"السينما مرآة المجتمع والواقع"، مقولة يرددها صناع السينما، كما أن الجمهور يرى نفسه فيها، وهناك فئات في المجتمع عبرت عنهم السينما وحملت آمالهم وطموحاتهم ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة. ففي سينما الأبيض والأسود ظهرت بعض الشخصيات التي تعاني من الإعاقة العقلية، والتي اعتاد المجتمع تعريفها ب"المجنون"، بينما قدم بعض المخرجين أبطال يعانون من الإعاقة البدنية في عدة أفلام، وبالصدفة جاء هؤلاء الأبطال من العنصر النسائي.
"الخرساء".. سميرة أحمد نعيمة الفتاة الخرساء التي تعذب من زوجة أبيها ومن المجتمع ثم يزداد الأمر سوءًا عندما يغتصبها أحد شباب القرية مستغلًا أنها خرساء، لكنها في النهائية تستطيع الانتقام لنفسها وتطعن مغتصبها الذي يعترف بفعلته، هكذا جسد مخرج الروائع حسن الإمام، قضية المعاقين في واحد من أوائل الأفلام التي تناولت الفكرة
"وحيدة".. مريم فخر الدين بعد عدة أشهر من فيلم "الخرساء"، قدمت مريم فخر الدين، فيلم "وحيدة"، الذي يدور حول فتاة صماء اسمها وحيدة تترك الإسكندرية هربًا من نظرة الشفقة في عيون الناس، وتعمل مدرسة بالقاهرة وتستعين بجهاز يساعدها على السمع ولكنها تخفيه عن الجميع.
"الوديعة".. هند رستم في عام 1965 قدمت هند رستم، دور نهى التي تصاب بالشلل بعد تعرضها لحادثة، وتصبح قعيدة فوق مقعد متحرك، ولكنها تهوى القراءة وشغوفة بالكتابة وتتواصل عبر الهاتف مع كاتب معروف حمدي أو كمال الشناوي، ويشعر تجاهها بالحب، لكن هذه القصة تقابلها الكثير من التحديات.
على جانب آخر، عالجت سينما الأبيض والأسود موضوع الإعاقة بشكل درامي، حيث مزجت بين السينما الحديثة الدراما والكوميديا، فوجدنا أفلام قدمت نماذج من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يقعون ضحية للمجتمع مثل فيلم "الصرخة"، ل نور الشريف.
نور الشريف.. "الصرخة" قدم نور الشريف، شخصية الشاب الأبكم الأصم عمر الفرماوي، الذي يواجه صعوبات في حياته بسبب إعاقته، ويتعرض للاستغلال من قبل باحثة في معهد الصم والبكم، بينما تتهمه صديقة زوجته بالاعتداء عليها مستغلة أنه أبكم ويتعرض عمر، للمحاكم، ويضطر في النهاية إلى الزواج من الفتاة حتى لا يدخل السجن وعندما يخرج يقرر الانتقام من الجميع.
"توت توت".. نبيلة عبيد قدمت نبيلة عبيد، مع المخرج عاطف سالم، واحدًا من الأفلام التي عالجت بجرأة قضية استغلال المعاقين، وخاصة المعاق العقلي من خلال كريمة المتخلفة عقليًا، التي يعجب بها أحد الأثرياء الذي يجسده سعيد صالح، ويستغل حالتها ويعتدي عليها فتصبح حاملًا ويتركها وحيدة ويهرب.
وقدمت السينما أفلامًا اعتمدت على سخرية المعاقين أنفسهم من الواقع، وتعاملهم معه بشكل كوميدي مثل "الكيت كات"، ل محمود عبد العزيز، وفيلم "أمير الظلام"، ل عادل إمام، والمثير في الأمر أن هذه الأفلام الساخرة التي ابتعدت عن دراما الصراحة هي التي عاشت في ذاكرة الجمهور .
الكيت كات ".. محمود عبد العزيز رواية إبراهيم أصلان، التي تحولت إلى فيلم من أجمل أفلام السينما العربية، وشخصية لشيخ حسني، الكفيف التي جسدها محمود عبد العزيز، بخفه دم وعبقرية جعلتها شخصية خالدة على الشاشة الفضية، وأهم ما يميز "الكيت كات"، وسط الأفلام التي تناولت ذوي الاحتياجات الخاصة هو القوة والسخرية التي يتعامل بها حسني، مع الواقع حتى أنه يجد متعته الحقيقية في قيادة الدراجات البخارية.
"أمير الظلام".. عادل إمام حاول فيلم "أمير الظلام"، إلقاء الضوء على مشكلة هامة وهي سوء معاملة المجتمع ودور المكفوفين لذوي الإعاقة من خلال شخصية الضابط السابق سعيد، الذي جسد دوره عادل إمام، فهو الكفيف الذي يذهب ليعيش في دار المكفوفين، ويحاول الدفاع عن حقوق المكفوفين، ويحمل الفيلم كثير من الفانتازيا مثل قيادة سعيد، لطائرة وخروجه منها سالمًا بدون أي إصابة، لكن في نفس الوقت قدم الفيلم الكفيف، كشخصية قوية تستطيع التغيير.