وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس وللشيطان أولياء ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فقال تعالى : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم } وقال تعالى : { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين * يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم * إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } وقال تعالى : { هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا } وذكر أولياء الشيطان فقال تعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون } وقال تعالى : { الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا } وقال تعالى : { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا } وقال تعالى : { ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا } وقال تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم * إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } وقال تعالى : { إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون * وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا } إلى قوله { إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون } وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم } وقال الخليل عليه السلام : { يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا } وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة } الآيات إلى قوله { إنك أنت العزيز الحكيم } وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما فرق الله ورسوله بينهما فأولياء الله هم المؤمنون المتقون كما قال تعالى : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون } وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة - أو فقد آذنته بالحرب - وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ] - وفي رواية فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي - [ ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه ] وهذا أصح حديث يروى في الأولياء فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من عادى وليا لله فقد بارز الله في المحاربة وفي حديث آخر : [ و إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب ] أي : آخذ ثأرهم ممن عاداهم كما يأخذ الليث الحرب ثأره وهذا لأن أولياء الله هم الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض ورضوا بما يرضى وسخطوا بما يسخط وأمروا بما يأمر ونهوا عما نهى وأعطوا لمن يحب أن يعطى ومنعوا من يحب أن يمنع كما في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ أوثق عرى الإيمان : الحب في الله والبغض في الله ] وفي حديث آخر رواه أبو داود وقال : [ من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ] والولاية : ضد العداوة وأصل الولاية : المحبة والقرب وأصل العداوة : البغض والبعد وقد قيل أن الولي سمي وليا من موالاته للطاعات أي متابعته لها والأول أصح والولي : القريب يقال : هذا يلي هذا أي يقرب منه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : [ ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر ] أي لأقرب رجل إلى الميت ووكده بلفظ الذكر ليبين أنه حكم يختص بالذكور ولا يشترك فيه الذكور والإناث كما قال في الزكاة : [ فابن لبون ذكر ] فإذا كان ولي الله هو الموافق المتابع له فيما يحبه ويرضاه ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه كان المعادي لوليه معاديا له كما قال تعالى : { لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة } فمن عادى أولياء الله فقد عاداه ومن عاداه فقد حاربه فلهذا قال : [ ومن عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ]