تَحلُ اليوم الثلاثاء، ذكرى اليوم الوطني الرابع والثمانون للمملكة العربية السعودية، حيث تحتفي البلاد قيادة وشعباً بذكرى إعلان الملك عبد العزيز- رحمه الله - توحيد كافة أراضي المملكة تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها. في مثل هذا اليوم من عام 1351ه، الموافق1932م، سَجل التاريخ مَولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة بطولية حافلة قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود- رحمه الله - على مدى اثنين وثلاثين عاماً تمكن خلالها من تجميع شتات المملكة، ليشهد التاريخ لأول مرة توحيد المملكة العربية السعودية بموجب المرسوم الملكي الصادر في 17 جمادى الأولى عام 1351ه في اسم واحد هو "المملكة العربية السعودية".
وأنشأ عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسمياً، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، كما اهتم كثيراً بدعم القضية الفلسطينية، وعندما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1954، كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة، كما انضمت إلى العديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية، نتيجة لموقعها العظيم ورسوخها، بل كانت من أوائل الدول التي وقعت ميثاق هيئة الأممالمتحدة عام 1945.
ويُعد إرساء الأمن في المملكة العربية السعودية من أهم الإنجازات التي تحققت في عهد الملك عبد العزيز، حيث أصبحت الطرق والمدن والقرى والهجر تعيش في أمن دائم، كما أسس الملك عبد العزيز الأنظمة اللازمة والمؤسسات الأمنية، وردع جميع المحاولات التي تمس استقرار الناس وممتلكاتهم، وهكذا أرسى القائد المؤسس قواعد دولته الفتية على أرض الجزيرة العربية، مستمداً دستورها ومنهاجها من كتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فبدل خوفها أمناً، وجهلها علماً، وفقرها رخاءً وازدهاراً.
في المقابل، يستعيد أبناء المملكة العربية السعودية ذكرى توحيد البلاد، وهم يعيشون واقعاً جديداً، خطط له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، واقعاً حافلاً بالمشاريع الإصلاحية، بدءاً بالتركيز على إصلاح التعليم والقضاء، مروراً بالإصلاح الاقتصادي والصناعي والصحي والاجتماعي، إضافة إلى ما بذلته المملكة العربية السعودية من جهود متميزة في خدمة الأمتين العربية والإسلامية وترسيخ مكانتها في المحافل الدولية والعالمية، بفضل الإرادة السياسية الثابتة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وصولاً إلى بناء مجتمع متماسك، عماده الوحدة الوطنية.
وتشارك مصر فى العيد الوطنى الرابع والثمانين للمملكة العربية السعودية وذلك رداً ووفاء لجميل المملكة ووقوفها بجانب مصر فى أصعب ظروفها عند قيام جماعة الإخوان بتهديد وتخويف الشعب المصرى، فما كان من المملكة إلا أن وقفت بجانب الشعب والجيش المصرى لكى تؤكد على الالتحام العربى والاسلامى بين الدولتين الشقيقتين .
وتمتد جذور العلاقات السعودية المصرية لسنوات طويلة، حينما أكد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، على أهميتها الاستراتيجية بمقولته الشهيرة، "لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب".
هذه المقولة الخالدة، أصبحت ميثاقاً للعلاقات بين المملكة العربية السعودية ومصر، والتي طالما اتسمت بأسس وروابط قوية نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.
وترجم الملك عبد العزيز ذلك من خلال حرصه، خلال تأسيسه الدولة السعودية الحديثة، على إقامة علاقات وطيدة مع مصر منذ مطلع القرن التاسع عشر، مؤكداً ذلك من خلال زيارته لمصر، وهي الزيارة الوحيدة التي قام بها خارج الجزيرة العربية، وقد كان لهذه الزيارة أثراً كبيراً في تطور العلاقات بين البلدين.
وكان من رأي المغفور له، أن خط الدفاع الأول في تاريخ العروبة هو خط مشترك بين السعودية ومصر، كما تلا ذلك توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1936م، كذلك كان الملك سعود أول ملك عربي زار مصر إثر قيام ثورة 1952م.
وتقديراً منه لمصر حكومةً وشعباً، حرص خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز على تأييد إرادة الشعب المصري في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013م، ودعم مصر في حربها ضد الإرهاب، كما حرص على زيارة مصر والالتقاء بالرئيس عبد الفتاح السيسي في 20 يونيو 2014، وتقديم التهنئة شخصياً له باسم خادم الحرمين الشريفين وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية.
وفى العيد الوطنى من كل عام، تزين ربوع المملكة من أقصاها لأدناها احتفالات رسمية، وتجرى الاستعدادات منذ فترة، وتقوم اللجان المختصة الرئيسية والفرعية بأعمالها، فيتم تجهيز الشوارع والميادين والمنتزهات لاستقبال المواطنين من كافة لأعمار للمشاركة في الاحتفالات، وتنظم كل المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات فعاليات للاحتفال بهذا اليوم، ترسيخاً لحب الوطن في نفوسٍ بريئة، تمثل مستقبل المملكة.
وتتضمن الفعاليات الرسمية العديد من الفقرات، مثل الأوبريت والعرضة السعودية، وغيرها من الفنون التي تعبر عن التراث والثقافة السعودية، بالإضافة إلى الفقرات التي تجسد مسيرة العطاء والبناء والتنمية منذ تأسيس المملكة حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
ومن أبرز مظاهر الاحتفال بالذكرى الرابعة والثمانين هذا العام، أن مدينة جدة، سوف تشهد رفرفة أكبر علم للمملكة، وتبلغ مساحته 1635 متراً مربعاً، ووزنه 570 كيلوغراماً، ترفعه أطول سارية في العالم والتي يصل ارتفاعها إلى 170متراً، في ميدان خادم الحرمين الشريفين، في خطوة هي الأولى من نوعها في المملكة من حيث التصميم والبناء.
أربعة وثمانون عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة والتي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه تحقيق الإنجازات المتواصلة سياسياً واقتصادياً، فشهدت العديد من التطوّرات في مختلف المجالات والمنجزات التنموية العملاقة التي شملت البنية الأساسية ومختلف القطاعات من خلال خطط تنموية ضخمة استهدفت الوطن والمواطن السعودي أولاً على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، بل وامتدت خيراتها إلى مختلف البقاع من الدول العربية والإسلامية.