تعرب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن إدانتها البالغة لعمليات التعذيب التي تحدث داخل أقسام الشرطة للمحبوسين، مؤكدة على أن مثل هذه العمليات هي إهدرا لكل القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية التي قامت لأجلها ثورة الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، والتي نص عليها الدستور المصري 2014. وتخص المنظمة إدانتها بأخر هذه العمليات والتي طالت "عزت عبدالفتاح سليمان الغرباوى" 46 عاما، موظف فى وزارة المالية، مما أدى إلى وفاته يوم 8 مايو الماضى، أثناء احتجازه داخل قسم شرطة المطرية، حيث أثبت تقرير الطب الشرعى النهائى الصادر يوم 16 مايو 2014، الخاص ب"عزت عبدالفتاح"، أن الوفاة نتيجة ارتجاج ونزيف فى المخ عقب اصطدامه بحائط صلب. كما كشف التقرير عن وجود سحجات فى معظم أجزاء جسم "عبد الفتاح"، بالإضافة إلى وجود نزيف بالمخ، وكسور فى الأضلاع، وكسر فى عظمة القفص الصدري وهى العظمة التى تربط جميع الأضلاع ببعضها. كما أكد تقرير الطب الشرعى، وجود نزيف فى التجويف الصدرى، مؤكدا أن سبب الوفاة نتيجة للحالة الإصابية، وما أحدثته من كسور بالأضلاع وفشل فى التنفس وإصابة بالرأس وما صاحبها من مظاهر ارتجاج دماغى أدت إلى الوفاة.وقد أعلن وزير الداخلية إنه سيصدر قرارا بالتحقيق في الحادثة.
وبناءًا على ما سبق، تطالب المنظمة المصرية بضرورة التحقيق العاجل والفوري في واقعة وفاة "عزت عبدالفتاح" داخل قسم شرطة المطرية، كما تطالب بضرورة حظر الانتهاكات الموجهة للأفراد داخل أقسام الشرطة وفي أماكن الاحتجاز، وتحويل كل المسؤولين عن حوادث التعذيب للمحاكمة العادلة، وتطبيق أحكام القانون والدستور ذات الصلة عليهم، دون تفرقة بينهم وبين المواطن العادي حرصاً على مصالح الدولة وتحقيقاً لأمن وأمان المجتمع.
من ناحية أخرى، تطالب المنظمة المصرية الحكومة بتعديل التشريعات الخاصة بجريمة التعذيب والتي تشمل قانوني العقوبات والاجراءات الجنائية، بما يتوافق مع الدستور المصري الجديد واتفاقية مناهضة التعذيب. إذ تنادي المنظمة بتعديل مواد قانون العقوبات المصري فى المادتين 126، 129، حتى تتطابق مع مواد اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر وأصبحت قانوناً داخليا، مطالبًة بالإسراع في إصدار الأحكام بقضايا التعذيب والتعويض المادي، أن يشمل الحكم علي المدان بجرائم التعذيب العزل من الوظيفة.
وأخيرًا، تؤكد المنظمة على ضرورة تعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية وهى المواد (مادة 63 – 64 – 162 – 232) بما يسمح للمواطن بحق رفع الدعوى مباشرةً إلى القضاء، مناشدة الحكومة المصرية التوقيع على البروتوكول الاختياري الخاص باتفاقية مناهضة التعذيب.
من جانبه أكد حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة أن استمرار تلك الظاهرة اللإنسانية يمثل مخالفة صريحة للأعراف والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تؤكد في العديد من موادها على حظر التعذيب وتجريم ومحاسبة مرتكبيه، فحسب المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب"، وحسب المادة الخامسة من الإعلان العالمي ل حقوق الإنسان "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة".
وأضاف أن التعذيب أحد الجرائم التي يجب القضاء عليها بشكل كامل لكونه ينتهك أبسط حقوق الإنسان الأساسية إلا وهو حقه في الحياة والحرية والأمان الشخصي،لاسيما وان دستور 2014 نص في مادة 55 (على تجريم التعذيب وإساءة المعاملة ) كما في مادة 56 (تحظر في أماكن الاحتجاز والسجون كل ما يتنافى مع كرامه الإنسان) ومادة 52 (جريمة التعذيب لاتسقط بالتقادم)، ولذلك وجب على النائب العام ووزير الداخليه التحقيق في هذة الجرائم واحاله مرتكبيها إلى المحاكمة.