رحّلت مصر الإعلامية اللبنانية ليليان داود، بعد ساعات من إنهاء تعاقدها مع قناة (أون تي في) التلفزيونية المصرية الخاصة والذي استمر لفترة خمس سنوات، وكانت داوود تقدم برنامج "الصورة الكاملة" الذي يناقش قضايا سياسية محلية. واصطحب رجال الأمن داوود من منزلها في حي الزمالك في القاهرة وتوجهوا معها إلى المطار، حيث تم إبعادها إلى بيروت. DWعربية حاورت ليليان داوود، التي أوضحت ما حصل لها. وقالت ليليان في إجابة على سؤال DW كيف تفسرين الترحيل المفاجئ لك من قبل السلطات المصرية، ولماذا يتم ذلك الآن، بالرغم من أن إقامتك في مصر منتهية منذ 14 شهرا؟ قائله:" الترحيل كان سريعا ومفاجئا، وبالرغم من أن عقدي يستمر لنهاية العام مع قناة OnTV إلا أن بيع القناة، وتغيير مالكها، بعد شراءها من رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، أدى إلى حدوث تغييرات منها وبالتالي إيقاف برنامجي "صورة كاملة". بعد ذهابي إلى المحطة لتوقيع فسخ العقد فوجئت برجال من قوات الأمن ينتظرونني أمام البيت، وأخبروني بقرار الترحيل ولم يسمحوا لي بأخذ أي شيء ما عدا حقيبة يدي، بالرغم من أن لدي بنت تبلغ من العمر 10 سنوات وتحمل الجنسية المصرية، وتدرس في مصر. أنا أحاول تجديد إقامتي في مصر منذ منتصف عام 2015 إلا أن السلطات المختصة ترفض ذلك في كل مرة، وكلما راجعتهم في الأمر يقولون بأن جهات سيادية تقف وراء الموضوع. لقد تسببوا هم بالأزمة والآن وبعد إيقاف البرنامج أفاجأ بهذا الترحيل.
وأضافت:" أنا متمسكة بالتزام الموضوعية والحياد في برنامجي، والحياد يتطلب الالتزام بإبداء وجهات النظر المختلفة، حتى لو كانت معارضة، وهو ما لم يعجب النظام، لقد ناقشت في أحدى الحلقات كيف تبنى دول الاستبداد من خلال تغييب الحقائق وإرهاب الناس". وتناولت "رواية جورج أورويل 1984 "، وهى رواية يتحدث فيها الكاتب عن كيفية تبنى دول للاستبداد من خلال تغييب الحقائق وإرهاب الناس، وكيف تصنع دولة الخوف والقمع. وهو ما أثار الغضب ضدي، فبرنامجي أتاح للجميع التعريف عن رأيه، وهم يريدون مني أن أكون نسخة من إعلام موال لا رأي له، وهو ما أرفضه.
أصدرت كذلك تصريحات على التويتر في وقت سابق انتقدت فيها قانون التظاهر في مصر، وهو ما أثار عليك حينها غضب السلطات ! نعم هذا صحيح، لقد تضامنت مع وقفة الشباب ضد قانون التظاهر وقلت بالحرف الواحد "شباب ما تخلوا شيء يحبطكم.. الشعب ده ياما شاف وكمل، بإيدكم سلاح اسمه إرادة الحياة وجلادكم مش بأيده، إلا أن يحاول سلبها منكم.. تمسكوا به". وما إن انتشر هذا الكلام حتى توالت التهديدات ضدي، هددوني بالتعرض لحياتي وقتلي، والتعرض لابنتي، وكذلك اتهموني بالتعامل مع جهات أجنبية. وهل جاءت هذه التهديدات من مصادر أمنية أم من أشخاص مجهولين؟ تم تهديدي من قبل أشخاص مجهولين، كما جاءتني رسائل تحذير من أصدقاء أو معارف، وذلك للتأثير علي بشكل غير مباشر، قالوا لي بأنك إن استمررت في مواجهة النظام، والتعرض له، فسوف يتم استهدافك، إلا أنني لم أبه لذلك، أنا لم أقل شيئ مخالف للدستور، وكلامي لا يعتبر تحريضا، ما قلته هو أن هذا القانون لا يتناسب مع الدستور الذي وافق عليه الشعب وتم إقراره بشكل رسمي، ما قلته هو حرية شخصية، وليس تحريضا كما يتهمونني. أثار قرار ترحيلك غضبا في مصر، وانتقده العديد أمثال البرادعي وباسم يوسف وغيرهم. صحيح، قرار ترحيلي أثار غضبا في المجتمع المصري، ويشكل رسالة للجهات المسؤولة في مصر رغم المحاولات الهادفة إلى إظهار الشعب وكأنه موافق على سياساتهم. إلا أن هذا غير صحيح، الشعب المصري أثبت للعالم بأنه قادر على تغيير المعادلات كلها إذا أراد. فمحاولات تكميم الأفواه، والحد من الحريات، ومنع انتقاد النظام في البرامج الإعلامية كلها أمور لن تجدي نفعا، ولن تنطلي على الشعب المصري. وما هي الخطوة المقبلة لك بعد الترحيل، هل ستلجأين إلى القضاء؟ أنا أريد العودة إلى مصر بأي ثمن، حتى لو كلف ذلك ابتعادي عن الحقل الإعلامي، أبنتي مازالت هناك، وأنا لا أتخيل حياتي بعيدة عن مصر، لقد عشت في مصر باختياري، ولا أريد الابتعاد عنها. سأعمل ما في جهدي لتغيير أمر الإبعاد الذي صدرفي حقي، إلا أنني لم أفكر بعد في الإجراءات التي قد أتبعها. الأمر المؤكد هو أنني لن أبقى صامتة، وسأختار قرار المواجهة. وأريد أن أوجه رسالة عن طريق DW عربية لكل مشاهدي برنامج "صورة كاملة" بأني لن أتوقف لحظة عن تأييدهم إلى حين الحصول على مطالبهم العادلة، الحرية والديمقراطية هما أمرين أساسين لكل مجتمع، ويجب على الدولة المصرية أن تكون متقبلة لآراء أبنائها وعدم قمعهم، وواجبي هو أن أدعم هذا الأمر، والعمل على نقله للعالم. وروت ليليان تفاصيل ما حدث معها فى 15 تغريدة على حسابها بموقع "تويتر"، جاء نصهم كالتالي: 1- انا مواطنة بريطانية/ لبنانية اعيش واعمل في مصر منذ خمس سنوات. يوم أمس الاثنين 27 يونيو انهيت تعاقدي بشكل رسمي وودي مع إدارة #Ontv 2- بعدها في تمام الساعة السادسة الا ريع بعد حوالي ساعة على إعلاني إنهاء التعاقد، حضرت دورية من ثمانية أشخاص لم يظهروا اي أوراق رسمية وطلبوا 3 باسبوري البريطاني وتعاملوا بطريقة (فظة) أمام ابنتي ووالدها، زوجي السابق خالد البري، الذي حضر لاصطحاب ابنتنا ذات 11 عاما. طلبت الاتصال 4- بسفارتي ومحامي لكنهم رفضوا بعد ان صادروا هاتفي مني، طلبت منهم اذن النيابة، وان لي حقوق الحاضنة لطفلة مصرية، وان لي حقوق كدافعة ضرائب 5 وكمواطنة بريطانية (طبعا ولا الهوى) تحول المشهد الى صراخ وتهديد من الشخص الذي كان يكلمني بانه قد يأخذني بالقوة بإرادتي او دونها تحول المشهد 6 الى هستيريا خاصة ان ابنتي انهارت ووالدها بدا يصبح عصبيا وزادت لهجة الأوامر والصراخ من طرفهم، ومن طرفي مشددة على رفضي لانتهاك حرمة بيتي 7 وأسرتي. حين شعرت ان الموقف يتصاعد نحو العنف قررت النزول معهم الى وجهة كانت لا تزال مجهولة، كما هواياتهم. كان شرطي ان اركب عربية ملاكي 8 وليس البوكس.. وافقوا معي على وعد ان لا يتعرضوا لابنتي ووالدها ووعدوني بذلك، لكني لم أتأكد ان هذا حدث بالفعل الا بعد خمس ساعات وانا على 9 متن الطائرة المتوجهة الى بيروت، لكي تظل الريح قريبة! في المطار سالت مرة اخرى عن حقي بالحديث لسفارتي او محامي او اسرتي قوبلت أسئلتي 10 بالتجاهل. التعامل اختلف بعد ان نزلت معهم واعتذروا عن الانفعال كما اعتذرت انا بدوري مشددة على مطالبتي بحقوقي، كان الرد عندنا أوامر جهات 11 سيادية واحنا بنفذ ولا عندنا خلفية عن الموضوع غير ان إقامتك خلصت ولازم تترحلي.. حاولت نقاشهم عن طريقة كانت ستكون أكثر احتراما وملائمة... 12 في المطار وفي غرف الامن، انتظرت دهرا بدا كأنه لا ينتهي. اخذوا الفيزا كارت والكوود الخاص ليدفعوا ثمن تذكرة ترحيلي. كانوا لطفاء وعاملوني 13 باحترام شديد، لكن عذرا الاحترام الحقيقي كان سيكون باحترام حقي بالاطمئنان على ابنتي او اطمئنها علي... الحمدلله انا في بيروت مع اسرتي.. 14 لن أتوانى عن اي مسعى قانوني او دبلوماسي كي اعود الى مصر التي افخر بحياتي وحياة ابنتي فيها، وأفخر بكل ما تعلمته منها ومن اَهلها وهم اهلي 15 ابنتي الحمدلله مع والدها بأمان أشكركم على دعمكم لي ولأسرتي وعلى مواصلة هذا الدعم. محبتي، ليليان".
ليليان داوود حاصلة على الجنسية البريطانية، وعملت في فضائية "بي بي سي" لمدة 6 سنوات حتى 2008، وتزوجت من المصري خالد البري، وهو طبيب قبل أن يعمل بالصحافة، ولديها منه ابنة اسمها جود، وتم الطلاق بين الطرفين بعد زواج دام 6 سنوات. بعد انطلاق ثورات الربيع العربي فكرت في العمل بإحدى الدول العربية، وقررت العمل بمصر، واستقرت في قناة "أون تي في"، حيث رحب ألبرت شفيق مدير عام القناة السابق بعملها في القناة، ومنحها فرصة تقديم برنامج توك شو اسمه "الصورة الكاملة". وقالت ليليان إنها رحبت بالعمل في تلك القناة، لما لها من توجه سياسي يعبر عن إرادة الشعوب العربية بعد ثورات الربيع العربي. وعند إعلان سقوط محمد مرسي، خرجت ليليان على الشاشة فرحة بسقوطه، وغنت أغنية شادية "يا حبيبتي يا مصر" وبكت قائلة: "هذه هي المرة الثانية التي أكون فيها على الهواء لإعلان سقوط ديكتاتور عربي بعد مبارك".