وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    «شعبة الأسماك»: 50% ارتفاعًا بسعر الفسيخ عن العام الماضي.. والإقبال أقل من المتوقع    محافظ قنا يتفقد مزرعة الخراف لطرحها للبيع قبل عيد الأضحى    أبرز مستجدات إنشاء وتطوير الموانئ لتحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    الأنباء الفرنسية: إسرائيل تقصف منطقتين طالبت بإخلائهما في رفح الفلسطينية    افتتاح دار واحة الرحمة في العاصمة الإدارية (صور)    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    رقم خرافي.. عرض قطري ضخم ل"علي معلول" يقربه من الرحيل عن الأهلي    فان دايك يكشف موقفه من الرحيل عن ليفربول نهاية الموسم    زياد السيسي يحقق ذهبية تاريخية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    مع شم النسيم.. ضبط محل بحيازته سجائر أجنبية غير مصرح ببيعها بالإسكندرية    10 تعليمات من تعليم القاهرة لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي قبل الامتحانات    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    تعرف على إيرادات فيلم السرب ل أحمد السقا في خامس أيام عرضه    كيف دعم تركي آل الشيخ صديقه محمد عبده بعد إعلان إصابته بالسرطان؟    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    وزير الشباب يشهد "المعسكر المجمع" لأبناء المحافظات الحدودية بمطروح    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    الرئيس الصيني: نعتبر أوروبا شريكًا وتمثل أولوية في سياستنا الخارجية    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    رئيس لجنة الدينية بمجلس النواب: طلب المدد من ال البيت أمر شرعي    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يحقق من لندن.. عملية افتراس مصر فى بريطانيا
نشر في الفجر يوم 13 - 11 - 2015


1- ناصر كامل رجل مبارك الذى ورط السيسى
■ السفير المصرى فى بريطانيا اختار توقيتا خاطئًا للزيارة مع تظاهرات الطلبة ويوم الوفاء للمحاربين القدامى
■ حجز للرئيس فندق «ماندرين» فى منطقة تجارية غير مناسبة لقربها من متاجر هارودز وكازينو للقمار
■ بدعوى الحرص على الأمن اختيرت قاعة فى قسم المحاربين القدامى داخل مستشفى رويال هوسبيتال مكانًا للعشاء الرسمى وكانت غير مناسبة لتعارف رجال الأعمال وضيف الشرف لم يكن وزيرًا مهماً فى الحكومة البريطانية
■ السفارة اعتذرت ل«محمد المقدادى» الذى يستثمر مليار دولار فى مصر ودعت طاهر حلمى المقرب لمبارك والذى هرب من مصر منذ ثورة يناير
■ كلمة الرئيس لرجال الأعمال البريطانيين فى العشاء لم تكن مترجمة
2- الكلب البريطانى يلهث وراء المدرب الأمريكى
■ هناك كاريكاتير يصور مارجريت تاتشر كلبة يجرها من رقبتها رونالد ريجان
الولايات المتحدة استخدمت الحكومة البريطانية فى إحراج السيسى ردًا على تقربه من الروس
■ التنظيم الدولى للإخوان يستخدم اتحاد الجمعيات الإسلامية للطلاب و6 إبريل والرابطة الإسلامية فى بريطانيا و«تحالف أوقفوا الحرب» و«الحملة ضد تجار السلاح» و«الاتحاد الوطنى للطلاب»
■ التايمز وصفت الزيارة بأنها خلت من الابتسامات والمصافحات وسيطر عليها نوع من الغضب البارد المكتوم من الجانب المصرى
■ أول صاروخ انطلق لتدمير الزيارة أطلقه مركز سترانفورد المدعوم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية واعتبر تقرير تابع له أن الجهاديين أسقطوا الطائرة
■ المخابرات الأمريكية دعمت الرواية البريطانية التى تؤكد أن عناصر من داعش نجحت فى إدخال قنبلة فى حقيبة بالطائرة
3- فضائح مهنية فى الصحافة الإنجليزية
الرئيس مع اللورد بول دايتون وزير الدولة السابق والخبير فى مجال البنية الأساسية
■ ال«ديلى ميل» خرجت بقصة وهمية لا تصلح للنشر سوى فى روايات الخيال العلمى ونشرت روايتها مدعومة من وزارة النقل البريطانية
■ صحيفة «صن» نشرت عنوانًا «رئيسيًا» احتل ثلاثة أرباع صفحتها الأولى أن السياح يدفعون رشوة للهروب من الإجراءات الأمنية دون دليل
■ ظلت مصر تتلقى الضربات دون أن تدافع عن نفسها حتى عاد الرئيس إلى القاهرة
■ ظهور رئيس لجنة التحقيق بمفرده دون أعضاء أجانب قلل من مصداقيته ولم يترجم البيان الصادر عنها إلى اللغة الروسية
■ فى مثل هذه الحوادث يصعب علينا إخفاء الحقيقة.. فهناك أطراف أخرى تفتش عنها
■ لم تكن اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق فى الحادث قد أنهت عملها بعد.. بل.. لم تكن قد أجرت عمليات تحسين الصوت على الصندوق الأسود.. لتفرغ ما فيه.. وغالبا ما تستغرق تلك العمليات شهورا ثم أعلنت بريطانيا فجأة أنه حادث إرهابى!
قبل أن نلوم الآخرين علينا أن نحاسب أنفسنا.. حكمة غائبة فرضت نفسها على زيارة الرئيس الأخيرة إلى لندن.
أكثر من دليل يسهل الحصول عليه يثبت فشل السفير المصرى فى لندن ناصر كامل فى ترتيب الزيارة ترتيبا مناسبا.. مما أضعف من تأثيرها قبل أن تفجر حكومة ديفيد كاميرون قضية الطائرة الروسية التى سقطت متحطمة فى سيناء.
لن نراجع علاقة معالى السفير المتينة بنظام مبارك الذى ساهم فى صعوده وتلميعه بتوليه رئاسة هيئة الاستعلامات.. ولن نغضب من خروجه بعدها سفيرا فى باريس.. ليكون هناك مدافعا عن التوريث فى عاصمة مؤثرة إذا ما وقعت الفأس فى الرأس.. ووصل جمال مبارك إلى الحكم.
لكننى.. لن أغفر لوزير الخارجية سامح شكرى تعيينه سفيرا فى بلاط سانت جيمس.. ليكمل المسيرة السيئة لسفرائنا فى لندن.. وآخرهم أشرف الخولى الذى رتب مع عصام الحداد زيارة محمد مرسى إلى العاصمة البريطانية فى 23 يوليو 2013 بعد ضغوط هائلة على الحكومة البريطانية.
وربما.. شعر سامح شكرى بخوف على منصبه من أن يرثه ناصر كامل فعين قنصلاً فى لندن بدرجة سفير منافسا له هو علاء يوسف.. وأعطاه من الاهتمام الكثير وإن كان يستحقه.
لقد اختار ناصر كامل توقيتًا غير مناسب للزيارة.. الأسبوع الأول من نوفمبر.. نفس التوقيت المعتاد الذى تشتعل فيه تظاهرات الطلبة منذ سنوات بعيدة.. وبالفعل خرجت تلك التظاهرات صباح يوم وصول الرئيس تطالب بتخفيض نفقات الدراسة واشتبكت مع الشرطة وسدت الطرق لتحظى بكل ما يتوافر من جذب إعلامى.
وفى نفس الفترة يحتفل البريطانيون بيوم الوفاء للمحاربين القدامى ويحرص كل واحد منهم أن يضع فى عروة سترته زهرة من الورق الملون تشبه زهرة برية نبتت على مقابر الضحايا.
ولم يكن اختيار الفندق الذى نزل فيه الرئيس فندق ماندرين موفقا.. إن موقعه فى منطقة تجارية مزدحمة لقربها من متاجر هارولدز وكازينو للقمار أفقده الخصوصية التى تتميز بها فنادق الشخصيات المهمة.. والمؤكد.. أن هناك فنادق شهيرة تتمتع بتلك الميزة بجانب مراعاة اعتبارات الأمن.
وبدعوى الحرص على الأمن اختيرت قاعة فى قسم المحاربين القدامى داخل مستشفى رويال هوسبيتال لتكون مكانا للعشاء الرسمى الذى دعت إليه السفارة وحضره الرئيس.. مكان غير مناسب ليتحدث فيه الرئيس مروجا للاستثمار.. موائده مستطيلة حرمت رجال الأعمال الجالسين حولها من التعارف والتفاهم.. والأهم.. أن وزير الدولة للتجارة الذى كان ضيف الشرف ليس وزيرا مهما فى الحكومة البريطانية.. ومنصبه الرسمى لا يؤهله أن يكون الشخصية المناسبة (بروتوكوليا) فى حفل يحضره رئيس دولة.. مما يعنى أن السفير لا يملك الثقل أو التأثير الكافى لدعوة شخصية تكافئ الرئيس أو تقترب على الأقل من مقامه الرفيع.
وما زاد السحب الممطرة كثافة أن السفارة اعتذرت لشخصيات ما.. لها وزن استثمارى مؤثر فى مصر عن حضورها العشاء رغم توجيه الدعوة إليها.. وحدث ذلك قبل ساعات قليلة.. مثل محمد المقدادى الذى يستثمر فيما يزيد على المليار دولار تتوزع على مصنع أدوية فى الصعيد وسبعة فنادق فى البحر الأحمر.. ومصنع ألومنيوم.. وألغيت دعوته بالتليفون دون تفسير مناسب.
كما أن هناك من جاء يحمل دعوته لكنه عندما وصل المكان لم يجد اسمه.. مثل حسن الخطيب العضو المنتدب للبنك الأوروبى للتعمير وإعادة البناء.
وفى المقابل دعيت شخصيات هربت من مصر منذ ثورة يناير مثل طاهر حلمى الذى كان مقربا من مبارك وولديه إلى حد منحه أول ترخيص بإذاعة أف أم بتجاوز من قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون كسب من ورائها مئات الملايين.. فهل كانت دعوته نوعا من تذكر الأيام الخوالى؟
ولم تكن هناك ترجمة للكلمة التى ألقاها الرئيس.. فلم تصل رسالته إلى المدعوين من رجال الأعمال البريطانيين الذين حضروا العشاء.
وكانت هناك اقتراحات يمكن أن تعطى الزيارة ثقلا أكثر مما حدث.. كأن يتكلم الرئيس فى البرلمان.. وحمل الاقتراح للسفير مجموعة من اللوردات يشكلون ما يعرف بأصدقاء مصر فى البرلمان.. نفس المجموعة التى بدأت أولى خطوات تمهيد الطريق الصعب بين لندن والقاهرة بعد 30 يونيو وساهمت فى تغيير الصورة التى شاعت فى الدوائر السياسية والإعلامية ووصفت ما جرى بأنه انقلاب.. وقد التقت بالرئيس قبل ترشحه.. كما التقت به مرتين فيما بعد.. آخرها يوم جاءت لتهنئته بالرئاسة متخطية الكثير من القواعد البروتوكولية المستقرة فى بلادهم.
وحسب ما عرفت فإن القاعة التى اختيرت ليلقى فيها الرئيس كلمته تعد أفضل قاعات البرلمان وربما وصفت بالقاعة الملكية لتردد الملكة عليها عادة.
وكان البديل ضعيفا.. اختيار 32 نائبا فى البرلمان ليلتقوا بالرئيس فى الفندق مما أضعف الحدث فى بلد يحكمه البرلمان المكون من مجلسين.. مجلس العموم (650 عضواً) ومجلس اللوردات 800 عضو.
ورفض النواب الذين التقوا بالرئيس أن يشاركهم فى اللقاء وزير شئون الشرق الأوسط بصفته شخصية حكومية ولكن السفير أصر على دعوته غير مستوعب طبيعة الصراع الطبيعى بين السلطات.
لقد اعتدنا على اختيار سفير فى لندن غالبا ما يهتم باستقبال كبار المسئولين وعائلاتهم أكثر من اهتمامه بالدولة ومصالحها.. لذلك كانت خبرة أكثرهم بالشوبنج أكثر من الخبرات الدبوماسية والعلاقات السياسية.
يعرف أقل المراقبين فهما أن السياسة البريطانية تسير خطوة تنظيم على خط السياسة الأمريكية.. وهناك كاريكاتير يصور مارجريت تاتشر كلبا يجره من رقبته رونالد ريجان.. وتكرر الكاريكاتير.. لكن.. بتغيير الأشخاص.. تونى بلير وجورج بوش.
ولذلك.. كان متوقعا أن تستخدم الولايات المتحدة الحكومة البريطانية فى إحراج الرئيس ردا على سياسته الخارجية المتحررة من التبعية الأمريكية.. والمنفتحة على قوى دولية أخرى مثل روسيا والصين وفرنسا والمانيا.
لكن.. انحصرت التوقعات فى استخدام التنظيم الدولى للإخوان فى التأثير على الزيارة.. بتظاهرات تشارك فيها مجموعات تمول منه مثل اتحاد الجمعيات الإسلامية للطلاب وحركة شباب السادس من إبريل والرابطة الإسلامية فى بريطانيا وتحالف أوقفوا الحرب والحملة ضد تجارة السلاح والاتحاد الوطنى للطلاب.. وقد التقى ممثلون عنها عشية الزيارة فى مبنى تشرش هاوس حسب ما نشرت صحيفة الجارديان على موقعها الإلكترونى.
وكان هدف التظاهرات حسب ما ذكر سامح شافعى منسق جماعة تطلق على نفسها أوقفوا السيسى إظهار أن الرئيس المصرى غير محبوب من شعبه على خلاف ما يظهر.. ولكن.. لم يستطع أحد إثبات ذلك.. فعدد المتظاهرين المعارضين عند مقر الحكومة «10 داوننج ستريت» كان أضعف بكثير من عدد المصريين المؤيدين رغم أن المسافة التى فصلت بينهما لم تزد عن عشرة أمتار.
واضطرت الشرطة البريطانية إلى إزاحة خمسة أشخاص استلقوا على الأرض متظاهرين بأنهم موتى خارج بوابات داوننج ستريت فى محاولة لإعاقة الطريق أمام الرئيس.
وكانت هناك توقعات بأن تطالب المعارضة البريطانية بإلغاء الزيارة أو ترفضها أو تهاجمها.. وتولى هذه المهمة زعيم حزب العمال جيريمى كوريين.. وكريسبن بلانت رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس العموم ووزير العدل الأسبق.. وجون ماكدويل وزير الخزانة فى حكومة الظل.. وديان أبوت وزيرة التنمية الدولية فى نفس الحكومة.. وغيرهم.
بجانب توقعات أخرى أكثر إثارة يقوم بها اللورد كين ماكدونالد المدعى العام الأسبق الذى استأجره الإخوان لرفع قضايا دولية ضد رموز النظام الدولى أمام المحكمة الجنائية أو أمام القضاء البريطانى.
وأتصور أن الخارجية المصرية كانت على علم مسبق بتلك التوقعات ويمكن القول إنها وضعتها فى حجمها المحدود التأثير.
لكن.. ما لم يكن متوقعا أن تنفجر قضية الطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء مثل عبوة ناسفة فى وجه الزيارة وبعد ساعات قليلة من وصول الرئيس إلى لندن.
لقد توقعنا أن تأتى الضربة من جهة ما فجاءت من جهة أخرى.
وحسب ما عرفت فإن نقاشا جرى بين الرئيس ومساعديه دار حول سؤال مباشر: هل يستكمل الزيارة أم يرفضها قبل أن تبدأ؟
وقد جرت مناقشات مستفيضة لم أعرف الوقت الذى استغرقته انتهت بترجيح إيجابيات البقاء على سلبيات الرحيل.
لكن.. استمرار الزيارة جعلها باردة.. بل ربما أشد برودة من شتاء لندن.
صباح اليوم الذى غادر فيه الرئيس لندن نشرت صحيفة التايمز على موقعها الإلكترونى افتتاحية بعنوان موقف مصر الصعب وصفت فيها الزيارة بأنها خلت من الابتسامات والمصافحات.. وسيطر عليها نوع من الغضب البارد المكتوم من الجانب المصرى.
لقد اعتبرت مصر طرح حادث الطائرة دون حسم فى سبب سقوطها علامة على عدم الاحترام وسابقة لأوانها وغير مبررة من الجانب البريطانى.
وحسب الصحيفة نفسها فإن مصر انتقدت بريطانيا لعدم تمريرها معلومات بشأن تورط عنصر إرهابى فى حادث الطائرة واكتفت بإلغاء رحلاتها التجارية إلى شرم الشيخ أهم مقصد سياحى فى مصر.
وما يدعم ذلك أن مسئولى الأمن فى مصر عندما سألوا نظراءهم فى غالبية دول العالم عما لديهم من معلومات عن الحادث لم يجدوا سوى إجابة واحدة ليس لدنيا معلومات.. فلم خرجت معلوماتهم فور هبوط طائرة الرئيس؟
وحسب ما أضافت التايمز فإن تحطم الطائرة جلب معه بطريقة مروعة الرسالة المركزية للرئيس السيسى والتى تقول إن هناك حاجة لأن تكون القاهرة شريكا كاملا فى مكافحة انتشار شبكات الإرهاب.
لقد تحدث الرئيس صباح يوم الزيارة إلى كون كولجين محرر شئون الدفاع فى صحيفة ديلى تلجراف مطالبا بريطانيا بمساعدة ليبيا التى شاركت الناتو فى تدميرها بوقف تدفق التمويل والتسليح للإرهابيين لكى تنجو من مصير الدولة الفاشلة التى أصاب سوريا مضيفا: إن ليبيا خطر علينا جميعا.
وتساند مصر قوات حفتر وترى أنه نجح فى جمع شتات جيشه لمواجهة التنظيمات المسلحة ولكن القوى المناوئة «المدعومة من قطر وتركيا» تخشى من تصاعد نفوذه السياسى وفوزه فى الانتخابات لو أجريت.. وقد وافقت الأطراف المتصارعة فى الداخل والخارج على فرض حصار لمنع تدفق الأسلحة لكن ذلك لم يستمر أكثر من ثلاثة أسابيع تسللت بعدها شحنات متنوعة ومكثفة إلى داعش وأخوتها.
أول صاروخ انطلق لتدمير الزيارة أطلقه مركز ستراتفورد المدعوم من وكالة المخابرات المركزية (الأمريكية) والمعبر عنها.
قبل أن تبدأ الزيارة بيومين خرج من المركز تقرير تحليلى بعنوان ما الذى اسقط الطائرة 9268؟.. جاء فيه:
على الرغم من أن أسرارًا كثيرة لا تزال تحيط بحادث الطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء فى 31 أكتوبر بعد فترة وجيزة من ارتفاعها إلى 9500 متر (31 ألف قدم) مما أسفر عن قتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 مسافرا بجانب أفراد الطاقم الذى كان عليها.
على الرغم من عدم استبعاد إمكانية تعرض هيكل الطائرة إلى متاعب داخلية فإن مثل هذا التفسير لا يناسب طبيعة الحادث.. معظم حوادث الطائرات الناتجة عن تلك المتاعب يحدث بسبب الإجهاد الذى يصيب الطائرة عند الإقلاع أو الهبوط.. ومن غير المألوف أن تسقط الطائرة بعد ارتفاعها فى السماء.
ومن المرجح أيضا أن الجهاديين فى سيناء (لاحظ استخدام تعبير الجهاديين) قد أسقطوا الطائرة.. لكن.. من الصعب إسقاطها بصاروخ كما نجحوا من قبل مع هيلكوبتر مصرية.. فليس هناك ما يشير إلى ارتطام الطائرة الروسية بشىء من خارجها.
ولو كان الحادث بسبب عطل كهربائى فإن من المرجح فى هذه الحالة أن يكون الطيار قادرا على المناورة بالطائرة بحيث ينجح فى الهبوط بها على الأرض دون خسائر بشرية تذكر.
ولاستبعاد هذه السيناريوهات المختلفة يبدو أن التفسير الأكثر احتمالا يتركز فى وجود عبوة ناسفة على متن الطائرة.
لقد ركز الجهاديون لفترة طويلة على مهاجمة الطائرات بقنابل.. فالطائرات تعد أهدافا جذابة ليس فقط لأنها هشة مما يسهل إحداث الضرر بكمية صغيرة نسبيا من المتفجرات ولكن أيضا لأن الهجمات السابقة على الطائرات أسفرت عن قدر هائل من اهتمام وسائل الإعلام التى تساهم فى تضخيم الإحساس بالإرهاب لدى البشر.
وسبق أن أسقط انتحاريون من الشيشان طائرة روسية.. كما نسفت عاملتان فى مطار روسى طائرتين باستخدام عبوات ناسفة.. وحاول تنظيم القاعدة أن يفعل الشىء نفسه فى العديد من الحالات.. مثل وضع متفجرات فى حذاء راكب.. أو تفجير طائرة بتركيب سوائل ناسفة قبل هبوطها.. بل.. ووضعت متفجرات فى ملابس داخلية فى محاولة ثالثة.
والحقيقة أنه بصرف النظر عن حجم تأمين المطارات وابتكار أساليب أمنية جديدة إلا أن ذلك لا يمنع بشكل قاطع إمكانية أن ينجح شخص ما فى تهريب متفجرات.. إذ تظهر الأدلة أن الطائرة سقطت نتيجة عبوة ناسفة.. وعلى الرأى العام الحفاظ على قدر من الواقعية فيما يتعلق بجهود تأمين الطيران وعدم المطالبة باتخاذ إجراءات احترازية مبالغ فيها.. والواقع أن تكاليف مثل هذه العمليات التأمينية باهظة للغاية.. وفى نفس الوقت لن تكون قادرة على توفير الأمن الكامل للركاب.. العالم مكان خطر.. سيكون هناك دائما أناس يرغبون فى القيام بأعمال رهيبة ضد غيرهم من البشر وفى أحيان ما سوف ينجحون.
انتهى تقرير سترتفورد.
لكن.. لم تنته تداعياته.
لقد أشارت المخابرات البريطانية إلى أنها رصدت رسائل إلكترونية تشير إلى نجاح داعش فى تهريب حقيبة على متن الطائرة الروسية قبل إقلاعها بها قنبلة تسببت فى تفجير الطائرة وتناثر حطامها فى دائرة قطرها 13 كيومترًا.
ودعمت المخابرات الأمريكية الرواية نفسها مضيفة: إن تلك الرسائل سجلت حوارا بين أشخاص من داعش فى مصر وسوريا يدور حول نجاح التنظيم فى تفجير الطائرة.. وحسب صحيفة تليجراف فإن محتوى الرسائل أقنع المحللين أن القنبلة وضعت على متن الطائرة بيد مسافر أو أحد عمال مطار شرم الشيخ.. وأقنع الحكومة البريطانية بعقد اجتماع عاجل لمجموعة الكوبرا «على اسم أفعى الكوبرا» التى تدير الأزمات لتتخذ قرارا بإيقاف الطائرات المتجهة إلى شرم الشيخ إلا لإعادة نحو 20 ألف سائح بريطانى كانوا هناك.
لم تكن اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق فى الحادث قد أنهت عملها بعد.. بل.. لم تكن قد أجرت عمليات تحسين الصوت على الصندوق الأسود.. لتفرغ ما فيه.. وهذه العمليات تحتاج وقتا.. فالصوت غالبا ما يكون ضعيفا بسبب تعرض الصندوق الأسود للحادث.. وغالبا ما تستغرق تلك العمليات شهورا حسب خبرات سابقة.
لذلك.. بدا غريبا أن تكشف بريطانيا عما وصفته بمعلومات مخابراتية يوم وصول الرئيس إلى لندن.. فلو كان ما كشف تأخر إلى ما بعد الزيارة التى لم تزد عن ثلاثة أيام ما كان شىء قد حدث.. مما يعنى أن الهدف كان ضرب الزيارة.
وما يلفت النظر دخول الرئيس الأمريكى على الخط بمكالمة هاتفية لقناة تليفزيونية أمريكية مشيرا إلى تفجير الطائرة بقنبلة.. ويمكن وصف ما فعل بأنه أمر غير معتاد من رئيس أكبر دولة فى العالم.. لكنه.. أراد على ما يبدو استخدام الحادث مهما كان سببه فى الانتقام من الرئيس الذى خرج عن طوع التبعية الأمريكية خشية أن يكون نموذجا يتكرر فى دول أخرى.
لقد تكرر السيناريو التاريخى الذى فرض على تحجيم مصر أيام محمد على وطوال سنوات حكم جمال عبد الناصر.. لا أحد يرفع رأسه أكثر مما يسمح له.. وإلا أطيح به.
وتؤمن الجهات النافذة فى مصر أن مؤامرة تقسيم المنطقة بدأت بعد شهور قليلة من حرب أكتوبر واستغلت التناقضات الداخلية (السياسية والطائفية والعرقية والثقافية) لتصل بنا إلى ما حدث فى السودان والعراق وليبيا وسوريا واليمن دون أن تيأس من تكرار المحاولات مع مصر لتصبح صومالا أخرى حسب تعبير استخدمه خيرت الشاطر عندما طالبوه بانتخابات رئاسية جديدة قبل ثورة 30 يونيو.
وفور أن قويت علاقات مصر بالسعودية والإمارات سعت القوى المضادة لتخريبها معبرة عن رغبة حادة فى إسقاط النظام فى الرياض لإعادة تخطيط المنطقة ورسم حدود دولها بعد تفكيكها.
وكان مخططا أن يسقط الرئيس السيسى قبل سنة من حكمه مثله مثل محمد مرسى وعندما فشل التدبير لم يحبط واضعوه بل راحوا يضيفون إليه عناصر أخرى مثل إثارة الفزع بين رجال الأعمال لتحويل أموالهم إلى الخارج.. والترويج للإحباط بسبب مشاكل مزمنة تمتد إلى نظم سابقة.. وتعرضت قناة السويس إلى خمس عمليات إرهابية فاشلة كان الهدف منها تدخل شركات التأمين لرفع ما تفرضه على السفن إلى حد اعتبار المرور فى القناة أكثر تكلفة من المرور فى طرق بحرية أخرى.. وحرمت دول عربية صديقة ومساندة لمصر من صفقات سلاح كانت قد تعاقدت عليها.. ووصلت الأمور إلى مداها عندما سدت بالوعات تصريف المياه فى الإسكندرية بالأسمنت قبل ستة شهور لكى تغرق المدينة فى مياه الأمطار.. والأهم فإن توحد الشعب فى 30 يونيو يجب أن يتمزق ولو بالتقسيط أو التنقيط.
فى المؤتمر الصحفى الذى عقده السيسى وكاميرون وجه صحفى بريطانى سؤالا لرئيس حكومته عن سبب إجلاء البريطانيين من شرم الشيخ رغم أن روسيا لم تفكر فى ذلك مع أنها الدولة المضارة من الحادث؟
كان السؤال خبيثا فقد منح كاميرون ليقول: إننى أخاف على كل مواطن من بلادى ولو كان الخطر بعيدا عنه.. وشكلت الإجابة إحراجا للرئيس الروسى بوتين.. فما كان منه إلا أن قرر سحب 79 ألف سائح روسى من شرم الشيخ عبر جسر جوى.. وفتحت تركيا بلادها لاستقبالهم.
وهوى القرار على ظهر السياحة المصرية التى كان وزيرها ورجالها فى لندن يحضرون سوقا سنويا للترويج لها.. انتهى بالنسبة لنا فور أن بدأ.
والتفسير السياسى الملائم لما جرى أن روسيا تعاقب على تدخلها فى سوريا.. وحتى لا يمتد تدخلها إلى ليبيا.. فلازال الغرب يعتبر المنطقة من أملاكه التى يتصرف فيها كما يشاء.. ولم يقبل من عبد الناصر فتحها أمام الاتحاد السوفيتى منذ توقيع أولى صفقات الأسلحة معه عام 1954.. ولن يقبل من السيسى إعادة الروس إليها.
وترى الولايات المتحدة وبريطانيا أن منافسة روسيا لبناء محطات الكهرباء النووية فى مصر بتكلفة تقل عشرة مليارات دولار عن سعرها فى الغرب أمر لا يمكن السكوت عليه.. كما أن خروج مصر من دائرة نفوذ السلاح الأمريكى أمر آخر لا يمكن السكوت عليه.. بجانب ما هو أخطر.. تنمية العلاقات بين السعودية والإمارات والكويت مع موسكو بعد أن كانت فى وقت سابق من المحرمات السياسية القاطعة.
كل هذه الشواهد تؤكد أن تفجير حادث الطائرة فى توقيت زيارة الرئيس عملية سياسية أكثر منها مخابراتية.
وربما.. كانت أولى عمليات الحرب الباردة التى عادت من جديد بين الشرق والغرب وكانت سائدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى سقوط حائط برلين وتفكك الاتحاد السوفيتى.
حسب صحيفة الجارديان فإن الثمن البشرى لمغامرة بوتين فى سوريا قد يكون غاليا.. موحية بأن حادث الطائرة كان انتقاما منه.
وأضافت : إن التدخل الروسى جاء فجأة الشهر الماضى بعد زيارة سريعة وسرية للرئيس بشار الأسد لدعم نظامه المتداعى مبررا أن الهدف ضرب مواقع داعش وإن اتهم بضرب قوات المعارضة أيضا.
واستطردت : إن معاداة تنظيم داعش وضع بوتين بلاده فى خط النار والرأى العام الروسى لن يكون راضيا عن تعريض حياة أبنائه للخطر.
ويصبح السؤال المهم الذى فات الصحيفة أن تسأله : إذا كان التحالف الغربى يشن من جانبه غارات على داعش فلم لم يتعرض لنفس المصير؟
وربما كانت الإجابة الوحيدة: إن الغرب الذى صنع داعش لا يواجهها بنفس القوة التى تقضى عليها وكل ما يحدث لا يزيد عن عمليات دعائية أكثر منها حربية لذلك لا يخشى أحد فى الغرب من انتقام داعش الذى نجح فى تجنيد نحو سبعة آلاف من شباب فرنسا وألمانيا بينهم 750 بريطانيًا.
وفى تقديرات المحللين فإن بوتين سوف يعيد السياحة الروسية إلى مصر بعد فترة وجيزة لرد الضربة التى تلقاها من الغرب لينتصر فى جولة جديدة من جولات الحرب الباردة التى هزم فى أولاها.
وما يدعم ذلك أنه اتصل بالرئيس مبررا ومفسرا وشارحا ملابسات قراره.. بجانب أن الرجلين بينهما الكثير من التفاهم يصعب تخفيضه أو التأثير عليه.
تعرضت مصر إلى حالة افتراس من الميديا البريطانية بعد أن جرى ما جرى.
تسابقت الصحف اليومية على وضع ما وصف بالمعلومات المخابراتية عن الطائرة فى الصفحات الأولى.. وافردت صفحات داخلية لطوابير المغادرين من شرم الشيخ.. ولم تتردد صحف الإثارة (التبلويد) فى النزول إلى الحلبة بكل ما تملك من مواهب الفبركة التحريرية المفضوحة.
يوم غادر الرئيس خرجت ديلى ميل بقصة وهمية لا تصلح للنشر فى روايات الخيال العلمى: إن طائرة بريطانية كانت تحمل 189 راكبا تعرضت لهجوم من صاروخ على بعد ألف قدم وعند اقترابها من شرم الشيخ رصد الطيار صاروخا مسرعا فى الهواء فغير من مسارها مراوغا حتى هبط بسلام دون إبلاغ السياح الذين كانوا على متنها أنهم كانوا على بعد ثانية من كارثة.
وحسب الصحيفة نفسها فإن وزارة النقل البريطانية أكدت الحادثة التى تعرضت لها الطائرة التابعة لشركة طومسون يوم 23 أغسطس أى قبل شهرين فقط من سقوط الطائرة الروسية.. وقالت مصادر (لم يكشف عنها) إن الطيار كان فى كابينته عندما شاهد الصاروخ قادما نحو الطائرة فأمر بالدوران إلى اليسار لتفادى الصاروخ.
لم يعرف طاقم الطائرة الخمسة بالحادث إلا بعد هبوط الطائرة وعرض عليهم بعد إصابتهم بالرعب البقاء ليلة فى مصر ولكنهم اختاروا العودة مباشرة إلى بريطانيا على متن طائرة اقلعت دون أضواء داخلية أو خارجية.
وأضافت تلك المصادر المجهولة: إن طائرة أخرى رصدت الصاروخ أثناء اقترابها من شرم الشيخ.
ودون مجهود فى تفنيد تلك الرواية نفتها سلطات النقل فى بريطانيا وأكدت أنها نوع من خيال لا يصيب صاحبه إلا تحت تناول المخدرات شديدة التأثير.
وقبل يوم نشرت صحيفة صن عنوانا رئيسيا عريضا احتل ثلاثة أرباع صفحتها الأولى أن السياح فى شرم الشيخ يدفعون 15 جنيها إسترلينيا للهروب من إجراءات التفتيش.. ونشرت بجانب المانشت صورة صغيرة لا يزيد حجمها عن طابع البوستة لضابط شرطة مصرى برتبة رائد وهو يمسك بجواز سفر موحيا بسبب صغر الحجم بأنه يحمل الرشوة التى تتحدث عنها.
ورغم أنه لا دليل على ما نشرت الصحيفة فإن ذلك للاسف يحدث فى مطاراتنا.. بل أكثر من ذلك نجد مشاهد لعدد هائل من منتظرى الركاب المهمين داخل صالات الوصول يحمل كل منهم لافتة باسم من ينتظره.. كما يجرى التساهل أحيانا مع تفتيش الشخصيات المهمة مما يسبب غضبًا لغيرها.
وقد ظلت مصر تتلقى تلك الضربات المتتالية دون أن تدافع عن نفسها حتى وصل الرئيس عائدًا إلى القاهرة.. نفى وزير الخارجية أن تلقى مصر معلومات من أحد عن حادث الطائرة.. وأعلن عن مؤتمر صحفى لرئيس لجنة التحقيق وهنا يمكن القول أن الرجل ظهر بمفرده دون أعضاء أجانب من اللجنة مما قلل من مصداقيته خاصة أن مصادر للأخبار نسبت لبعضهم دون أسماء أنهم باتوا مقتنعين بأن السقوط سببه قنبلة رغم أن مصر مصرة على عدم وجود آثار لمواد متفجرة على بقايا الطائرة.. وكانت حجة أعضاء اللجنة الذين رفضوا الظهور أنهم خبراء لا يجيدون الظهور أمام الكاميرات.. على أنهم كما عرفت وقعوا جميعا على البيان الصادر عن اللجنة بما يجعلنا نتساءل: لم لا ينشر البيان بتوقيعاتهم؟.. والسؤال الآخر: لم لم تصدر ترجمة روسية للبيان وكانت فى هذه الحالة أهم من اللغة الإنجليزية؟
ولم أسمع من مسئول مصرى واحد أن بريطانيا شريك لمصر فيما حدث خاصة بعد الكشف عن الاستعانة بخبراء أمنيين منها لمراجعة إجراءات السلامة فى شرم الشيخ أولاً بأول منذ عام 2014؟
وكان الجانب البريطانى قد عرض أن تقوم شركات بريطانية بتأمين مطار شرم الشيخ وحسب تصورى لا أرى فى ذلك مانعا.. لأن التأمين لن يمتد إلى الإدارة أو إلى الجوازات.. الأهم فى المطارات.. لو حدث ذلك فإنهم سيكونون مسئولين عما سيحدث لا سمح الله.. ثم ما الفرق بين أن يشرف على إجراءات الأمن «كما يحدث الآن» ويدير «كما يريدون».. على الأقل فى الاختيار الأخير سيكونون مسئولين مسئولية كاملة بما فى ذلك التعويضات.
إن التعويضات تدفعها الشركة المالكة للطائرة المنكوبة ولكنها يمكنها أن تعود بالتعويض على الدولة لو كانت مسئولة عن الحادث.
لكن أهم من التعويضات أن شرم الشيخ تجلب للدخل القومى النسبة الغالبة من إيرادات السياحة وفيها استثمارات تزيد على 200 مليار جنيه.
لقد سبق أن رفضت دول الاتحاد الأوروبى استقبال البطاطس المصرية بدعوى أنها بها نوع من العفن فاقترحت غرفة التجارة المشتركة بين البلدين أن يشرف الجانب الأوروبى على تعبئة البطاطس وشحنها من مصر ووافق الجانب الأوروبى بل وتحمل النفقات اللازمة.
وفى مثل هذه الحوادث يصعب علينا إخفاء الحقيقة.. فهناك أطراف أخرى تفتش عنها.. مثل شركة السياحة الناقلة.. وشركة الطيران المالكة.. وشركة الطيران المصنعة.. والدولة التى تحمل الطائرة علمها.
لو كان سيناريو القنبلة صحيحا فعلينا الاعتراف به.. والاستفادة منه.
وربما يفيد تقوية الروح المعنوية للمصريين ببث البرامج التليفزيونية من شرم الشيخ ولكن لابد بجانبها من مخاطبة العالم بلغته وبما يقنعه بعودة السياحة لبلد آمن.. وأهم ما يمكن أن يقال أن الإرهاب لا حدود له فالعقول الشريرة لا تتوقف عن التآمر والابتكار مهما كانت الإجراءات الأمنية.. ليس هذا مبررا لكنه أمر واقع عاشته الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا نفسها وراجعوا السجلات قبل وبعد أحداث سبتمبر 2001 التى وصل فيها الإرهاب إلى البنتاجون وأجبرت الرئيس الأمريكى على الهروب بعيدا.
والأهم الآن دعم السياحة فى شرم الشيخ بحقن عاجلة منها دعوة المصريين إليها بجانب اقتراحات سمعتها من المستثمرين أهمها أنهم مستعدون لتحمل العمالة مقابل جدولة ديونهم وإلغاء الفائدة عليها.. وهنا لا بد من التفاوض بينهم وبين رئيس الحكومة للوصول إلى اتفاق يرضى جميع الأطراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.