ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    موعد مباراة الأهلي ضد الهلال اليوم الإثنين 6-5-2024 في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجمات إسرائيل ضد سوريا.. وتهديداتها بضرب إيران
نشر في البوابة يوم 01 - 12 - 2012

· لم تكن مصادفة أبدًا أن يتزامن خلال الأسابيع الأخيرة من شهر أبريل وأوائل شهر مايو الماضي وقوع عدة أحداث في البيئة الشرق أوسطية تشمل “,”إسرائيل وسوريا وإيران ودول الخليج“,” تمثلت أولًا في زيارة وزير الدفاع الامريكي تشاك هيجل الذي تولى منصبه حديثًا في يناير الماضي لعدة دول في المنطقة لأول مرة شملت إسرائيل ومصر والأردن والسعودية ودولة الإمارات، والتي أعلن خلالها عن صفقات أسلحة أمريكية لهذه الدول قيمتها 10 مليارات دولار، تحظى منها إسرائيل بالنصيب الأكبر من الأسلحة الأكثر تطورًا في العالم، تزامن ذلك مع دراسة أصدرها الكاتب الأمريكي المعروف “,”أنتوني كوردسمان“,” من المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية ( CSIS ) حول القضية النووية الإيرانية، أكد فيها أن إيران صارت اليوم في مدى الصواريخ البالستية الإسرائيلية المحملة برؤوس هيدروجينية، ثم كانت الهجمات الجوية الإسرائيلية المتتالية خلال يومين في 5 و6 مايو، والتي تم خلالها قصف 40 هدفًا عسكريًا سوريًا في ضواحي دمشق دفعة واحدة، شملت مستودعات صواريخ بالستية وأرض/أرض ومراكز بحوث كيماوية، عندما يحدث كل ذلك وغيره متزامنًا خلال فترة قصيرة، لا بد أن يستنتج معه أن هذه الأحداث إنما تمهد الأرض لحدث كبير ذات أهمية استراتيجية خطيرة بالنسبة لإسرائيل، وأعني به ما تنبأ به خبراء سياسيون واستراتيجيون عن قرب قيام إسرائيل بضرب البرنامج النووي الإيراني في نهاية 2013 أو بداية 2014 بعد أن وصل هذا البرنامج إلى نقطة اللاعودة في استكمال بناء السلاح النووي الإيراني.
· وتقف الولايات المتحدة وإسرائيل بطرق وأساليب مختلفة في وجه التوسع النووي الإيراني، لما يسببه من مخاطر على حالة السلام الهش القائمة في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يعني ضمنيًا في النظرة الإسرائيلية أن الإيرانيين بذلك إنما يخاطرون ببقائهم، إذا ما شن الآخرون ضربات مسبقة ضدهم، بعد أن ثبت فشل المناورات السياسية الإيرانية في خداع العالم بأنهم يسعون لكسب الوقت من خلال إحداث انفراجة في الأزمة من خلال التفاوض مع مجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا، وأيضًا المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، والتي تدور منذ سنوات في حلقات مفرغة في وقت يتزايد فيه حجم اليورانيوم المخصب في إيران، وبدرجة تخصيب عالية (20%). لذلك فإن السباق الجاري حاليًا بين التسلح النووي والصاروخي والجوي الإسرائيلي وبين البرنامج النووي الإيراني، يتصاعد في كل دقيقة تمر ويقترب من علامة نهاية السباق، خاصة مع زيادة حدة التوتر العصبي في الجانبين، وكما تشير الأمور الآن فإنه مع بداية صيف عام 2013 ليس من المستبعد وحتى نهاية حدة التوتر العصبي في الجانبين، أن تنشب حرب.. إما بمبادأة من جانب إسرائيل أو أمريكا أو كلاهما معًا، أما البديل عن ذلك فهو أن تقبل كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بإيران نووية.
· وقد ظهرت دراسة أمريكية صدرت في 25 أبريل الماضي 2013 للكاتب “,” Amir Rappaport “,” أن كل الأراضي الإيرانية صارت اليوم في مدى الصواريخ الإسرائيلية، والتي بقصفها يمكن أن تتسبب في قتل مئات الآلاف من الإيرانيين، وأنه ليس من المستبعد نشوب حرب في أواخر عام 2013، سواء بمبادرة من إسرائيل وحدها، أو من أمريكا وحدها، أو من الاثنين معًا ضد إيران، وإن كانت إسرائيل لم تعترف بذلك رسميًا حتى الآن، ولكنها في الواقع تجهز وتعد نفسها لاحتمال قيامها بقصف إيران بقنابل وصواريخ تقليدية وفوق تقليدية، وأيضًا احتمالات تعرض إسرائيل لقصف صاروخي إيراني برؤوس تقليدية وفوق تقليدية.
· وفى تصريح أخير لمدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق الجنرال احتياط “,”عاموس يادلين“,”، قال فيه: “,”يبدو أن ما حذَّر منه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العام الماضي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول خط أحمر في البرنامج النووي الإيراني ينبغي على إيران عدم الاقتراب منه، يبدو أن إيران قد عبرته فعلًا في الآونة الأخيرة، وهو ما تشير إليه متابعة المعلومات الاستخباراتية التي تخرج من إيران، فضلًا عن الصور الفضائية التي تتابع ما يجري من تغيرات في المنشآت النووية الإيرانية، لاسيما منشأتي تخصيب اليورانيوم في “,”ناتانر“,” و“,”فاردو“,”، وهو ما يعني أن إيران على وشك أن تكون العضو السادس عشر “,”16“,” في النادي النووي الدولي، وأن تعلن عن ذلك عالميًا في أي وقت تختاره من خلال إجراء أول تجربة نووية لها، كما فعلت الهند عام 1974، وباكستان عام 1998.
لعبة الخطوط الحمراء..
· نُشرت مؤخرًا دراسة جديدة لواحد من أبرز المحللين الاستراتيجيين في العالم “,”أنتوني كوردسمان“,” في المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية بأمريكا ( CSIS ) حول القضية النووية الإيرانية، ألقت ضوءًا جديدًا على ما أطلق عليه كوردسمان “,”لعبة الخطوط الحمراء“,”، والتي يشترك فيها هذه الأيام كل من إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، فقد قال كوردسمان إنه في ضوء التحضير الإيراني للدخول في “,”العصر النووي الإيراني“,”، فإن إسرائيل في المقابل قد عملت خلال السنوات الأخيرة من أجل زيادة مدى صواريخها البالستية لتغطي كل مناطق التجمعات السكانية الرئيسية والكثيرة في إيران، وبما يشكل تهديدًا لها، رغم كونها لا تشكل تهديدًا نوويًا لإسرائيل، بمعنى آخر أن الضربات الصاروخية والجوية الإسرائيلية ضد إيران لن تقتصر فقط على المنشآت النووية والصاروخية والعسكرية فيها “,”وهي أهداف القوة المضادة“,”، بل ستشمل أيضًا المدن الإيرانية المكتظة بالسكان “,”أهداف القيمة المضادة“,”، وذلك كنوع من الردع للتمدد النووي والصاروخي الإيراني، وهو التمدد الذي يشكل في نظرة إسرائيل تهديدًا لمناطقها السكانية وأهدافها الاستراتيجية الحيوية التي تزدحم بها المنطقتان الساحلية والوسطى في إسرائيل.
· وقد أكد كوردسمان في دراسته أن إيران صارت اليوم في مدى الصواريخ البالستية الإسرائيلية المحملة بالرؤوس الهيدروجينية، ليس فقط رؤوسًا تقليدية، وهو ما يعنى من الوجهة الاستراتيجية أن إسرائيل مستعدة للحرب ضد إيران بصواريخ بالستية ذات رؤوس “,”إندماج نووي“,”، والتي قدرة كل منها تساوي مئات المرات قدرة الرؤوس التي تعمل بنظرية “,”الانشطار النووي“,” العيارية والتي تقتصر قدرتها على إحداث تفجير بقوة 20 كيلو طن “,”20.000 كيلو جرام مواد متفجرة T.N.T “,” وأن هذه الرؤوس الاندماجية النووية الإسرائيلية يمكن طبقًا لتقارير أجهزة المخابرات الغربية إطلاقها من منصات صواريخ أرضية، أو قاذفات قنابل، أو صواريخ كروز من الغواصات “,”دولفين“,”، والتي سبق لها أن أبحرت في تجربة ميدانية إلى خليج عمان للتدريب على مهمة ضرب إيران من هناك، وتملك إسرائيل ثلاث غواصات من هذا الطراز الألماني، وستحصل على الغواصة الرابعة في هذا العام، كما تعاقدت مع ألمانيا على تصنيع غواصتين أخريين ليكون إجمالي ما لديها ست “,”6“,” غواصات في عام 2015.
· ومن المعروف أن إسرائيل قد سبق لها أن أطاحت ببرنامجين نوويين في العالم العربي، فقد قصفت جوًا في عام 1981 المفاعل النووي العراقي “,”أوزيراك“,” ودمرته، كما هاجمت جوًا أيضًا المفاعل النووي السوري في دير الزور عام 2007 ودمرته. أما ليبيا فقد تطوع نظام القذافي السابق من نفسه في عام 2004 عقب الحرب الأمريكية على العراق بوضع نهاية لبرنامجه النووي، ولم تكن المخابرات الإسرائيلية توليه اهتمامًا.
· وكان أول تحذير عن البرنامج النووي الإيراني قد صدر في عام 1991، حيث قدّر رئيس الموساد آنذاك “,”شابتاي شافيت“,” أن إيران سيكون بمقدورها امتلاك أسلحة دمار شامل، وذلك كأحد أبرز دروس حرب الثماني سنوات (1981 1988) بين إيران والعراق، حيث استخدم الطرفان أسلحة الحرب الكيماوية في ضرب أهدافها السكانية والاستراتيجية الحيوية، وقد برزت دلائل مميزة على أبعاد البرنامج النووي الإيراني بواسطة المخابرات الإسرائيلية في عام 1995، حيث قدرَّت في تقاريرها آنذاك أن إيران سيكون بإمكانها امتلاك سلاح نووي خلال 57 سنوات، وأن ذلك سيكون خلال الفترة بين عامي 2010و 2015، أما اليوم فإن إيران قادرة بخداعها للعالم أن تقترب حتى مسافة خطوة واحدة فقط من امتلاك سلاح نووي وتقف عند ذلك، رغم العقوبات الدولية المفروضة عليها وهو ما يعرف باستراتيجية “,”الردع النووي بالشك“,”، أو استراتيجية “,”القنبلة في القبو“,”، أي أن إيران تملك مكونات القنبلة النووية ولكنه لم يصدر بعد قرار سياسي بتجميعها، وأنها قادرة على ذلك في أي وقت.
· وتشير التقديرات الواردة في مقال كوردسمان، وما سبق أن صرح به رئيس وزراء إسرائيل السابق “,”إيهود أولمرت“,”، وما تشير إليه الاستثمارات الضخمة التي تنفقها إيران على برنامجها النووي، إلى أن المخابرات الإسرائيلية خلال العقد الماضي قد وضعت عدة سيناريوهات محتملة لتعرضها لمستويات مختلفة من الهجمات الصاروخية الإيرانية، وأساليب الرد الإسرائيلي عليها، فمن ناحية سعت إسرائيل لخلق خيار واقعى لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وقد اشتملت التحضيرات لذلك تجهيز عدة وسائل قتالية لضرب إيران، ووسائل اتصالات بعيدة المدى، وذخائر خاصة ضد المنشآت المحصنة على عمق تحت الأرض وفي الجبال، كما أعدت خططًا لعمليات خاصة تنفذ داخل إيران، وتم التدريب فعلًا على تنفيذ كل هذه الهجمات، وباعتبار سياسي مهم في النظرة الإسرائيلية وهو أن خلق خيار عسكري ضد إيران بإمكانه أن يخدم إسرائيل حتى وإن لم تنفذه، من حيث كونه يرفع من قوة الضغط الإسرائيلي على أمريكا لكي تشارك في هذا الخيار العسكري الإسرائيلي، أو على الأقل يزيد من قوة العقوبات المفروضة على إيران، وهو ما يؤكد أن إسرائيل لا تعمل ضد إيران منفردة ولكن بالتشاور مع الولايات المتحدة، هذا بالإضافة إلى أنه من المعروف أن إسرائيل شنَّت منذ عامين هجمات إلكترونية ضد البرنامج النووي الإيراني، باستخدام هجوم سيبراني، “,”الفايروس ستوكسنت Stoksnt “,” ضد أجهزة الطرد المركزي لعدة شهور، كما قامت الاستخبارات الإسرائيلية باغتيال عدد من العلماء والمهندسين النوويين في إيران، إلى جانب تخريب معدات وأجهزة لازمة للبرنامج النووي الإيراني كانت في طريقها إلى إيران من جهات مصدر الإنشاء، وذلك بواسطة عملاء إسرائيليين، ولم تتوقف إسرائيل عند ذلك، بل إنها تستعد أيضًا لمواجهة ما هو أسوأ، وهو احتمال أن تفاجأ يومًا بامتلاك إيران فعلًا سلاحًا نوويًا، كما فعلت من قبل حليفتها كوريا الشمالية التي تُوسع من قدراتها الصاروخية البالستية من حيث المدى والقوة التدميرية ودقة الإصابة، لاسيما بعد التجربة النووية الكورية الأخيرة في فبراير الماضي 2013.
· وقد أكد “,”كوردسمان“,” في مقاله ما سبق أن كشف عنه العام الماضي بأن إسرائيل اختبرت فعلًا نوعًا جديدًا من الصواريخ البالستية “,”أريحا3“,”، أما من حيث اللجوء إلى استخدام قنبلة هيدروجينية، فإن إسرائيل لم تعترف أبدًا أنها تمتلك هذا النوع من القنابل ذات الدمار الشامل، حيث تمارس سياسة الغموض تجاه ترسانتها النووية، كما تمارس نفس سياسة الغموض بشأن زيادة مدى صواريخها “,”أريحا“,”.
· ويوضح د. رافائيل هوريزون المتخصص الفيزيائي في الأسلحة الدفاعية أن القنبلة الهيدروجينية تمتلكها دول عظمى منذ عقود، وأن قوة انفجار هذه القنبلة تعادل عشر مرات قوة انفجار القنبلة النووية الانشطارية العادية، ذلك لأن الطاقة التدميرية الناتجة عن انفجار القنبلة النووية العادية تتولد من انقسام النويات، بينما في القنبلة الهيدروجينية تبدأ الخطوة الأولى في انفجارها بانفجار نووي انشطاري عادى يولد طاقة حرارية ضخمة “,”تماثل الانفجارات التي تحدث على سطح الشمس“,” تؤدى إلى اندماج في الذرات يترتب عليه توليد طاقة تدميرية ضخمة جدًا، وإذا كان نطاق الدمار المطلق لقنبلة نووية يُقدر بنحو دائرة قطرها 4كم، فإن النطاق التدميري للقنبلة الهيدروجينية يصل إلى 36كم، فإذا ما وقعت مثل هذه القنبلة على مدينة مثل طهران فإنها قد تسبب مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وقد يصل إلى ملايين.
· ويكشف “,”كوردسمان“,” في دراسته عن حقيقة أخرى مهمة حول الأهداف المحتمل أن يتهدد وجودها في إيران وإسرائيل بفعل الاستخدام المتبادل لأسلحة الدمار الشامل في الجانبين، فيقول “,”ليست طهران فقط هي المهددة، ذلك أن القنبلة الهيدروجينية المميتة التي ستطلقها إسرائيل موجهة أيضًا ضد مراكز سكانية أخرى في إيران، حيث إن الصواريخ التي ستطلقها الغواصات الإسرائيلية من خليج عمان ستخلق ممرًا لسقوط قنابل نووية عبر كل الأراضي الإيرانية من الغرب إلى الشرق. وفى المقابل فإن بإمكان الإيرانيين تهديد إسرائيل من البحر بواسطة صواريخ قصيرة المدى “,”من حزب الله“,” أو صواريخ بالستية بعيدة المدى “,”شهاب“,”، وسيكون لديهم القدرة على إطلاق قنبلة صاروخية خلال السنوات القليلة المقبلة، ولكن عليهم أن يضعوا في الاعتبار احتمال تساقط هذه القنابل على مراكز سكانية عربية“,”.
يوم القنبلة..
· وبالعودة لحديث يادلين، يبرز السؤال حول ما إذا كانت إيران فعلًا قد تخطت الخط الأحمر الذي سبق أن حدَّده رئيس الوزراء نتنياهو؟ حقيقة الأمر أنه أصبح لا معنى لذلك، لأن الخطوط الحمراء المهمة كانت قد وُلدت في المقام الأول من الإدراك العام لنظرية اللعبة، والتي تقوم على وجوب تحديد خط أحمر واضح حول إجراء معين لا ينبغي للخصم أن ينفذه، ويُقرن ذلك بتهديدات حقيقية ومحددة توجه ضد هذا الخصم في حال عدم استجابته لهذا التهديد وتعدى هذا الخط الأحمر، وذلك في محاولة لمنع أي تطورات سلبية نتيجة لهذا التعدي، “,”وأكبر مثال واضح للخطوط الحمراء المقرونة بتهديدات في حال خرقها من جانب الخصم، هو ما حدَّدته أمريكا خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1961، حين نجحت أمريكا في إجبار الاتحاد السوفيتي آنذاك على سحب صواريخه التي أقامها في كوبا وكانت موجهة ضد المدن الأمريكية“,”.. لذلك حاول نتنياهو أن يدفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتحديد خط أحمر ضد إيران، ولكن أوباما لم يتجاوب معه في هذا الشأن حتى لا تتورط أمريكا في حرب ضد إيران لحساب إسرائيل، فضلًا عن الحفاظ على المصداقية الأمريكية، واستمرار بقاء طريق المفاوضات مفتوحًا، مع حرية المناورة للتعامل مع الأزمة الإيرانية بأساليب وطرق عديدة ومتنوعة، وإن كانت الإدارة الأمريكية قد حددَّت ما يشبه الخط الأحمر في البيان الذي أصدرته بأنها لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة نووية، وقد أوضح يادلين في خطاب له أخيرًا بأنه “,”ليس من الواضح ما إذا كانت إيران ستكون مثل كوريا الشمالية، ستصر على امتلاك قنبلة نووية رغم كل التهديدات والعقوبات التي تتعرض لها في حال امتلاكها أول سلاح نووي“,”. وأوضح يادلين “,”إن الزمن اللازم للوصول إلى الهدف لا يتوقف فقط على قطع المسافة إليه، ولكن أيضًا فيما تحرزه من تقدم واستعداد للهجوم وإحراز الهدف“,”. وعلى أي حال فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت إيران ستتبع نفس خطوات كوريا الشمالية من حيث الإصرار على امتلاك سلاح نووي رغم كل التهديدات الموجهة لها من إسرائيل وأمريكا، ذلك أنه لم تحدث تغيرات كبيرة منذ خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2012، حيث لا تزال آلاف أجهزة الطرد المركزي تعمل من أجل تخصيب اليورانيوم في منشأتي “,”ناتانز“,” و“,”فاردو“,”، وبما يؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، تقدرها الوكالة الدولية للطاقة النووية منذ شهرين بحوالي 167كجم، وإذا كان من المعروف أن 250 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة زنة 25 كجم، إلا أن “,”يادلين“,” أوضح أن هذه الرؤية لم تعد قائمة، ذلك لأن الكميات الضخمة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة P2 التي تستخدمها إيران في منشأة فاردو المحصنة داخل الجبال، يمكن أن تسمح لإيران بأن تنتج كمية اليورانيوم التي تحتاجها القنبلة النووية خلال أسابيع، وفي جميع الأحوال فإنه لا يمكن إعادة اليورانيوم الذي تم تحويله لأغراض عسكرية في الشهور الماضية إلى الاستخدام المدني، وإذا جاز التعبير فإنه يمكن تشكيل قضبان وقود نووي، أو نوع من البودرة، ولكن لا يمكن إعادته إلى حالته الأولى بعد التخصيب.
· إن الخط الأحمر الأول الذي وضعته إسرائيل ضد إيران من المفترض ألا يسمح لها بنصب أجهزة طرد مركزي متطورة P2 لتخصيب اليورانيوم في منشأة “,”فاردو“,” المحصنة بالجبال، ولكن تمكنت إيران من اختراق هذا الخط الأحمر في بداية عام 2012 ، حيث تمكنت من تشغيل 700 جهاز طرد مركزي P2 في فاردو، ومن المتوقع قريبًا أن تضيف 2800 جهاز طرد مركزي أخرى، طبقًا لما تنشره وسائل الإعلام، هذا إلى جانب عمليات التخصيب التي تُجرى في منشأة ناتانز تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية، وقد كتب كوردسمان في دراسة جديدة له إن الإيرانيين قاموا بتدعيم دفاعاتهم الجوية وتحصيناتهم الهندسية حول منشأتي التخصيب في ناتانز وفاردو، وبما يشكل شكوكًا في قدرة الهجمات الجوية الإسرائيلية على تدمير هاتين المنشأتين، إلا أنه من المعروف أن لدى الأمريكيين نوعيات من الذخائر الذكية الموجهة قادرة على اختراق هذه التحصينات مثل القنابل GBU-28 ، GBU-52 ، ومن ثم صار واضحًا أن الخط الأحمر الذي وضعته إسرائيل أمام إيران في هذا الشأن نجحت إيران في اختراقه بالفعل، وبالتالي فإن التهديد الإسرائيلي بضرب إيران في هذه الحالة، متوقع بنهاية 2013، ذلك إن أرادت إسرائيل أن توفر مصداقية لاستراتيجيتها للردع.
الملاجئ النووية..
· على الرغم من تصريحات المسئولين الإسرائيليين المتتالية حول عدم صبر إسرائيل طويلًا على ما يجرى من تطوير إيران لسلاح نووي ووسائل إيصاله الصاروخية، إلا أن قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل لم تبد اهتمامًا كبيرًا بخطورة شن إيران هجمات صاروخية تقليدية أو كيماوية ثم نووية في المستقبل، فلم تتخذ هذه القيادات خطوات جوهرية للبدء في بناء ملاجئ في إسرائيل للحماية من الهجمات الصاروخية والكيماوية، وبما يكفى لإيواء مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين سيتعرضون لمخاطر هذه الهجمات، فقد كشف تقرير صدر منذ عدة أسابيع عن تقديرات قيادة الجبهة الداخلية بأنه في حال تعرض تل أبيب لهجوم نووي معادي فإن ذلك سيتسبب في مقتل حوالى 6000 فرد، أما القدس الأقل ازدحامًا فيتوقع أن تتكبد حوالى 1000 قتيل، وحيفا 5000 قتيل، بل إن “,”بيني باراك“,” يؤكد أن عدد القتلى في حال التعرض لهجوم نووي أو كيماوي سيتجاوز عشرات الآلاف، وهو ما يفرض مضاعفة إجراءات الأمن القائمة عدة مرات لمواجهة كل أنواع التهديدات المحتملة، حتى وإن كان التهديد الصاروخي الإيراني ضد إسرائيل ينحصر في رؤوس تقليدية، ويدور جدل واسع في إسرائيل اليوم حول تشعب مسئوليات أمن الجبهة الداخلية بين عدة وزارات ومؤسسات.. منها وزارة الدفاع، وإدارة الأمن الداخلي، وقيادة الجبهة الداخلية، ومجلس الأمن الوطني وأجهزة ومؤسسات أخرى، وكان قد عقد أخيرًا مؤتمر في “,”اللطرون“,” لبحث هذه المشكلة وتحديد الجهة المسئولة الوحيدة عن أمن الجبهة الداخلية، وإجراءات واستعدادات الطوارئ المفروض اتخاذها فورًا، وتم الاتفاق على أن هذه المسئولية يتولاها مجلس الأمن الوطني التابع لرئيس الوزراء، وليس فقط وزارة الدفاع ولا أجهزة الشرطة والدفاع المدني ومنظمات الإنقاذ والإغاثة.. وأن كل هذه المؤسسات والأجهزة يجب أن تخضع لمجلس الأمن الوطني المسئول عن وضع الخطط اللازمة لتأمين الجبهة الداخلية وحشد الموارد والإمكانيات لتنفيذها، والإشراف على تدريب وتنفيذ وإعداد الجبهة الداخلية لمواجهة أسوأ الاحتمالات، وأن يرتفع مستوى تأمين الجبهة الداخلية إلى المستوى الاستراتيجي للدولة، رغم كون ذلك في رقبة وزارة الدفاع في المقام الأول تنفيذيًا.
· تعزيز استراتيجية الردع الإسرائيلي.. ودور أسلحة الدمار الشامل فيها
أولاً: قواعد ومبادئ عامة
· يعتبر الردع الاستراتيجي من الأسس الرئيسية في نظرية الحرب الإسرائيلية، وبما يحقق لإسرائيل منع أعدائها من شن حروب شاملة أو محدودة ضدها، أو حتى التفكير في ذلك، بدءًا بمنعهم أصلًا من الحصول على وسائل القتال التي تمكنهم من ضرب إسرائيل، وجعل الميزان العسكري يميل دائمًا بقوة لصالح إسرائيل على المستويين الكمي والنوعي والمحافظة على ذلك دائمًا، ومنع قيام تحالفات استراتيجية بين أكثر من دولة عربية وإسلامية، والتنبؤ المستقبلي بالأزمات وبمسارات وتطورات الأحداث في الدول المعادية لإسرائيل داخليًا وخارجيًا، وتوجيهها والتدخل فيها سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا مسبقًا وعند اللزوم إذا ما شكلت تهديدًا لأمن إسرائيل، وإعادة توجيه دفة الأحداث بما يخدم الأمن والأهداف والمصالح الإسرائيلية، مع الاستعداد للتحول من استراتيجية الردع النووي بالشك التي تتبعها إسرائيل حاليًا إلى الردع النووي العلني المقرون بشروط استخدام السلاح النووي “,”الخطوط الحمراء“,” وذلك من أجل توفير مصداقية عالية للردع، فضلًا عن الاستفادة بثورة المعلومات والتطور التكنولوجي في نظم الأسلحة والمعدات والذخائر الذكية في دعم وسائل الردع الاستراتيجي، وإزالة الغموض حولها، حتى يزول أدنى شك في نوايا إسرائيل لمنع أعدائها من تشكيل تهديدات أمنية لها، وأبرز مثال على ذلك الهجمات الجوية التي شنتها إسرائيل في الآونة الأخيرة “,”الأسبوع الأول من مايو 2013 ضد مستودعات الصواريخ داخل سوريا لمنع نقلها إلى حزب الله في لبنان أو وقوعها في أيدى منظمات متشددة يتوقع في حال نجاح الثورة الشعبية السورية أن تستخدمها ضد إسرائيل، فضلًا عن تدمير مستودعات بمراكز أبحاث الأسلحة الكيماوية النووية منعًا لاستخدامها أو نقلها إلى لبنان“,”.
· وتعتبر أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية بنوعياتها المختلفة النووية والكيماوية والبيولوجية، ووسائل إيصالها هي الوسيلة الرئيسية لتحقيق استراتيجية الردع الإسرائيلي، وتوفير مصداقية عالية لها من خلال التأكيد على امتلاكها من دون الإعلان عن ذلك رسميًا، وإعطاء القناعة عند أعدائها بأن لدى إسرائيل النوايا الحقيقية والإصرار على استخدام هذه النوعية من الأسلحة إذا ما تعدوا خطوطًا حمراء تحددها إسرائيل وتبلغها لأعدائها بطرق مباشرة وغير مباشرة.
· لذلك تسعى إسرائيل للارتقاء بقدرات الردع الاستراتيجي بما يوفر لها تنفيذ “,”الضربة الأولى“,” كأحد ضمانات “,”الضربة الوقائية الاستباقية“,”، إلى جانب القدرة على توجيه “,”الضربة الثانية“,” عند الحاجة من ناحية أخرى. يدخل في هذا الإطار تعزيز قدرات الاستخبارات الاستراتيجية، واستخدام الفضاء، والقدرات الجوية والبحرية، والصواريخ البالستية وأسلحة الدمار الشامل بأنواعها، ونظم الصواريخ المضادة للصواريخ بأنواعها بعيدة المدى وقصيرة المدى.. إلى جانب تحالف استراتيجي قوي مع الولايات المتحدة يؤمن لإسرائيل توفير جميع احتياجاتها الدفاعية، وتواجد مخزونات كافية منها داخل إسرائيل، وانتشار قوات أمريكية على الأراضي في المياه الإقليمية الإسرائيلية عند اللزوم وفى التوقيت المناسب.
· وتستفيد إسرائيل من دروس الحروب الإقليمية التي جرت وتجرى في أنحاء العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط، من حيث زيادة القدرة على تعبئة وحشد وانتشار القوات “,”عاملة واحتياط“,”، وإمكانية إدارة العمليات “,”غير المتكافئة“,” ويعني بها قتال ميليشيات مسلحة مثل حزب الله وحركة حماس.. إلخ، وذلك بتشكيل وحدات خاصة، ووحدات انتشار سريع، ووحدات خفيفة، وزيادة إمكانيات النقل الاستراتيجي والتكتيكي في كافة أبعاد مسرح العمليات المتوقع أن تعمل فيه القوات الإسرائيلية، والذي يتطابق مع دائرة مجالها الحيوي الممتدة من إيران والخليج ودول آسيا الوسطى شرقًا إلى الساحل المغربي على الأطلنطي غربًا، ومن تركيا وجنوب روسيا شمالًا إلى جنوب إفريقيا وباب المندب جنوبًا، هذا إلى جانب الحفاظ على كفاءة القوات التقليدية مع زيادة قدرات الدفاع الذاتي وإعطاء عناية خاصة في التخطيط لزيادة إمكانية خوض حروب طويلة تشمل الجبهة الداخلية، مع الاستعداد للقبول بتحمل خسائر بشرية ومادية عالية كنتيجة طبيعية لزيادة إمكانيات التدمير النيرانية، واتساع مسارح العمليات واستمرارها لفترات طويلة.
· ولكي تحقق استراتيجية الردع أهدافها، تسعى إسرائيل لترشيد عملية صنع القرار “,”السياسي العسكري“,”، وذلك بتوفير أكبر قدر من المعلومات الدقيقة والموقوتة عن العدائيات، وإشراك أجهزة المخابرات في صنع القرار والتخطيط للحرب وإداراتها، وتحديد واضح لأهداف الحرب ومسرح عملياتها ووقت وكيفية الخروج من الحرب، ومنع العدائيات من تحقيق انتصارات عسكرية أو الادعاء بذلك إعلاميًا، وعدم التردد في الاستخدام الفوري للحجم المناسب من القوات والذي يحقق انتصارات حاسمة في الحرب وغير مشكوك فيها.
ثانيًا: أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية ووسائل إيصالها
أ القدرات النووية الإسرائيلية
· رغم إجماع كل أجهزة المخابرات في العالم على امتلاك إسرائيل ترسانة نووية وصاروخية ضخمة، إلا أن إسرائيل لم تكشف عن أبعاد هذه الترسانة، ولا تزال تتبع نظرية “,”الردع بالشك“,” والتي تطورت بعد ذلك إلى نظرية “,”القنبلة في القبو“,”، أي أن إسرائيل تمتلك مكونات القنبلة النووية ولكن لم يصدر بعد قرار سياسي بتجميعها، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل أبرزها عدم إعطاء المبرر للدول العربية لامتلاك سلاح نووي ردًا على ما تمتلكه إسرائيل منه، هذا فضلًا عن القيود الدولية على استخدام إسرائيل لأسلحتها النووية ارتباطًا بالمصالح الدولية بالمنطقة، إلا أن إسرائيل لم تستطع أن تخفى ما أجرته من تجارب نووية سواء في النقب عام 1966، أو في جنوب إفريقيا عامي 1979، 1980، ومع الهند في عام 1998، ناهيك عما كشف عنه الفني النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو عن أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي عام 1987، وأنه يشمل إنتاج قنابل نووية ذات قدرات مختلفة تكتيكية “,”حتى 10 كيلو/ طن“,” واستراتيجية “,”حتى 30 كيلو/ طن“,” وهيدروجينية “,”أكثر من 30 كيلو/ طن“,” ونيوترونية، وأن حجم البلوتونيوم 239 الذى أنتجه مفاعل ديمونة يسمح لإسرائيل بامتلاك أكثر من 250 قنبلة نووية متعددة القدرات، وقد ثبت استخدام إسرائيل لذخائر تحوي يورانيوم مستنزف في حروبها في لبنان 2006، وغزة 2008 2009.
· وتقوم إسرائيل حاليًا ببناء مفاعل نووي جديد في النقب بطاقة 10.000 ميجاوات، بالنظر لتعدي مفاعل ديمونة الحالي عمره الافتراضي بمقدار الضعف، حيث تم بناؤه في عام 1963 والمفروض أن يحال للتقاعد بعد 25 سنة، أي في عام 1988 ولكنه لا يزال ينتج البولوتونيوم 239، وقد أدى ذلك إلى تصدع في جدرانه وتسرب مواد مشعة تسببت في إصابة أكثر من 120 عاملاً فيه بالسرطان، ورفعهم قضايا تعويض ضد الهيئة النووية الإسرائيلية، ناهيك عما يمكن أن يسببه ذلك من مخاطر انفجار المفاعل وتلوث البيئة.
ب أسلحة الحرب الكيماوية الإسرائيلية
· حققت إسرائيل تقدمًا واضحًا في مجال تصنيع غازات الحرب الكيماوية والسموم، وذلك بواسطة مصانعها قرب الناصرة، وبتاح تكفا، مختئيم قرب تل أبيب، هذا إلى جانب إمكانية تحويل خطوط الإنتاج في مصانع الكيماويات الدوائية والمبيدات الحشرية والأسمدة إلى إنتاج غازات الحرب، وتنتج إسرائيل جميع أنواع الأسلحة الكيماوية المعروفة وهي: غازات الأعصاب، الغازات الكاوية والمهيجة للجلد، والخانقة للجهاز التنفسي، والمواد الحارقة، والغازات النفسية Carbamtes ، وغازات الإعاقة وشل القدرة والغازات الثنائية، وغازات أخرى تجمع خصائص وصفات أكثر من نوع، وذلك بمعدلات إنتاج وصلت إلى 150 طنًا سنويًا، ولذلك يقدر مخزون إسرائيل من غازات الحرب الكيماوية بحوالي 500 طن يخصص حوالى 60% منها للاستخدام بواسطة الطيران، و41% بواسطة المدفعيات وراجمات الصواريخ، ولأن نسبة الفاعلية والصلاحية لا تزيد عن 5 سنوات، فإنه يتم الإحلال والتجديد فيها سنويًا.
ج الأسلحة البيولوجية
· حرصت إسرائيل على تصنيع وامتلاك مجموعة من الأسلحة البيولوجية الخطيرة، أنتجتها في معاملها في “,”نيس زيونا“,” جنوبي تل أبيب، حيث تنتج عناصر الأمراض الفطرية والتوكسينات “,”السموم مثل المكورات العنقودية، والرايسين“,”، والأمراض البكتيرية “,”مثل الجمرة الخبيثة، والكوليرا، والطاعون“,”، وعناصر الأمراض الفيروسية “,”مثل الحمى الصفراء والجدري، وشلل الأطفال“,”، وعناصر أمراض الركتسيا “,”مثل التيفوس“,”.
· كما تسعى في ذات الوقت إلى تطوير ميكروبات لها درجة بقاء عالية في الظروف الجوية غير المواتية مثل الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة، مع إمكان استخدامها ميدانيًا كأيروسولات تؤثر على الجهاز التنفسي، بالإضافة لإنتاج ميكروبات مقاومة للأمصال واللقاحات المعروفة، وذلك لإرباك الإجراءات الوقائية للخصم، بجانب تطوير اللقاحات المضادة لتقليل احتمالات العدوى في العمليات البرية عند الاختلاط في المناطق الملوثة بيولوجيًا.
د وسائل إيصال أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية
· تمتلك إسرائيل تشكيلة متنوعة من وسائل إيصال ما تملكه من أسلحة دمار شامل إلى أهدافها لتشمل:
(1) وسائل جوية : مقاتلات ف 4، ف16، ف15، ومستقبلًا ف35، ف22، ومن المحتمل تخصيص 12 سرب قاذفات مقاتلة لتنفيذ مهام استخدام أسلحة الدمار الشامل.
(2) وسائل صاروخية بالستية : أريحا 3،2،1 “,”تملك ثلاث كتائب ب18 قاذفًا وحوالى 300 صاروخ بمدى يصل 18002000 كم، ورأس تدميرية زنة 1طن“,” برؤوس دمار شامل وتقليدية، وإن كان من النادر استخدام هذه الصواريخ برؤوس تقليدية لمحدودية تأثيرها، وتسعى إسرائيل لتطوير منظومة الدفع للصاروخ أريحا3 للوصول إلى مدى 4000كم، مع زيادة دقة الصاروخ وتزويده بنظام التوجيه “,”جدام“,” JDAM الذي يربط الصاروخ بالهدف بواسطة قمر صناعي.
(3) وسائل تكتيكية: صواريخ لانس [2كتيبة بها 12 قاذفًا و200 صاروخ بمدى 110كم]، وراجمات صواريخ “,”ميلرز“,” حتى 200كم، “,”الصاروخ لورا“,”، ووحدات المدفعية بعيدة المدى “,”203مم، 175مم، 155مم“,”.
(4) الصواريخ كروز من الغواصات دولفين: حاليًا 4 غواصات ينتظر أن تصل إلى 6 غواصات في عام 2015، ويصل المدى إلى 12001500كم.
ثالثًا: وسائل الدفاع الصاروخي الإسرائيلية
· تتوقع تقديرات الاستخبارات العسكرية في إسرائيل أن في حال نشوب حرب بين إسرائيل وإيران أن تتعرض المدن والأهداف الاستراتيجية المزدحمة بها المنطقتان الوسطى والساحلية من إسرائيل، فضلًا عن المتواجدة أيضًا في جنوب إسرائيل والنقب، إلى هجمات صاروخية متزامنة بما لا يقل عن 30005000 صاروخ من إيران وسوريا وحزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة، وبما يتوقع معه وجود خسائر بشرية لن تقل عن3000 قتيل، ضعف هذا العدد من المصابين، فضلًا عما تحدثه من تدمير في الأهداف الاستراتيجية ومنشآت البنية التحتية، وقد أجرت إسرائيل تدريبات على مواجهة هذا التهديد الخطير لكيانها، ناهيك عن أمنها، وذلك في مناورات سنوية تحت اسم “,”نقطة تحول 1، 2، 3، 4، 5“,”، فرضت فيها أصعب وأسوأ المواقف المحتملة، وما يستدعيه ذلك من اتخاذ قرارات سياسية حاسمة وسريعة، وإجراء تهجير لآلاف الإسرائيليين إلى غور الأردن بعيدًا عن نيران الضربات الصاروخية قصيرة المدى المتوقع أن يطلقها حزب الله بأعداد ضخمة تصل إلى آلاف الصواريخ التي تغطي كل العمق الإسرائيلي، “,”خاصة الصاروخ الإيراني الحديث فاتج 110“,”، الذي يتميز بمدى 200 كم ودقة عالية، ومثيلتها من حماس، إلى جانب حوالي 100300 صاروخ “,”شهاب 3“,” من إيران، والذي تعدى المدى 2000 كم، ويمكنه حمل رؤوس كيماوية قادرة على تلويث 50 هكتار، بإجمالي مساحة 500015000 هكتار، وهو ما لا يمكن لإسرائيل تحمله، لذلك وبجانب تفعيل استراتيجية الردع السابق الإشارة إليه، فإن إسرائيل تتخذ كافة إجراءات الدفاع الصاروخي الممكنة سواء بواسطتها أو بوسائل الدفاع الصاروخي الأمريكية التي يشملها برنامج الدرع الصاروخي الأمريكي بشقيه: برنامج الدفاع الصاروخي الوطني NMD ، وبرنامج الدفاع الصاروخي عن مسارح العملية TMD ، كما طورت الصناعات الحربية الإسرائيلية أنظمة مضادة للصواريخ بعيدة المدى وقصيرة المدى.
أ منظومة الاستطلاع والإنذار الصاروخي
1 تمتلك إسرائيل عدد (65) محطة رادار أرضي مختلفة الأنظمة، تُجرى لها باستمرار عمليات تطوير وإحلال أجهزة الرادار المتقادمة بأجهزة أخرى متطورة. إلى جانب “,”5 نظام فالكون“,” للإنذار الجوي والقيادة والسيطرة محمول على طائرات بوينج 707 وجالف إستريم.
2 كما أنشأت الولايات المتحدة رادار إنذار أمريكي ( FBX-T ) لرصد الصواريخ البالستية المعادية، وذلك بالقرب من قاعدة “,”نفاطيم“,” الجوية الإسرائيلية، وذلك على 2 برج بارتفاع 400م، لتركيب هوائيات الرادار عليها، وربطه بشبكة الإنذار المبكر الأمريكية JTAGS التي تقيمها الولايات المتحدة في إطار الدرع الصاروخية الأمريكية، وبما يؤمن حصول إسرائيل على الإنذار الفضائي في نفس توقيت حصول نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي ومركز القيادة الوسطى الأمريكية في “,”السياسة“,” بقطر على الإنذار، وهو ما يوفر لإسرائيل الحصول على معلومات الرصد بعد 5.5 دقيقة من وقت إطلاق الصاروخ الإيراني “,”شهاب 3“,” من إيران، وبما يمكّن الصواريخ المضادة للصواريخ في إسرائيل من اعتراضه خارج الأراضي الإسرائيلية.
ب منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ بعيدة المدى
1 تمتلك إسرائيل “,”10 بطارية نظام هوك مطور“,” وجاري تطويره، فضلًا عن “,”9بطارية باتريوت باك 2“,” كما تسعى للحصول على 35 بطارية “,”باتريوت باك 3“,” والتي شاركت في المناورات الإسرائيلية الأمريكية المشتركة، وطلب نتنياهو استبقائها بعد المناورات داخل إسرائيل، ويعتقد أن الإدارة الأمريكية أجابته لذلك، كذلك تسعى إسرائيل للحصول أيضًا على النظام الأمريكي الأحدث للدفاع الصاروخي “,”إيجيس“,” وهو نظام رادار بحري يرتبط بمنظومة صواريخ مضادة MS-3 ، وتم نشره في بعض الدول الأوروبية في إطار برنامج الدرع الصاروخية الأمريكية.
2 كما نجحت الصناعة الجوية الإسرائيلية في تطوير منظوماتها المضادة للصواريخ والمصنوعة محليًا “,”حيتس 1، 2، 3“,” والتي تمتلك إسرائيل منها “,”3 بطارية“,” وقد نجحت التجارب الأخيرة في فبراير 2013 في اعتراض صواريخ سكود على ارتفاع 100كم.
وتسعى إسرائيل أيضًا للحصول على النظام الأمريكي الأحدث في برنامج الدفاع الصاروخي مع الارتفاعات العالية في مسرح العمليات THAAD ، وذلك عقب التجارب الناجحة التي أجريت له في السنوات الأخيرة، وأبرز مواصفاته أن مداه المؤثر 200 كم وارتفاع 150كم.
ج منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ قصيرة المدى
1 تعتبر الصواريخ قصيرة المدى التي يمتلكها حزب الله وحركة حماس بدعم من إيران طرازات: كاتيوشا، قسّام، رعد، خيبر، فجر، فاتح110، أكبر مشكلة تهدد إسرائيل وربما بأكبر وأصعب من الصواريخ بعيدة المدى وذلك بسبب تحليقها على ارتفاعات منخفضة يصعب على الرادارات رصدها، رغم أن مداها ينحصر في حوالى 10200 كم، لذلك لجأت إسرائيل إلى صناعتها الحربية لتطوير أنظمة خاصة مضادة لهذا النوع من الصواريخ المعادية قصيرة المدى ذات التحليق على ارتفاعات منخفضة، وما يمكنها من تحقيق المفاجأة والسرعة في الانقضاض على أهدافها.
2 وتشتمل النظم المضادة للصواريخ التي طرحت على القيادة الإسرائيلية الآتي:
1 (سبايدر SR ) من إنتاج شركة روفائيل الإسرائيلية، وهو تطوير للصاروخ جو/جو (بايثون 5) الحرارى.
2 ونظام (سكاى جارد) الأمريكي ويعمل بأسلوب دفعات ليزر كيماوي لمدى 10كم.
3 نظام (ماجيك شيلد) من إنتاج الصناعات العسكرية الإسرائيلية ( IMI ) باستغلال المدفعية الصاروخية 160مم لأغراض الصاروخ المعادي على مسافة 15كم، وقد تم اختياره بعد اختبارات عديدة وأطلق عليه (القبة الحديدية)، وتغطى البطارية الواحدة مواجهة 30كم، وتخطط إسرائيل لإنتاج 15 بطارية تم نشر “,”6 بطارية“,” منها في مواجهة حزب الله بشمال إسرائيل وحركة حماس بجنوب إسرائيل وفى مواجهة الحدود المصرية مع سيناء، وقد ساهمت الولايات المتحدة بحوالي 60 مليون دولار لتطوير هذا النظام.
4 كما تسعى إسرائيل للحصول على النظام الأمريكي (فلانكس) وهو عبارة عن 4 مدفع 80 مم يطلق 2000 طلقة/ دقيقة.
مغزى صفقات الأسلحة الأمريكية الأخيرة
· “,”خلاصة الموضوع هو أن إيران تشكل تهديدًا حقيقيًا“,”. بهذه الكلمات لخصَّ وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل مغزى زيارته الأولى لإسرائيل في 21 أبريل الماضي، في بداية جولة شملت الأردن ومصر والسعودية والإمارات، وقد استهدفت هذه الزيارة وضع اللمسات الأخيرة لصفقات الأسلحة الضخمة والتي تبلغ قيمتها 10مليارات دولار، وهى ثاني أضخم صفقة أسلحة في التاريخ بعد صفقة بيع مقاتلات “,”ف 15“,” للسعودية في عام 2010 وكانت قيمتها 29.5 مليار دولار، وفى قراءة فنية وتقنية أولية لهذه الصفقات يظهر واضحًا أنها تهدف إلى تقوية القوة الهجومية الجوية لإسرائيل في مقابل تقوية القوة الدفاعية لأصدقاء أمريكا في الخليج، باعتبار أنهم سيكونون في خط المواجهة الأمامي إذا نشبت مواجهة عسكرية مع إيران بشأن برنامجها النووي، هذا مع الوضع في الاعتبار المشاكل التقنية التي تواجهها إسرائيل إذا ما قررت ضرب إيران من حيث طول المسافة (1800 كم) وكثرة الأهداف المطلوب قصفها، واستبعاد السماح لإسرائيل باستغلال أجواء الدول الخليجية العربية، أو حتى تقديم أي دعم عسكري أو لوجستي لطائرات الضربة الإسرائيلية عند مهاجمة إيران، ومن ثم تصبح إسرائيل من وجهة النظر الأمريكية في حاجة إلى تدعيم قدراتها العسكرية لشن هجمات جوية وصاروخية بعيدة المدى دون الحاجة إلى دعم دول الخليج أو الولايات المتحدة.
· ويبرز تزويد هذا الدعم عبر الأسلحة المتطورة التي ستحصل عليها إسرائيل من هذه الصفقة، وكلها تصب في صالح الضربة الإسرائيلية المتوقعة والمخططة ضد إيران، والتغلب على المشاكل الفنية التي تواجهها، لذلك شملت الصفقة طائرات تزويد وقود في الجو “,” KC -135 “,”، وخمسة طائرات نقل الجنود “,” V- 22- ospray “,” والتي تتمتع بخاصية الإقلاع العمودي وقادرة على حمل 24 فردًا، وتحمل ما يعادل 9 أطنان حمولة خارجية و7 أطنان حمولة داخلية، وتبلغ سرعتها 509 كم/ ساعة، أي ضعف سرعة الهليوكوبتر، وتستخدم في الهجوم البرمائي والعمليات الخاصة، هذا إلى جانب صواريخ جو/ جو “,”أمرام AIM-120 “,”، والقنبلة الموجهة القادرة على اختراق 30م تحت الأرض “,” GBU-28 “,”، والقنبلة الموجهة “,” GBU-31 “,” المزودة بجهاز توجيه JDAM ، ومستودع القنابل “,” JSOW-AGM-152 “,” ضد نوعيات مختلفة من الأهداف. هذا إلى جانب استمرار الضغط الإسرائيلي للحصول على المقاتلة الأحدث في القوات الجوية الأمريكية “,” F-22 “,” لتحل محل المقاتلات القديمة “,” F-15 ، كفير، سكاى هوك“,” بالإضافة إلى منظومات رادارية تزود بها المقاتلات لزيادة دقة الاستطلاع الجوي والأرضي ودقة إدارة النيران.
· كما بحث المسئولون الإسرائيليون مع هيجل أيضًا تجديد اتفاقية التعاون العسكري التي تدعم أمريكا بموجبها إسرائيل بمساعدة عسكرية قيمتها 3 مليارات دولار سنويًا والتي ستنتهي في عام 2017. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد طلبت من الكونجرس مؤخرًا التصديق على تحويل 220.3 مليون دولار لإسرائيل خلال العام القادم 2014 لمواصلة تطوير منظومة “,”القبة الحديدية“,” المضادة للصواريخ قصيرة المدى، فضلًا عن زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل في عام 2015 بمبلغ 176 مليون دولار لدعم برنامج الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، هذا إلى جانب بحث عدة قضايا أمنية راهنة بشأن علاقات إسرائيل وأمريكا، وتكريس التعهد الأمريكي بضمان أمن إسرائيل لاسيما بشأن أحقية الأخيرة في اتخاذ ما تراه من إجراءات عسكرية ضد إيران إذا ما واصلت الأخيرة تحديها للمجتمع الدولي بتطوير برنامجها التسليحي النووي، وهو ما عبّر عنه نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في أعقاب لقائه مع وزير الدفاع الأمريكي قائلاً: “,”إن إسرائيل لن تسمح بوضع تبلغ فيه إيران قدرات نووية“,”، وكان رد وزير الدفاع الأمريكي على ذلك ومن قبله الرئيس أوباما بأن “,”لإسرائيل الحرية الكاملة في التحرك من أجل حماية نفسها وأمنها“,”. وقد علق “,”عاموس هارئيل“,” المعلق العسكري في صحيفة “,”هآارتس“,” على صفقة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل بأنها بمثابة “,”تعويض أمريكي لإسرائيل عن نية الولايات المتحدة بيع أسلحة لدول عربية، ولتقليل شهية إسرائيل لضرب إيران من دون ضوء أمريكي أخضر“,”، وقد اعتبر معلقون غربيون أن تصريح هيجل هذا في حد ذاته بمثابة ضوء أخضر أمريكي لشن عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران.
· أما صفقات الأسلحة الأمريكية مع دول الخليج العربية، والتي بحثها هيجل أثناء زيارته لها، فتشمل 26 مقاتلة “,”ف 16“,” للإمارات وصواريخ جو/ أرض بقيمة 5 مليارات دولار، وكانت كل من السعودية والإمارات قد طلبتا تزويدهما بصواريخ موجهة جو/ أرض الأحدث AGM-158 ، ولكن البنتاجون طلب من الدولتين الاستقرار على صاروخ أقل تطورًا، ربما AGM-88 . ويمثل الصاروخ AGM-158 فعالية خاصة في ضرب الدفاعات الجوية الإيرانية والمنشآت النووية شديدة التحصين تحت الأرض، لكن البنتاجون لم يبع هذه الصواريخ إلا لأستراليا وإسرائيل وفنلندا، ويفرض على الدول العربية نوعيات أقل مستوى مما لدى إسرائيل.
· وتعكس المحادثات التي أجراها وزير الدفاع الأمريكي في إسرائيل الواقع الاستراتيجي الجديد في العلاقات بين البلدين القائم أساسًا على وجوب التنسيق التام في الخطوات التي يقوم بها أحد البلدين، كما أن استمرار التكتم على ما جرى من أهداف محادثات وزيري الدفاع في البلدين هيجل ويعالون ومن قبل الرئيس الأمريكي أوباما مع نتنياهو، وكذلك تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي بيني جانتس، تحمل معنى جديدًا وهو أن الوضع الإقليمي المستجد وغير المستقر في الشرق الأوسط يستوجب على إسرائيل أكثر من أي وقت مضى ضمان تعاون استراتيجي مع الدول الصديقة وعلى رأسها الولايات المتحدة، وتحالفات مع دول مجاورة مثل تركيا، وهو ما تمثل في المصالحة الأخيرة بين إسرائيل وتركيا بجهود أمريكية. وقد انعكس هذا التوجه الجديد في الاستراتيجية الإسرائيلية في محاضرة ألقاها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون يوم 22 أبريل الماضي في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، بتأكيده على أهمية التعاون الدولي ك“,”لَبِنَة“,” إضافية في الرؤية الأمنية الإسرائيلية التي كانت تقوم في السابق فقط على “,”التحذير والردع والحسم“,” وأضيف إليها في السنوات الأخيرة العنصر الدفاعي لاسيما عن الجبهة الداخلية في إسرائيل بعد أن أصبحت معرضة لآلاف الصواريخ المعادية، لذلك فإن صفقة الأسلحة الأمريكية الجديدة لإسرائيل ستُلزم الأخيرة بأن تنسق خطواتها في القضية الأكثر حساسية في العلاقات مع أمريكا وهي معالجة الملف النووي والإيراني، وذلك على نحو يُقيِّد استقلاليتها في هذا الموضوع، رغم التصريحات الأمريكية التي تعطى إسرائيل حق الدفاع عن نفسها لما تراه من إجراءات.
· ويبدو أن انتهاء آخر جولة مباحثات دولية مع إيران بشأن برنامجها النووي من دون التوصل إلى أنه نتيجة ملموسة، دفع الرئيس الأمريكي أوباما إلى التصديق بشكل نهائي على صفقات الأسلحة المشار إليها آنفًا، وهى إلى دول جميعها تعارض امتلاك إيران أسلحة نووية، وهي إشارة واضحة إلى إيران بأن الدعم الأمريكي للخيار العسكري ضد إيران قد بدأ فعلاً، إلا أنه يمكن القول بصدق كامل إنها صفقات أسلحة غير متوازنة، ويبرز فيها تمييز إسرائيل بشكل واضح بدعمها بكل الأسلحة المتطورة التي طلبتها، في حين لم تستجب الإدارة الأمريكية لنوعيات الأسلحة التي طلبتها الدول الخليجية العربية، رغم كونها في خط النار الأول في مواجهة إيران، ويأتي رفض هذه الإدارة تزويد الدول الخليجية باحتياجاتها من الأسلحة المتطورة استجابة لضغوط الكونجرس وإسرائيل وكلاهما يعارض أي صفقات أسلحة مع الدول العربية، وهو ما سيؤثر سلبًا على التعاون الاستراتيجي الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تأمينه مع دول الخليج العربية، إذا ما تصاعدت الأزمة مع إيران، وتطورت إلى مواجهة عسكرية ستتورط فيها بالضرورة القوات الأمريكية في الخليج، بعد أن تجرجرها إسرائيل إلى الحرب بشنها ضربة وقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية، حيث سيكون رد الفعل الإيراني الطبيعي والمتوقع هو ضرب الوجود العسكري الأمريكي والمصالح الأمريكية في الخليج، وجميعًا تقريبًا تقع في حضن دول الخليج العربية، وهو ما سيفرض على الإدارة الأمريكية أن تضع من الآن سياسة متغيرة استجابة لأزمات متتالية، حينها تصبح الرسائل بشأن النوايا الأمريكية غير واضحة للحلفاء والأعداء على السواء، وتتصاعد الشكوك تجاه مصداقية وقدرة الولايات المتحدة على إدارة هذه الأزمات.
الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة ضد سوريا
· لم تكن الضربات الجوية التي شنتها إسرائيل يومي 4و5 مايو الماضي، على التوالي ضد أهداف استراتيجية وعسكرية في سوريا بل وفى دمشق ومحيطها هي الأولى منذ عام، فقد سبق أن شنت 4 مقاتلات إسرائيلية “,”ف -15“,” ليلة 30/31 ديسمبر الماضي، غارة جوية ضد أربعة أهداف على الأقل، شملت مركز البحوث العلمية في “,”جمرايا“,” شمال غربي دمشق على بعد 15 كم من الحدود اللبنانية، وناقلة شاحنات قرب الحدود السورية مع لبنان كانت تحمل صواريخ أرض/جو “,”سام-17“,” إلى حزب الله في لبنان، وبالطبع وكما حدث في الضربة الجوية الإسرائيلية التي سبقت ذلك في سبتمبر عام 2007 ضد المنشأة النووية السورية تحت الإنشاء في دير الزور، لم تستطع الدفاعات الجوية السورية لا الأرضية ولا الجوية اعتراض الطائرات الإسرائيلية المهاجمة وذلك بسبب عمليات الإعاقة الإلكترونية التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية ضد الرادارات السورية وتسببت في إعمائها، كما أعلنت القيادة السورية كعادتها أيضًا احتفاظها بالرد في الوقت المناسب، وذلك لتغطية فشلها أمام شعبها والرأي العام المدني.
· أما الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل يومي 4و5 مايو فقد شملت بجانب تكرار ضرب مركز بحوث “,”جمرايا“,” حوالي 40 هدفًا في دمشق وريفها منها اللواءان 104، 105 حرس جمهوري الذين انتشرا في أنحاء “,”جمرايا“,” و“,”قدسيا“,” و“,”الهامة“,” و“,”الصابورة“,” في ريف دمشق، ومستودع ذخيرة الفرقة 14 دفاع جوى في منطقة الصابورة غرب دمشق على مقربة من الطريق الدولي بين دمشق وبيروت، وشحنة صواريخ أرض/أرض “,”الفاتح 110“,” وهو صاروخ إيراني مداه يصل إلى 200 كم ورأس حربية زنة نصف طن، وقد عدَّلت إيران هذا الصاروخ لاستخدامه في مهام الدفاع الساحلي ضد السفن المعادية ويتميز بالدقة، وكانت في طريقها إلى حزب الله من خلال مطار دمشق، وقد ردَّ السوريون بشكل غير مباشر، حيث أتموا عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى موقعين لحزب الله في مدينة “,”القصير“,” السورية التابعة لمحافظة حمص والقريبة من الحدود اللبنانية، ويسيطر على الأسلحة الآن وحدتان من الحرس الثوري الإيراني وهما لواء “,”المهدي“,” ولواء “,”القدس“,” وربما وصلت الآن هذه الصواريخ إلى حزب الله في لبنان، وقد رصدت المخابرات الإسرائيلية تحركات لوحدة النخبة التابعة لفيلق القدس من الحرس الثوري الإيراني على طول الحدود السورية/ اللبنانية، ما يؤكد أن استهداف الجيش الإسرائيلي الأهداف السورية مرتبط بزيادة تواجد حزب الله والحرس الثوري الإيراني داخل الأراضي السورية، ونقل صواريخ أرض/ أرض إيرانية وسورية إلى مستودعات حزب الله في لبنان.
· كما استهدفت الغارات الإسرائيلية أيضًا لواء صواريخ أرض/ جو في “,”قلسيون“,”، ومستودعات صواريخ دفاع جوى “,”سام 17“,” وأسلحة في جبل “,”قاسيون“,”، ومستودعات صواريخ بالستية وأرض/ أرض “,”سكود“,” في غرب دمشق، وموقعًا بين بلدتي “,”معربا“,” و“,”التل“,” شرق دمشق، الأمر الذي نتجت عنه انفجارات شديدة أشبه بزلزال بقوة 4 درجات على مقياس ريختر استمرت 4 ساعات أتبعتها حرائق وكتل من النيران في جبل قاسيون، وقد نتجت عن هذه الغارات خسائر بشرية جسيمة قدرت بحوالي 300 قتيل و400 جريح معظمهم عسكريون من لواءات الحرس الجمهوري والدفاع الجوي والفرقة الرابعة في دمشق والتي يقودها ماهر الأسد، ما يدل على أن الطائرات الإسرائيلية استخدمت قنابل أمريكية موجهة جديدة مضادة للتحصينات وتنفجر على عمق تحت الأرض مثل القنبلة GBU-28 ، GBU-31 ، المزودة بجهاز التوجيه JDAM-MK84 ، GBU-39-B1 وعلى سبيل التجربة العملياتية لهذه القنابل الجديدة.
· وبدراسة أسلوب الهجمات الجوية الإسرائيلية اتضح أن الهجمتين الجويتين الإسرائيليتين يومي 4و5 مايو، لم تستغرق أكثر من 1015 دقيقة، تمت كل منها بواسطة حوالي 8 مقاتلات “,”ف15 وف16“,” تسللت من منطقة شمال جبل الشيخ على ارتفاع منخفض تحت مستوى الرادارات، ما يصعب على وسائل الدفاع الجوي السورية اكتشافها والتعامل معها، وهو الأمر الذى أثار تساؤلات حول قدرات وسائل الدفاع الجوي السورية، وقد حلقت المقاتلات بمحاذاة الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا، ثم التفّت 90 درجة يمينًا في شمال جبل الشيخ، ودخلت لتنفذ الهجمات داخل الحدود السورية بما لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن الحدود، لاسيما وأن التحليق في هذه المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية آمن، كون لبنان لا تمتلك قوة دفاع جوى كبيرة، وحيث اعتادت الطائرات الإسرائيلية اختراق الأجواء اللبنانية، بينما تقع منظومات الدفاع الجوي السورية قبالة السفح الشرقي لجبل الشيخ، كما أن التحليق على ارتفاع منخفض “,”100متر“,” يولد عنصر المفاجأة للسلاح الدفاعي الأرضي، وبهذه الطريقة تجنبت الطائرات الإسرائيلية الرادارات السورية، كونها حلقت بمحاذاة السفح الغربي لجبل الشيخ لناحية الحدود اللبنانية، وسلكت الطريق الأقصَر للوصول إلى الهدف، هذا فضلًا عن أعمال الإعاقة الإلكترونية التي تجريها طائرات الحرب الإلكترونية قبل وأثناء كل هجوم جوي ضد الرادارات ومراكز القيادة والسيطرة المعادية لتأمين تحييدها.
· ورغم عدم إعلان إسرائيل مسئوليتها عن هذه الهجمات الجوية، فإن الجنرال “,”عاموس يدلين“,” رئيس الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس مركز أبحاث الأمن القومي، قد أعطى تفسيرات كثيرة لما حدث قائلًا “,”إن هناك عدة أسباب تجعل إسرائيل مطمئنة إلى أن سوريا لن ترد على القصف، أهمها: أولًا أن إسرائيل ليست القوة التي تهدد نظام بشار الأسد بالسقوط، وإذا دخل في حرب مع إسرائيل فسينهار نظامه نهائيًا وفى أيام قليلة، وثانيًا أن إسرائيل بامتناعها عن أخذ مسئولية القصف، تساعد بشار الأسد على ألا يرد، وثالثًا أن الأسد يعرف أن نقل الأسلحة لحزب الله مرفوض نهائيًا من جانب إسرائيل التي ستبذل كل جهودها لمنع ذلك، فضلًا عن كون ذلك غير شرعي لتعارضه مع قرار مجلس الأمن 1705، ولذلك فإن العالم سيقف إلى جانب إسرائيل في معركة كهذه، ومع ذلك قال يدلين إن هناك احتمالًا ضعيفًا أن يرد الأسد، حيث سبق له أن وعد كثيرًا بالرد في الوقت الذى يناسبه ولم يفعل لضعف قدراته وإدراكه الثمن الباهظ الذى سيدفعه نتيجة الرد الإسرائيلي، وما يصعب موقف الأسد الآن أنه يتعرض لهجوم كاسح من الرأي العام العالمي بسبب المذابح التي ارتكبتها قواته مؤخرًا ضد شعبه وراح ضحيتها 1200 مدني، فقد يحشر الأسد نفسه في زاوية يرى نفسه فيها مضطرًا إلى إزاحة الأنظار عن هذه المذبحة، فيشغل العالم في صدام محدود مع إسرائيل، ولقد تحسبت إسرائيل لذلك برفع درجة استعداد قواتها في الجولان والمنطقة الشمالية ونشر بطارية صواريخ مضادة للصواريخ “,”القبة الحديدية“,” في مواجهة سوريا، وعلى المستوى السياسي أبلغت إسرائيل القيادة السورية عبر واشنطن وموسكو أن إسرائيل لا تسعى ولا تستهدف إسقاط نظام الأسد، ولا التدخل في الحرب الأهلية الدائرة، كما لا تسعى للتصعيد، لذلك حرص نتنياهو على تنفيذ زيارته المخططة للصين في موعدها إظهارًا لعودة الأمور إلى حالتها الطبيعية في منطقة الحدود مع سوريا.
· وقد كشف مسئولون عسكريون إسرائيليون رفضوا نشر أسمائهم أن الهجمات الجوية استهدفت مخازن محصنة تحت الأرض وفوقها تضم أربعة أنواع من الصواريخ الاستراتيجية والذخائر بكميات هائلة وهي كالتالي:
أ‌- شحنات من صاروخ الدفاع الجوي “,”سام 17“,” وهو صاروخ أرض/ جو روسي متطور، وفي حال وقوعه في أيدي حزب الله سيقيد إلى حد بعيد خروقات الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوي اللبناني.
ب‌- شحنات من صاروخ “,”سكود دي“,” 800كم أرض/ أرض، قادر على حمل رؤوس كيماوية، وفى حال امتلاك حزب الله له سيمكنه من قصف أي بقعة في إسرائيل بطولها وعرضها.
ج شحنات من الصاروخ الساحلي الروسي “,”ياخونت“,”، وهو صاروخ بحري طويل المدى، بإمكانه تهديد سفن سلاح البحرية الإسرائيلية وغير الإسرائيلية في عرض البحر، كما أن بإمكانه أن يحدث أضرارًا مدمرة في آبار الغاز الإسرائيلية في عمق البحر المتوسط.
د - شحنات من الصاروخ “,”فتح 110“,” ورغم كونه قصير المدى “,”200كم“,” إلا أن دقته العالية في الإصابة وسهولة إخفائه واستخدام أسلوب الإغراق الصاروخي في القصف، يجعله يشكل خطورة كبيرة على الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية والسكانية التي تكتظ بها المنطقتان الساحلية والوسطى من إسرائيل.
· أما مركز البحوث العلمية “,”جمرايا“,” فإن قصفه للمرة الثانية خلال أقل من سنة يؤكد أهميته الاستراتيجية، وما يشكله من خطورة على الأمن الإسرائيلي، فقد تأسس هذا المركز في ثمانينيات القرن الماضي، حين كان الاتحاد السوفيتي الحليف العسكري الرئيسي للنظام السوري، حيث يعمل هذا المركز في مجال أبحاث وتطوير الأسلحة والذخائر التقليدية وفوق التقليدية “,”كيماوية وبيولوجية وذات تفجير حجمي Volume detonating weapons (VDM) “,” ويعد هذا المركز من أبرز مراكز الأبحاث العلمية والتكنولوجية في سوريا، ويعمل فيه العديد من كبار العلماء السوريين والأجانب، لذلك يحاط بأعلى درجات السرية ويدافع عنه وحدات من الفرقة الرابعة “,”الكتيبة 105 من الحرس الجمهوري“,”، ويصعب الحصول على معلومات عما يجري من أبحاث داخله.
· وقد برر المسئولون العسكريون قصف هذه الأهداف بأنه ضرورة لمنع حزب الله من الاستحواذ عليها لما يشكله ذلك من تهديد للتوازن العسكري القائم حاليًا في صالح إسرائيل، وحيث سيشجع امتلاك حزب الله لهذه الأسلحة على ارتكاب حماقات ضد إسرائيل، لاسيما إذا ما قررت الأخيرة توجيه ضربة وقائية مخططة فعلًا ضد البرنامج النووي الإيراني، وقد أضاف “,”روني بن بشاي“,” المحرر العسكري لصحيفة “,”يديعوت آحرونوت“,” في موقعها الإلكتروني أن الضربات الجوية الإسرائيلية استهدفت بجانب الصواريخ أماكن تخزين وقود هذه الصواريخ، وبشكل خاص المخزون الاستراتيجي لها تحت الأرض، وذلك ليس فقط بغية منع وقوعها في أيدي حزب الله، بل إن إسرائيل تستغل اللحظة المناسبة لضرب المخزون الاستراتيجي من الصواريخ السورية والتخلص نهائيًا منها وحتى لا تستخدمها أي جهة بعد ذلك ضد إسرائيل. لذلك لم تتردد إسرائيل في استخدام قنابل ذكية جديدة قادرة على اختراق التحصينات تحت الأرض حصلت عليها مؤخرًا من أمريكا في هذه الهجمات حتى تضمن نجاح عمليات تدمير هذه المخزونات، وهو ما برز بشكل واضح في قوة الانفجارات المرافقة للضربة، والتي قدرتها روسيا بقوة زلزال أرضي بدرجة تقارب 5 ريختر. أما وزير الدفاع الإسرائيلي السابق الجنرال شاؤول موفاز فقد صرح بأن من أهداف الهجمات الجوية الإسرائيلية، إبلاغ رسالة ردع إلى إيران وأعداء آخرين لإسرائيل، ذلك أنه بالتزامن مع تفكك سوريا، يتطلع حزب الله لأن يتحول إلى قوة ذات تأثير كبير في المنطقة، وتحاول إيران مساعدته على ذلك، وهو ما لن تسمح به إسرائيل في المستقبل.
· أما على الصعيد السوري، فلم يكن غريبًا أن يستغل نظام بشار الأسد الغارات الإسرائيلية ليدَّعي أنها ثمرة وجود تحالف بين قوى المعارضة السورية وإسرائيل، وهو ما نفته بشدة قوى المعارضة السورية التي صرحت بأن الحرمات السورية من أرواح وأراض وثروات أصبحت اليوم مستباحة من قبل النظام السوري وإسرائيل، ولا دخل لقوى المعارضة السورية في ذلك، وليغطي بشار الأسد موقفه الضعيف عسكريًا وسياسيًا من حيث عدم القدرة على الرد على الغارات الإسرائيلية المتكررة رغم تعهده بالرد عليها، فقد طلب من القيادة الروسية أن تبلغ نظيرتها الأمريكية أن أي غارة إسرائيلية أخرى على سوريا ستكون بمثابة إعلان حرب أو استجابة برد سوري فوري، كما سارع النظام السوري إلى نشر بطاريات صواريخ أرض/جو متقدمة “,” Tor-M1 “,” في مواجهة الحدود مع إسرائيل، كما لم يكن غريبًا أن تعلن إيران استمرار دعمها السياسي والعسكري لسوريا، فمن المعروف أنه يوجد في دمشق وضواحيها ومناطق القتال ضد الجيش الحر في القصير وحمص القريبة من الحدود اللبنانية حوالى 3000 من رجال الحرس الثوري الإيراني “,”فيلق القدس“,” وقوات حزب الله، فضلًا عن ضباط استخبارات إيرانيين يعملون داخل القيادة العسكرية السورية، ويقدمون المعونة لفرق “,”الشبيحة“,” التابعة للنظام، وكان “,”كون جولين“,” المحرر العسكري في صحيفة “,”ذى ديلي ميرور“,” البريطانية، قد ذكر في تقرير له نشره مؤخرًا، كشف فيه عن الدور الذي تلعبه قوات فيلق القدس الإيراني في سوريا وقطاع غزة والسودان، وأن إيران في سعيها لتعزيز حلفائها الإقليميين تقوم بنقل أسلحة وصواريخ جوًا وبحرًا إلى سوريا ومنها برًا إلى لبنان، وأيضًا إلى السودان ومنها برًا عبر الصحراء الغربية وسيناء في مصر إلى حماس في قطاع غزة، وقد أكدت صحيفة “,”إسرائيل اليوم“,” هذه المعلومات عندما ذكرت أن أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية كشفت أن شحنات الأسلحة التي قصفتها المقاتلات الإسرائيلية يومي 4و5 مايو، كانت تُنقل على متن طائرات مدنية “,”ركاب وبضائع“,” إيرانية إلى دمشق، وتمر من خلال الأجواء العراقية والتركية واللبنانية دون اكتشافها.
ü رؤية تحليلية:
أولاً: فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني
· مما لا شك فيه أن إسرائيل تسعى لإجهاض البرنامج النووي الإيراني بتوجيه ضربة جوية وصاروخية ضد المنشآت النووية الإيرانية والتي لا يتجاوز عددها 25 منشأة، ولكن لكى تنجح هذه الضربة يتعين قبلها وأثناءها تدمير كل وسائل الدفاع الجوي الإيرانية المدافعة عنها، فضلًا عن القواعد الجوية والمطارات التي ستنطلق منها المقاتلات الإيرانية لتعترض الطائرات الإسرائيلية، هذا إلى جانب مواقع الصواريخ الإيرانية شهاب التي يتوقع أن ترد بها إيران بضرب إسرائيل، وأيضًا وحدات الحرس الثوري، ومراكز القيادة والسيطرة السياسية الاستراتيجية الإيرانية، وقدَّرت إسرائيل إجمالي هذه الأهداف فوجدتها قد تصل إلى حوالى 200 هدف يتحتم قصفها في بداية العملية لتأمين نجاحها، وهو ما يتطلب توافر حوالى 600 مقاتلة قاذفة “,”ف 16“,” إلى جانب حوالى 100 مقاتلة اعتراضية “,”ف 15“,” لحماية المقاتلات القاذفة وتوفير الحماية الجوية لها، وهو أمر غير متاح لإسرائيل حتى وإن نفَّذت هجومها على مرحلتين كل بحوالي 300 مقاتلة، لأن وجود تهديدات صاروخية أخرى مؤكدة من جانب حزب الله ضد أهداف في شمال ووسط إسرائيل، ومن جانب حماس ضد المدن والأهداف الاستراتيجية في جنوب إسرائيل، سيفرض استبقاء حوالى 150 مقاتلة قاذفة لضرب مواقع صواريخ حزب الله في جنوب لبنان، وصواريخ حماس في قطاع غزة، ناهيك عن ضرورة إبقاء ما لا يقل عن 50 مقاتلة “,”ف 15“,” لحماية الأجواء الإسرائيلية من أي تهديدات أخرى، وقد حلَّت إسرائيل هذه المشكلة جزئيًا بتخصيص أهداف إيرانية لكى تضرب بواسطة وحدات الصواريخ البالستية “,”أريحا 3“,”، ذات المدى 18502000كم، بدلًا من المقاتلات، ولكن لاتزال هناك حاجة لإشراك الولايات المتحدة بإمكاناتها الجوية والصاروخية الضخمة في هذه العملية، لتعوِّض النقص الذي تعانيه إسرائيل في الطائرات اللازمة، ومن هنا يمكن أن نفهم مغزى الإلحاح الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية للمشاركة في الضربة أو تحديد خطوط حمراء إذا ما خرقتها إيران يتحتم على أمريكا أن ترد عليها عسكريًا، وهو ما تزال إدارة أوباما ترفضه.
· أما أخطر التهديدات التي تواجهها إسرائيل من قبل إيران، فهي أن تسلح صواريخها شهاب برؤوس كيماوية، ذلك أن كل رأس كيماوي بإمكانها أن تلوِّث 50 هكتار، ومع افتراض تعرض إسرائيل لقصف 100 صاروخ إيراني شهاب برؤوس كيماوية، فإن معنى ذلك تلويث 5000 هكتار في المنطقتين الوسطى والساحلية المكتظتين بالتجمعات السكانية والأهداف الاستراتيجية، وهو ما قد ينتج عنه حوالى 10.000 قتيل ومثلهم من الجرحى، طبقًا للتقديرات الإسرائيلية في المناورات التي أجرتها خلال السنوات الخمس الماضية “,”نقطة تحول 1، 2، 3، 4، 5“,”، ولذلك كانت التوصية التي خرج مسئولو الدفاع عن الجبهة الداخلية في إسرائيل، بضرورة الاستعداد لتهجير 20.000 إسرائيلي إلى منطقة غور الأردن لوقايتهم من الضربات الصاروخية الكيماوية من قبل إيران، فضلًا عما لا يقل عن 500010.000 صاروخ قصير المدى من قبل حزب الله وحماس.
· وإذا ما ربطنا بين تطور البرنامج النووي الإيراني، والتوقع الزمني لضربة إسرائيلية ضده، والغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة ضد سوريا، فسنجد أن إيران نجحت حتى الآن في تخصيب 280 كجم يورانيوم بنسبة 20%، وهذه الكمية تعتبر أكبر من الكمية المطلوبة لإنتاج سلاح نووي عياري، وهى 25 كجم يورانيوم مخصب بنسبة 90%، حيث يكفي 240 كجم بنسبة 20% لإنتاج 25 كجم بنسبة 90%، ولأن ذلك يعد في النظرة الأمريكية والإسرائيلية تخطي للخط الأحمر المحدد لإيران في عمليات التخصيب بنسبة 20%، فقد حوّلت إيران 130 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى وقود لمفاعل طهران للأبحاث المدنية، وبذلك هبط مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى 150 كجم فقط، وبذلك امتصت إيران غضب الأمريكيين والإسرائيليين مؤقتًا، ولكن لكون أجهزة الطرد المركزي الموجودة في منشأتي “,”ناتانز“,” و “,”فاردو“,” لا تزال تعمل بكامل طاقاتها، لاسيما بعد استبدال الأجهزة القديمة P1 بالأجهزة P2 ، فإنه من المتوقع أن تعاود إيران امتلاك كميات أكبر من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% يُعوِّض ما تم تخصيصه لمفاعل طهران وذلك خلال 3 شهور، ثم تحتاج بعد ذلك إلى 6 شهور لتحويله إلى يورانيوم مخصب بنسبة 90% ليكون جاهزًا لاستخدامه في سلاح نووي، ومن هنا يمكننا أن نفهم قول الرئيس أوباما خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل “,”لدينا أكثر من سنة“,”. ويقول معظم الخبراء النوويين المتابعين لتطور البرنامج النووي الإيراني: إن هناك متسعًا من الوقت يتجاوز السنة للوصول إلى “,”الخط الأحمر“,” والذي صار يعني الحرب، ولكن بالنسبة للخط الأحمر الإسرائيلي فقد يكون في وصول إيران إلى امتلاك إيران 200 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وهنا يبرز سؤال آخر: هل الخط الأحمر الذي حدَّدته إسرائيل بالنسبة لإيران يشمل فقط برنامجها النووي؟ حقيقة الأمر أن إسرائيل تستعد منذ فترة طويلة لتوجيه ضربة جوية وصاروخية ضد المنشآت النووية والعسكرية لإيران، وتتحسب جيدًا ومسبقًا ليس فقط لرد الفعل الصاروخي الإيراني، ولكن أيضًا من جانب حلفائها في المنطقة وهم سوريا وحزب الله وحماس الذين يملكون ما لا يقل عن 60.000 صاروخ أرض/ أرض إيراني متنوعة الخصائص تغطي معظم العمق الإسرائيلي، وبإضافة حوالى 100 صاروخ إيراني شهاب “,”كحد أدنى“,”، فإن بإمكانية هذا الحجم الضخم من الصواريخ أن يحرق ويدمر كل إسرائيل ويقضى على وجودها نهائيًا، لذلك، ومن البديهي أن تسعى إسرائيل “,”لتنظيف“,” مسرح العمليات من صواريخ حلفاء إيران القريبين منها والملاصقين لحدودها في سوريا ولبنان وغزة، قبل أن تشن ضربتها ضد إيران والمتوقع لها نهاية العام الحالي 2013 أو بداية العام القادم 2014، ولا توجد فرصة مناسبة لذلك أفضل من حالة الفوضى التي تعيشها سوريا لكى تضرب إسرائيل أكثر من عصفور بحجر واحد، أولها: تدمير كل ترسانة الصواريخ السورية حتى لا تتسرب إلى حزب الله من جهة، وحتى لا تستخدمها سوريا ضد إسرائيل من جهة أخرى، وأيضًا حتى لا تقع مستقبلًا في أيدى منظمات دينية متطرفة مثل الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وغيرهما من المنظمات الإرهابية التي تعج بها الساحة السورية اليوم يمكن أن تستخدم في حال استيلائهما على الحكم ضد إسرائيل. لذلك هاجمت الطائرات الإسرائيلية في غارتيها حوالى 40 هدفًا معظمها مستودعات صواريخ أرض/ أرض، وشحنات صواريخ أخرى كانت في طريقها إلى حزب الله، وبقضاء إسرائيل مبكرًا على ترسانة الصواريخ السورية، يمكن أن تتفرغ بعد ذلك لتدمير ترسانة صواريخ كل من حزب الله في لبنان، وحماس في قطاع غزة، قبل أن تبدأ عملياتها الجوية والصاروخية ضد إيران، وبحيث تكون حينئذ في مأمن من صواريخ حزب الله وسوريا وحماس، وتستطيع بالتالي أن تخصص معظم مقاتلاتها “,”حوالى 600 مقاتلة“,” لضرب إيران، يؤكد ذلك ما ذكرته “,”نيويورك تايمز“,” أن إسرائيل بقصفها مستودعات الصواريخ أظهرت أنها جاهزة للالتزام ب“,”الخطوط الحمراء“,” التي وضعتها، كذلك ما نشرته “,”فورين بوليسي“,” يوم 5 مايو الماضي، من أن “,”الغارة على دمشق رسالة إلى إيران“,”، حيث تعهدت إسرائيل بتدمير برنامجها النووي إذا ما عبرت “,”الخط الأحمر“,” الذى وضعه بنيامين نتنياهو، وقد عكس عاموس يادين رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق هذا التوجه بقوله للإذاعة الإسرائيلية في 6 مايو بقوله: “,”من المؤكد أن إيران تراقب تصميم إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق ب“,”الخطوط الحمراء“,”، وما تراه في سوريا يوضح لها أن بعض الأطراف إذا ما تجاوزوا الخطوط الحمراء التي تحددها الدولتان “,”إسرائيل وأمريكا“,”، فإنه يتم التعامل معهم بجدية“,”.
· وقد كشفت هذه التطورات الأخيرة أن محاولات إيران للتحضير المسبق للحرب القادمة، بدعم حلفائها في سوريا ولبنان “,”وغزة“,” يبوء بالفشل، وهو ما يعنى ضمنيًا ونتوقع معه في إطار الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية لتنظيف مسرح العمليات قبل ضرب إيران أن الدور سيأتي بعد ذلك لتدمير ترسانة صواريخ كل من حزب الله وحركة حماس، أما معاودة ضرب إسرائيل لسوريا مرة أو مرات أخرى، فإن ذلك ليس في اهتمام إسرائيل إلا إذا كان بهدف استكمال تدمير ترسانتها الصاروخية أو منع نقلها إلى لبنان، ما عدا ذلك فإن إسرائيل في غنى عن ضرب سوريا التي يتم قتل أبنائها وتدمير هياكلها ومؤسساتها الوطنية بأيدي أبنائها أنفسهم، فلو أرسلت إسرائيل جميع طائراتها وصواريخها لضرب سوريا، فإنها لن تحدث الخسائر البشرية “,”أكثر من 160.000 قتيل و200.000 جريح وحوالى مليون مهجر“,”، والتدمير الضخم الذى لحق بجميع المدن السورية والأهداف الاستراتيجية والمرافق المدنية، ناهيك عن الخراب الاقتصادي والاجتماعي الذى لحق بسوريا.
· ولم يكن توقيت الهجمات الجوية الإسرائيلية ضد سوريا بعيدًا عن توقيت زيارة وزير الخارجية الأمريكية “,”جون كيري“,” لموسكو لبحث الأزمة السورية من جميع جوانبها، لاسيما بعد أن ثبت استخدام أسلحة الحرب الكيماوية السورية في الحرب الأهلية الدائرة هناك ثلاث مرات: الأولى: في خان العسل بمحافظة حلب الشمالية في 19مارس الماضي لفك الحصار الذى يفرضه الجيش الحر على منشأة عسكرية هناك، وكانت نتيجة استخدام نظام الأسد غاز “,”الزارين“,” المُهيِّج للأعصاب مقتل 31 شخصًا بينهم 10 16 من قوات النظام، وأصيب أكثر من 110 آخرين بجراح، وكانت المرة الثانية لاستخدام غاز الزارين في مدينة الطيبة في نفس التاريخ 19مارس شرق دمشق ضد عناصر من الجيش الحر، حيث تعرضت هذه المدينة لقصف جوي ومدفعي عنيف يحوي غازات كيماوية تسببت في حدوث حالات اختناق وغثيان واضطراب عصبي، أما الواقعة الثالثة فقد كانت في 23 ديسمبر 2012 شرق حمص، وقد أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا في تقرير لهما أرسل إلى الأمم المتحدة نُشر في 25 مارس الماضي، أن عيِّنات من التربة ومقابلات أجراها خبراء متخصصون مع شهود عيان، تؤكد استخدام القوات الحكومية في سوريا أسلحة كيماوية، وفى 26 مارس عيّن “,”بان كي مون“,” سكرتير عام الأمم المتحدة خبيرًا كيماويًا سويديًا رئيسًا لفريق تحقيق في هذه الأحداث، أما في إسرائيل فقد صرّح العميد “,”إيتاي برون“,” كبير المحللين في المخابرات العسكرية الإسرائيلية في 23 مارس الماضي أن سوريا استخدمت في هذه الحوادث الثلاث غاز الزارين، وقد فرضت كل هذه التطورات على البيت الأبيض في واشنطن أن يخرج عن صمته في تعدي سوريا الخط الأحمر الذي حدَّده الرئيس أوباما حول استخدام النظام السوري أسلحته الكيماوية ضد شعبه، فصدر تصريح عن البيت الأبيض في 25 مارس أعلن فيه أنه يعتقد “,”ضمن درجات متفاوتة من الثقة“,” أن الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيماوية، وأن بريطانيا وفرنسا تؤيدان ذلك الاستنتاج، وقد أرسلت الأمم المتحدة في 29 مارس فريقًا للتحقيق حول هذه الأحداث لايزال حتى اليوم متواجدًا في قبرص منتظرًا سماح الحكومة السورية بدخوله أراضيها وممارسة مهامه، حيث تصر دمشق أن تنحصر مهمة الفريق في منطقة حلب فقط، في حين يطالب فريق الأمم المتحدة بأن يتسع نطاق التحقيق ليشمل مسارح الأحداث الثلاثة وهي حلب وحمص ودمشق، وكان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي قد صرح بأن قذيفة خان العسل الكيماوية التي أُطلقت مصدرها قطر أو أي دولة عربية أخرى! وهو ما نفته المعارضة السورية وأوضحت أن الصاروخ الكيماوي الذى أطلقه النظام كان يستهدف في الأصل أكاديمية الشرطة التي استولى عليها الثوار، ولكنه أخطأ هدفه ووقع في منطقة خان العسل، وفى تقرير لمعهد واشنطن كتبه الخبير مايكل “,”هيرتسوج“,” أشار إلى أن قوات الجيش الحر ليس لديها ذخائر كيماوية ولا وسائل إطلاقها، كما أنه من المستبعد أن يستخدم الثوار أسلحة كيماوية ضد مدينة الطيبة التي يسيطرون عليها بالفعل في منطقة الغوطة الشرقية، وقد ثبت أن النظام السوري يستخدم أسلحته الكيماوية بعد أن تفشل قواته التقليدية في فك الحصار الذى يفرضه الثوار على بعض مواقع قوات النظام، أو عندما تفشل قوات النظام في اقتحام مدينة حاصرتها فترة طويلة وصمد المحاصرون فيها، عند ذلك تستخدم الأسلحة الكيماوية لكسر إرادتهم، هذا فضلًا عن إثارة الخوف لدى قوى المعارضين والمدنيين كافة ومنعهم من دعم الثوار، ومن المعروف أن النظام السوري بعد استخدام كل ما لديه من أسلحة تقليدية برية وجوية ضد الثوار، لم يعد لديه سوى الأسلحة الكيماوية ليستخدمها في معركة النهاية للمحافظة على بقائه، حتى وإن كان ذلك من أجل تأمين الدويلة العلوية في منطقة الساحل من اللاذقية إلى طرطوس وحمص، حيث لا يوجد لدى النظام ما يخسره أكثر مما خسره بالفعل، لذلك جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لموسكو للاتفاق حول حل سياسي تضمنه الدولتان العظميان الولايات المتحدة وروسيا بعد أن تصاعدت الأزمة السورية، وخرجت عن نطاقها المحلي إلى النطاق الإقليمي لتشمل إسرائيل وتركيا والأردن وإيران ولبنان، وحتى تثبت الإدارة الأمريكية مصداقية ما تحذر منه حول خطوط حمراء لا ينبغي على المتحاربين تجاوزها. أما بالنسبة لإسرائيل التي تتابع مناورات النظام السوري لنقل مستودعات أسلحته الكيماوية من مواقعها الرئيسية “,”المستودع 417 شرق درعا، والمستودع 418 جنوب حمص“,” إلى مواقع تبادلية أخرى في مناطق “,”أبوالشامات“,” قرب الحدود مع الأردن، ومنطقة أخرى بين حماة واللاذقية، كذلك تتابع أنشطة مراكز البحوث العلمية المتعلقة بالأسلحة الكيماوية وغيرها من تطوير الذخائر والأسلحة وأبرزها مركز “,”جمرايا“,” الذى تم قصفه مرتين خلال أقل من عام، ولكن لا تستطيع إسرائيل ضرب هذه المستودعات الكيماوية جوًا حتى لا تنتشر سمومها في الجو وتلوث مناطق واسعة يباد فيها معظم البشر والحيوانات وباقي عناصر البيئة، كما يصعب في ذات الوقت شن عمليات لقوات خاصة ضد هذه المستودعات في ظل حالة الفوضى التي تسود سوريا وتداخل الموقف القتالي المعقد على الأرض بين قوات النظام وقوات الثوار، ما يستحيل معه تأمين القوات الخاصة في تنفيذها لعملياتها وخروجها سالمة، لذلك قد تلجأ إسرائيل إلى استخدام ذخائر خاصة أمريكية للتعامل مع مثل هذه الأهداف الكيماوية، منها القنبلة BLU-126B وهى مزودة بشحنة ناسفة ضعيفة تؤدي فقط إلى انهيار المستودع على ما فيه من ذخائر كيماوية ولا تفجرها، وأيضًا القنبلة CBU-107 وهى لا تنفجر بل تطلق مئات الأسهم من التنجستين التي تخرق الذخائر الكيماوية وتتسبب في تسريب محتوياتها على الأرض وبما يمنع الوصول إلى الموقع، ومن المعروف أن سوريا بها مخزون ضخم من الأسلحة الكيماوية يصل حجمه إلى 500 طن و600 رأس كيماوي، تشمل نوعيات مختلفة من غازات وسموم الدم، وقد أجرت تجارب على استخدامها بواسطة طائرات “,”ميج 23“,” في يونيو وديسمبر 1995 وفى 5/10/1996، وفى ميدان اختبار “,”الجويف“,” يومي 19 و22 أكتوبر 1997، وتستخدم خبرات إيرانية وروسية وكورية شمالية في تطوير “,”رؤوس سكود“,” محملة بذخيرة كيماوية، وقد رُصدت تجربة فاشلة انفصل فيها رأس الصاروخ سكود في 26 يوليو 1997. أما ما يهم إسرائيل اليوم في المقام الأول فهو منع وصول هذه الأسلحة الكيماوية إلى حزب الله في لبنان، وهو ما تتابعه أجهزة المخابرات الإسرائيلية بدقة عالية، كما تنتظر إسرائيل وتتابع ما ستفعله إدارة أوباما في شأن خرق سوريا للخط الأحمر الذى أعلنه أوباما بشأن استخدام نظام بشار لأسلحته الكيماوية، ومدى مصداقية الإدارة الأمريكية في وضع هذا التهديد موضع التنفيذ، باعتبار أن تفريط واشنطن في تحذيرها لسوريا سيكون مؤشرًا لتفريطها أيضًا في تحذيرها لإيران بشأن الخط الأحمر الذى حدده أوباما للبرنامج النووي الإيراني.
· ولأن بشار الأسد يدرك جيدًا أن الإدارة الأمريكية لا تريد التورط في الأزمة السورية فإن ذلك يشجعه على التمادي في التصعيد، لذلك فإن استخدامه المحدود للسلاح الكيماوي في الحالات الثلاث السابق الإشارة إليها يستهدف في الأساس من وجهة نظر بشار الأسد القضاء على الحساسية الأمريكية والدولية لاستخدامه لهذا السلاح، توطئة للتوسع في استخدام الأسلحة الكيماوية مستقبلًا ضد الثوار، فقد ثبت من سياسة التصعيد التي استخدمها بشار الأسد أنه يخطو في البداية خطوة صغيرة، ثم يتمهل في انتظار رد الفعل الأمريكي، فإذا ما كان رد الفعل الأمريكي والدولي سلبيًا واقتصر على الإدانة السياسية، تمادى الأسد وتوسَّع في تصعيده ضد الثوار، فقد استخدم في البداية قوات الشبيحة ضد الثوار، وعندما تأكد له سلبية الموقف الأمريكي توسَّع واستخدم قوات الجيش النظامي من مشاة ومدرعات وانتظر رد الفعل الأمريكي، وعندما أيقن سلبية رد الفعل الأمريكي توسَّع بشار واستخدم الدبابات على نطاق واسع، وانتظر رد الفعل الأمريكي الذى اقتصر أيضًا على الإدانة، عند ذلك صعّد الأسد خطوة إضافية باستخدام نيران المروحيات الهجومية، فجاءه رد الفعل الأمريكي سلبيًا أيضًا، فتوسع واستخدم المقاتلات “,”الميج 23 والسوخوي 21“,” في قصف المدن والمواقع التي استولى عليها الثوار، وعندما اقتصر رد الفعل الأمريكي على الإدانة أيضًا، خطى بشار خطوته الأخيرة باستخدام السلاح الكيماوي على نطاق ضيق في الثلاث حالات المشار إليها في انتظار رد الفعل الأمريكي واختبار مصداقية واشنطن فيما يتعلق بالخط الأحمر لاستخدام السلاح الكيماوي، فإذا استمر الموقف الأمريكي على ما هو عليه سلبيًا من حيث الحاجة إلى مزيد من المراجعة والتحاليل الإضافية، وعدم السماح بالاستخدام المنظم للأسلحة الكيماوية.. وهو ما يردده المسئولون الأمريكيون حاليًا، ولم يوضحوا ما هو موقفهم من الاستخدام غير المنظم للأسلحة الكيماوية من قبل بشار الأسد ضد شعبه، وهل يعني ذلك قبول أمريكا للاستخدام غير المنظم للأسلحة الكيماوية؟! فإن ذلك سيعنى تشجيع بشار الأسد على التوسع في استخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه، مع ما يعنيه ذلك من سقوط مصداقية الخطوط الحمراء الأمريكية في التعامل مع سوريا، وبالتالي سقوطها عند التعامل مع إيران مستقبلًا عندما تُصعِّد إيران من برنامجها النووي.
· لذلك.. وإذا كانت خيارات التعامل العسكري بالقصف الجوي والعمليات الخاصة ضد مواقع الأسلحة الكيماوية السورية صعبة على النحو السابق إيضاحه، فإن الخيارات الباقية أمام الولايات المتحدة للتعامل مع هذه الأزمة ينبغي أن تضع في الاعتبار حقيقة مهمة، وهى أن المصداقية الأمريكية أصبحت على المحك وموضع اختبار؛ لاسيما بعد أن تسلم البيت الأبيض رسالة من الكونجرس تفيد باستخدام الأسد السلاح الكيماوي ضد شعبه، فضلًا عن تقارير حلفاء أمريكا في بريطانيا وفرنسا التي تؤيد ذلك، بل وتصريحات وزير الدفاع والخارجية الأمريكيين التي أعلنا فيها استخدام الأسد للسلاح الكيماوي، أما الخيارات الباقية المطروحة أمام واشنطن في التعامل مع هذا الموقف بالتعاون مع موسكو، فهي أن يتم تسليم الملف الكيماوي إلى الأمم المتحدة للتحقيق في الادعاءات الموجهة للنظام السوري، وتمكين فريق الأمم المتحدة المتواجد حاليًا في قبرص من التوجه إلى سوريا وإجراء تحقيقات في كل المواقع التي يريد البحث فيها، وبفرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري بموجب قرارات من مجلس الأمن أو بدون قرارات كما هو الوضع مع النظام الإيراني، كذلك رفع مستوى الدعم العسكري للمعارضة السورية من 130 مليون دولار حاليًا إلى 500 مليون دولار، وبما يسمح بالحصول على أسلحة دفاعية ضد الطائرات وضد الدبابات السورية، مع إعلان حظر جوي شمال وجنوب سوريا بموافقة أو بدون موافقة مجلس الأمن، وعند تحدى نظام الأسد لهذه الإجراءات يمكن توجيه ضربات جوية انتقائية ضد بعض المواقع العسكرية الحساسة التي تمس نظام الأسد بواسطة طائرات حلف الناتو لشل القدرة العسكرية لهذا النظام، وتشكيل تحالف دولي لإسقاطه. هذا مع الوضع في الاعتبار وجود 250 عنصرًا عسكريًا أمريكيًا في الأردن منذ أكتوبر 2012 لتدريب الجيش الأردني، والقيام عند اللزوم بشن عمليات خاصة لتأمين مخزونات سوريا من الأسلحة الكيماوية، ويمكن استخدام هذه القوة وتدعيمها لنقل مخزونات الأسلحة الكيماوية خارج سوريا أو إتلافها تحت إشراف دولي، وبموجب قرار من مجلس الأمن كما حدث مع السلاح الكيماوي لنظام صدام حسين في العراق بواسطة فرق التفتيش الدولية قبل حرب عام 2003، فإذا ما رفض النظام السوري ذلك، هنا يمكن توجيه ضربات جوية عقابية على النحو الذى مارسته إدارة كلينتون عام 1998 ضد نظام صدام حسين فيما عُرف بعملية “,”ثعلب الصحراء“,”. وقد أثبتت تجارب الهجمات الجوية الإسرائيلية الأخيرة ضد سوريا، ومن قبلها الضربة الجوية في عام 2007 ضد المنشأة النووية في دير الزور أن الدفاعات الجوية السورية ليست بالقوة والصلابة التي يخشى منها على الطائرات المغيرة، رغم تواجد أنظمة صواريخ أرض/ جو روسية متقدمة مثل النظم “,”بانتسير“,”، “,”تور M-1 “,”، “,”36 منصة صواريخ“,” والتي تضم منظومة من الصواريخ أرض/ جو، مع مدافع “,”30 مم ورادار“,”، فضلاً عن المنظومة “,”باك M2E “,”، كما قامت سوريا أيضًا بتحديث الصواريخ “,”سام 3“,” إلا أن كل هذا التطوير في شبكة الدفاع الجوي السورية أمكن لطائرات الحرب الإلكترونية الإسرائيلية الإعاقة عليها وتحييدها، ومنعها من التصدي بفاعلية للمقاتلات الإسرائيلية المغيرة.
· ومما لا شك فيه أن استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية قد غيّر حسابات إسرائيل وغيرها، بعد أن وصل نظام الأسد إلى مرحلة اليأس من تحقيق انفراجة في الأزمة رغم التدخلات الإيرانية ومساعدة مقاتلي حزب الله للنظام.
· ولإسرائيل مخطط متكامل لاستهداف مخزون صواريخ وأسلحة كيماوية نظام الأسد، وضمان عدم وقوعها بيد حزب الله أو غيره، ممن تعتبرهم إسرائيل جماعات إرهابية، وكانت تنوى القيام بذلك من قبل لولا ضغوط تمت عليها بمبرر أن استهداف الأسلحة الكيماوية وغيرها سيحدث كارثة على الجميع، بما فيهم إسرائيل. إلا أن قواعد اللعبة تغيِّرت بعد استخدام الأسد لهذه الأسلحة فعلًا ووجود الحرس الثوري وحزب الله داخل الأراضي السورية فعلاً، وتصريحات حسن نصر الله الأخيرة التي قال فيها بأن حزب الله لن يسمح بسقوط النظام السوري، والخطة البديلة التي كشف عنها الأسد لإقامة الدولة العلوية البديلة في منطقة الساحل السوري، وهو ما يفسر كثافة المعارك التي تخوضها قوات النظام السوري وقوات حزب الله في مدينة القصير المجاورة لحمص، وهو ما يؤكد بالتالي أن الأسد يسابق الوقت لتأمين أسلحته وإعادة نشرها، وحزب الله يفعل الأمر نفسه لتأمين نقل تلك الأسلحة إلى مواقعه في لبنان، وإسرائيل من جهتها تفعل الأمر نفسه، حيث تسابق الوقت أيضًا لضمان عدم نقل ترسانة الأسلحة تلك إلى حزب الله، ومن أجل تقليم أظافر الأسد لكى لا يتمكن من استخدام ما لديه من صواريخ وأسلحة كيماوية في اللحظات الأخيرة، كذلك تفويت الفرصة على وقوع هذه الأسلحة في أيدى منظمات إرهابية في مرحلة ما بعد الأسد قد تستخدمها ضد إسرائيل مستقبلًا مستغلة حالة الفوضى التي تسود سوريا، والتي أنشأت فرصة لا تتكرر للتخلص من ترسانة الصواريخ السورية، ومن دون أن يؤدي ذلك إلى حرب شاملة، وهو ما يؤكد ما سبق أن قلناه بوصف هذه المرحلة بأنها “,”تنظيف مسرح العمليات“,” قبل الضربة الإسرائيلية القادمة ضد إيران، وتهيئة المسرح لها.
· ولقد كشفت إيران بوضوح عن حقيقة أهدافها التوسعية في المشرق العربي “,”سوريا ولبنان“,” عندما أعلنت أخيرًا على لسان نائب قائد الحرس الثوري أن إيران وسَّعت حدودها الأمنية لتشمل كل الشرق الأوسط، وهو ما انعكس فيما تقدمه من دعم عسكري ومالي وسياسي مكشوف وعلى أوسع نطاق لحلفائها، وهو ما تمثل في الزج بلواءات من الحرس الثوري الإيراني ولواءين من حزب الله “,”المهدي والقدس“,” في المعركة، وتقنيات تسليحية متقدمة، وخبرات فنية في القيادة والسيطرة والاتصالات وإدارة المعارك من غرف عمليات يديرها قادة إيرانيون غرب جبهات القتال، فضلًا عن الزج بقوات من جنسيات مختلفة أخرى.. مثل كتائب “,”عصائب أهل الحق“,” العراقية، مرورًا بمتطوعين شيعة من الهند وباكستان وأفغانستان، وذلك بهدف إيراني مباشر هو الضغط العسكري لكسر اندفاعة كتائب الثوار، وعكس اتجاه المواجهة بفرض ميزان قوى جديد في مصلحة نظام الأسد قبل عقد القمة الأمريكية الروسية، كي تحجز إيران لنفسها مقعدًا حول طاولة المفاوضات، وقد عكس التصعيد الإيراني في سوريا، وكذلك في العراق والبحرين واليمن ولبنان تخوف طهران من اتفاق أمريكي روسي لا يأخذ في الاعتبار مصالحها في سوريا وفى ملفها النووي، خاصة بعد فشل مفاوضاتها مع مجموعة 5+1 في كازاخستان، واتضاح ميل الموقف الروسي والصيني إلى الموقف الغربي، ونصح روسيا لحزب الله بأن يسحب قواته من لبنان، وإبعاد لبنان عن المستنقع السوري، وإعلان موسكو تأييدها لبيان “,”بعبدا“,” في هذا الشأن، لذلك تريد إيران إشعال الموقف في سوريا بالضغط الشديد على نظام بشار وحزب الله للرد عسكريًا على الهجمات الجوية الإسرائيلية وألا يتعاملا بهدوء مع القصف الإسرائيلي الذى تعتبره طهران مهينًا، ولأن إيران تعتقد أن القمة الأمريكية الروسية في يونيو المقبل، ستحاول أن ترسم “,”وجه العالم الجديد“,”، لذلك سعت طهران استباقًا لهذه القمة تغيير الواقع الميداني والسياسي في سوريا لصالح نظام بشار والأهداف الإيرانية في المشرق العربي، واتخاذ الخطوات اللازمة للتأثير في نتائج هذه القمة، وبالتعاون مع حلفائها في سوريا وحزب الله والحكومة العراقية، واستطاعت إيران إقناع الأسد بإعطاء دور غير محدود لحزب الله، ووضع كل إمكانات الجيش السوري في متناول قيادته، إذا ما أراد فتح جبهة الجولان ضد إسرائيل، بدعوى أن المنطقة لا تتحمل سقوط نظام الأسد، وجعل الواقع الميداني في سوريا على الأرض هو الذى يفرض نتائج القمة الأمريكية الروسية وليس العكس، إذ من مصلحة إيران أن تشدد الضغط على إسرائيل من جانب الدول العربية المتواجدة في محيط إسرائيل “,”سوريا ولبنان وغزة ومصر“,” لكى تخفف إسرائيل من ضغطها على إيران بشأن ملفها النووي، هذا رغم حرص المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر في جلسته الأخيرة على إظهار حرصه على تجنب زيادة التوتر مع سوريا، وقراره بخفض مستوى الاستفزاز لسوريا لكى لا تدفعها إيران إلى رد قاس، ونزع فتيل الحرب، وهو ما انعكس في رسالة طمأنة أرسلتها إسرائيل إلى الأسد عبر روسيا، أكدت فيها إسرائيل أنها لا تريد إضعاف حكمه ونفوذه، وأن معركتها موجهة فقط إلى حزب الله والقيادة الإيرانية حتى لا يقدما على فعلة تؤدي إلى تدهور الأوضاع في المنطقة وإلى حرب شاملة.
· وخلاصة القول في الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا أنها تحمل عدة رسائل: الأولى إلى الأمريكيين بأن قدرات الدفاع الجوي السورية ليست بتلك الصورة القوية التي يُردِّدها الأمريكيون، بعد أن تمكنت المقاتلات الإسرائيلية من اختراق الأجواء السورية عدة مرات نفذت خلالها مهامًا قتالية ناجحة دون التعرض لها من جانب الدفاعات الجوية السورية، وهو ما يؤيد فكرة فرض مناطق حظر طيران أو حتى القيام بعمل عسكري من قبل الناتو أو تحالف الراغبين، كما تتضمن الرسالة الإسرائيلية إلى واشنطن أن حرية الخيار بالتورط في أزمات الشرق الأوسط أو الإحجام عنه، ليس كلها بيد واشنطن، وسواء اختارت الإدارة الأمريكية القيادة من المقعد الخلفي أم لا، وأن لإسرائيل دورًا فاعلًا يجب أن تضعه واشنطن في الاعتبار.
· والرسالة الثانية إلى حزب الله وفحواها أن إسرائيل لا تكترث بتهديدات حسن نصر الله التي توعد فيها بأن لدى نظام الأسد أصدقاء بالمنطقة والعالم، أي إيران وحزب الله، ولن يسمحوا بسقوط الأسد، وأن إسرائيل لا تزال على إصرارها في منع وصول صواريخ سوريا إلى حزب الله في لبنان، ولن تتوانى عن تكرار ضرباتها الجوية إذا ما اكتشفت ذلك مرة أخرى، بل وإن الجولة القادمة من الهجمات الجوية الإسرائيلية ستكون في لبنان وضد مستودعات صواريخ حزب الله لتجرد هذا الحزب من أسلحته قبل أن تتفرغ إسرائيل لضرب إيران.
· والرسالة الثالثة إلى طهران تختبر فيها مدى جدية الالتزام الايراني بدعم نظام الأسد، وإلى أي مدى يمكن لطهران وأتباعها في المنطقة أن يذهبوا إذا بلغت الأمور مرحلة الحسم، كما تحوي الرسالة الإسرائيلية إلى طهران مغزى آخر حول ضعف الدفاعات الجوية السورية المشابهة للدفاعات الجوية الإيرانية في أنها لن تحول دون قيام الطائرات الإسرائيلية بضرب إيران عندما تقرر إسرائيل ذلك، وستكون إسرائيل حينذاك قد جرَّدت حزب الله وحماس من الصواريخ التي أمدتهما بها إيران، ومن ثم على إيران ألا تُعوِّل كثيرًا على فتح جبهات صاروخية من لبنان وسوريا وغزة ضد إسرائيل عندما تقرر الأخيرة توجيه ضربتها ضد إيران.
· والرسالة الرابعة إلى المعارضة السورية تقصد منها زيادة إرباكها وإحراجها، ومن ثم دفعها إلى زيادة اعتمادها على الدعم الغربي، لاسيما في ضوء خيبة أمل قوى المعارضة السورية أي الائتلاف الوطني السوري، والجيش السوري الحر من اللاعبين الإقليميين الكبيرين اللذين كانت تراهن عليهما وهما مصر وتركيا.
· والرسالة الخامسة فهي إلى النظام السوري، تبلغه فيها أنها ترصد كل التفاصيل التي تجرى على الأرض السورية، وأن إسرائيل تختار أهدافها وتوقيت خطواتها وفق مصالحها، بصرف النظر عن مواقف الحلفاء والخصوم، وهي تعرف ضمنًا أن جيشه مخصص لضبط الأمن الداخلي، وليس للتحرير الخارجي كما لن تسمح إسرائيل بحصول سوريا على نظام الدفاع الصاروخي الروسي الحديث SS-300 .
· أما الرسالة السادسة والأخيرة فهي إلى الداخل الإسرائيلي، ومؤداها: أن إسرائيل قادرة، ساعة تشاء، أن تضرب، حيث تريد في الشرق الأوسط، وأنها رقم أساسي في مشاريع المنطقة، وذلك قبل أيام معدودات من لقاءات وزيري خارجية أمريكا وروسيا، وأن المؤتمر الدولي المقرر عقده في جنيف في نهاية الشهر الجاري “,”مايو 2013“,” لا يستطيع أن يتخذ قرارات قابلة للتنفيذ دون موافقة إسرائيل، وبما يتفق مع مصالحها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.