رفضت فرنسا يوم الجمعة انتقادا امريكيا لاداء اوروبا في حملة حلف شمال الاطلسي ضد الزعيم الليبي معمر القذافي بينما نجت الادارة الامريكية من تصويت في الكونجرس الامريكي على قطع التمويل عن الحملة. وتمكن القذافي من البقاء في السلطة رغم اشهر من عمليات الحلف الجوية التي تهدف لاضعاف دوره ومساعدة المعارضين المتمركزين في الاساس بشرق البلاد ويحالون التقدم غربا.
وأدت تقارير عن وقوع قتلى من المدنيين الى تفاقم الانقسامات بين الحكومات الغربية وهي تفكر في مستقبل التزام عسكري لا يجد امامه اي نهاية واضحة في الافق.
وذكر التلفزيون الليبي الرسمي يوم الجمعة ان خمسة مدنيين قتلوا في غارات حلف الاطلسي على اهداف في البريقة. ولم يذكر التلفزيون المزيد من التفاصيل.
وكان الحلف قال في وقت سابق انه تمكن من اخراج قوات تابعة للقذافي كانوا قد احتلوا تماما مبان مهجورة في البريقة لفترة غير محددة من الوقت لاقامة "مركز قيادة وتحكم لتوجيه الهجمات ضد المدنيين" في اجدابيا وبنغازي.
ولم يصدر اي تعليق فوري على التقرير الليبي بشأن وقوع وفيات.
وقال مراسل لرويترز ان بضعة انفجارات العاصمة الليبية مساء الجمعة. وتسنى سماع الطائرات الحربية ورؤية نيران التتبع الليبية تلمع عبر السماء المظلمة.
وقال التلفزيون الليبي ان حلف الاطلسي ضرب ايضا اهدافا في بلدة زليتن شرق طرابلس.
ووجه المشرعون في مجلس النواب الامريكي يوم الجمعة ضربة رمزية لسياسة الرئيس باراك اوباما الخاصة بالتدخل العسكري في ليبيا لكنهم لم يسعوا في تصويت اخر لمنع القوات الامريكية من مواصلة القيام بضربات جوية.
ورحبت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بالتصويت. واضافت كلينتون للصحفيين "نحن ممتنون لان المجلس رفض بحسم جهود تقييد التمويل للمهمة الليبية."
وهاجم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزير الدفاع الامريكي المنتهية ولايته روبرت جيتس على تصريحاته التي ادلى بها في وقت سابق من الشهر الجاري وانتقد فيها البلدان الاوروبية على افتقارها للقوة العسكرية.
وقال ساركوزي للصحفيين خلال قمة للاتحاد الاوروبي في بروكسل "كان من غير الملائم أن يقول السيد جيتس هذا.. والاكثر من هذا أنه خطأ محض بالنظر الى ما يحدث في ليبيا.
"هناك بالتأكيد لحظات أخرى سابقة كان يمكنه أن يقول فيها هذا .. لكن ليس في الوقت الذي تولى فيه الاوروبيون زمام القضية الليبية بشجاعة ولا في الوقت الذي تؤدي فيه فرنسا وبريطانيا مع حلفائهما المهمة الى حد كبير."
وبعد انسحاب الولاياتالمتحدة عن الدور القيادي في مهمة القصف الجوي في ليبيا تولى حلف شمال الاطلسي القيادة في 31 مارس اذار لكنها واصلت توفير الموارد الضرورية ومن بينها طائرات الاستطلاع وطائرات للتزود بالوقود في الجو وطائرات بدون طيار مسلحة.
وفي 10 يونيو حزيران أكد جيتس في خطاب يختتم به عمله كوزير للدفاع استياء الولاياتالمتحدة مما تعتبره ضعفا عسكريا اوروبيا وقال ان هذا الضعف تجلى في العملية العسكرية في ليبيا حيث يفترض ان يقوم مركز العمليات الجوية بأكثر من 300 طلعة جوية يوميا لكنه يجد صعوبة في القيام بنحو 150 طلعة يوميا.
وقال ساركوزي "أعتقد أن تقاعده ربما جعله لا يدرس الوضع في ليبيا عن قرب لانه مهما كان ما يريد الناس قوله .. ليس لدي الانطباع بأن الامريكيين يؤدون معظم العمل في ليبيا."
ومن المقرر ان يتقاعد جيتس في نهاية هذا الشهر.
وظهر الخلاف بين الاوروبيين بشأن عملية حلف الاطلسي وفي وقت سابق من الاسبوع الماضي عندما طلبت ايطاليا وقف العمليات القتالية للسماح بايصال المساعدات الانسانية ورفض بريطانيا وفرنسا ودول اخرى للفكرة.
وصوت مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون برفض قرار يؤيد المشاركة الامريكية في المهمة التي يقودها حلف شمال الاطلسي في ليبيا بأغلبية 295 صوتا مقابل 123 فيما يتمشى الى حد كبير مع حجم الكتل الحزبية في المجلس. وغضب المجلس بسبب عدم سعي أوباما للحصول على موافقة الكونجرس على العمل العسكري في ليبيا.
الا أن المجلس منح اوباما في وقت لاحق انتصارا رمزيا برفضه محاولة من الجمهوريين لمنع الجيش الامريكي من القيام بضربات جوية ضد قوات الزعيم الليبي معمر القذافي.
وصوت المجلس برفض القرار الثاني الذي كان يؤيده رئيس المجلس جون بينر بأغلبية 238 صوتا مقابل 180. وانضم 89 جمهوريا الى الديمقراطيين في رفض مشروع القرار.
وتخشى الحكومات الغربية ايضا من التكلفة المالية لعمليات الحلف وتأثيراتها على امدادات النفط العالمية مع توقف امدادات النفط الليبي.
وقال مسؤول بوكالة الطاقة الدولية لتلفزيون رويترز انسايدر ان خسارة امدادات النفط الليبية منذ فبراير شباط مثلت تعطيلا اكبر لامدادات النفط العالمية من تبعات اعصار كاترينا عام 2005.
وقال ريتشارد جونز نائب رئيس وكالة الطاقة الدولية ان السوق تواجه عجزا محتملا يصل الى 1.8 مليون برميل يوميا حتى نهاية يونيو حزيران والى 1.7 مليون برميل في الربع القادم من العام.
ويقول محللون ان الظاهر ان جزءا من استراتيجية حلف شمال الاطلسي في الوقت الحالي هو تمهيد الطريق امام انتفاضة شعبية محلية ضد القذافي في العاصمة طرابلس حيث يتحدى المعارضون الاجراءات الامنية الصارمة ليبدأوا احتجاجات "مفاجئة."
وقال القذافي في تسجيل صوتي بثه التلفزيون الحكومي الليبي هذا الاسبوع انه سيقاتل حتى النهاية لكن متحدثا باسم المعارضة قال يوم الجمعة ان محادثات غير مباشرة تجري حاليا من اجل السماح للقذافي بالبقاء في ليبيا.
ونقلت صحيفة لو فيجارو الفرنسية عن محمود شمام المتحدث باسم المجلس الانتقالي الوطني الذي يمثل المعارضة قوله ان المجلس ليس لديه اعتراض على ان ينسحب القذافي الى واحة ليبية تحت السيطرة الدولية.
واكد عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الانتقالي الوطني وجود المحادثات غير المباشرة مشيرا ان المجلس لا يتصل بالقذافي وانما نظام القذافي هو الذي يتصل بالمجلس.
وقال ان المجلس الانتقالي اذا كان يعتقد بوجود حل سياسي يتضمن تنحي نظام القذافي النظام بأكمله لحقن دماء الابرياء الذين يقتلون في ليبيا كل يوم فسوف ينظر في هذا الحل السياسي.
وفي احدث سلسلة من الانشقاقات ذكرت وكالة أنباء تونس الرسمية ان قاربا رسا في ميناء بجنوب تونس يوم الخميس يحمل لاجئين ليبيين بينهم 19 من الجيش والشرطة الليبية انشقوا عن نظام العقيد معمر القذافي.
ويندد حلفاء القذافي بمثل هذه الانشقاقات.
وقال الشيخ محمد المتري في بث حي لصلاة الجمعة من مسجد قرطبة في سرت ان اي شخص ينشق او يرفض حمل السلاح هو مرتد وان هذا ينطبق على كل الليبيين.
وفي بنغازي افرج الزعيم الليبي معمر القذافي عن العشرات من انصار المعارضة وسمح لهم بالعودة بحرا الى بنغازي يوم الجمعة في خطوة قد تشير الى بدء محادثات اوسع بين الجانبين.
وقالت ديبة فخر المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بنغازي "هؤلاء اغلبهم مدنيون... ومن بينهم 51 شخصا احتجزتهم طرابلس لكن الحكومة افرجت عنهم لذا اعدناهم مرة أخرى."
وقال متحدث باسم المعارضة انها افرجت عن خمسة من انصار القذافي واعادتهم الى الغرب في وقت سابق.
واتفق الزعماء الاوروبيون المجتمعون في بروكسل على ان انتفاضة في طرابلس هي فقط التي يمكن ان تضع نهاية لهذه الحرب.