منعم سعد الدين بطل كرة السلة الذي عانق الرئيس السيسي بحرارة وعانقه الرئيس بتعاطف وتقدير حقيقي إنه بطل ضمن فريق من ذوي الاحتياجات الخاصة. هذا "العناق" أطلق بالتأكيد بشرارة البدء لسباق آخر علي المستوي الإعلامي والفني جعلني اتوقع ظهور أفلام أو مسلسلات تتضمن شخصية من هؤلاء الذين يحتاجون إلي رعاية خاصة من قبل المؤسسات والأفراد والدولة.. والترتيب هنا مقصود لأن الدولة تتحمل عبئاً تنوء به الجبال.. تركة سنوات طويلة من الفساد والإهمال والظلم التلقائي والممنهج الذي يصل في كثير من الأحيان إلي مستوي الجريمة. ولو عدنا إلي ما فعلته السينما إزاء هؤلاء الذين جاءوا إلي الدنيا معوقين دون جريرة. وحملوا إلي ذويهم مسئولية مضاعفة وهموم تطول إلي آخر مدي وقد يعجزون عن حملها وحدهم بسبب مواردهم المحدودة. وحيرتهم أمام "علة" تتطلب احتياجات خاصة. لو عدنا إلي السينما سنجد أنها لم تكن بأي حالة جادة في معالجة المشكلة علي المستوي الاجتماعي أو التأهيلي. ربما تلامست معها أحياناً علي المستوي الإنساني. لقد رأينا الكفيف في أكثر من عمل "ليلي في الظلام" "1944" و"الشموع السوداء" و"الكيت كات" و"أمير الظلام" والعملاق الأخيران كوميديان. لكن البطل الكفيف "سوبرمان" يقود طيارة ودراجة بخارية وينهب الأرض ويسطو علي مشاعر النساء دون حاجة كبيرة إلي تعاطف.. إنه "البطل" الحقيقي المحرك للأحداث. وهناك "الأخرس" فاقد الصوت. والعاجز عن التعبير إلا بلغة الإشارة أو بدرجات الصخب الصوتي مثل "الخرساء" و"الصرخة" وهناك الذي أصيب بالشلل وصار ضحية وموضوعاً للاستغلال "الأسطي حسن" وهناك العبيط والأعرج والأهطل والمتخلف عقلياً علي سبيل المثال رأينا نبيلة عبيد في فيلم "توت.. توت" وكانت مثاراً للسخرية والتنكة كامرأة عديمة الأهلية يتم استغلالها ليس فقط داخل قصة الفيلم وإنما من قبل المنتج نفسه الذي لم يتعاطف مع الضحية بقدر ما أراد أن يستغل "العاهة" في طرح موضوع له علاقة بجسد المرأة المصابة. خذ ايضا "ديك البرابر" الذكر العاجز مع نفس البطلة نبيلة عبيد. ولكن العبيط هذه المرة رجل ناقص الرجولة بحكم ابتلائه زوجوه ل "أحلي يمامة" ولكنه عاجز عن التهامها. لن أذكر "الهلفوت" الأبلة ولا "التوربيني" المصاب بمرض التوحد في النسخة العربي المسخ من الفيلم الأمريكي الممتاز "رجل المطر" أحد الأفلام العالمية التي لفتت النظر جداً إلي هذا المرض الذي أصبح يصيب نسبة لا يستهان بها من الأطفال. وأتذكر أن الفيلم صاحب عرضه مقالات وأعداد خاصة من مجلات أمريكية حول هذا المرض "Autism) وشد الانتباه إلي خطورته وجاء الفيلم عام 1988 المقتبس عن قصة حقيقية بتأثير يضاعف علي جمهور العالم الذين شاهدوه وبعد حصوله علي الأوسكار لأفضل فيلم أصبح وثيقة فنية جميلة وممتعة ومعلمة دون صخب لأسلوب التعامل مع هؤلاء المرضي.. الكلمة السحر لأصحاب العلل من ذوي الاحتياجات الخاصة هي "الحب" ونبذ الأنانية. المخرج باري ليفنسون أدي عملاً خيرياً مدهشاً إذ قدم من خلال الفيلم حسنة جارية تفيد الناس. أتذكر ايضا وأذكر القارئ بأفلام عالمية أخري مثل "فورست جامب" وأتوقف بشكل خاص أمام فيلم مذهل ومؤثر جداً. لا أنساه وهو فيلم فرنسي بلجيكي مشترك بعنوان "اليوم الثامن" عن صبي مصاب بما يسمي بالعتة المنغولي والعلاقة بينه وبين أستاذ جامعي في مادة التسويق والدعاية وكيف أثر الأول في الثاني. فالعلاج بالفنون علم واسع التأثير وله متخصصون يوجد منهم هنا في مصر. ولكن ليس بالإتجار بالفن. وليس بالمسخرة والخيال الطائش والضحك المسف نسهم في مشكلة ذوي الاحتياجات الخاصة وليس لتحقيق النهم الحاص إلي الربح.. لا أتذكر أن أيا من الأفلام المصرية استطاع أن يلفت النظر إلي مشكلة ذوي الاحتياجات الخاصة أو أثار إحساساً بالجدية من قبل صناعه إزاء المشكلة وأتمني مبدئياً أن نبث من خلال القنوات التليفزيونية نماذج من أفلام عالجت مشكلة المعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة ونختار أفضلها ونناقشها من قبل متخصصين. وأتمني قبل أن تبدأ موضة أو هوجة الاهتمام بهؤلاء المحتاجين إلي رعاية خاصة. أن تستند إلي المنهج العلمي ونطوع الفن الدرامي لكي يكون في خدمته مستفيداً من خبرات الأطباء المتخصصين من دون أن تحل بالخصائص الفنية ولا العناصر الدرامية ولا بالتأثير الممتع للفن السينمائي.