قالت صحيفة الحياة اللندنية، إنه على رغم أن محافظة شمال سيناء المصرية من المحافظات ذات التمثيل النسبي الضعيف في البرلمان المقبل، إذ سيمثلها 5 نواب يتنافسون على المقاعد الفردية وتقع ضمن 7 محافظات خُصص لها 15 مقعداً في نظام القوائم، إلا أن الاقتراع فيها يحظى باهتمام استثنائي سواء من قبل السلطات، خصوصاً الأجهزة العسكرية والأمنية، أو الإعلام. ويمثل إجراء الاقتراع في دوائر شمال سيناء بيسر ومن دون حوادث أمنية مؤثرة تحدياً للسلطات واختباراً للحملة العسكرية والأمنية المستمرة فيها منذ نحو عامين لمواجهة جماعة «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش». وأعلن الجيش قبل أسابيع تحقيق نجاحات بانتهاء المرحلة الأولى لأكبر عملية عسكرية يطلقها في شبه الجزيرة بمقتل «مئات المسلحين» والسيطرة على الطرق الرئيسة بين مدن العريش والشيخ زويد ورفح. وأطلق مرحلة ثانية من العملية بهدف إحكام السيطرة على تلك المدن من الداخل. وسيكون الاقتراع في شمال سيناء أول اختبار لتلك الإجراءات. وتقع شمال سيناء ضمن 7 محافظات فازت قائمة «في حب مصر» بالتزكية ب15 مقعداً مُخصصة لها لنظام القوائم، في ظل عدم منافسة أي قوائم أخرى على تلك المقاعد. أما بالنسبة إلى المقاعد الفردية، فقُسمت المحافظة إلى 4 دوائر تضم 5 مقاعد هي العريش ولها مقعدان، رفح والشيخ زويد، بئر العبد، وسط سيناء، ولكل منها مقعد واحد. وسيجري الاقتراع الأول في المحافظة الواقعة ضمن محافظات المرحلة الثانية يومي 22 و23 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وبحسب شهود عيان من أهالي مدن العريش ورفح والشيخ زويد، تغيب تماماً مظاهر للانتخابات عن هذه المدن، أما وسط سيناء وبئر العبد فتظهر فيهما استعدادات الاقتراع. وتقع مدن العريش والشيخ زويد ورفح ضمن مثلث العمليات الذي يشهد مواجهات بين الجيش و «داعش»، ولا توجد فيها ملصقات انتخابية للمرشحين، ولا جولات ميدانية ولا حتى لقاءات قبلية. وعلى رغم أن الدعاية الانتخابية في محافظات المرحلة الثانية تبدأ قانوناً في 2 (نوفمبر) المقبل، إلا أن غالبية المرشحين يخرقون بشكل أو بآخر ذلك الشرط القانوني، ولو حتى بالجولات الانتخابية خصوصاً في المناطق الريفية في الدلتا والقبلية في سيناء والصعيد. وسُجل حادث لافت أربك مشهد الانتخابات في سيناء، باغتيال مرشح حزب «النور» السلفي في العريش مصطفى عبدالرحمن أمام منزله، بعدما أمطره ملثمون بالرصاص. وقالت وزارة الداخلية إن معلوماتها دلت على أن «تكفيريين» وراء الاعتداء. وأعلنت في وقت لاحق قتل شخص «متورط في الاغتيال». وساد توتر في العريش بعد اغتيال مرشح الحزب السلفي، وهو لا يتحدر من قبائل سيناء، وأصوله من جنوب مصر. وكان مسلحون وزعوا منشورات في سيناء قبل بضعة شهور حذروا فيها من الانخراط في العملية الانتخابية، سواء ترشيحاً أو تصويتاً. وبعد اغتياله، أعلن مرشحون عن دائرة العريش اعتزامهم الانسحاب من العملية الانتخابية، لكن من دون اتخاذ إجراء قانوني، فوفقاً للجدول الزمني للاقتراع سيُفتح باب التنازل عن الترشح في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ويتنافس 20 مرشحاً على المقعدين الفرديين في مدينة العريش و4 مرشحين على مقعد رفح والشيخ زويد، بينهم امرأة من الأهالي الذين تم تهجيرهم من المنازل الملاصقة للشريط الحدودي مع قطاع غزة والتي تم إخلاؤها لعمل منطقة عازلة في إطار خطة المواجهة مع المسلحين. وقال أحد شيوخ قبائل سيناء فضل عدم نشر اسمه، للصحيفة، إن أهالي وشيوخ قبائل يطالبون مرشحيهم بالانسحاب من الانتخابات بسبب الأوضاع الأمنية وبعض التجاوزات التي ترتكب بحقهم من السلطات. وأوضح أن مدينة العريش ظلت بمنأى عن عمليات العنف نسبياً، لكن بدأ مسار العنف في المدينة يتصاعد أخيراً مع هدوء الأوضاع في الشيخ زويد ورفح. وقُتل ضباط وجنود في الشرطة خلال الأسابيع الماضية بانفجار عبوات ناسفة يزرعها مجهولون على جوانب الطرق في العريش تحديداً. وتكررت تلك الهجمات في شكل مطرد، ما دفع قوات الجيش والشرطة إلى شن حملات دهم مكثفة في المدينة لضبط الخلية المسؤولة عن زرع تلك العبوات الناسفة. وقال الشيخ القبلي: «في رفح والشيخ زويد والعريش، لا توجد أي مظاهر للانتخابات، على عكس بئر العبد ووسط سيناء. في المدن الملتهبة، المرشحون عنها أصلاً لا يقيمون فيها خشية استهدافهم، ويكتفون بمكالمات هاتفية مع شيوخ القبائل التي لن تقاطع الانتخابات، أو زيارات إلى دواوين تلك القبائل تتم في سرية». واعتبر أن «اغتيال مرشح حزب النور أربك المشهد وزاد من مخاوف المرشحين الذين يتخذون أصلاً إجراءات احترازية مُشددة». وأضاف أن «هناك شيوخ قبائل سحبوا دعمهم لمرشحين، وطالبوهم بالانسحاب بعد اغتيال مرشح حزب النور، وبعد أن زادت معدلات التفجيرات في العريش... الوضع سيتضح خلال الأيام المقبلة، وأتوقع أن يسحب مرشحون ترشيحهم. الوضع صار مرتبكاً، خصوصاً في العريش». وقال: «على رغم أن الشيخ زويد ورفح من البؤر الأخطر وفيها الأوضاع أصعب في ما يخص المواجهات بين الأمن والإرهابيين، إلا أن أهالي العريش يشعرون بقلق متزايد بعدما زادت وتيرة العنف في المدينة التي كانت ملاذاً لأهالي رفح والشيخ زويد الفارين من تلك المواجهات. لم يعد أحد من المرشحين يقوم بدعاية علنية، ولا حتى جولات، وبعد اغتيال مرشح النور أتوقع ألا يُقدم المرشحون حتى على زيارة دوائرهم». لكن المرشح المستقل في مدينة العريش جمال البنديري قال إن عدم وجود أي دعايات في مدن سيناء يرجع إلى التزام المرشحين بالجدول الزمني للدعاية الذي أعلنته اللجنة العليا للانتخابات، لافتاً إلى أن «بعض المرشحين (وهو منهم) يزور دواوين عائلات وقبائل على نطاق ضيق لعرض برنامجه الانتخابي، وحضهم على الاقتراع في الانتخابات لأهميتها، خصوصاً بالنسبة إلى سيناء». وأوضح أن «حظر التجوال في سيناء يفرض بعض القيود على حركة المرشحين». ومدد الرئيس عبدالفتاح السيسي منتصف الأسبوع الجاري حال الطوارئ في شمال سيناء، وحظر التجول في مناطق محددة فيها لمدة 3 شهور. وأضاف البنديري: «قطعاً اغتيال مرشح النور أصابنا بالصدمة، ونحن ندين هذه الجريمة. هناك مرشحون تردد أنهم سينسحبون من الانتخابات، لكن لم يتخذ أي منهم إجراء رسمياً. الأمر لا يخرج عن كونه استعراضاً إعلامياً». وأوضح أن «هناك من يقول إن علينا المقاطعة والانسحاب من الانتخابات، لكن نحن نخوض الانتخابات مدفوعين بالهم الوطني. ندرك جيداً الظروف المحيطة بنا، وصعوبتها خصوصاً في سيناء، لكننا لسنا أقل من الجنود الذين يسقطون في سيناء لمصلحة الدولة». ولفت إلى أن «هناك من يخشى المشاركة في الانتخابات بسبب المسلحين، لكننا نسعى إلى تغيير هذا الفكر لأن كثافة المشاركة هي أكبر رادع للمسلحين والمرشحين المعتمدين على الرشاوى الانتخابية». وشدد على أنه لم يتعرض لأي تهديد أو اعتراض من قبل مسلحين، معتبراً أن «اغتيال مرشح حزب النور السلفي تحديداً، على رغم أنه لم يكن الأقوى ولا هو من قبائل سيناء، يثير تساؤلات».