جمل كثيرة تتناقل على ألسنة المصريين، نرددها دون معرفة معناها أو السبب التي قيلت فيه، تلك الجمل أصبحت ضمن موروثاتنا التي تتخذها الأجيال من بعدنا ليرددونها هم أيضًا في المناسبات التي نرددها فيها دون البحث عن القصة الحقيقة وراء تلك الجمل والأمثال. في هذا التقرير نرصد لكم، قصص عدد من الأمثال الشعبية التي تتناقلها ألسنة المصريين.
أقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها يرتبط ذلك المثل الشعبي بالفتاة ووالدتها ومدى تشابههما ببعض، وتعود قصته إلى امرأة كانت قلقة على مستقبل ابنتها, فأرادت أن تعرف كل شيء عن حياة ابنتها قبل زواجها بفترة قصيرة, وبالفعل ذهبت المرأة مع ابنتها إلى العرّافة التي تقرأ الطالع باستخدام الحصى والرمل والجرّة، فوضعت العرافة الحصى داخل الجرّة, وقامت بقلبها على فمها، فخرجت من الجرّة حصوة صغيرة وأخرى كبيرة، فقالت العرّافة للمرأة "إن ابنتك ستكون مثل أمها ولودة ودودة"، وأضافت: "اقلب الجرّة على فمها بتطلع البنت لأمها".
اللي ميعرفش يقول عدس يقال ذلك المثل عندما يكون الشخص يتعامل مع أفراد يجهلون حقيقة الأمر ويتحدثون عنه بجهل غير حقيقي، وترجع قصته إلى تاجر يبيع في دكانه العدس وكان يثق بزوجته ثقة عمياء، فتركها يومًا بالمتجر وذهب ليتفق على شحنة جديدة من العدس وحين عاد وجد زوجته تخونه مع شاب بالمحل، فانتفض الرجل وأخذ يجري وراء الشاب الذي لاذ بالفرار بمجرد رؤيته للزوج، فتعثر في شوال العدس فوقع الشوال بكل ما فيه. وعندما شاهده الناس ظنوا أنه يسرق العدس ليأكل وانتقدوا التاجر لقسوته مع الشاب وقالوا له: "كل هذا الجري من أجل شوال عدس؟ أما في قلبك رحمة و لا تسامح؟"، فرد التاجر، الذي عجز عن الإفصاح عن الحقيقة المشينة، بالعبارة الشهيرة قائلًا: "اللي ميعرفش يقول عدس".
اللي اختشوا ماتوا تقال تلك الجملة على المرأة التي تتصرف وسط العامة ببجاحة، وترجع قصتها أنه في أحد الأيام في زمن الحمامات التركية القديمة اعتادت النساء على الاستحمام فيها، وفي أحد الأيام نشب حريق هائل بأحد الحمامات، فهرولت بعض النساء بملابس الاستحمام لتنجو، في حين خجلت الأخريات من الخروج بهذا الشكل، فكان مصيرهن الموت داخل الحمام، لينتشر بعدها مثل "اللي اختشوا ماتوا".
آه..ما هي كوسة تستخدم كلمة "كوسة" للتعبير عن المحاباة، والقصة الحقيقة للمثل ترجع إلى عصر المماليك، حين كانت تقفل أبواب المدينة كلها ليلًا، ولا يسمح لأحد بالدخول وكان التجار ينتظرون حتى الصباح لكي يدخلون المدينة ويتاجرون ببضاعتهم، ولكن ثمة استنثاء كان يمنح لتجار "الكوسة"، وذلك لأن الكوسة من الخضروات سريعة التلف، ولذا كان يسمح لبائعي الكوسة فقط بالدخول والمرور من الأبواب، فحدث وصاح أحد التجار بصوت عالِ قائلًا "اه ما هي كوسة".
المتعوس متعوس ولو علقنا على رأسه فانوس تقال تلك الجملة على الشخص الذي يلاحقه النحس ويبعد الحظ عنه، وتعود قصتها لأخوين أحدهما غني والثاني فقير، فقرر الغني في أحد الأيام أن يرسل لأخيه المال بشكل غير مباشر، لكي لا يحرجه فألقى في طريقه سرة من النقود، وانتظر أن يأتي له بخبر العثور على نقود في الطريق، لكن أخاه أخبره أنه قرر أن يأتي مغمضا عينيه هذا اليوم، فقال الأخ الغني: "المتعوس متعوس ولو علقنا على رأسه فانوس".
جيه يكحلها عماها عندما تكون تحاول الصلح بين شخصين وبدلاً من أن تحل المشكلة بينهما تفسدها يقولون لك: "جيت تكحلها عميتها" كناية عن الفعلة التي فعلتها وفسدت منك، وترجع أصل تلك الجملة لرجل في البادية كان يشك في زوجته أنها تحب رجل آخر لعدم حديثها معه، فقام بالذهاب إلى عرافة التي نصحته بأن يقوم بإحضار أفعى ويقوم بلفها على رقبته لإهام زوجته أنه ميت، فعندما جاءت الزوجة توقظه رأت الأفعى حول رقبته وهو لا يتحرك ظنت أنه مات وقامت بالصراخ والعويل عليه حينها تأكد الرجل من حب زوجته له، فاستيقظ وحضنها لكنها بسبب فعلته طلبت منه الطلاق فقيل له "جيه يكحلها عماها".
رجعت حليمة لعادتها القديمة تصف تلك الجملة الشخص الذي يكون معتاد على عادة سيئة وتوقف عنها وبعد فترة عاد إليها مرة أخرى، وتعود قصة المثل لحليمة زوجة حاتم الطائي الذي اشتهر بالكرم كما اشتهرت هي بالبخل، كانت إذا أرادت أن تضع سمناً في الطبخ، أخذت الملعقة ترتجف في يدها من شدة البخل، فأراد حاتم أن يعلمها الكرم فقال لها:"إن الأقدمين كانوا يقولون إن المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن في طنجرة (حلة) الطبخ، زاد الله بعمرها يوماً"، فأخذت حليمة تزيد ملاعق السمن في الطبخ حتى صار طعامها طيباً وتعودت يدها على السخاء، ولكن حين مات ابنها الوحيد الذي كانت تحبه أكثر من نفسها، حزنت حزنًا شديدًا وجزعت حتى تمنت الموت، وأخذت لذلك تقلل من وضع السمن في الطبخ حتى ينقص عمرها وتموت، فقال الناس، رجعت حليمة لعادتها القديمة.
إحنا دفنينه سوا "إحنا دفنين سوا"..عندما يتحايل عليك شخص وأنت تعلم حقيقته تقول تلك العبارة، التي ترجع قصتها إلى تاجران أحدهما اسمه نائل اللئيم، والثانى اسمه عطية أبوالمفاهيم، بائعين زيت يبيعان بضاعتهما على حمار، وفي يوم من الأيام مات الحمار فظنا أن تجارتهما توقفت، فاقترح أحدهما أن يدفنا الحمار ويشيدان فوقه مقام، ويدعيان أنه ضريح أحد أولياء الله الصالحين، ليأتي إليه الناس بالقرابين، وفي أحد الأيام سرق أحدهم القرابين دون مشاركة صاحبه، فهدده الثاني بأن يدعو عليه صاحب المقام، فضحك الأول قائلا: "أي صاحب مقام! إحنا دفنينه سوا".