تراجع ملحوظ.. تعرف على سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الجمعة 10 مايو    أسعار السيارات الكهربائية تواصل الانخفاض.. تعرف على السبب    بلينكن سيقدم للكونجرس تقريرا "شديد الانتقاد" لإسرائيل    «القاهرة الإخبارية»: سقوط شهيد في قصف مدفعي غرب رفح الفلسطينية    ظاهرة غير متوقعة.. الأرصاد الجوية تحذر من طقس اليوم الجمعة    محامي: مصر تحتل المركز الخامس عالميا في المراهنات الإلكترونية    مرض ووفيات وعمليات جراحية.. أحداث الوسط الفني في أسبوع    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 10 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«الميزان» ومشاكل صحية ل«القوس»    دعاء يوم الجمعة مكتوب مستجاب PDF.. أدعية من القرآن الكريم للرحمة وجلب الرزق    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 10 مايو    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    القاهرة الإخبارية: «حماس» تٌخبر الفصائل الفلسطينية برفض الاحتلال مقترح الوسطاء    نجم الأهلي يطمئن جماهير الزمالك قبل موقعة نهضة بركان    محامي حسين الشحات يعلن مقاضاة بيراميدز بسبب بيان قضية محمد الشيبي    عمرو يوسف ويسرا وكريم السبكي يكشفون كواليس «شقو»    أعداء الأسرة والحياة l صرخات نساء «تجار الدين» أمام محكمة الأسرة    أعداء الأسرة والحياة l خبراء وائمة فرنسيون : الإخوان والسلفيين.. شوهوا صورة الإسلام فى أوروبا    أحمد العوضي يحسم أمره بشأن العودة لياسمين عبدالعزيز.. ماذا قال؟    يحطم مخطط التهجير ويهدف لوحدة الصف| «القبائل العربية».. كيان وطني وتنموي داعم للدولة    اليوم| قطع المياه لمدة 8 ساعات عن بعض مناطق الحوامدية.. تعرف على الموعد    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس المتوقعة اليوم الجمعة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    أسرار «قلق» مُدربي الأندية من حسام حسن    أتالانتا يتأهل لنهائي الدوري الأوروبي بثلاثية أمام مارسيليا    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    أشرف صبحي يناقش استعدادات منتخب مصر لأولمبياد باريس 2024    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية عسكرية ل"حزب الله" بجنوب لبنان    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    التنمية المحلية: 9 آلاف طلب تصالح على مخالفات البناء خلال يومين    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    الافضل | جائزة جديدة ل بيرسي تاو قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    بالأغاني الروسية وتكريم فلسطين.. مهرجان بردية للسينما يختتم أعماله    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    ضبط المتهم بالشروع في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    بشرى للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر للقطاعين العام والخاص    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجدل الثقافي حول "مسلسل الجماعة" يؤكد أهمية الدراما التاريخية
نشر في الفجر يوم 21 - 06 - 2017

من بين نحو 35 مسلسلا تلفزيونيا في سياق ما يعرف "بماراثون الدراما التلفزيونية الرمضانية" تشهد الساحة الثقافية المصرية جدلا بشأن الجزء الثاني من "مسلسل الجماعة" فيما يؤشر هذا الجدل حول المسلسل الذي كتبه وحيد حامد لأهمية الدراما التاريخية.
واذ رأى المخرج محمد فاضل ان الأعمال الدرامية هذا العام افضل من العام السابق فقد ذهب في مقابلة صحفية الى وجود "اخطاء متعمدة في مسلسل الجماعة" ومنها علاقة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بجماعة الاخوان .
وقال محمد فاضل لجريدة الأهرم :"وحيد حامد من اكبر المؤلفين ولذلك فان اي خطأ عنده ليس كخطأ اي مؤلف اخر وما أثير حول المسلسل ادى من وجهة نظري الى عزوف البعض عن مشاهدته" ، فيما اعتبر مثقف مصري اخر هو المحامي ثروت الخرباوي ان "وحيد حامد ظلم جمال عبد الناصر".
ومع عرض الجزء الثاني من هذا المسلسل المثير للجدل على شاشة الدراما الرمضانية هذا العام ، قال القيادي السابق في جماعة الاخوان ثروت الخرباوي ان هناك اخطاء تاريخية وقع فيها مؤلف مسلسل الجماعة مؤكدا أهمية اظهار "الضلال الفكري والجانب الظلامي لجماعة الاخوان". وثمة كتابات وتصريحات وأقوال للرئيس الراحل جمال عبد الناصر يشير فيها الى انه في مرحلة شبابه الباكر واهتمامه بالشأن العام حاول الاقتراب من احزاب وتنظيمات عديدة من بينها جماعة الاخوان للتعرف على افكارها ومدى جديتها في العمل الوطني دون ان ينتمي تنظيميا لأي من هذه الأحزاب والتنظيمات التي لم يجد فيها مايتفق مع رؤاه ومبتغاه.
ومع اعلانه عن كتاب جديد له سيصدر قريبا يرد فيه على الاتهامات التي جاءت في المسلسل ، وصف ثروت الخرباوي مايتردد عن انتماء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مرحلة من مراحل حياته لجماعة الاخوان- كما يشير هذا المسلسل التلفزيوني- بأنه امر "عار تماما من الصحة".
وتابع :"تحققت كثيرا من تلك الواقعة ولم اجد لها اي اثبات" فيما اعاد للأذهان ان عناصر جماعة الاخوان الارهابية هي من كانت تروج لهذا الأمر غير الحقيقي.
وفيما باتت الدراما التاريخية "عنصرا أساسيا في الوجبة الابداعية التلفزيونية" على حد قول الكاتب والمفكر المصري سمير مرقس، فانه يرى ان طبيعة الأمور هي "الاختلاف وانه ليس من الطبيعي أو المنطقي ان يحظى العمل الدرامي أو الفني بالإجماع".
وكان بعض الكتاب والمعلقين الذين رفضوا بشدة ماجاء في الجزء الثاني لمسلسل "الجماعة" حول عضوية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في جماعة الاخوان قد اقترحوا في سياق تأكيدهم أهمية تصحيح التاريخ وحماية مصداقية المعرفة ان تقوم جهات مثل "الجمعية التاريخية المصرية" باصدار بيان يصحح المعلومات ويستند الى الحقائق والوثائق.
وبلغت التساؤلات عند بعض من وصفوا ما ورد في الجزء الثاني من المسلسل التلفزيوني "بالافتراءات على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وثورة 23 يوليو 1952 والتاريخ" حد القول :"هل يمكن ان يتدخل القانون لمنع عرض مسلسل الجماعة لما فيه من تزييف للوقائع" ؟.
وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي تعرض غير مرة لاستهداف حياته من جماعة الإخوان قد وصف تلك الجماعة الارهابية بأنها "متعصبة" كما رفض بشدة محاولاتها فرض الوصاية على ثورة 23 يوليو .
ولئن اعتبر سمير مرقس ان من حق المبدع "اختيار زاوية المعالجة التي يرى انها تحقق له تطلعاته الابداعية" فمن المآخذ المتعددة لكتاب ومعلقين في الصحف ووسائل الاعلام على مؤلف مسلسل "الجماعة" وحيد حامد انه اعتمد على مصادر ومراجع كتبها منتمون لجماعة الاخوان فيما يؤكد السيد سامي شرف مدير مكتب المعلومات الأشهر للرئيس الراحل جمال عبد الناصر ان الزعيم الراحل "لم يكن ابدا عضوا بجماعة الاخوان ولكنه كان متصلا بكل التيارات السياسية على الساحة المصرية بهدف التعرف عليها.
والى جانب ما اعتبره حلقة جديدة في مسلسل النيل من ثورة 23 يوليو وقائدها جمال عبد الناصر انتقد الكاتب احمد الجمال بشدة مسلسل الجماعة وما وصفه "بغطرسة المؤلف والمؤرخ المسؤول عن مراجعة المادة التاريخية للمسلسل".
غير ان الكاتب والمعلق الدكتور وحيد عبد المجيد يرى ان من وجهوا انتقادات للجزء الثاني من "مسلسل الجماعة" انما يخلطون بين "الدراما التاريخية من حيث هي عمل فني" وبين "التاريخ بوصفه علما اجتماعيا".
وقال وحيد عبد المجيد ان "صانع الدراما التاريخية لا ينقل أحداثا ووقائع"، فهو ليس "عملا توثيقيا"، موضحا ان "العمل الدرامي له معاييره الفنية والجمالية"، ومشيرا في الوقت ذاته لاشكالية غياب الوثائق التي "تساعد في الوصول إلى يقين".
ولئن أكد مثقف مصري بارز مثل سمير مرقس أهمية "الدراما التاريخية وضرورة فتح حوار يدفعنا للتأمل في دروس التاريخ وكيفية الاستفادة منها في واقعنا وحاضرنا لصنع مستقبل أفضل، فقد يكون رأيه بشأن الدراما التاريخية موضع جدل بعد ان ذهب إلى أن "الدراما التاريخية لا تؤسس للذاكرة التاريخية".
فهذا الرأي الذي قد يختلف معه البعض من منظور الواقع العملي وقوة تأثير الشاشة في تشكيل وعي الجماهير، يقول صاحبه سمير مرقس ان الدراما التاريخية ليست مصدرا تاريخيا وانما "نافذة نطل منها على التاريخ ومصادره ومدوناته".
وفيما اثارت الدراما التلفزيونية الرمضانية في السنوات الأخيرة جدلا ثقافيا ملحوظا، فان الكثير من هذا الجدل دار حول اعمال متصلة بالدراما التاريخية مثل مسلسل "صديق العمر" وكذلك المسلسل التلفزيوني "حارة اليهود".
وفيما يؤيد سمير مرقس "التنوع" يذهب وحيد عبد المجيد الى ان هذا النوع من الجدل الذي يحاكم فيه مسلسل تلفزيوني "كما لو انه عمل وثائقي او توثيقي وليس عملا فنيا" سيتكرر "ما دمنا نخلط بين التاريخ من حيث هو علم اجتماعي والدراما بصفتها عملا فنيا".
وأوضح عبد المجيد انه بخلاف المؤرخ أو الباحث في التاريخ، فالمطلوب من صانع الدراما التاريخية أن "يقدم عملا فنيا جميلا مستقى من التاريخ ولكنه قائم على رؤية ابداعية يلعب فيها الخيال دورا رئيسيا".
وكان الكاتب المسرحي بهيج اسماعيل قد أشاد بمسلسل "حارة اليهود"، معتبرا أنه "مسلسل مدروس كتابة واخراجا وتمثيلا"، فيما كان الكاتب والروائي يوسف القعيد من بين فريق من المثقفين المصريين أبدوا عدم ارتياح حيال هذا المسلسل.
وبينما رحب الدكتور مدحت العدل مؤلف هذا العمل الدرامي بالنقد دون تصيد الأخطاء، مؤكدا أن ما يعنيه في المقام الأول هو "امتاع المشاهد"، اتخذ الكاتب أسامة الألفي موقفا بالغ الحدة ضد هذا المسلسل التلفزيوني معتبرا أنه يصب في خانة "تزوير التاريخ"، وقال إنه لا يرى له هدفا أو مغزى "يصب في صالح مصر وشعبها".
وواقع الحال أن هناك نقادا أشاروا إلى أن صدق رواية الحدث التاريخي لا يكبل خيال المبدع أو يحول دون ظهور عمل درامي تلفزيوني ناجح ويحظى بنسب مشاهدة عالية، كما ان الصواب لا يجانب هؤلاء الذين قالوا إنه لا ينبغي اختزال أي حدث تاريخي في البعد السياسي؛ لأن هذا البعد محكوم في نهاية المطاف بمحددات ثقافية وشروط اقتصادية ومعطيات اجتماعية.
وهذا الجدل الذي تجدد هذا العام مع مسلسل "الجماعة" كما أثير من قبل حول المسلسل التلفزيوني الرمضاني "صديق العمر" الذي تناول أهم شخصيتين في ثورة 23 يوليو، كما أثير حول مسلسل "حارة اليهود" انما يؤشر إلى أهمية الدراما التلفزيونية والحاجة إلى نقد تاريخي موضوعي.
وإذا كانت هذه الدراما هي التي شكلت الوجدان المصري والعربي لسنوات طويلة فمن المفيد الآن استعادة ما قاله المؤرخ الأمريكي هوارد زن في كتابه "قصص لا تحكيها هوليوود أبدا"، أن مهمة المبدع سواء كان يكتب أو يخرج أو ينتج أو يمثل في أفلام أو يعزف موسيقى، ليست فحسب إلهام الناس وتقديم السعادة لهم وإنما تعليم الجيل الصاعد أهمية تغيير العالم.
وإذا كان المخرج الايطالي انطونيني هو صاحب مقولة إن "أكثر ما يثير انتباهي في هذا العالم هو الانسان وتلك هي المغامرة الوحيدة لكل منا في الحياة"، فللدراما المصرية ان تركز على هذا الانسان وان تتطور اكثر خاصة وان الجماهير المصرية والعربية تؤازرها .
ومن نافلة القول اننا بحاجة لدراما تلفزيونية مختلفة عن اعمال وصفت بأنها "قد شوهت التاريخ وافسدت ذاكرة الأجيال الجديدة" ناهيك عن اعمال تنضح بمظاهر الانفلات الاخلاقي ولاتعبر عن جوهر وحقيقة الشخصية المصرية.
نعم نحن بحاجة لاستلهام صحيح للأحداث التاريخية لتتحول بقدرة كاتب الدراما الى مواقف وشخصيات في سياق رؤية ابداعية وطنية تعزز ادراك الأجيال الجديدة والصاعدة بالتاريخ المجيد لهذا الوطن وتضحيات الآباء والأجداد بقدر ماتخدم المستقبل وترسخ الثقة بالذات المصرية.
في تلك اللحظات لابد من وضوح الرؤية لتبقى مصر دوما منارة للابداع والجمال.. الوطن الذي شهد ثورتين عظيمتين في ثلاث سنوات يتطلب دراما تعبر عن اللحظة المصرية والهاماتها.. دراما عن الإنسان المصري الذي يقدم للدنيا أمثولة مصرية لا تموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.