال المفاوضات النووية الجارية تقضي بربط المسار التفاوضي واستمراريته بإقدام الأطراف المفاوضة، لاسيما الولاياتالمتحدة بالضغط على السعودية ومصر لوقف العمليات والقبول بالمفاوضات، تحسباً من انهيار الحوثيين بشكل كامل جراء الضغط العسكري عليهم وانحسار فرص إشراكهم كطرف فاعل في المفاوضات مستقبلا، بالتوازي مع الترويج لأطروحات تتعلق بمبادرات من جانب قوى دولية رئيسية في إطار إستراتيجية خلط الأوراق التي تجيدها إيران؛ الأمر الذي يستلزم سرعة التحرك لحسم الموقف في اليمن على الصعيدين السياسي والعسكري للحيلولة دون حدوث ضغوط دولية، خاصة وأن أغلب الرؤى تسعى للعودة للتفاوض مع أطراف الصراع باليمن، مما قد يقلل سياسيا من التقدم الذي حدث على الأرض عسكريا من جانبها قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن عاصفة الحزم التي تقودها السعودية تبعث إشارة قوية لإيران القوة المنافسة لها بالمنطقة، لكنها تخاطر أيضا بتحويل القتال المتعدد الأطراف في هذه الدولة الفاشلة إلى حرب أهلية وأشارت الصحيفة إلى أن النفوذ الإيراني المشاهد في العراقوسورياولبنان، والآن في اليمن، كان تماديا زائدا، وهو ما أثار مخاوف السعودية وأدى إلى هذا التحالف السني بالتدخل وقالت إن الضربات الجوية من غير المرجح أن تغير الوضع البالغ التعقيد في اليمن، بالإضافة إلى أن القوات البرية قد تزيد الفوضى هناك لأن اليمن، مثل سوريا أو ليبيا ليس به خطوط قتال واضحة وأضافت صحيفة الإيكونوميست بأن الدول السنية لاشك في أنها ترغب في وضع حد لإيران حتى لا تقدم على ارتكاب مزيد من الانتهاكات، لاسيما وأن إيران تتمتع بنفوذ بالفعل في كل من العراقوسورياولبنان، لكن السعودية، لديها حساسية خاصة من أي اضطرابات في اليمن. واعتبرت الإيكونوميست أن فريق الملك سلمان قد تكون لديه مهارة سياسية، إلا أن الاختبار الحقيقي سيكون نتيجة هذا التحرك العسكري، ومدى قدرته على إعادة الاستقرار للدولة المجاورة البائسة وضربت إيكونوميست مثالا لذلك بالإشارة إلى الأزمة السورية، حيث حاولت السعودية الإطاحة بالرئيس بشار الأسد من خلال دعم الجماعات المعارضة له، لكن إيران تمكنت من إحباط المسعى السعودي لدعم الأسد بصحبة حليفها اللبناني حزب الله وخلصت إيكونوميست إلى أن الأزمة تكمن في أن اليمنيين الذين يعتنقون المذهب الزيدي يمثلون حوالي 40 بالمائة من إجمالي السكان، ولذلك سيكون من الصعب إقصاء الحوثيين من البلاد، وكما اكتشفت الولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة، فإن إنهاء حرب أصعب من شنها. واختتمت المجلة تقريرها بالقول إن أعداء السعودية لن يأسفوا على رؤيتها وهي تتعثر في اليمن، كما أن التعليقات الإيرانية بالفعل تتحدث عن أن اليمن سيكون أفغانستان السعودية