رصدت دراسة حديثة العديد من المشكلات والعقبات التى تواجه إقامة بورصة عربية موحدة وتعوق مساعي حشد وتجميع المدخرات العربية والأجنبية بدرجة الكفاية واستخدامها في مجالات التنمية الشاملة في المنطقة العربية. وذكرت الدراسة التى طرحها الدكتور محسن عادل خبير أسواق المال المصرية ونائب رئيس الجمعية المصرية للإستثمار والتمويل على ورشة عمل نظمتها الجمعية العربية للمحليين الفنيين تحت رعاية الجامعة العربية وتلقت وكالة أنباء الشرق الاوسط نسخة منها أن معظم البورصات العربية تعاني من نقص كبير في الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية وضيق القاعدة الاستثمارية، وافتقارها الى الأدوات المالية المتنوعة، بالإضافة الى وجود ضعف شديد في آليات عمل البورصات العربية. ورأت أن تطوير البورصات العربية وإيجاد قنوات الربط فيما بينها يتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات الإصلاحية لتطوير هذه الأسواق ورفع كفاءتها من خلال إعادة النظر في الأطر التشريعية والتنظيمية والمؤسسية، الى جانب تبني السياسات المالية السليمة لتفعيل دور المؤسسات المالية العربية في تعزيز انسياب الموارد المالية عبر البورصات العربية. وأوضحت الدراسة أن الأسواق العربية مختلفة فيما بينها من حيث درجة النشاط والأدوات المستخدمة والأهمية النسبية لكل أداة، ويستدل على ضيق نطاق الأسواق الثانوية فى الدول العربية من خلال بعض المؤشرات، أهمها معدل دوران الاسهم، والذى يقيس كمية الأسهم المتداولة إلى كمية الأسهم القابلة للتداول (المدرجة)، ويقل هذا المعدل عن ما نسبته 10\% فى عدد كبير من الدول العربية. ورصدت الدراسة تفاوتا عميقا بين تجارب الدول فى مجال البورصات وأسواق المال، فما زالت هناك بورصات مغلقة، ولا يسمح للأجانب بالتعامل فيها مثل السعودية، فى حين أنه إذا لم يكن هناك قيد متبادل للأسهم بين البورصات فلا مجال لقيام بورصة موحدة. وأضافت أن إقامة سوق مالية عربية مشتركة من شأنها تقليل مخاطر وجود الأموال العربية فى الاقتصاديات المتقدمة، فمن الأفضل أن تزداد العلاقات المالية فيما بين الدول العربية حتى تتفادى المخاطر المحيطة بالأموال العربية فى الخارج، مع ملاحظة أن هذه الأموال العربية المودعة فى الخارج وصلت إلى 4ر1 تريليون دولار. وطالبت الدراسة بتطوير وتوحيد النظم المحاسبية والإفصاح المالي وإنشاء شبكة اتصالات ومعلومات عربية متطورة من شأنه أن يسهم الى درجة عالية في رفع كفاءة البورصات العربية، وزيادة الترابط فيما بينها لتغدو أكثر قدرة على الابتكار والإيداع لمجاراة المستجدات والتطورات السريعة في البورصات العالمية. وأوصحت بضرورة الإسراع نحو إيجاد مناخ استثماري ملائم يضمن توفير قدر كاف من الثقة اللازمة لإعادة تدوير الفوائض المالية العربية المهاجرة الى الخارج وتوطينها داخل حدود الوطن العربي من خلال إتباع السياسات المالية والنقدية الملائمة لاستقطابها بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في المنطقة العربية مع ضرورة صياغة مشروع القواعد الموحدة لطرح الأسهم في الأسواق المالية العربية ومشروع لقواعد الافصاح الموحدة للأوراق المالية المدرجة في الأسواق المالية ومشروع المبادئ الموحدة لحوكمة الشركات المدرجة في الأسواق المالية العربية. وأكدت على أهمية تحسين المناخ الاستثماري، حيث تشكل أسواق الأوراق المالية إحدى أهم القنوات لجذب التدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى الإقتصاديات الوطنية، وهذا يعني أنه كلما توفر سوق منظم ومتطور للأوراق المالية كلما ساعد ذلك على تحسين وتطوير مناخ الإستثمار، وقد شهدت أسواق الأوراق المالية العربية توجها ملحوظا نحو تخفيف القيود على الإستثمار الأجنبي بجانب العمل على إزالة المعوقات الإدارية التي كثيرا ما تمثل العنصر الأكثر تنفيرا للمستثمرين، كذلك إزالة القيود الرقابية على النقد التي تعرقل محاولات الربط بين أسواق الأوراق المالية العربية وأيضا يمكن لسياسة الخصخصة التي تنتهجها معظم الدول العربية، أن تؤدي إلى فتح منافذ مغرية وقنوات جاهزة لاجتذاب رؤوس الأموال العربية إلى داخل المنطقة العربية مما يؤدي إلى تطور الأسواق المالية العربية. ورأت الدراسة أن خصخصة قطاعات الأعمال المملوكة للحكومة وما ينتج عنها من انتقال الملكية للمستثمرين يسهم بشكل كبير في زيادة عمق السوق، وبالتالي فإنه يسهم في زيادة كفاءة وسيولة السوق، وكذلك بالنسبة للمشاريع التي يتم خصخصتها سيما الناجح منها، وهي تمثل عامل جذب للمستثمرين المحليين والأجانب لأن مثل هذه المشاريع تنطوي على فرص استثمارية كبيرة يتوقع المستثمرين أن تعود عليهم بعوائد كبيرة إذا تمت خصخصتها وإدارتها وفق أسس تجارية تهدف إلى تحقيق نمو متواصل للأرباح. وطالبت بضرورة تنمية المؤسسات المالية العربية من خلال تقوية مؤسسات التمويل القائمة وذلك بدعم طاقاتها برفع نسب ملاءة رؤوس أموالها، وكذلك لا بد من تطوير الأطر القانونية والمؤسسية لأسواق الأوراق المالية وهو يعتبر شرط أساسي وجوهري من أجل ربط وانفتاح هذه الأسواق عربيا، وكذلك لا بد من تطوير وتوحيد نظم المحاسبة والإفصاح المالي. ونبهت إلى أنه لا يمكن تطوير الأسواق المالية العربية بمعزل عن التطورات والأوضاع الاقتصادية لهذه الدول، وفي ضوء ذلك فان ضعف الترابط بين هذه الأسواق تعكس بالضرورة الخلل الهيكلي في اقتصاديات الدول العربية خاصة مع التباين الواضح فيما بينها.