الصراع بين التلاميذ دفع الشيخ للاعتذار عن المؤتمر الدولى ال24 للأوقاف يبدو أن الفراق والشتات بات هو الحل الوحيد بين الأستاذ وتلميذه، الأستاذ هو الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أما تلميذه فهو الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف. الفراق ظهر فعليا، فى غياب شيخ الأزهر عن افتتاح مؤتمر الأوقاف العالمى الذى يشرف عليه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والهيئة الفقهية الأعلى لوزارة الأوقاف، ويعد هذا المؤتمر الدولى الذى تشرف عليه الأوقاف سنويا بحضور وزراء الأوقاف فى شتى بقاع العالم الإسلامى هو النواة الدولية الوحيدة لإطلالة وزارة الأوقاف على العالمية. ووفقا للمؤتمرات السابقة يتم افتتاح المؤتمر الدولى السنوى بحضور كبار رجال الدولة على المستوى السياسى والدينى، وذلك بحضور رئيس الدولة أو رئيس مجلس الوزراء، وشيخ الأزهر بالإضافة لبابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بالعباسية، على أن يقوم هذا الوفد الكبير على استقبال الوزراء والوفود الأجنبية والعربية والإسلامية على مستوى العالم. ولكن هذا العام وبدون أى مقدمات غاب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وتعلل بمرضه وسفره لمسقط رأسه القرنة، بينما حضر قداسة البابا تواضرووس الثانى بابا الإسكندرية والمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء. غياب الطيب لم يكن بسبب تلك العلة والمرض المفاجئ ولكن له أسبابه وهى حالة الفراق والشتات بين الاثنين «شيخ الأزهر ووزير الأوقاف» التى طفت على السطح منذ 60 يوما تقريبا ولعب كثير من الأطراف على تلك النقطة الحساسة وأشعلوا فتنة أن الدكتور محمد مختار جمعة هو الرأس المدبر فى الأزهر والمتحكم فى مقاليد الأمور بالمشيخة وبات الإمام يدور فى فلك الوزير والتلميذ. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فثمة تقارير وصلت ليد الإمام الأكبر تفيد بأن الوزير يقدم نفسه على أنه شيخ الأزهر القادم، وأنه نجح فيما فشل فيه الشيخ «الطيب» وهو محاربة الإخوان وطردهم بشكل شبه نهائى من المساجد، فى حين أن ذيول الإخوان ورجالهم باتوا هم المتحكمين فى كل كبيرة وصغيرة داخل المشيخة، وفضل الإمام العزلة والتصوف. كل تلك الأمور دفعت الإمام الأكبر أن يبرهن على أن ما زال هو المسيطر والمتحكم فى مقاليد الأمور فى المشيخة، وأن ما يردد مجرد أقاويل وشائعات وقام بإعادة تشكيل المكتب الفنى الخاص بمكتب شيخ الأزهر، وقام باستبعاد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف من التشكيل بشكل نهائى مع كل من حسن الشافعى ويوسف القرضاوى ومحمد عمارة والمعروفين بانتمائهم لجماعة الإخوان. إبعاد وزير الأوقاف من عضوية المكتب الفنى لشيخ الأزهر أزعجه كثيرا خاصة أنه بات بعيدا عن مكتب الإمام الأكبر وعن المشيخة بشكل شبه نهائى يقتصر فقط على حضور الجلسات الخاصة بهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية. على صعيد متصل كشفت مصادر بمجلس الوزراء، أن هناك خلافًا منذ فترة بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف، الأمر الذى دفع المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء إلى التدخل لإنهاء الأزمة بين الطرفين، واستغل وجود فضيلة الإمام الأكبر فى مقر مجلس الوزراء وقام باستدعاء الدكتور محمد مختار جمعة وحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين ، ولم يبد أى منهما انزعاجه من الآخر بل قام الوزير وقبل يد الإمام الأكبر فى حضور رئيس الوزراء. فى نفس الجلسة أكد الدكتور أحمد الطيب حضوره افتتاح المؤتمر الدولى ال24 للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ولكن وعد الطيب ولم يحضر وعاقه المرض عن تنفيذ وعده، لكن العارفين ببواطن الأمور داخل مشيخة الأزهر كان لهم رأى آخر. يذكر أن كلا من محمد عبد السلام المستشار القانونى لشيخ الأزهر والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كلاهما من تلاميذ شيخ الأزهر، وهو من وضع ثقته فيهما وقام بتصعيدهما معا للعمل فى مكتبه بمشيخة الأزهر وعين أحدهما عضوا بالمكتب الفنى للأزهر، وأول من وضع اسم مختار جمعة ليصبح وزيرا للأوقاف فى حكومتى محلب الأولى والثانية، وكان من أشد المتحمسين له والداعمين فى محاربته للسلفيين والإخوان والتكفيريين وطردهم من المساجد والزوايا التابعة للأوقاف.