لم يأت وصف الإسرائيليين لعصر الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما ب«الأسود» من فراغ، فهو الذى رفض طوال فترة ولايته توريط الولاياتالمتحدة فى أى حرب ضد إيران، فى ظل الضغط المكثف الذى مارسته عليه حكومة «نتنياهو» علاوة على الضغوطات السياسية التى حاصرته بها الجماعة اليهودية بالكونجرس «إيباك». لم يرضخ «أوباما» أمام كل ذلك، بل على العكس.. تبنى بنفسه الاتفاق النووى الذى تم منتصف عام 2015 بين الدول الكبرى وإيران، وهى الخطوة التى تسببت فى نشوب خلافات أدت إلى حدوث قطع غير رسمى للعلاقات بين واشنطن وتل أبيب، وبالتالى تدهور العلاقات الدبلوماسية بين بنيامين نتنياهو وباراك أوباما. المؤشرات الأولية الآن بعد تولى دونالد ترامب الحكم فى الولاياتالمتحدة تشير إلى أن تل أبيب ستضغط مجددًا وبقوة لفتح ملف قصف المفاعلات النووية الإيرانية، على طريقة قصفها لمفاعل «تموز» العراقى فى يونيو عام 1981، ومن المؤكد أن تشهد الفترة المقبلة استغلالا من الإسرائيليين لوجود الرئيس الأمريكى الجديد، الذى أعلن من قبل رفضه التام للاتفاق النووى الذى تمتد صلاحيته ل15 عاماً. ونص ذلك الاتفاق على تقليص طهران لمخزون اليورانيوم المُخصب لديها بنسبة 98%، وتقليل عدد أجهزة الطرد المركزية التى تمتلكها، بحوالى الثُلثين، على أن تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3,67%، وألا تقوم أيضًا ببناء منشآت للتخصيب أو مفاعلات الماء الثقيل طوال فترة الاتفاق، ومع نهاية الاتفاق بإمكانها أن تقوم بعمليات التخصيب بالكميات المطلوبة لتصنيع القنابل النووية، علاوة على رفع العقوبات الدولية التى فُرضت عليها طوال السنوات الماضية فور تفعيل الاتفاق. وبعد توقيع الاتفاق بأيام قليلة، كلف بنيامين نتنياهو جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «موساد» بتتبع نشاطات المشروع النووى الإيرانى بدقة شديدة، من أجل تصيد الأخطاء للنظام الإيرانى، وإثبات عدم التزام طهران بالبنود المتفق عليها كأحد شروط إلغاء الاتفاق النووى، وإلى الآن طهران ملتزمة ولم يثبت عليها أى إخلال ببنود الاتفاق. رغم كل ذلك هناك تكهنات بمحاولة تدخل «ترامب» لإلغاء الاتفاق، ودعم ذلك تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» تعليقًا على التجربة التى قامت بها طهران الأسبوع الماضى، بعدما أطلقت صاروخ «باليستياً» له القدرة على حمل رأس نووى، قال خلالها: «إيران تلعب بالنار، وأنا لست لطيفاً مثل أوباما»، بعد التغريدة مباشرة أكد الرئيس الأمريكى لمجموعة من المراسلين أن جميع الخيارات متاحة فى هذا الأمر، كان ذلك ردًا على سؤال حول لجوء واشنطن للحل العسكرى كرد على تجربة الصواريخ الإيرانية. ويبدو أن الطريق هذه المرة ممهدًا أمام إسرائيل للحصول على الدعم الأمريكى عسكريًا ودولياً لقصف المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما أكده بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفى أجراه مع الرئيس الأمريكى الجديد، كشف تفاصيله فيما بعد، حيث قال إن «ترامب» يدرك جيدًا مدى الخطر الذى يكمن فى الاتفاق النووى، وأن الرئيس الأمريكى اعترف بالخطر الذى يهدد إسرائيل من جانب إيران فى ظل تهديداتها المستمرة بالقضاء على إسرائيل وتدميرها. وقامت إسرائيل مؤخرًا باستعدادات عسكرية من نوع خاص، عن طريق تسريع معدلات بناء منظوماتها الدفاعية، وإلحاقها بالجيش الإسرائيلى تحسباً لهجمات الصواريخ الإيرانية الخطيرة، بعد بدء الهجوم على منشآتها النووية، فبعد تأكدها من نجاح منظومة القبة الحديدية فى التعامل مع الصواريخ قصيرة المدى، تسلمت هيئة الدفاع الجوى الإسرائيلية قبل أسبوعين منظومة صواريخ «حيتس3»، التى تم تطويرها داخل هيئة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وتم التخطيط لها منذ البداية أن تشكل طريقة الحماية الأولى لسماء إسرائيل من تهديد الصواريخ الباليستية المحملة برءوس غير تقليدية. وصواريخ «حيتس3» واحدة من أفضل الصواريخ الدفاعية الاعتراضية فى العالم، إذ لها القدرة على اعتراض وقصف الصواريخ بعيدة المدى من خارج الغلاف الجوى، وطورت إسرائيل منظومة صواريخ «حيتس2» المسئولة عن اعتراض الصواريخ الباليستية على شاكلة صواريخ «شهاب» الإيرانية أو «سكود» السورية، وتم إلحاقها أيضاً بمنظومة الدفاع الجوى العام الماضى. وقبل أشهر استعان الجيش الإسرائيلى بمنظومة «مقلاع داود» الدفاعية، التى ستتيح تغطية المنطقة الواقعة بين منظومتى القبة الحديدية وصواريخ «حيتس21»، وهى مجهزة لصد الصواريخ الباليستية متوسطة المدى وصواريخ المدفعية الصاروخية بعيدة المدى، وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية قبل أيام نجاح التجارب التى أُجريت على صواريخ منظومة «العصا السحرية» الدفاعية لاعتراض الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، وذلك بمشاركة من هيئة الدفاع الصاروخى الإسرائيلية «حوما» وبين الوكالة الأمريكية للدفاع الصاروخى. وفى خطوة مفاجئة أجرى رئيس الأركان الإسرائيلى «أيزنكوت» تعديلا على قيادة الجبهة الداخلية، بتعيين قائد جديد لها هو العميد تامير يادعى، كما نقل القائد السابق يوئيل ستريك لقيادة الجبهة الشمالية، وبرر رئيس الأركان الإسرائيلى ذلك بأن قيادة الجبهة الداخلية احتلت مكانًا مركزيًا فى الجيش الإسرائيلى نظرًا لأهميتها القصوى لأمن إسرائيل خلال العقود الثلاثة الأخيرة.