«مصر للطيران» تبدأ إطلاق رحلاتها إلى مطار العلمين في شهر يوليو    القصير يوجه الفريق البحثي لنبات الكسافا بمزيد من التجارب التطبيقية    حزب الجيل الديمقراطي يرحب بقرار إدراج إسرائيل في القائمة السوداء    مصطفى شلبي: أفضّل عودة بن شرقي للزمالك عن رمضان صبحي ونجم الأهلي    زيدان: مبابي سيصنع التاريخ وسيتخطى جميع لاعبي ريال مدريد    محافظ الغربية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة 83.77 %    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    الفنانة شيرين رضا تعلن أعتزالها الفن    «الصفعة» ليست الأولى .. 4 مواقف أغضبت الجمهور من عمرو دياب    العشرة الأوائل من ذي الحجة .. هل هي الليال العشر ؟    وزير الصحة يتفقد مستشفى الحمام المركزي بمحافظة مطروح    «صحة المنيا» توقع الكشف على 1237 حالة بقافلة طبية في بني مزار    هيئة الأرصاد تكشف ل«المصري اليوم» توقعات الطقس خلال صيف 2024    تأجيل محاكمة 111 متهمًا بقضية "خلية حسم الإرهابية" ل11 أغسطس    وزير الصحة يحيل المتغيبين عن العمل للتحقيق بمستشفى مارينا    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    ثقافة اسوان يناقش تأثير السيوشال ميديا "فى عرض مسرحى للطفل    قصور الثقافة تطلق بعثة ميدانية لتوثيق مسار العائلة المقدسة بالمنيا    ب«750 ألف يورو».. الأهلي يحصل على توقيع زين الدين بلعيد لمدة 4 سنوات    مصر تواصل جهود تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    بالصور- ننشر أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بجنوب سيناء    تنظيم 6 ورش عمل على هامش مؤتمر الأوقاف الأول عن السنة النبوية (صور)    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    أبرز 7 غيابات عن منتخب إنجلترا فى يورو 2024    ناقد فني: نجيب الريحاني كان باكيًا في الحياة ومر بأزمات عصيبة    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «علم».. وفلسطين حاضرة بقوة (صور وتفاصيل)    سما الأولى على الشهادة الإعدادية بالجيزة: نفسى أكون دكتورة مخ وأعصاب    لماذا الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؟.. مركز الأزهر العالمي يُجيب    السكة الحديد تعلن جداول قطارات خط «القاهرة - طنطا - المنصورة – دمياط»    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    الدفاع الروسية: قوات كييف تتكبد خسائر بأكثر من 1600 عسكري وعشرات الطائرات المسيرة    80 شهيدا وعشرات الجرحى فى غارات إسرائيلية على مخيم النصيرات ومناطق بغزة    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    خبير: برنامج تنمية الصعيد في مصر سيكون مثالا يحتذى به في كل دول القارة الإفريقية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    تضم هذه التخصصات.. موعد مسابقة المعلمين الجديدة 2024    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    الإفتاء توضح حكم تجميع جلود الأضاحي ثم بيعها في مزاد علني بمعرفة جمعية خيرية    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    في اليوم العالمي لأورام المخ - احذر الأعراض والأسباب    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    ب300 مجزر.. «الزراعة» ترفع درجة الاستعداد القصوى استعدادًا لعيد الأضحى    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز وأميرة ملش يكتبان : خيانة رابعة
نشر في الفجر يوم 15 - 08 - 2014

مفاوضات الإخوان السرية التى انتهت بهروب القيادات من الميدان
التنظيم الدولى يوجه الإخوان للتصعيد فى ذكرى الفض.. والداخلية تكثف تواجدها فى المواقع الحيوية


رسالة قصيرة وصلتنى من القيادى الإخوانى السابق خالد الزعفرانى، كان هذا نصها : قبل فض رابعة طلبت منا قيادات عليا بالجيش التوسط مع الإخوان المسلمين لحل سلمى للاعتصام، وعرضنا على عدد قيادات مكتب الإرشاد، وأبدوا تفهما، وفجأة جاءنا رد موحد بأن التفاهم فقط مع خيرت الشاطر الذى قال: لا فض سلمى ولو مات عشرات الآلاف.

لم يذكر خالد الزعفرانى أى تفاصيل، لم يذكر أسماء قيادات مكتب الإرشاد، ولم يذكر شيئا أيضا عن رد فعل قيادات الجيش الذين طلبوا الوساطة.

هذه الرسالة تفتح لنا بابا كبيرا لنطل على عدد من المفاوضات السرية التى جرت قبل فض اعتصام رابعة العدوية، وشارك فيها عدد كبير من السياسيين والمثقفين والصحفيين والسلفيين، لكنها ورغم أن بعضها كان جادا جدا إلا أنها انتهت جميعا بالفشل التام، الذى قاد إلى المواجهة الكبرى التى تعد واحدة من أهم أحداث تاريخنا الحديث.

1

نجوم المفاوضات السرية

كانت جماعة الإخوان المسلمين تعرف أن خروجها من السلطة لا معنى له إلا دخولها السجون، ولذلك استماتت حتى لا تخرج من السلطة، واستماتت أيضا – ولا تزال حتى الآن – من أجل العودة إليها، ولم يكن لديها أى مانع فى أن تحول شبابها والمتحالفين معها والمتعاطفين مع قضيتها والمنفعلين بها إلى دروع بشرية حتى ترغم الجميع حتى ينصت لها.

لقد قررت جماعة الإخوان المسلمين أن تصل باعتصام رابعة العدوية إلى نقطة الفض بعنف، لأنها كانت تريد أن تخرج منه بمظلومية كبيرة أمام العالم، تظل تبكى عليها وتتباكى بها اعتقادا منها أن العالم يمكن فى النهاية أن يخضع وأن ينحاز لها، ثم إنها من ناحية أخرى تجعل شبابها على خط الثأر دائما.. يخططون للانتقام من كل من شارك فى التخطيط والتنفيذ والفض.

منذ اللحظة الأولى أدركت قيادات الجيش وتحديدا فى المخابرات الحربية أن الجماعة تسحب الجميع إلى مستنقع الفض وبعنف، ولذلك بذلت محاولات كثيرة للوصول إلى حل سلمى.. فض دون إراقة دماء، لكن جماعة الإخوان المسلمين كانت تقف حجر عثرة أمام أى وكل اتفاق.

كان ما قاله خالد الزعفرانى جزءا من كل.. تدخل لدى قيادات مكتب الإرشاد، نقل إليهم ما طلبه مسئولون نافذون فى الجيش، لكن الجماعة رفضت لأن خيرت الشاطر يريد أن يتم فض الاعتصام بعشرات الآلاف من القتلى.

لقد حل خالد الزعفرانى اللغز الكبير الذى راوغنا كثيرا ونحن نبحث فى أسباب فشل كل المفاوضات السرية التى كان أصحابها يسعون إلى فض الاعتصام بأقل قدر من الخسائر، لقد قال لنا إن هناك سببًا واحدًا، وهو خيرت الشاطر، كان هو صاحب الكلمة الأخيرة.

قيادات الجماعة تجلس وتناقش وتطرح الرأى والفكرة، لكنها عند مرحلة معينة تقول: إن الكلمة الأخيرة ليست لهم، وأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، يذهبون ولا يعودون مرة أخرى.

قبل الفض بحوالى أسبوعين كانت هناك محاولة للتفاهم، وكان الشريك الإخوانى فيها هو الدكتور محمد على بشر، الذى يظل دوره غامضا منذ ثورة يونيو وحتى الآن، قبل بشر التفاوض، لكنه وضع شرطا مهما له، وهو أن يعود محمد مرسى ولو لمدة ساعة واحدة إلى السلطة، يعلن بعدها استقالته، حتى لا يكون تم عزله، ولكنه ترك المنصب بإرادته، رفض وسطاء الجيش الاقتراح دون حتى أن يعودوا لمن طلبوا منهم الوساطة، وكان المعروض هو أن يتم فض الاعتصام مقابل استمرار الإخوان فى الحياة السياسية المصرية، وعلى أن تقدم الجماعة اعتذارا للمجتمع عما ارتكبته من جرائم.

لم يعط محمد على بشر للوسطاء ردا، طلب منهم مهلة يعود خلالها إلى من بأيديهم الأمر، لكن بشر لم يعد فى هذه الجولة من المفاوضات، وظهر وسيط آخر هو هشام المحمدى رجل أعمال قريب من خيرت الشاطر، وكان أحد الذين حاولوا التقريب بين الشاطر وعمرو موسى، قبل أن يجلسا بالفعل فى بيت أيمن نور، لكن المحمدى لم يقل شيئا جديدا، فقد نقل رغبة الإخوان فى أن يعود مرسى إلى السلطة مرة أخرى، ثم يخرج منها بالاستقالة، ولم يكن هناك معنى لذلك إلا أن الإخوان يرفعون مطالبهم إلى السقف الذى لن يستجيب أو يتفاعل معه أحد.

البرادعى كان أحد نجوم المفاوضات، هناك اتهام معلق فى رقبته، فهو أحد الذين وضعوا الدولة فى هذه المواجهة القاسية، حيث أدى تردده إلى تأخير الفض، بما ساهم فى تضخيم الاعتصام إلى درجة كبيرة، كان وراء زيارة الوفود الأجنبية لمحمد مرسى وخيرت الشاطر، وطلب من وزير خارجية قطر أن يتوسط له للقاء رموز من جماعة الإخوان، إلا أن الجماعة رفضت وساطته ما لم يعلن استقالته وموافقته على عودة مرسى إلى منصبه.

حاول هيكل أن يستمع من الإخوان المسلمين، دعا محمد على بشر وزير التنمية المحلية فى حكومة هشام قنديل، وعمرو دراج وزير التخطيط فى نفس الحكومة، لم يعرض عليهما شيئا، استمع منهما فقط، ولم يكن لديهما شيئا جديدا، كررا ما سبق وقالاه من أنهما يريدون عودة مرسى والإفراج عن قيادات الجماعة، لم يكن لهيكل أى دور فى هذه الفترة، فحاول أن يضع نفسه تحت الأضواء، لكن بمجرد خروج بشر ودراج من مكتبه لم يتصل بأحد، ولم يتصل به أحد، بل إنه اتهم الإخوان بأنهم وراء حرق عزبته ومكتبته فى برقاش يوم فض رابعة، لكن سرعان ما اعتذر عن ذلك بعد أن تأكد أن من فعلها كانوا مجموعة من اللصوص، فلم يكن معقولا أن يعتدى الإخوان على شىء يخص هيكل وهو الذى كان داعما لهم أيام مرسى، ومحاولا إنقاذهم بعد ثورة 30 يونيو.

حاول الشيخ محمد حسان أن يلعب دورا فى الوساطة، ولأنه حمل إلى الإخوان ما لم يرضيهم، فقد هاجموه، وسلطوا عليه شيوخ السلفية من رفاق محمد حسان فطعنوه فى دينه وخونوه، ولما تم الفض لم يجد شيئا أمامه إلا أن يذهب إلى ميدان مصطفى محمود، وأخذ يندد بالفض، بل حاول أن يساعد الإخوان فى أن يأخذوا من ميدان مصطفى محمود مكانا جديدا للاعتصام، إلا أن الأمر لم ينجح.

تظل هناك جولة من التفاوض غامضة إلى حد بعيد، لا يعرفها الكثيرون.

جرت هذه الجولة قبل فض رابعة العدوية بساعات قليلة، وقتها كان الفريق عبدالمنعم التراس قائدا لقوات الدفاع الجوى، تلقى اتصالا من مجموعة قال المتحدث باسمهم إنهم من معتصمى رابعة العدوية، وأنهم يرغبون فى فض الاعتصام سلميا، ويريدون أن يتم تأمين خروجهم من الاعتصام.

نقل التراس رغبة المتحدثين إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسى الذى كان وقتها وزيرا للدفاع، فطلب منه أن يتواصل معهم، ظل التراس إلى جوار التليفون ينتظر مكالمة أخرى من المجهولين الذين تحدثوا معه، إلا أن أحدا لم يتصل به، وفى الخامسة صباح الفض، اتصل به السيسى يسأل هل من جديد؟ فقال له: لم يتصل أحد، فقال السيسى: حسم الأمر إذن.

هذه المحاولة تفسر لنا تحديدا ما جرى من خيانة فى اعتصام رابعة العدوية، لقد أدرك الإخوان المسلمون بغريزتهم السياسية التى تقوم على الابتزاز فى المقام الأول، أن فض الاعتصام قادم لا محالة، حاول بعض الذين مالوا إلى التفاهم مع النظام إلى التفاهم، إلا أن الجماعة قررت أن يظل المعتصمون على أرض الميدان إلى النهاية.

كان عدد من قيادات جماعة الإخوان الموجودين فى الاعتصام يعرفون أن قوات الفض لن تبقى ولن تذر، بعد أن تم التفاوض لمدة تقترب من 45 يوما هى مدة الاعتصام، لكن ولأنهم لا يجب أن يكونوا فى المقدمة، فلابد أن يشحنوا الشباب معنويا، وهو ما حدث بالفعل، فحتى اللحظات الأخيرة ما قبل الفض كان صفوت حجازى يستدعى الشباب للخروج من الخيام، وعندما بدأ الفض، طلبت القيادات من الشباب أن يذهبوا ليستقبلوا الموت بصدورهم، بينما هربوا هم من الممر الآمن فى الدقائق الأولى للفض.

كانت الخطة مرسومة إذن، تدفع الجماعة النظام إلى أن يتعامل بقوة مع الاعتصام، عبر تعطيل المفاوضات لأطول فترة ممكنة، يتم فيها تضخيم الاعتصام للدرجة التى لا يفض فيها إلا بعدد كبير من القتلى وبأكبر كمية من الدماء.. وساعتها يتحول الفض إلى قضية عالمية يتاجر بها الإخوان، وهو ما جرى بالفعل، فلا يهتم الإخوان بمرسى ولا يهتمون بقادة الجماعة الذين حكم عليهم بالإعدام، ولكن يهتمون فقط برابعة العدوية وضحاياها وذكراها.

لكن يظل السؤال قائما.. هل كان فض رابعة لازما بهذه الصورة.

2

فض رابعة من أجل الوطن

كل الطرق كانت تؤدى إلى طريق واحد فقط، وهو طريق فض الاعتصام لقد تحول اعتصام رابعة إلى عدة اعتصامات، وأصبحت الحياة فى مدينة نصر حيث مقر الاعتصام قطعة من الجحيم كان احتلال الإخوان لميدانى رابعة العدوية والنهضة بالجيزة دمويا وإرهابيا، يتم فيه تعذيب المصريين وقتلهم على مرأى ومسمع من الجميع.

هل تريدون الصراحة أكثر، بالإضافة إلى حالة الترويع التى كان يقوم بها المعتصمون، كانت هيبة الدولة على المحك، وكرامتها تمر بأصعب اختبار فى تاريخها.. فإعلام جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم فى تنظيم القاعدة أصبحت بديلا عن علم مصر داخل الاعتصامات وخارجها، حيث كان الإخوان يرفعون أعلامهم وأعلام القاعدة فى المسيرات التى تخرج من الاعتصام ثم تعود إليه مرة أخرى.

اعتصام الإخوان المسلمين بدأ فعليا فى رابعة العدوية فى 28 يونيو، أى قبل ثورة يونيو ب 48 ساعة فى محاولة لإرهاب خصوم مرسى والجماعة.. وكانت البداية مستفزة وموحية بأننا أمام جماعة إرهابية قررت أن تحتل الميدان، بدأت الجماعة بعروض ميليشيات عسكرية، يحمل أعضاؤها مختلف فأنواع الأسلحة النارية والبيضاء، ورافعين من كلمة الشرعية شعارا يرددونه، بعد أن ردده رئيسهم محمد مرسى فى خطبه العلنية مئات المرات.. وبدأت الجماعة تنصب الخيام فى إشارة إلى أنهم لن يبرحوا أماكنهم إلا بعد أن يثبتوا مرسى على الكرسى.

من 28 يونيو وحتى 14 اغسطس 2013، اليوم الذى تم فيه الفض، مارس الإخوان المسلمون كافة أشكال الإجرام والإرهاب، فقد تحول ميدان رابعة إلى ساحة للتدريب المسلح وعرض الميليشيات طوال الوقت، بل أخذ الإخوان منه مكانا لتخزين السلاح والتدريب عليه، والأهم من ذلك كله أن الجماعة بدأت فى تكوين مجلس شورى وحكومة موازية، وأعلنت عن أسماء هذه الحكومة، فى إشارة إلى أنها أصبحت دولة مستقلة داخل مصر، وكانت تخطط لأن يتم الاعتراف بها من بعض الدول التى تعارض الثورة.

تحول المكان حول اعتصام رابعة العدوية وميدان النهضة أيضا إلى ما يشبه ساحات الحروب الأهلية، فقد عانى سكان هذه المناطق أشد المعاناة، وعاشوا فى حالة من الرعب المستمر، كان المعتصمون يقومون بعمليات قبض عشوائى على المواطنين ويحولونهم إلى سجناء يمارسون ضدهم أشد أنواع التعذيب وأقساها.

كان اعتصام رابعة العدوية الأكثر بشاعة، كان يتوسع يوما بعد يوم وكان المواطنون العاديون هم ضحايا هذا التوسع الإجرامى.

سيدة من سكان منطقة رابعة العدوية خرجت فى أحد الأيام لتشترى دواء لابنتها المريضة، خطفها بعض المعتصمين وأدخلوها إلى مقر الاعتصام واعتدوا عليها بالضرب، واتهموها أنها جاسوسة عليهم، رغم أنها لم تفعل أكثر من البحث عن صيدلية قريبة من منزلها، خرجت هذه السيدة من الاعتصام وهى شبه جثة، لترقد فى مستشفى تعانى من جروح وكدمات فى كل جسدها.

حالات كثيرة عانت وتكرر معها نفس الشىء، والمفزع أن من بين من تم تعذيبهم أطفال صغار، وكان الإخوان يطبقون كل أساليبهم الإجرامية تحت شعار الشرع والشرعية، طبقوا حد السرقة، فقطعوا يد بائع اتهموه أنه سرق موبايل أحد المعتصمين، وبعد ذلك أعلنوا أن الموبايل كان ضائعا وأن صاحبه وجده فى أحد الخيام.

كان سكان المناطق المحيطة بالمكان يعيشون أياما من الرعب الدائم، هذا غير معاناتهم الممتدة من الأمراض التى بدأت تنتشر بسبب الحمامات العامة التى أنشأها الإخوان فى محيط الاعتصام، هذا غير ممارسات أخرى من المعتصمين، حيث كانوا يقتحمون الشقق المحيطة بالاعتصام بالقوة لاستخدام الحمامات، وكل من كان يعترض عليهم يتم ضربه وبقسوة.

لقد حاول الإخوان المسلمون أن ينكروا تسليح اعتصامهم، إلا أن أهالى رابعة ومن شرفات منازلهم قاموا بتصوير سيارات تحمل سلاحا وهى تدخل إلى الميدان، وكان هذا يحدث كل يوم.. بل إن روبرت فيسك وفى سخرية بليغة وبالغة مما جرى فى الاعتصام، قال إنه لم ير سلاحا فى اعتصام رابعة إلا أن الحارس الذى كان يرافقه طوال جولته داخل الاعتصام كان يحمل على كتفه كلاشينكوف.

لقد استغلت جماعة الإخوان المسلمين كل شىء من أجل أن يستمر اعتصامهم، استغلوا حاجة أطفال الشوارع، فوفروا لهم الطعام والشراب حتى يظلوا إلى جوارهم، استأجروا البلطجية ليكونوا إلى جوارهم فى معاركهم ضد الشرطة والجيش، ورغم أنهم كانوا يستعينون بالبائعين الجائلين والمغتربين من أهالى المحافظات الأخرى، إلا أنهم عندما كانوا يشتبهون فى أحد بأنه من الأمن، كانوا ينهالون عليه ضربا، ولا يخرج من تحت أيديهم إلا جثة هامدة، ولم يكن غريبا أن يعثر أهالى منطقة رابعة العدوية على أكثر من جثة مشوهة من آثار التعذيب قبل القتل.

الأمر نفسه حدث فى اعتصام النهضة، كانت هناك مقبرة فى حديقة الأورمان، يتم فيها تعذيب المواطنين لمجرد أنهم شاركوا فى ثورة 30 يونيو، كان يتم تعليقهم على الأشجار وجلدهم وذبحهم، وهو ما جعل الاعتصامات مصدر رعب للجميع.. ولم يكن أمام الحكومة إلا أن تستجيب للمواطنين وتلبى رغبتهم فى فض الاعتصام، فلم يعد الأمر خطرا على هيبة الحكومة فقط، ولكنه أصبح خطرا كاملا على الأمن القومى للبلاد.

كانت القنوات التابعة لجماعة الإخوان والتى تنقل ما يدور داخل الاعتصامات على الهواء مباشرة هى مصدر التأكيد على أن الاعتصامات أصبحت مأوى للإرهابيين والمتطرفين، رأينا من يقول هانفجر مصر، ومن يقول ما يحدث فى سيناء من قتل للجنود والتفجيرات ينتهى فى اللحظة التى يعلن فيها السيسى عودة مرسى، فى اعتراف واضح أن كل الإرهاب الذى جرى فى سيناء كان وراءه الإخوان ومن يتحالفون معهم.

لقد لعبت الجماعة اللعبة الأخطر، فقد كانت تدفع بالمعتصمين إلى أماكن حيوية، ليتم الاشتباك بين الإخوان وحلفائهم من ناحية وبين قوات الجيش والشرطة من ناحية أخرى، هذا فى أحداث الحرس الجمهورى، وحدث أيضا فى أحداث المنصة، وكان الهدف هو شحن بقية المتظاهرين والمعتصمين، حتى يأخذوا بثأر من ماتوا.. وقد لعبت الجماعة بهذه الحيلة كثيرا حتى تم فض الاعتصام.

لكل هذا لم يكن هناك حل آخر إلا فض الاعتصام بالقوة.. وحتى القوة لم تبدأ بها قوات الفض، فطبقا لما أدلى به شهود عيان أن المعتصمين كانوا أول من أطلق النيران على قوات الشرطة، التى لم تجد أمامها إلا أن ترد على النيران التى استهدفتها من داخل الاعتصام.. فقد كان أول من سقط فى فض اعتصام رابعة العدوية مجند من قوات الأمن المركزى قتل برصاصة فى صدره، وبعده أطلقت القوات وابلا من الرصاص على المعتصمين، الذين بادلوهم وابلا من الرصاص، وليس بعيدا عنا ما أثبته أهالى رابعة من أنهم رأوا الإخوان المسلمين يحتلون أسطح العمارات، ورأوا القناصة وهم يطلقون النيران.

لقد أثبت الإخوان المسلمون أنهم دمويون حتى بعد الفض، بعد ساعات قليلة كانوا قد بدأوا رحلة الانتقام، ارتكبوا عدة مذابح من أهمها مذبحة قسم كرداسة، عندما دخلت عناصر تنتمى إلى الجماعة على ضباط وجنود القسم وذبحوهم ومثلوا بجثثهم فى مشهد بشع يستحيل أن يتحمله إنسان طبيعى، ونعتقد أن من شاهدوا صور القتل والتمثيل بالجثث لن ينسوا هذا المشهد أبدا.

توالت الأحداث بعد ذلك عاصفة.. هجم الإخوان وأنصارهم وحلفاؤهم على أقسام الشرطة فى المنيا ومدن الصعيد ومثلوا بجثث الضحايا، أحرقوا فى هذا اليوم فقط 70 كنيسة انتقاما من الأقباط الذين شاركوا فى الثورة، وقتلوا عددا كبيرا من الأقباط، واستهدفوا ضباط الجيش والشرطة.. وما زال الإخوان يرتكبون نفس الأفعال الإجرامية حتى الآن.

3

الانتقام فى ذكرى الفض

قبل أن تحل الذكرى الأولى لفض رابعة العدوية رصدت الأجهزة الأمنية دعوات جماعة الإخوان لأنصارها والمتعاطفين معها وتحريضهم على التظاهر غير السلمى، والانتقام لمن سموهم شهداء رابعة العدوية على حد قولهم، وأطلقوا على هذا اليوم يوم الدم.. كما رصدت الأجهزة أن الجماعة فى مصر تلقت أوامر من التنظيم الدولى للإخوان بالتصعيد فى ذلك اليوم ومهاجمة مبانى المحافظات وأقسام الشرطة ومديريات الأمن، ووجهتهم إلى الاعتصام فى الميادين وعلى رأسها ميدانى رابعة العدوية والنهضة بداية من يوم الخميس 14 أغسطس، على أن يتم مواصلة التصعيد فى اليوم التالى بعد صلاة الجمعة.

رصدت الأجهزة الأمنية أيضا بعض الخطط من جانب الإخوان المسلمين تقوم على مهاجمة الكنائس وبعض السجون وقناة السويس، وعمل تفجيرات فى أماكن بالعاصمة والمحافظات.

هذه التقارير دفعت وزير الداخلية محمد إبراهيم إلى عقد اجتماع موسع مع مساعديه صباح الثلاثاء الماضى أى قبل ذكرى الفض ب 48 ساعة، استعرض فيه محاور الخطة الأمنية الشاملة الموضوعة لإحباط مخططات الجماعة فى هذا اليوم وكيفية مواجهتهم والتصدى لهم بتكثيف الخدمات الأمنية على المنشآت المهمة والحيوية والمواقع الشرطية والسجون، وأيضا بتسيير الخدمات الأمنية على المنشآت المهمة والحيوية والمواقع الشرطية والسجون وجميع الميادين والطرق والمحاور، وتعيين خدمات سرية لرصد العناصر المخربة والتعامل معها وتأمين جميع وسائل النقل العام وتسيير دوريات من قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات للتعامل مع أى بلاغات واتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين وأمنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.