كان ظهورها الإعلامى الأول قد أثار جدلا حقوقيا واسعا فى بريطانيا بالجينز وحذاء رياضى ونظارة شمسية وشعر مكشوف، تعود شميمة بيجوم، أشهر عرائس داعش لتصدر الميديا العالمية بمفاجأة غير متوقعة هذه المرة. الفتاة البريطانية التى ظهرت على مسرح الإعلام الدولى فى فبراير 2019، بعد سقوط خلافة داعش، من داخل مخيمات التنظيم بسوريا، تطالب بحقها فى العودة إلى بلدها بريطانيا، وفى المقابل اعتبرتها الحكومة البريطانية عدوًا وخطرًا على الأمن القومى البريطانى، يستوجب سحب الجنسية البريطانية منها، فى إجراء ترتب عليه سجالًا قانونيًا طويلًا بين الطرفين، تفاجىء العالم الآن بالظهور «سافرة» بزى عصرى تمامًا، بعد أن تخلت عن النقاب والحجاب، وظهرت بإطلالة غربية، بين الداعشيات داخل مخيم الروج، فى إشارة صارخة تقول بها إنما طوت صفحة داعش إلى غير رجعة. وكانت المحكمة العليا البريطانية قد رفضت 26 فبراير الماضى عودة شميمة بيجوم البالغة الآن 21 عامًا، إلى بريطانيا لخوض المعركة القانونية، والطعن على القرار بسحب الجنسية البريطانية منها. وذلك بعد حكمين قضائيين سابقين، فصدقت محكمة بريطانية فى فبراير 2020 على قرار وزير الداخلية السابق ساجد أجاويد بسحب الجنسية البريطانية من بيجوم، بحكم أنها تحمل جنسية أخرى هى الجنسية البنجلاديشية، وهو مانفته بنجلاديش و أكدت أن شميمة لن يُسمح لها بدخول البلاد. وبعد أن تقدمت شميمة بيجوم بالطعن على الحكم، أصدرت محكمة استئناف بريطانية بالسماح لها، بالعودة إلى المملكة المتحدة لخوض معركتها القانونية دفاعًا عن أحقيتها بجنسية البلاد، وأن ذلك لن يكون متاحًا لها فى عرض قضيتها، وهى لازالت موجودة بمخيم بشمال سوريا. غير أن وزارة الداخلية البريطانية قامت على الفور بالاستئناف على الحكم الأخير، ليتم تصعيد القضية إلى المحكمة البريطانية العليا، التى قضت بعدم عودة شميمة إلى البلاد فى النهاية. وبدأت حكاية عروس داعش البريطانية الشابة عام 2015، فكانت شميمة بيجوم إحدى المراهقات الأوروبيات اللواتى نجحت دعاية التنظيم فى استدراجهن، فهربت شميمة بيجوم الطالبة آنذاك بمدرسة بيثنال جرين فى لندن، بعمر 15 عامًا، مع اثنتين من زميلاتها فى المدرسة، إلى مدينة الرقة السورية، معقل الخلافة الداعشية المزعومة، وبعد وصولها إلى سوريا بعشرة أيام فقط، تم تزويج شميمة من أحد مقاتلى التنظيم وهو الهولندى ياجو ديريك. وبحسب ماكشفته قبلًا صحيفة التليجراف البريطانية، فقد تحولت بيجوم فى مدينة الرقة إلى عنصر فاعل بشرطة الأخلاق «النسائية» بتنظيم داعش الإرهابى، المعنية بمراعاة تطبيق الزى الإسلامى، وسمح لها بحمل الكلاشينكوف، وتم تكليفها أيضًا بصنع السترات الناسفة للانتحاريين بالتنظيم، كما تورطت بيجوم فى تجنيد العديد من الفتيات الأوروبيات الأخريات لصالح داعش، واستدراجهن إلى أراضى الخلافة الداعشية المزعومة، وكانت بيجوم تحوذ آنذاك راتبًا شهريًا من داعش تراوح ما بين 500 و1500 جنيه إسترلينى. لكن فى ظهورها الإعلامى نفت شميمة بيجوم المعلومات المتداولة عنها، وقالت إن دورها لم يتجاوز كونها ربة منزل، وزوجة لأحد مقاتلى التنظيم، وأنها لم تتورط فى أية جرائم أو أعمال وحشية، ارتكبها التنظيم، كما لم تكن عضوًا عاملًا فى البناء التنظيمى أو الترويجى للدولة الداعشية. وكان الظهورالإعلامى الأول لشميمة بيجوم، قبل ما يزيد عن العامين، قد أثار جدلًا حقوقيًا وبرلمانيًا واسعًا خاصةً فى بريطانيا، بشأن مصير بيجوم، كما فتح ملف المراهقات الأوروبيات فى صفوف تنظيم داعش وأبنائهن. وكشفت عروس داعش التى كانت حاملًا فى شهرها التاسع آنذاك أنها انتقلت من الرقة إلى الباغوز آخر معاقل التنظيم بسوريا، قبل سقوط دولته، وخسرت طفليها اللذان توفيا نتيجة لسوء الرعاية الصحية، وطالبت بيجوم من بريطانيا «الصفح» على ما اقترفته بالسفر لأراضى داعش، والسماح لها بالعودة إنقاذًا لحياة جنينها من مصير أطفالها السابقين، وأن الأوضاع فى مخيم الهول لن تكون مناسبة لتوفير الرعاية الصحية اللازمة للرضيع بعد ولادته. وهو ما أثار موجة كبيرة من التعاطف آنذاك مع الفتاة التى نجح التنظيم فى التغرير بها واستدراجها إلى أراضيه وهى لازالت مراهقة فى ال15 من عمرها. إلا أن شميمة صدمت الجميع بعد ذلك بتصريحات مصورة لقناة سكاى نيوز قالت خلالها إنها غير نادمة على الانضمام لداعش، رغم أية مخالفات ترى أن التنظيم قد ارتكبها، وأنها لم تقرر الهروب من الباغوز إلا بعد وفاة طفلها الأول. وبعد تلك التصريحات، كان قرار وزير الداخلية البريطانى آنذاك ساجد أجاويد حاسمًا، بسحب الجنسية البريطانية من شميمة بيجوم، واعتبار عودتها مرة أخرى للبلاد خطرًا على الأمن القومى، وأصر أجاويد على موقفه بقطع الطريق على الداعشيات البريطانيات فى العودة إلى البلاد مرة أخرى، رغم الانتفاضة الحقوقية الواسعة ضده بعد وفاة رضيع شميمة بيجوم بعد ولادته بثلاثة أسابيع بالفعل متأثرًا بالالتهاب الرئوى. المقاطع التى تتضمن التصريحات السابقة لشميمة بيجوم تم التقدم بها فيما بعد للمحكمة العليا للحيلولة دون عودتها مرة أخرى للبلاد، بالإضافة إلى تصريحات أخرى قالت فيها إنها لم تفزع من رؤية الرءوس المقطوعة فى سلة المهملات، ورأت أن ذلك أمر عادى. وذلك فى سياق إثبات أن قرارالجهات الرسمية البريطانية بعدم عودة شميمة بيجوم للبلاد، ليس قرارًا صادرًا ضد المراهقة ذات ال15 عامًا التى هربت من بريطانيا، ولكنه صادر بالحقيقة ضد المرأة الداعشية التى تزوجت من مقاتل داعشى، وعاشت خلال السنوات السابقة فى ظل التنظيم وأفكاره وممارساته المتطرفة وتدريباته العسكرية، ماقد يعرض الناس لخطر إرهابى محتمل وفقًا لمحامى المرافعة السير جيمس إيدى. والآن وبعد أن ظهرت شميمة بيجوم بمظهرها الجديد الذى تعلن به بلا مواربة خلعها لكل أفكار التنظيم، وطى صفحته بلا رجعة، فإنها أولًا تثير جدلًا جديدًا حول صدق هذا التحول، وكونه بالفعل انسلاخًا حقيقيًا من أفكار تنظيم داعش الإرهابى، أم أنه تغيير تكتيكى كنوع من الخداع لتحسين وضعها الرسمى والقانونى؟. والأكثر خطورة أن التغيير الجديد فى ملبس شميمة ومظهرها بعد خلعها النقاب والحجاب، يثير القلق بشأن سلامتها داخل المخيم وسط العديد من نساء داعش شديدات التطرف.