كاد عيد شم النسيم يكون العيد الوحيد الذي يحتفل به المصريون باختلاف طبقاتهم ومعتقداتهم، فهو ليس عيداً دينياً، أو سياسياً، بل تم توارثه من مصر الفرعونية، ويعتبره المؤرخون أقدم احتفال شعبي عرفه التاريخ بدايةً من قدماء المصريين، فالجميع أي الأغنياء والفقراء، يستمتعون به كل منهم على طريقته، فيتوجه الأغنياء إلى منتجعات بعيدة عن زحام وضوضاء القاهرة، لاسيما التردد على الشواطئ، أو حضور حفلات المطربين في أغلى الفنادق، أما الفقراء فقد كانت حديقة الحيوان وشاطئ النيل والحدائق العامة ملاذهم، ووسط كل ذلك يوجد مواطنون لا يشرعون بتلك الفرحة من تفاقم أوضاعهم الاجتماعية بالفقر والمرض وتواجدهم داخل العشوائيات التي يقطنون بها مع الحشرات والزواحف. تلك المناسبة الفرعونية التي حافظت على وجودها وصمدت على مدار آلاف السنين وتعتبر حشود المحتفلين هدفا للحدائق وعددا من أصحاب الحرف، الجميع يهدفون لجذبهم وتعويض شهور الركود التي تسبب فيها فصل الشتاء، حيث تراهن القناطر الخيرية على اجتذاب نصف مليون زائر أما حديقة الفسطاط فتتوقع أن يكون الاقبال عليها أكثر، وتستهدف حديقة الحيوان جذب الكثير من الطبقة البسيطة. وجبة شم النسيم "شم النسيم" لدى الأسر البسيطة يعتبر عيدا من نوع خاص يلتقي فيه جميع أفراد العائلة ويجتمعون على تناول الفسيخ والرنجة وتتعدد طرق الاحتفال، فالبعض يفضل الجلوس في المنزل ومشاهدة التلفاز مع تناول المقرمشات الرخيصة مثل "اللب والفول السوداني والترمس"، فيبدؤا بالفطار المعتاد سواء الفول أو البيض أو الجبن وفي الغالب يفضل الجميع البدء بالرنجة في الإفطار مع البصل والليمون، حيث يبدأ سعرها من 30 جنيها وتزيد لتصل ربما ل45 جنيهًا حسب جودتها، ناهيك عن سعر البصل الذي يزيد عن 2جنيها للحزمة. الحدائق العامة ملاذ الفقراء أما بالنسبة للذين يفضلون الخروج والتنزه فيبدأ يومهم بالذهاب للحدائق القريبة من منازلهم والتي يبدأ سعر تذكرة الدخول بها جنيهًا واحدًأ، بالإضافة إلى سعر الألعاب الداخلية التي تبدأ من 2 جنيه للعبة، وتزيد حسب جودة المكان، ومنهم من يفضل الذهاب إلى حديقة الحيوان للاحتفال بأعياد الربيع، لبث الفرحة في نفوس أبنائه، ف " كيلو فسيخ وتذكرة لا يزيد سعرها عن خمس جنيهات للفرد الواحد" هي طريقة المصري للاحتفال بيوم شم النسيم، حيث تظل الحدائق العامة بأسعارها الزهيدة متنفس الأسرة المصرية الوحيد بأقل الإمكانيات. فيما يستمتع البعض لذهاب إلى حديقة الأزهر، للاستمتاع بنغمات المزمار البلدي وكاميرات التصوير، متحدين جميع الظروف مهما كانت، وخاصة الأحداث التي تمر بها البلاد سواء سياسية، أو اقتصادية، باصطحاب أكلاتهم المفضلة في هذا العيد معهم، وهي عبارة عن الأسماك المملحة والمدخنة، والبيض الملون التي يتصدر المائدة لاسيما في وجبة الفطور، والبصل الأخضر. فيما تخطف حديث الفسطاط والأرمان، أنظار بعض الأسر، بل كانوا المتنفس الذي يلوذ إليه الناس في "شم النسيم"، التي اتخذوا سمعة واسعة، وتأتيهم الأسر من كل صوب يقضون فيها أحلى أوقاتهم فهما لا يعدوا مكانا واسعا تزدهر فيه الخضرة من كل جانب فحسب، بل يعدوا أماكن تتسم بالجمال لما تضم من مظلات وملاهي للأطفال، هذا إلى جانب الأسعار الرمزية التي تتناسب مع أوضاع الأسر البسيطة. مصايف اليوم الواحد للفقراء هناك أيضا الذهاب لمصايف اليوم الواحد ما تعد واحدة من طرق احتفال الفقراء، من خلال الذهاب لفايد أو جمصة ورأس البر، حيث يبلغ سعر تذكرة الدخول 15 جنيهاً للفرد وتزيد لتصل أحيانا لتصل ل25 جنيها، وهى "البلاجات" البسيطة التي لا يوجد بها أي خدمات سوى المظلات والكراسي على البحر ولو أردت أي مشروبات إضافية عليك دفع ثمنها أولا. النوادي والحفلات متاع الأغنياء والقادرين أما الأغنياء فلهم طرق مختلفة كثيرة عن الفقراء، فالشواطئ في العين السخنة وشرم الشيخ، في شم النسيم لهم فقط وممنوع اقتراب الفقراء، نظرًا لاستحواذ القطاع الخاص والهيئات على جميع الشواطئ، والتي تفرض رسوما مالية كبيرة من أجل دخولها، والبعض الآخر يذهب للنوادي التي لديهم فيها عضوية في الغالب مثل" نادي الصيد، والجزيرة"، والتي تخصص عروضا خاصة في هذا اليوم، لاسيما الحفلات الخاصة لبعض المشاهير. فيما يتجه بعض الشباب أو الأسر الثرية إلى السفر للساحل الشمالي أو العين السخنة ويتم تأجير شاليهات خاصة والتي تصل فب اليوم ل600 جنيه، من أجل الاستجمام نظرًا لأنه يوم إجازة فلا يعتني بكونه عيد أكثر من أنه عطلة لترويح عن النفس. الخيول ملاذ الأغنياء فيما يفضل البعض الذهاب لمزارع الخيل بالهرم بطريق المنصورية، باصطحاب أصدقائهم لقضاء وقت ممتع، والبعض الأخر يخرج مع غروب الشمس للاستقلال بمراكب نيلية للاستمتاع بالجو وسط البحر.