أعتقد أن المعركة التى تدور رحاها الآن بين حزب الحرية و العدالة و اللجنة المكلفة لإدارة الانتخابات القادمة بالاضافة لباقى القوى السياسية الوطنية الأخرى هى معركة مفتعلة يديرها الإخوان بكل ذكاء و كياسة . المعركة بكل اختصار هى بسبب تصميم حزب الحرية و العدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين على استخدام شعاره الإسلام هو الحل كشعار أساسي فى حملته الإنتخابية فى الانتخابات القادمة . بالرغم من تحذير اللجنة المكلفة بإداراة الانتخابات بأنها ستشطب أى حزب او مرشح يعتمد فى دعايته الانتخابية على شعارات دينية . يبدو الاخوان هنا شديدو الذكاء فهم يريدون إفتعال معركة حول ذلك الشعار حتى يظهروا أمام الرأى العام و البسطاء بأنهم مع الإسلام و غيرهم من القوى المتنافسة رافضة لتلك الشعارات الدينية و بذلك تثتثير العامية و تدغدغ مشاعرها حتى تصوت لصالح مرشحيها فى الانتخابات القادمة . حين اتحدث عن نفسي فأنا مسلم و أؤدى الصلاة و الصوم و أتصدق و اقرأ ما تيسر من القرآن الكريم و قراءة العديد من المؤلفات الاسلامية . و أؤمن إيمانا كاملا تاما بأن الإسلام دين و دولة و دنيا و آخرة لكنى فى نفس الوقت أقف ضد استغلال الدين و الشعارات الدينية من أجل التنافس السياسي لأن الناس حين تخير بين التصويت لصالح الشعارات الدينية او البرامج السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ستتجه بعفويتها و بساطتها إلى التصويت لصالح الشعارات الدينية و ستقدمه على الجانب الاقتصادى و الاجتماعى العمرانى و السياسي لأن الدين منزل من عند الله فكيف يختارون غيره ؟!! و قد يستغل ذلك أناس كثيرون من اجل كسب الأصوات فقط . لذلك أنصح جميع التيارات و الأحزاب ذات المرجعية الدينية أن يقوم تنافسها على البرامج الاقتصادية و السياسية و ليس على استخدام و استغلال الدين فى المعركة الانتخابية لا أنكر أن القضاء أقر شعار الإسلام هو الحل كشعار فى السابق . لكن كما قلت و انا انسان مسلم عادى أؤكد من وجهة نظرى أنه شعار دينى و فيه استغلال للدين من أجل كسب الأصوات . ربما وجدت الجماعة أن شعبيتها قد انحسرت جزئيا فى الشارع المصرى فأرادت التعبئة لصالحها مرة أخرى خاصة أنها ستخوض انتخابات بدون وجود الحزب الوطنى و الذى كان سببا فى أن جزءا لا يستهان به من الشارع كان يصوت لمرشحيها نكاية فيه و عقابا له على فساده و استبداده . أما الآن فالجماعة و حزبها يريدان افتعال معركة قبيل الانتخابات و لن يجدا أفضل من استغلال تلك المعركة معركة الشعار لحصد أكبر نسبة من أصوات الشارع المصرى فى الانتخابات المقبلة . نعلم مدى استخدام الدين فى تمرير العديد من السياسات و القرارات التى يتخذها بعض الحكام او الفئات الاستبدادية . خير مثال على ذلك المعركة التى كانت بين الامام علىّ كرم الله و جهه و معاوية بن ابى سفيان وحين رفعوا المصاحف على أسنة الرماح مرددين ساعتها " إن الحكم إلا لله " فرد عيهم علىّ بمقولته التى سطرها له التاريخ " كلمة حق يراد بها باطل " .و كذلك استخدم ملوك و أباطرة أوروبا فى عصور الظلام حين استخدموا شعار الصليب من أجل تقديس حروبهم و احتلال بلاد العرب و بيت المقدس و نهب خيرات الشرق . كما استغلها الرئيس الراحل السادات حين جعل مبادئ الدين الإسلامى المبدأ الرئيسي من مبادئ التشريع فى مصر فى المادة الثانية من الدستور و بعدها مباشرة مرر مادة عدد فترات الرئيس و غيّرها من مدتين فقط إلى مدد أخرى و لم يحددها . كما استغلها أيضا الرئيس بوش الأب فى حربه المزعومة ضد الإرهاب حين قال " أنها حرب صليبية " . لذلك من هنا انصح حزب الحرية و العدالة إلى عدم افتعال المعارك الجانبية و ليقدم مصلحة الأمة على مصلحته الشخصية و لا يعمل على تفرق القوى الوطنية التى وقفت جميعها فى ميدان التحرير من أجل اسقاط النظام و القضاء على الفساد .