يبدي المركز الوطني للوثائق والبحوث بوزارة شؤون الرئاسة بالإمارات في المرحلة الحالية اهتماماً بمشروع التاريخ الشفهي الذي يرصد الأحداث التاريخية ونمط الحياة في الماضي استجابة لتوجيهات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس مجلس إدارة المركز واهتمامه بتدوين التاريخ الشفهي للدولة وفق أسس ومعايير علمية تضمن موضوعية المعلومات التاريخية التي تجمع. ويعود تبني المركز توثيق التاريخ الشفهي إلى كونه من أهم المصادر المكملة لتاريخ وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة ومنطقة الخليج عامة.. وبهذا الصدد فإن قسم التاريخ الشفهي ودراسة الأنساب بإدارة البحوث والخدمات المعرفية في المركز قد أجرت مئات المقابلات بالصوت والصورة مع كبار السن في المرحلة الماضية دعم بها الأرشيف الوطني في المركز. وينشط قسم التاريخ الشفهي في الوصول إلى كبار السن داخل الدولة ممن شاركوا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات في تفاصيل تجربة الاتحاد أو عاصروها أو كانت لهم تجاربهم الحياتية في مرحلة ما قبل ظهور النفط وقيام الاتحاد لأن تاريخ منطقة دولة الإمارات ما زال يعاني شحاً في مصادره المدونة ما يلزم المركز الوطني للوثائق والبحوث اللجوء إلى المصادر الشفهية بحسبانها أحد مراجع فهم حقائق التاريخ في غياب الوثيقة يحتاج المركز إليه في توثيق ذاكرة الوطن. ويحرص قسم التاريخ الشفهي للوصول إلى كبار السن من الرواة على المشاركة في جميع أنشطة المركز ولاسيما المعارض التراثية كالصيد والفروسية ومعارض الرطب ومعارض مزاينة الإبل وفي القوافل الثقافية التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في المناطق البعيدة ويحرص جداً على الاحتفاظ بما في جعبة هؤلاء الرواة من وثائق ذات صلة برواياتهم الشفهية كالصور والوثائق المكتوبة. وحقق المركز على هذا الصعيد قفزة نوعية في مجال التوثيق الشفهي هذا العام باستحداثه ستوديو خاص بالتاريخ الشفهي شارك به في مهرجان ليوا للرطب وقد أجريت فيه العديد من المقابلات الشفهية، التي أضافت للأرشيف الشفهي في المركز الكثير من الذكريات الحافلة بتفاصيل عن العادات والتقاليد، وعن اللهجة ومفرداتها والأمثال الشعبية والأهازيج وأغاني العمل والقصص والأساطير وغيرها من تفاصيل حياة الآباء والأجداد في الماضي وهذا ما شجع المركز على التطلع لاستحداث ستوديو متنقل خاص بالتاريخ الشفهي وذلك للوصول إلى رواة التاريخ الشفهي أينما كانوا دون تأخير. ولا يقتصر نشاط القسم على باحثي المركز الميدانيين فحسب وإنما يتجاوزهم إلى الجيل الجديد، إيماناً من المركز بأن التاريخ الشفهي يحتاج إلى من يؤدي المهمة من المواطنين لأنهم الأجدر من غيرهم بالاهتمام بهذا الجانب من التاريخ والتراث فلا تغيب عنهم الدلالات اللغوية في المقابلات وقد استطاع أن يصل -بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى المؤسسات الأكاديمية، لينظم الدورات والمحاضرات في مفهوم التاريخ الشفهي وطرق الوصول إلى المعمرين من مواطنين ومقيمين وإجراء المقابلات معهم وفق منهج البحث العلمي وأساليب تمكن جامعي المادة الشفهية من تخطي الصعوبات أثناء إجراء المقابلة. وأسفرت هذه الأنشطة عن عدد كبير من المقابلات التي أجراها موظفو القسم من جهة والطلبة الأكاديميون مع ذوييهم من كبار السن من جهة أخرى وقد حفظت تلك المقابلات للباحثين وللأجيال القادمة في أرشيف خاص بالتاريخ الشفهي في المركز. ولما كان توثيق ذاكرة الوطن من أفواه كبار السن يحتاج إلى تعزيز الخبرات والمؤهلات العلمية العالية بالاستفادة من أكثر التجارب تقدماً وتطوراً وإلى التقنيات الحديثة اللازمة لحفظها - فإن المركز سخّر أجهزة حديثة ومتطورة للتسجيل المسموع وأخرى للتسجيل المسموع والمرئي وبعض التقنيات لحفظ هذه المقابلات ولمزيد من تقصي التطورات وتبادل الخبرات وقع على مذكرات تفاهم في هذا الميدان مع جامعة بيركلي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، ومع جامعة زايد في أبوظبي وأرسل بعض المتخصصين من موظفيه للمشاركة في مؤتمرات دولية كالمؤتمر السنوي لجمعية التاريخ الشفهي الذي عقد في ولاية بنسلفانيا الأميركية. ويتطلع المركز الوطني للوثائق والبحوث في توثيقه التاريخ الشفهي إلى نشر ما تسفر عنه مقابلات التاريخ الشفاهي من حقائق ومساندة الباحثين في تحريهم الوثائق ومقارنتها بالرواية الشفهية لمعاصري الأحداث وفي الوقت نفسه ينفذ بمشروع التاريخ الشفهي سياسة القيادة الحكيمة في حفظ التفاصيل الدقيقة لتاريخ دولة الإمارات على هدى قول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " عليكم أن تسألوا الآباء عن أحوال الوطن قبل الاتحاد. لقد حظينا بالسعادة في ظل الاتحاد ويجب أن نحرص على تحقيق المزيد من التقدم، ونتعاون جميعاً في دعم مسيرة الاتحاد إلى الأمام"