تتسلل في منتصف الليل بين ثنايا الطرق الزراعية بإحدى قرى الشرقية، حاملة على رأسها إناء كبير به العديد من الفطائر التي تعتاش منها، قاطعة مسافات طويلة لم يؤنسها شئ سوى نجوم السماء، حتى تصل إلى أحد أرصفة المترو بمحطة فيصل، التي تتخذها مقرًا لمشروعها الصغير، وبالرغم من رحلتها الشاقة حرصت عزة سليم على العودة مبكرًا للجنتها الانتخابية للإدلاء بصوتها في انتخابات الرئاسية2018. "انتخبت السيسي طبعًا" تقولها المرأة الخمسينية، بابتسامة هادئة تملأ وجهها، ويدها تقلب شطائر الفطائر، التي تجهزها كل ثلاثة أيام في الأسبوع لمساندة زوجها الذي يعمل "غفيرً" في إحدى الجهات الحكومية، ومرتبه الشهري لا يتجاوز الألف جنيه، لسد احتياجات أسرتهم التي تتكون من خمس بنات وولدين، وبالرغم من ارتفاع الأسعار وتطلبات الحياة أقوى منها، إلا أنها ترى الأمان التي تعيشه هي وأسرتها أهم بكثير. رغم تخطيها الخمسون عامًا، فإن لديها رغبة عارمة في استكمال مشروعها الصغير، وتؤكد أنها ما زالت تملك قوة وإصرارًا على أن تكفي احتياجات أسرتها:" باجي القاهرة 3 أيام في الاسبوع من الاثنين للأربعاء وطول الفترة دي ما بنامش ببدأ من الساعة 11 بالليل تجهيز حاولي 70 فطيرة وبفضل صاحية لحد الفجر لحد ما أوصل لمحطة المترو بعد ما أكون ركبت كذا موصلة.. ده غير اللي بمشية من العزبة بتاعتي لحد الموقف.. وده كله يهون بس عيالي يعيشوا دول بنات ومحتاجين كتير 3 منهم في التعليم، وجوزت واحده بمساعدة جوزي من الفطير، وربنا سترها.. وان كان على الأكل بتتقضى وعايشين". تتطل بوجهها المبتسم على يدها فتتذكر طريقا الطويل التي أنهكها، في عهد العديد من الرؤساء، لتستكمل" الإخوان والرئيس مرسي كانت العيشة مش بالغلى اللي احنا فيه.. بس كان في إرهاب وكل يوم نسمع عن قتل والواحدة كانت خايفة تطلع بناتها بالليل وكنت بروح معاهم الدروس.. دلوقتي بسافر للشغلي وبسيبهم يروحوا لوحدهم وفي أمان". تراودها عدة أمنيات ترجو تحققها، لذا حرصت على دورها في صفوف الناخبين لإدلاء بصوتها في الانتخابات الرئاسية، فتأمل بمستقبل أفضل لأبنائها في التعليم والصحة والمسكن "السيسي وعدنا ان ولادنا هتعيش كويس علشان كده سافرت بدري وبعت كل الفطير.. حتى وصل أن بعت أخر خمسة بسعر أرخص فالواحدة تتكلف 12 جنية وعلشان الحق دوري في الانتخابات بعت الأخرى الواحدة 10 جنيه والحمدلله لحقت اللجنة قبل ما تقفل.. وكنت منبه على جوزي وبناتي انهم ييرحوا ينتخبوا".