المؤسسة الدينية تحسم الحكم الشرعي فى "التراويح" فى ظل إغلاق المساجد والزوايا عندما اشتعلت أزمة فيروس كورونا فى العالم وبلغت ذروتها فى مصر، تدخلت الدولة فورا بوضع إجراءات احترازية مشددة، منها العمل على منع الاختلاط فى الشوارع والميادين وإلغاء المناسبات بجميع أشكالها، كما خاطبت المؤسسات المعنية وزارة الأوقاف لإصدار قرار عاجل بإغلاق المساجد والزوايا فى كل محافظات مصر. وخرج الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف بمجموعة قرارات، هى غلق المساجد والزوايا ومعاقبة الأئمة والمسئولين بالفصل والاستبعاد النهائى إذا خالفوا القرار، واحتفظ بمجموعة من القرارات المضاعفة كانت أكثر حزما مع بداية دخول شهر رمضان، لكنه تحفظ عليها مؤقتا لحين خروج الأزهر الشريف ودار الإفتاء لإعلان موقف الشرع رسمياً من طرق الصلاة خلال شهر رمضان فى ظل انتشار فيروس كورونا، خاصة أن عدد من يطلب الفتاوى بلغ 5 ملايين مواطن، ما يثير المخاوف من عدم القدرة على السيطرة على آرائهم التى من الممكن أن تضاعف أزمة الفيروس. المخاوف كانت بسبب مركز الأزهر للفتوى الالكترونية، واتخذ الأزهر احتياطاته وأرسل برقية للمسئولين عن المركز محذراً من إصدار أى فتوى تتعلق بالصلاة أو صيام رمضان قبل استشارة هيئة كبار العلماء والرجوع إليهم فى كل كبيرة وصغيرة، ودخل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب على الخط وأخبرهم بضرورة توخى الحذر عند إصدار أى إجابات تتعلق بالصوم والصلاة خلال شهر رمضان حتى تنتهى أزمة «كورونا». التحذير الثاني ذهب لأعضاء هيئة التدريس وأساتذة كليات جامعة الأزهر، حيث أكد رئيس الجامعة الدكتور محمد المحرصاوى على ضرورة عدم الدخول فى صلب الموضوع أو حتى إبداء الرأى فيه، مشدداً على أن الأمر كله متروك لفضيلة الإمام الأكبر وأعضاء هيئة كبار العلماء. وذهب تحذير آخر لأعضاء مجمع البحوث الإسلامية، مضمونه عدم جواز التحدث عن الصيام والصلاة فى ظل انتشار وباء كورونا إلا بتصريح رسمى من الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والالتزام الكامل بالبيانات الرسمية الصادرة من مشايخ كبار العلماء بالمبررات والنصوص الشرعية التى استندوا عليها لتأييد قرار وزارة الأوقاف. وجرى التأكيد على مراكز الفتوى فى دار الإفتاء المصرية وتحذير مشايخها من التحدث إلى وسائل الإعلام أو الإجابة عن الأسئلة التى تعرض عليهم المتعلقة بالصيام والصلاة فى شهر رمضان قبل عرضها على فضيلة المفتى الدكتور شوقى علام أولاً للبت فيها. «الفجر» تواصلت مع دار الافتاء لطرح بعض الأسئلة التى تشغل بال المسلمين قبل قدوم شهر رمضان المبارك، ومنها الموقف من صلاة الجماعة والتراويح والتهجد وأدعية رمضان فى ظل انتشار فيروس كورونا، خاصة أن صلاة التراويح من المبهجات التى ينتظرها المسلمون من العام للعام، حيث تشعرهم بمزيد من الروحانيات والطمأنينة، ومجرد سماعها من خلال مكبرات الصوت بالمساجد يشعر المسلمون بفرحة تشرح القلوب الحزينة. وقالت دار الإفتاء إن الظروف التى يمر بها العالم صعبة، وعلينا أن نتكاتف حتى يرفع الله عنا البلاء وأن قرار استمرار غلق المساجد حتى فى شهر رمضان الكريم هو قرار الغرض منه الحفاظ على أرواح الناس، وتجنب انتشار الفيروس وعلى جموع المسلمين عدم الانسياق وراء تحريض البعض على فتح المساجد، وعليهم ألا يخافوا من صلاة التراويح فى بيوتهم كونها جائزة مع أسرهم. وأوضحت أنه يجب الالتزام بقرارات الدولة التى تستهدف منها الحفاظ عليهم وعلى أرواحهم، والالتزام بها يعد واجباً شرعياً يضعه الله فى ميزان حسنات المؤمن، وله أجر ثواب صلاة المسجد والجماعة، موضحة أن دعوات البعض التحريضية بإقامة صلاة التراويح فوق الأسطح أو فى أحواش المنازل، أو تجميع مجموعة من الأشخاص للصلاة جماعة غير جائز شرعا، ويعتبر إثما بسبب المشاكل الصحية التى ستترتب عليها، ويزيد من انتشار الفيروس. لكن هناك الكثير من التساؤلات والفتاوى التى تتعلق بمرضى القلب والسكر والأمراض المزمنة، حيث نجد الكثير من المرضى بالرغم من معاناتهم ومرضهم يصومون رمضان بالكامل، رغم أن الصيام فى حالتهم قد يصيبهم بأزمات صحية بالغة، وعن هذا أكدت دار الإفتاء أن هناك بعض الأعذار المؤقتة، مثل عذر الدورة الشهرية عند النساء، وعلى كل امرأة فى هذه الفترة أن تفطر ولا يجوز مطلقا أن تصوم، وعليها بعد انتهاء العذر استكمال صيامها، وقضاء هذه الأيام بعد شهر رمضان الكريم، وأوضحت أن صوم رمضان فرض شرعى لايسقطه إلا السفر أو العجز عنه بمرض، أما أصحاب الأمراض المزمنة مثل القلب والسكر وغيرها، فالأمر يختلف بينهم ولكل مريض منهم حالة تختلف عن الآخر، موضحة أن الحالة المرضية هى التى يحددها الأطباء، وأن قرار الصوم من عدمه يرجع إلى الأطباء، وعلى المريض أن يطيع تعليمات الطبيب. وأضافت أنه إذا أفطر من يعانون من أمراض مزمنة، يجب عليهم القيام بالفدية، وهى إطعام مسكين مقابل كل يوم إفطار، وفقا للحالة المادية للمريض. أما فيما يخص حدث الساعة وهو فيروس كورونا، الذى رفع الجدل حول علاقة الصوم بانتشاره، أجابت الدار أن أمر المصاب برمته يعود للأطباء، وعلى المريض أن يستجيب لتعليمات الطبيب، وعدم الاستهتار أو التقليل من جدوى تلك التعليمات، ويجب عليه الالتزام بالنصائح العامة حتى يتم شفاؤه من هذا الفيروس اللعين، ويعد عدم الالتزام بتعليمات الطبيب خطأ فادحاً لا يجوز مطلقا. وأضافت أن الصوم لا يتسبب فى زيادة العدوى إذا أخذ الصائم كافة احتياطاته والتزم بكافة التعليمات الوقائية التى ينصح بها الأطباء ومنظمة الصحة العالمية، وفى هذه الحالة فإن الصيام فرض وواجب شرعى. كما طرحت «الفجر» سؤالاً حول هل هناك صلاة لرفع الوباء، وكانت الإجابة أن إقامة الصلاة لرفع الوباء أمر جائز شرعا، بشرط أن تكون صلاة عادية خالية من أى بدعة.