في الوقت الذي زار فيه الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والري، إلى موقع سد النهضة بإثيوبيا على رأس وفد من الخبراء للوقوف على حقيقة ما وصل إليه بناء السد، أعلنت إثيوبيا شروعها في بناء سد جديد على نهر "السوباط"، مما أثار موجة غضب بين المصريين والمهتمين بشئون البيئة والري، خاصة بعد تأكيد "مغازى" على صحة ما تردد بشأن اتجاه الإثيوبيين لبناء سد جديد. وأكد "مغازى" أن مصر لديها معلومات عن السد الجديد، ضمن شبكة معلومات عن جميع السدود التي يجرى أو يُنتوى بناؤها في كل دول حوض النيل. وأشار وزير الري إلى أن هناك اتصالات مع الجانب الإثيوبي للحصول على معلومات أكثر تفصيلا عن السد كما سيجرى مناقشة الموضوع على هامش اجتماعات اللجنة الوطنية لسد النهضة التي ستنعقد الأسبوع الحالى ، مشيرا إلى أن مصر لا تعارض بناء أي سدود طالما كانت مخصصة لتوليد الطاقة الكهربائية ولا تؤثر على التدفقات المائية الواردة إليها. من جانبه أكد الدكتور نادر نور الدين أستاذ الأراضي والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن إعلان إثيوبيا بناءها "سد البارو أكوبو " على نهر " السوباط " ما هو إلا خطوة جديدة من خطوات التصعيد ضد مصر.. موضحا أن إثيوبيا بذلك تكون قد فضحت نواياها مع مصر في جميع الأنهار الثلاثة التي تشارك في النيل حيث أقامت " سد تاكيزي " بسعة 9 مليار على نهر و"عطبرة" في الشمال والذي يساهم بنحو 12 مليار متر مكعب سنويا في النيل، ثم "سد النهضة" على النيل الأزرق في وسط إثيوبيا ، وما يتبعه من سدود وهو النهر الذي يشارك في مياه النيل بحصة مقدارها 48.850 مليار متر مكعب سنويا، ثم أخيرًا سد " باروأكوبو" على نهر "السوباط " في الجنوب الغربي من إثيوبيا والذي يساهم بنحو 12 مليار مترا مكعبا كل سنة ويصب في النيل الأبيض. وأكد أن سد " بارو أكوبو" سينقص من حصة مصر 6 مليار متر مكعب . وأشار نور الدين .. إلى أنه سبق وأن نوه في شهر يونيه الماضي عن عزم إثيوبيا بناء سدين على نهر السوباط هما سدي "بربر- وسد البارو أكوبو" ، مشيرًا إلى أن البنك الدولي انتهي من دراسات السدين بناء على موافقة مسبقة من دول حوض النيل بما فيها مصر ونشر الدراسة على موقعة في شهر إبريل الماضي ، ثم قام البنك الأفريقي للتنمية بمنح إثيوبيا 34 مليون دولارا لاستكمال دراسات السدين ، ولكن من الواضح أن المسئولين في وزارة الري لا يقرأون . وأكمل نور الدين.. أن مرحلة عدم الشفافية والدبلوماسية الساذجة التي تمر بها مصر حاليا لم تدرس الأبعاد والمخاطر التي توجهنا من جانب إثيوبيا ، فضلاً عن أن وزير الري يمعن في خداع الشعب المصري بشأن تعهد إثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر من المياه بينما هي لا تعترف من الأساس بأي حصة لمصر في المياه. وأوضح نور الدين أن إثيوبيا تتعمد إيذاء مصر لان إعلانها إقامة ثلاث سدود على ثلاث انهار تصب مياهها في النهر بالنيل والذي تستفيد منه مصر هدفه التأثير على حصة مصر ، علما بأن هناك نهرين بين إثيوبيا والصومال من الممكن إستغلالهما في توليد الكهرباء كما يزعمون ، فضلاً عن وجود نهر ثالث مشترك مع جيبوتي من الممكن استغلاله أيضا. وعلق نور الدين على الزيارة الأخيرة لوزير الري لموقع سد النهضة ، موضحا أن هذه الزيارة تمثل اعترافا ضمنيا من مصر باستكمال السد ، لافتًا إلى أن إثيوبيا ستستغل الزيارة وستقوم بتصويرها وتقديمها للرأي العام العالمي على أنها تعمل بشفافية ولا تعمل شيئا في الخفاء. وأكد أن سد النهضة سد خلافي وزيارته خطأ كبير ، وكان يتحتم على مسئولي وزارة الري أن يصلوا لحلول تحمى حصة مصر أولا قبل الزيارة. وقال الدكتور ضياء القرصي الخبير في شئون المياه ، ومستشار وزير الري السابق ، انه سبق وحذرنا من عدم اعتراض مصر على بناء سد النهضة بمواصفاته الحالية واستمرار إثيوبيا في بناءه، مشيراً إلى أن تهاون مصر في المفاوضات أعطي إثيوبيا الضوء الأخضر لبناء أية سدود أخرى بالمخالفة للقوانين والاتفاقيات الدولية. وأشار القوصى إلى أن سد إثيوبيا المزمع إقامته سيحرم مصر من حقها من مياه النيل ، وكان على إثيوبيا أن تحترم الاتفاقيات الدولية ، لافتًا إلى أن الأنهار العابرة للحدود كلها انهار دولية تخضع للقوانين الدولية وليس من حق أى طرف التصرف في هذه الأنهار وفق أهوائه الشخصية ، ولذلك كان لابد على إثيوبيا ان تقوم بالإخطار المسبق لدول حوض النيل قبل شروعها في بناء السد الجديد. ورفض القوصى زيارة وزير الري لإثيوبيا للتعرف على ما وصل إلية بناء السد ، قائلا: كان على مسئولي وزارة الري أن يواجهوا الخداع الاثيوبى أولا ، بكشف الحقائق والنوايا قبل الذهاب لموقع السد وإعطائهم فرصة عظيمة لاستغلالها إعلاميا .