المواطن تحت «خط الجوع» والتجار والدولة يتبادلان الاتهامات يعرف أى مواطن أن وصول سعر الدولار إلى ما يزيد على 11 جنيهاً، يعنى أنه سيقع تحت خط الجوع، مع حالة الجنون فى الأسعار التى أصابت جميع السلع، سواء أساسية لحياته أو ترفيهية للآخرين، وتبدو الدولة عاجزة عن استخدام أساليب سريعة وحاسمة لتحجيم آثار انخفاض قيمة الجنيه، أو السيطرة على جشع التجار الذين يحاولون تحقيق أكبر مكاسب على حساب المواطن الغلبان أو الدولة الغائبة. على الجانب الآخر يؤكد تجار أنهم فى الجانب الخاسر بسبب الغلاء، الذى يتسبب فور حدوثه فى تراجع الطلب على المعروض من السلع، وبالتالى انخفاض فى حركة البيع والأرباح بالتبعية خاصة أن الدولة قللت الدعم على الوقود والكهرباء ما أدى لارتفاع تكلفة النقل، الذى يؤدى بدوره لارتفاع سعر أى منتج. وبين وجهتى النظر المختلفتين، تحاول منظمات الأعمال ووزارة التموين، عبور أزمة ارتفاع الأسعار المتوقعة فى رمضان، بتنفيذ خطوات لتقليل السلع عبر المعارض الكبيرة فى المحافظات، وهى خطوة محدودة تمثل تخفيفاً مؤقتاً للأزمة وليس حلاً حقيقياً لها. أسعار السلع الغذائية شهدت قفزة كبيرة، بعد الملابس والسيارات، خاصة قبل بداية شهر رمضان، قدرها اقتصاديون بنسبة تتراوح من 40 ل60% ما يعتبر مؤشراً سلبياً خاصة مع استغلال التجار للأزمة فى مواجهة المستهلكين. وحسب بيانات المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، قفزت أسعار الأرز بنسبة %100 خلال العام الجارى، مقارنة بالعام الماضى، حيث كان متوسط سعر كيلو الأرز للمستهلك، 4 جنيهات، حيث تجاوز سعره 8 جنيهات حالياً، وأرجع المجلس الزيادة إلى فشل الدولة فى توفير الأرز للبطاقات التموينية من خلال المناقصات، وفرض جمارك على الأرز المستورد، وهو ما أدى إلى اشتعال الأسعار محلياً. اتهام الدولة بالتسبب فى ارتفاع سعر الأرز، أكده أيضاً رجب شحاتة، رئيس الشعبة، بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، والذى قال إن سعر السلعة شهد ارتفاعاً من 4 إلى 4.5 جنيه ومن 5 ل6 جنيهات حسب النوع ومنطقة البيع، مفسراً سبب اتهامه للدولة بأن السياسة التى تتبعها هيئة السلع التموينية فى التعامل مع السلعة هو السبب، مدافعاً عن منتجى الحبوب الموردين للهيئة بأن ارتفاع السعر ليس من مصلحة التجار، لأنه يسبب انخفاضاً فى المبيعات. ووفقاً لبيانات شعبة الحبوب بالغرفة التجارية بالقاهرة، تشهد أسعار البقوليات استقراراً نسبياً مع تزامن موسم حصاد الفول واقتراب شهر رمضان، وتوافر كميات تم استيرادها خلال الفترة الماضية، وتوقعت الشعبة ارتفاع سعر الفول فى رمضان من 5 جنيهات للكيلو خلال الفترة الحالية إلى 8 و10 جنيهات، ولم يشهد سعر المكرونة أى زيادة، حيث سجل سعر الكيلو غير المعبأة 3.25 جنيه، والمعبأة 3.50 جنيه، وفقا للغرفة. على صعيد آخر تشهد أسعار الزيوت والسمن حالة من الزيادة فى ظل ارتفاع سعر الدولار، حيث تستورد مصر أكثر من 90% من استهلاكها وسجل زيت الذرة، 16 جنيهاً مقابل 14 جنيهاً، وزيت الخليط 12 جنيهات مقابل 10 جنيهاً، كما ارتفعت أسعار السمن بأنواعها المختلفة وبلغ سعر علبة السمن 24 جنيهاً مقابل 21 و22 جنيهاً، وتراوحت نسبة زيادة أسعار الزبد المستورد بين 10 و15% نتيجة نقص الكميات المطروحة. وشهدت أسعار السكر ارتفاعاً أيضاً حيث يباع للمستهلك ب 5 و5.5 جنيه بدلاً من 4.5 جنيه للكيلو الواحد، وارتفعت أسعار المعلبات بأنواعها، مثل التونة والصلصة بنسبة 20% مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والشحن، وشهدت أسعار المنظفات الصناعية والدقيق واللحوم المصنعة ومرق الدجاج زيادة بنسبة 25%. وقال عماد عابدين، نائب رئيس الشعبة العامة لمواد البقالة بالغرف التجارية، إن الزيوت والأرز ومنتجات الألبان هى السلع الأكثر ارتفاعاً فى السعر، موضحاً أنها تشهد زيادة بنحو 20% نتيجة لارتفاع مدخلات الإنتاج مع ارتفاع قيمة الدولار أمام العملة المحلية، مشيراً إلى أن السبب فى جنون الأسعار فى السوق هو وجود مجموعة من المحتكرين الذين يتلاعبون فيها. وأشارت شعبة الثروة الداجنة، بغرفة القاهرة التجارية، إلى أن أسعار الدواجن شهدت زيادة بنسبة 15% حيث تباع للمستهلك بأسعار تتراوح بين 22 و23 جنيهاً للكيلو، وشهدت اللحوم البلدية بمحال الجزارة ارتفاعاً بمعدل 5 جنيهات لتتراوح بين 85 و90 جنيهاً للكيلو، كما ارتفعت اللحوم المستوردة بنفس المعدل لتبلغ 39 جنيهاً للكيلو بدلاً من 34 جنيهاً، نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة من الخارج. وتسبب ارتفاع الجمارك فى زيادة أسعار الأسماك بنسبة 15% خاصة مع اقتراب عيد شم النسيم حيث تستورد مصر نحو 500 ألف طن من احتياجاتها من الأسماك، وتراوحت أسعار كيلو السمك البلطى من 13 و14 جنيهاً والماكريل من 15 و20 جنيهاً والسردين من 7 و10 جنيهات للكيلو. وتوقعت شعبة الخضر والفاكهة بالغرفة التجارية للقاهرة، ارتفاع سعر الخضروات والفاكهة مع ارتفاع سعر الدولار خاصة الطماطم التى سيتجاوز سعرها 4 جنيهات، بينما تشهد الفاكهة خلال الفترة الحالية حالة من الركود الكبير مع زيادة المعروض ما يؤدى لانخفاض أسعارها. من جانبه كشف أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، ل"الفجر"، أن اجتماع مجلس الإدارة الأخير للاتحاد، والذى بحث مشكلة ارتفاع الأسعار أسفر عن قرار بأن يقيم الاتحاد بالتعاون مع وزارة التموين، منافذ بيع فى جميع المحافظات تتراوح مساحتها من 30 - 50 ألف متر لبيع السلع الأساسية. وقال الوكيل إن تلك المنافذ ستوفر سلع التموين وسلع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة وبضائع الشركات المنتجة، وستباع بالسعر الذى تحدده وزارة التموين من أجل مساندة محدودى الدخل، وذلك بداية من 15 شعبان وحتى قبل نهاية شهر رمضان. ويرى الدكتور صلاح الدين فهمى، رئيس قسم الاقتصاد فى كلية التجارة جامعة الأزهر، أن التجار استغلوا ارتفاع سعر الدولار، ورفعوا بدورهم الأسعار وذلك فى ظل رقابة غائبة من الدولة، مشيراً إلى أن الرئيس لا يملك عصاً سحرية خاصة مع إجراءات رفع الدعم التى اتخذتها الحكومة سواء فى أسعار الغاز أو الوقود أو الكهرباء ما أدى لرفع أسعار النقل وبالتالى أسعار جميع المنتجات.