ذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية أن قطر عادت إلى الصفوف مجددًا بعد الانتقادات الموجهة إليها بسبب نشاطها على الساحة الدولية الذي يتميز بتقديم جميع أنواع الدعم إلى الحركات الإسلامية المعتدلة خلال "الربيع العربي".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه الإمارة الخليجية الصغيرة – التي تمتلك ثالث أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم – تستضيف اعتبارًا من اليوم الثلاثاء القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية والبحرين والإمارات وعمان وقطروالكويت، وهي القمة التي كادت ألا ترى النور أبدًا.
ففي حدث نادر، قامت السعودية والإمارات والبحرين قد استدعت في السادس من مارس الماضي سفرائها في قطر، تنديدًا بالتدخلات القطرية في شئونها الداخلية. وهو ما يعني الدعم السياسي والإعلامي والمالي الذي تقدمه الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها الدول الثلاث بمثابة تهديد مباشر لمصالحها.
فقد قامت قطر بدعم الإخوان المسلمين في تونس، الذين يتمثلون في حزب النهضة الفائز بأول انتخابات بعد بن علي في عام 2012، وحزب الحرية والعدالة الفائز في الانتخابات التشريعية في مصر في عام 2012، والائتلاف الوطني السوري المعارض، ولكن أيضًا حركة التمرد الإسلامية المسلحة. وهو الدعم الذي سمح للإمارة الصغيرة بتأكيد نفسها على الساحة الدولية.
ومن أجل نشر أفكارها، تمتلك قطر سلاحًا قوياً، وهي قناة الجزيرة التي أُنشئت في عام 1996 كأول قناة إخبارية متواصلة باللغة العربية التي تميزت عن باقي المشهد الإعلامي من خلال إعطاء الكلمة إلى العديد من السياسيين المنشقين في الخليج، بصفة خاصة الشيخ المثير للجدل يوسف القرضاوي الذي لجأ إلى قطر منذ عام 1970.
ومن جانبها، قامت المملكة العربية السعودية ب"ثورتها المضادة" في مصر من خلال دعم النظام الجديد بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي. وفي الوقت نفسه، تنازل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم لصالح ابنه تميم، وهو ما يمثل فتح صفحة جديدة في الإمارة الخليجية.
وبضغط من العاهل السعودي، أمر الشيخ تميم برحيل سبعة مسئولين في جماعة الإخوان المسلمين، من بينهم محمود حسين الأمين العام للجماعة، من قطر. ويرجع ذلك إلى ظهور تهديد جديد في الشرق الأوسط، وهو تنظيم الدولة الإسلامية، مما أجبر دول الخليج إلى وضع خلافاتهم جانبًا ليعود مجلس التعاون الخليجي مجددًا.
وفي مواجهة الجهاديين الذين يعتبرون إمارات الخليج النفطية "أنظمة فاسدة تعمل لصالح الغرب" وبفضل وساطة الكويت، لم يعد لدى السعودية وقطر خيارًا آخر سوى تجاوز الخلافات، وهو ما تحقق من خلال عودة السفراء إلى الدوحة في شهر نوفمبر.
وجاءت قبلة الأمير الشاب تميم آل ثاني على وجه العاهل السعودي الملك عبد الله دليلًا على هذه المصالحة. ولكن، المظاهر خادعة ولا تزال الخلافات عميقة. ففي الوقت الذي تسب فيه السعودية والإمارات الانتفاضات العربية واقسمتا على تدمير الإخوان المسلمين الذين تعتبرهم "جماعة إرهابية"، لا تزال قطر تحيي من جانبها الانتفاضات الشعبية معتبرة أنه يجب على العكس "احتواء الحركة الإسلامية" لتوجيهها بشكل أفضل.