"الأوقاف" تكرم عضوا ب الأعلى للشئون الإسلامية" لمشاركته بالأنشطة الرمضانية بالمساجد    المفتي: الجيش واجه معركتين حاسمتين في سيناء    سعر الجنيه الإسترليني اليوم الجمعة 10 مايو 2024    محافظ أسيوط: مواصلة تركيب بلاط الانترلوك بالشوارع الضيقة بمدينة منفلوط    وزيرة التعاون الدولي تشارك بالاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار الأسبوع المقبل    الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 12 جنديا هاجمتهم الدبابير في غزة    جامعة «أريزونا» تطرد أستاذا جامعيا بعد تعديه على امرأة مسلمة داعمة لفلسطين    الامين العام للأمم المتحدة يدعو قادة الاحتلال وحماس للتوصل إلى صفقة لوقف إراقة الدماء    موعد مباراة الخليج والوحدة اليوم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    أخبار الأهلي : مفاجآت بالجملة في قائمة الأهلي أمام بلدية المحلة.. هل يعود الشناوي؟    محافظ أسيوط: حملات مكثفة على الأسواق بالمراكز والأحياء    خلال 24 ساعة.. تحرير 16 ألف مخالفة مرورية متنوعة    «تالجو ومكيف وروسي»..تعرف على مواعيد القطارات خط «القاهرة/ الإسكندرية» والعكس    وزير السياحة يشارك في الاحتفال السنوي بيوم أوروبا    قبل ساعات من عزاءها.. من هي سوسن المارديني والدة يسرا اللوزي؟ وتفاصيل عملها في «ديزني»    19 عرضا مسرحيا مجانيا لقصور الثقافة بأسيوط    "مبروك يا صايعة".. الشرنوبي يثير الجدل بتهنئته ل لينا الطهطاوي بزفافها (صور وفيديو)    المفتي يكشف حكم إيداع الأموال في البنوك    وكيل صحة الشرقية يفاجئ العاملين بمستشفى الحسينية المركزي ( صور )    ترغب في التخسيس؟- أفضل الطرق لتنشيط هرمون حرق الدهون    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    بيرسي تاو يحصد جائزة أفضل لاعب في اتحاد دول جنوب إفريقيا    «المشاط»: 117 مشروعًا لدفع مشاركة المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا    وزيرة التخطيط: 7.7 مليار جنيه استثمارات عامة لمحافظة الأقصر خلال 23-2024    محافظ بني سويف يوجه بمتابعة استمرار التسهيلات في تلقى طلبات التصالح بالقانون الجديد 187    تشييع جثمان عقيد شرطة ضحية تصادم سيارة مع جمل ببني سويف    مشاجرة بين عائلتين بالأسلحة البيضاء وإصابة شخصين بالفيوم    حفاران حطما الجدران.. كيف ساهمت مياه الشرب في إخماد حريق الإسكندرية للأدوية؟- صور    تشكيل هيئة مكتب نقابة أسنان القليوبية    نقيب الفلاحين يعلن دعمه لاتحاد القبائل العربية بقيادة العرجاني    الملتقى الأول لشباب الباحثين العرب بكلية الآداب جامعة عين شمس    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم على مباني الأونروا في القدس الشرقية    سنوات الجرى فى المكان: بين التلاشى وفن الوجود    أوكرانيا: روسيا بدأت هجوماً برياً في منطقة خاركيف    خطيب الجمعة ب "الأزهر": الحضارة الإسلامية حوربت عبر تشكيك المسلمين في تراثهم    إزالة حالة تعدي على أرض زراعية بقرية الفاوية في قنا    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    الرعاية الصحية: تقديم 16 مليون خدمة طبية بالمستشفيات والوحدات التابعة    عادات يومية للتحكم في نسبة السكر بالدم.. آمنة على المرضى    وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب: مؤامرة الإخوان والأمريكان لفصل قناة السويس وتسريح الجيش وقبول الوطن البديل للفلسطينيين فى سيناء مقابل حكم مصر!
نشر في الفجر يوم 26 - 08 - 2013

■ جورج تنت مدير المخابرات الأمريكية الأسبق كشف المؤامرة لمدير المخابرات المصرية عام 2004

■ مبارك قطع الطريق على المؤامرة بإيقاف العمل فى ترعة السلام حتى لا تصل مياه النيل للوطن البديل

■ بوش حاول استغلال التوريث لتصفية سلطة القوات المسلحة دون أن تعلم جماعة جمال مبارك بالمؤامرة

أحيانا.. تقدم حكايات الصغار الحكمة للكبار على طبق من كريستال.

وجد السلطان المجنون بالثياب نفسه فريسة لعصابة من النصابين أقنعته بأنها ستنسج له ثوبا لا مثيل له من خيوط القمر.. وبعد أن أصيب السلطان بالملل من طول المدة التى انتظرها وكثرة الأموال التى أنفقها.. زفت له العصابة نبأ الانتهاء من الثوب المعجزة.

خلع السلطان كل ملابسه وارتدى الثوب المصنوع من خيوط القمر.. وشعر بالزهو وهو ينظر إلى الثوب فى المرآة.. وتضاعف شعوره بالزهو بعد أن أبدت الحاشية إعجابها بما يرتدى.

خرج السلطان يستعرض ثوبه الفضى وسط هتافات وإعجاب الناس به.. إلا طفلاً صغيراً كان أبوه يحمله على كتفيه وسط الزحام.. هتف ببراءة: «السلطان عارى».

فى 30 يونيو خرج 30 مليون مصرى يقولون: «السلطان عارى».. فلم تسقط السلطة الإخوانية القائمة وحدها.. وإنما سقطت معها المؤامرة الشرسة التى صاغتها الولايات المتحدة الأمريكية.. وساندتها تركيا وأوروبا.

لم يقصد المصريون نسف المؤامرة.. أو كشفها.. لكنهم أصابوها دون أن يقصدوا بنفس الرصاصة التى أجهزت على النظام السابق.. لسبب بسيط.. أننا لم نكن نثق فى وجود المؤامرة.. تصورنا أنها خرافة، مجرد نميمة تنشرها صحف وفضائيات لئيمة.

إن حالة الانهيار العصبى التى تتصرف بها واشنطن وبروكسل وأنقرة والدوحة تجاه مصر بعد سقوط محمد مرسى.. دليل قوى ومباشر على أنها فقدت «عميلها» المنفذ للمؤامرة قبل الانتهاء منها.

يضاف إلى ذلك «الحول» السياسى والإعلامى الذى ترى به هذه العواصم ما يجرى فى مصر.. فالإخوان وأنصارهم يقتلون ويذبحون ويحرقون ويفجرون.. لكنهم فى مانيشتات الصحف الغربية وعلى شاشات فضائياتها وتصريحات حكوماتها ضحايا «الدولة البوليسية» العائدة للحكم.

إن ذلك ليس حبا فى الجماعة.. وإنما يأتى حزنا على المؤامرة التى أفسدها المصريون ببراءة الطفل الذى كشف عرى السلطان.

عرفت مصر بالمؤامرة فى 18 يوليو 2004 حين سافر عمر سليمان إلى واشنطن للقاء جورج تنت.. بعد أن ترك رئاسة وكالة المخابرات المركزية بأسبوع.. فى زيارة جرى العرف عليها بين مديرى المخابرات.. للشكر والوداع.

حسب ما سمعت من عمر سليمان فيما بعد.. فإن جورج تنت أمسك بقلم فلوماستر أسود راح «يشخبط» به على ورقة صفراء وهو يتحدث عن «رغبة» أمريكية فى تبنى مشروع «الوطن البديل».. حيث تعرض واشنطن على القاهرة 80 مليار دولار مقابل تنازلها عن 1600 كيلومتر من سيناء.. تكون امتدادا لغزة التى تنفجر بأهلها.. ولو رفضت مصر المال.. فإنها يمكن أن تتبادل الأرض مع إسرائيل.. فتترك المساحة المطلوبة فى منطقة رفح مقابل حصولها على المساحة نفسها فى صحراء النقب.

ويتيح المشروع الذى رسمه إيجال آلون مؤسس نظريات الأمن فى إسرائيل.. أن يتمدد الفلسطينيون إلى الخارج فى مصر لا إلى الداخل فى فلسطين.. ليتجدد شعار أرض بلا شعب فى سيناء.. من أجل شعب بلا أرض فى غزة.. يضاف إلى ذلك.. إمكانية استيعاب مليونى لاجئ ترفض إسرائيل عودتهم.

لم يكن مبارك فى حاجة إلى مثل هذه المؤامرة لتأزم العلاقة بينه وبين بوش.. فالعلاقة بينهما وصلت إلى طريق مسدود بعد زيارة مبارك الأخيرة له فى منتجعه الريفى بالقرب من قرية واكو.. ولاية تكساس.

كانت الزيارة فى 4 فبراير 2004.. انتهت بلقاء بين مبارك ورؤساء التحرير المصاحبين له فى جناحه بفندق إنتركونتننتال هيوستن.. وسمعنا منه جملة لم أفهمها إلا بعد أن كشف عمر سليمان المؤامرة.. قال مبارك: «إن بوش يريد منا ما يهدد سيادتنا الوطنية».. وبعدها قاطع مبارك واشنطن أربع سنوات.. ولم يعد إليها إلا بعد أن وصل باراك أوباما إلى البيت الأبيض.

فى نفس الوقت قرر مبارك أن يوقف كل مشروعات البنية الأساسية فى سيناء.. خاصة ترعة السلام.. فمياه النيل التى عبرت القناة بسحارات تحتها لن تصل إلى إسرائيل قبل أن تمر على الوطن الفلسطينى البديل.. وتحمل مبارك كل الانتقادات التى وجهت إليه بترك سيناء بلا تنمية.. فالتنمية لن تكون لصالح أهلها وإنما لصالح جيرانهم.

كان الأمريكيون يدركون جيدا أن لا حاكم مصرياً ينتمى إلى المؤسسة العسكرية الوطنية وحارب فى سيناء سيقبل بالتفريط فى حبة رمل واحدة من صحرائها، التى شربت من دماء الجنود أكثر مما شربت من المياه.. فقرر الأمريكيون استغلال خطة توريث جمال مبارك لتكون خطوة فى اتجاه المؤامرة.. ولو لم تكن مجموعة التوريث مدركة لمحاولة استغلالها.. فقد اندفعت بنوع من العمى السياسى تتحدث عن دولة ديمقراطية بعيدة عن المؤسسة العسكرية.. العائق القوى لتنفيذ المؤامرة.. وبدأ أركان التوريث يتحدثون فى كواليس الحزب الوطنى الحاكم عن رفض حكم العسكر.

لكن.. الأمريكيون لم يكونوا على ثقة تامة فى أن جمال مبارك مستعد أن يقبل بالمؤامرة ولو كان المقابل جلوسه على عرش مصر.. فلو كان المصريون فى حالة غضب شديد من توصيل الغاز إلى إسرائيل.. فكيف يكون حالهم لو فرط أحد فى شبر واحد من أرضهم؟

فى ديسمبر 2006 انتهت القضية رقم 963 حصر أمن دولة عليا المعروفة باسم «ميليشيات الأزهر» إلى القبض على 140 متهما من الإخوان على رأسهم نائب المرشد خيرت الشاطر.. وداخل السجن - حسب ما سمعت من عمر سليمان - نجح الأمريكيون فى التفاوض معه عبر وسطاء شاركوه الزنزانة.. أو جاءوا إليه فى الزيارة.. كانت هذه المفاوضات امتدادا لواسطات سابقة بدأت قبل نحو عشر سنوات.. لكنها.. لم تحظ بنفس الاهتمام.

وافقت الجماعة على المؤامرة كاملة.. وطن بديل للفلسطينيين فى رفح.. تفتح فيه حدود غزة على سيناء.. ولا مانع أن يأخذ الوطن البديل شكل إمارة إسلامية.. بشرط تحييد حماس.. ومنعها من إطلاق الصواريخ على إسرائيل.. وعزل إقليم قناة السويس.. ونزعة من السيادة المصرية.. وتقليص نفوذ المؤسسة العسكرية فى تحديد اتجاهات وتوجهات السلطة.. والمقابل.. أن يحكم الإخوان مصر.. ويسيطروا على مقدراتها.

ولم تأخذ الجماعة وقتا فى مراجعة نفسها.. فإيمانها بالأمة الإسلامية الواسعة يتجاوز حدود الدولة الوطنية.. فلا فرق عندها أن تترك سيناء تحت السيادة المصرية أو تتنازل عنها لحماس.. أو تبقى على حلايب وشلاتين أو تتركها للسودان.. فكلها أرض الإسلام.. لا يشترط فيمن يحكمها سوى أن ينطق بالشهادتين.. ويكون عضوا فى التنظيم العالمى للإخوان.

وما أن قامت ثورة 25 يناير حتى شعرت الجماعة بأن حلم السلطة أصبح قريبا.. وفى الوقت نفسه شعرت الولايات المتحدة أن حلم تنفيذ المؤامرة لم يعد بعيدا.. وبعد شهور قليلة.. أصبح فى القاهرة ثلاثة دبلوماسيين كبار فى السفارة الأمريكية، سبق أن خدموا فى باكستان.. السفيرة آن باترسون.. مستشارها السياسى ديفيد رنز.. وقنصلها العام فى الإسكندرية كانديس بوتنام.. لم يترددوا فى إجراء اتصالات وزيارات بلا حدود لكل القيادات الإخوانية.. ربما بما يتجاوز القواعد الدبوماسية.

ووصل الإخوان إلى الرئاسة بمساعدة وتمويل من واشنطن ووكلائهم المحليين فى أنقرة والدوحة.. لكن.. سهل لهم ذلك أيضا.. فشل المشير حسين طنطاوى ومساعديه فى إدارة الفترة الانتقالية وعجزهم عن استيعاب التنظيمات الشبابية الثورية.. ومن جانبها لم تفطن هذه التنظيمات إلى العدو المندس بينها.. الإخوان.. الأشد خطورة من الجنرالات الذين هتفت ضدهم: «يسقط حكم العسكر».. وهو هتاف بدا مغريا لتيارات سياسية أخرى.. لم تكن تعرف أنها دون أن تقصد تقصر الطريق المؤدى إلى المؤامرة.

كان أحد أهداف المؤامرة التخلص من الجيش المصرى وتفكيكه وتسريحه وتغييره من تشكيلات مقاتلة إلى فرق متخصصة لمواجهة التنظيمات الإرهابية.. يضاف إلى ذلك أن الجيش المصرى بإيمانه الوطنى فى الحفاظ على أرضه وشعبه وحدوده عائق صعب لتنفيذ المؤامرة.. وتوافق هذا الهدف مع رغبة الجماعة فى الإجهاز على الجيش القوة الوحيدة التى يمكن أن تواجهها.. أو تمنع تنفيذ المؤامرة.

إن ذلك كله يفسر سر الهجوم الغربى الشرس على المؤسسة العسكرية بعد 30 يونيو.. ويفسر سر التعاطف المزمن مع الجماعة.. فقد أجهزت ثورة المصريين فى هذا اليوم المؤامرة.. أخذوا اللقمة من فم الولايات المتحدة وأعادوها إلى بلادهم.. فقامت الدنيا ولم تقعد.

وفى اليوم التالى لتفويض الفريق أول عبدالفتاح السيسى بدأ الدكتور محمد البرادعى فى التعبير عن كراهيته غير المخفية للمؤسسة العسكرية.. وفتح الباب أمام العالم بدعوتهم للتدخل فى الشأن المصرى.. بدعوى لم الشمل.. والتفاوض مع الإخوان.. حقنا للدم.

وبسبب ما فعل نائب الرئيس تغير موقف جون كيرى.. فوزير الخارجية الأمريكى الذى وصف ما حدث بالثورة الشعبية عاد ليصفه بالانقلاب العسكرى.. ولم يتردد فى ممارسة الضغوط على من وصفهم بالجنرالات.. فقد أوصل البرادعى إليه أن الداخلية عاجزة عن فض الاعتصامات والجيش مشغول بما يجرى فى سيناء.. وعدد الضحايا سيكون بعشرات الآلاف.. وعندما خابت توقعاته استقال وسافر إلى عائلته فى النمسا.. ومنها بعد أسبوعين إلى فرنسا.. ليبدأ مرحلة العمل السياسى المضاد لبلاده.. ربما ليعود حاكما عليها على طريقة حامد كرزاى.. فى أفغانستان.

لم ينجح الأمريكيون فى استغلال هروب البرادعى فى تقسيم ملايين المصريين الذين خرجوا فى 30 يونيو و26 يوليو.. فبدأت من جديد.. هتافات من قوى شبابية تتحدث عن حكم العسكر.. وعودة دولة مبارك البوليسية.. ولا نعرف ما إذا كانت هذه الهتافات بريئة هذه المرة.. وبحسن نية.. أم أنها مدبرة.. ومدفوعة الأجر؟..الأيام سرعان ما ستكشف الحقيقة.. لكن.. مهما كانت الدوافع والأهداف.. فإن التيار الثالث الذى يجمع قواه الآن سيضعف من توحد المصريين فى هذا الوقت الحرج.. سيعيد الإخوان إلى المشهد من جديد.. والأهم والأخطر سيحيى المؤامرة مرة أخرى.. سنساعد بأنفسنا فى تنفيذها.. ساعتها سننظر إلى صورتنا فى المرآة ونقول: لقد أصبحنا نحن أيضا عرايا.

2- سقوط بائع سميط متجول اسمه أردوغان!

تقع محافظة «ريزه» شمال تركيا.. فى منطقة البحر الأسود.. ويعيش أهلها بين جبال شاهقة قاسية وسهول جافة فقيرة.. ما أضفى عليهم خشونة حادة.. جعلتهم يتصارعون على لقمة الخبز الجافة.

هناك.. مسقط عائلة «أردوغان».. حيث لم يجد والده «أحمد» مفرا من النجاة من الجوع سوى أن يتزوج من مطلقة مستورة الحال لديها طفلان.. ليعيش الرجل من مال امرأة.. فى حالة من العار الشخصى.. تلفظها المجتمعات الإسلامية المحافظة.

لكن.. أحمد لم ينجب ابنه «رجب طيب» إلا من امرأة أخرى انتقل معها إلى حى «سنان باشا» فى اسطنبول.

فى سنوات الدراسة لم يتردد رجب طيب فى بيع المياه والسميط ليساعد نفسه.. فكان أمام زملائه فى ثانوية الأئمة شيخا وقورا.. وفى الشارع شابا فهلويا.. يلعب بالبيضة والحجر.. ويعرف كيف يخرج الليرات من أسنان الأسد.. ويفسر هذا التناقض ازدواجيته التى اشتهر بها فيما بعد.. عندما احترف العمل السياسى ووصل إلى قمته بحكم بلاده.

دائما يقول ما يخالف ما يفعل.. دكتور جيكل ومستر هايد.. يتحدث عن القيم الإسلامية السامية ويبيح الدعارة رسميا فى أحياء خاصة تسمح بكل أنواع الشذوذ.. يدعو حزبه للخروج بمظاهرة ترفع المصاحف لنجدة الفلسطينيين ويجدد عقد صيانة المدرعات الإسرائيلية فى بلاده.. ينشر مقالا عن حق المعارضة فى الحماية من الأساليب البوليسية القذرة وبعد ساعات قليلة تضع أجهزته الأمنية فيديو جنسياً صُوّر خلسة لزعيم حزب الشعب المنافس.. يعلن عن منح نظام محمد مرسى مليارى دولار مساعدة عاجلة.. ثم اتضح أن نصفها دعم لسلع تستوردها مصر من بلاده.. دون أن ينسى الفوز بعقود تصدير أخرى تزيد على الثلاثة مليارات دولار.. ما يمنحه باليمين يأخذ أضعافه باليسار.

وبخبرة السمسار الصغير الذى كان يشترى حاجات زملائه فى المدرسة الداخلية بالجملة ويبيعها لهم بالتجزئة توسط أردوغان الصغير بين مصر تحت السلطة الإخوانية والولايات المتحدة الأمريكية لتأجير قاعدتين عسكريتين.. فى السلوم غربا.. ورأس بناس شرقا.. وشعر بأن ما يفعل أمر غير مستهجن.. ففى بلاده التى تنطوى تحت جناح حلف الأطلنطى قاعدة إنجليك الأمريكية.

أما العمولة فأكبر من المال.. تبعية مصر لحلمه العريض.. العودة للإمبراطورية العثمانية.. ليصبح خليفة المسلمين.. وأمير المؤمنين.. والحاكم بأمر الله ولو حكم بأمر نفسه.

وربما يفسر ذلك جنونه المنفلت بسقوط حكم الجماعة فى مصر.. فقد سقطت معها عمامته.. وانكمشت قامته.. وعميت رؤيته.

وما لم يعرفه أحد.. أنه كان سيأتى إلى القاهرة لتوقيع اتفاقية للتعاون الاستراتيجى بينه وبين حسنى مبارك يوم 4 فبراير 2011.. لكن.. الموعد تأجل بعد ما حدث فى 25 يناير.. وبعدها تغير موقفه من الضد إلى الضد.. فى انتهازية يصعب إنكارها.

ولو كان الإمام التركى يتحدث عن عنف الجيش المصرى فى فض الاعتصامات الإخوانية المسلحة ويهاجمها بقوة ويطالب مجلس الأمن بالعقاب المناسب فإنه فى الحقيقة يعكس عقدته تجاه الجنرالات فى بلاده.. دون أن يتذكر كيف فض اعتصام ميدان تقسيم فى اسطنبول بقسوة مفرطة فى الشراسة.. ودون أن يعترف بأن الاسباب الحضارية التى أسقطت حزب «الحرية والعدالة» فى مصر لا تختلف عن الأسباب التى تهدد حزب «العدالة والتنمية».. حزبه.. فقد كان يتحدث عن مصر وعينه على تركيا.

وأفضل ما جنته مصر بعد ثورتها فى 30 يونيو أنها تحررت من استعمار متعدد الجنسيات.. تركى وأمريكى وقطرى.. لتعود إلى حضن أمتها العربية النقية.. مرتكنة على ظهر قوى من ثلاثة مساند متعددة الأصالة.. السعودية ودولة الإمارت والكويت.. ولم تكن مسانداتها مالية فقط.. وإنما كانت سياسية ودبلوماسية أيضا.. الجياد الأصيلة تنزل الساحة لتقضى على مناورات البغال التى تجر عربات الروبابيكيا السياسية.

دون اتفاق مسبق قاطع المصريون البضائع والمسلسلات العثمانية وقاطع الإماراتيون استثماراتهم هناك.. خطوة من القاهرة وخطوة من أبوظبى وتسير القافلة.. كلمة من القاهرة وكلمة من الرياض ويتغير موقف الدنيا.. مساندة من القاهرة ومساندة من الكويت وتسترد الأمة العربية بريقها.. أما الذين اختاروا مكانة يهوذا الذى باع السيد المسيح- مثل نقطة الحبر السوداء المسماة قطر- فله خزى فى الدنيا وعذاب فى الآخرة.

إن الأغبياء وحدهم هم من لم يتعلموا من التاريخ.. والقائمة هذه المرة طويلة.. باراك أوباما.. وحمد بن جاسم وولده تميم.. ورجب طيب أردوغان.. ونعوذ بهم ومن على شاكلتهم من الشيطان الرجيم.. آمين.

ملحوظة تنقلب إلى نكتة

كتبت هذا المقال قبل يوم واحد من لقاء أردوغان مع مسئولى حزب العدالة والتنمية فى بلاده ليقول لهم إن لديه وثائق تثبت أن الانقلاب الذى جرى فى مصر وراءه إسرائيل.

بائع السميط التركى الذى يخدم الجيش الاسرائيلى بصيانة سلاح المدرعات الصهيونى يتهم 30 مليون مصرى قاموا بالثورة أنهم عملاء لإسرائيل ينفذون مخططها نكتة سخيفة لا تضحك أحدا.. لكن الجملة التالية فى حديث أردوغان توضح لماذا كل هذا الهوس ضد ما يحدث فى مصر.. فهو يقول إن الاعتراف بأن ما حدث فى مصر هو ثورة يعنى أن لا أحد سيقف أمام أى انقلاب سيقع فى أى مكان آخر لأنه ثورة وليس انقلابا. معبرا عن جزعه الشديد من تكرار الثورة المصرية فى تركيا.

ويهددنا وزير خارجيته داود اغولوا بأنه لن يعود سفيره إلى القاهرة وهو تهديد نرد عليه فى جملة واحدة.. «اشربوه».

3- كانت الشرطة تبحث عن أسلحة فى شقق رابعة فوجدته أمامها

خطة حرق مصر وضعها سيد قطب ونفذها محمد بديع

رغم أن سيد عبدالرحيم عبدرب النبى وعمره 28 سنة مدرس بمدرسة الدعوة الإسلامية فى بنى سويف فإنه فضل عليها أن يكون خادما خاصا لمرشد جماعته محمد بديع عبدالمجيد سامى.. كان عليه تنظيف الحمام.. وتجهيز ملابس النوم.. وتحضير الطعام.. وشراء الصحف.. بجانب القيام بالاتصالات المختلفة.

قبل ثورة 30 يونيو كان المرشد يقيم فى قرية «أندلسية» على شاطئ مرسى مطروح.. وعندما قرر أن يقاتل بنفسه على طريقة ملك الشطرنج استقل سيارة إسعاف.. صاحبتها فرق مسلحة.. راحت تطلق النار على كل أكمنة الشرطة أكثر من 150 كيلومتراً حتى منطقة الحمام.. ومن هناك كان الطريق مفتوحا بلا مقاومة إلى رابعة العدوية.. حيث وقف على منصتها محرضا على العنف والدم.. ونقلت الجزيرة ما قال على الهواء مباشرة.. دون أن تدرك أن ما بثته سيكون دليلا ضد رأس الجماعة.

ولو كان المرشد قد دخل فى سيارة إسعاف فإنه خرج فى سيارة نقل موتى.. وصل إلى شقة القيادى الإخوانى حازم فاروق منصور فى العقار رقم (84) شارع الطيران فى مدينة نصر.. وبعد فض اعتصام رابعة بدأت الشرطة فى البحث عن الأسلحة المخبأة فى المنطقة.. وتصورت أنها ستجد الكثير منها فى شقة حازم فاروق.. لكنها.. عندما داهمتها وجدت صيدها الثمين.. محمد بديع.

وبحثا عن ملف خادمه سيد عبدالرحيم فى مدرسة الدعوة الإسلامية كانت هناك أكثر من مفاجأة فى انتظار الجهات الأمنية المختصة.. وجدت 38 عنصرا إخوانيا.. و5 بنادق آلية.. وثلاثة بنادق خرطوش.. وصناديق من زجاجات المولوتوف.. وثلاث أجهزة لاسلكى ماركة موتورولا مسروقة من جهاز الحماية المدنية.. نهبوها مع معدات أخرى بعد حرق مبناها.

وفى الوقت نفسه داهمت الشرطة المركز الإعلامى للجماعة فى الحلمية، وإن لم تقبض على بنات صبحى صالح اللاتى يدرنه.. وكان المركز متخصصا فى سب معارضى الجماعة بأساليب يصعب تصورها أخلاقيا.

ومحمد بديع ولد فى المحلة الكبرى يوم 7 أغسطس 1943.. حصل على درجة الدكتوراه فى علم أمراض الحيوان.. واعتبر واحدا من أفضل مائة عالم عربى.. وفى 16 يناير 2010 أصبح المرشد الثامن للجماعة.

تحت يدنا وثيقة إخوانية سرية.. تقرير الأمانة العامة للتنظيم الدولى للجماعة عن الفترة بين 12 نوفمبر 2007 وأول يوليو 2010.. وفى الصفحة الأولى منها نجد رجاء «من الأساتذه والإخوة الكرام إرجاع نسخة التقرير كاملة عقب الانتهاء منها.. كما يؤمل عدم القيام بنسخ أو تصوير أى جزء منها».. وهو ما يدل على أهميتها وخطورتها.

فى الصفحة العاشرة منها نجد خلفية اختيار محمد بديع لمنصب المرشد.. وهو اختيار جاء من مجلس الشورى العام فى اجتماع رقم (36) بتاريخ 14 يناير 2010 بعد أن أصر المرشد السابق مهدى عاكف على مغادرة موقعه بانتهاء ولايته فى اليوم السابق وإصراره على «عدم التجديد لولاية ثانية رغم أنه مازال فى كامل صحته وحيويته وفى قمة أدائه وعطائه وهو ما مثل علامة بارزة وشيئا غير مسبوق فى تاريخ هذه الدعوة «.. حسب ما جاء فى التقرير.

جرى التداول بين أعضاء مجلس الشورى حول تاريخ وشخصية محمد بديع.. وفى ختامها وافق الحاضرون وعددهم 24 عضوا على اختياره.. فى غياب خمسة أعضاء «لظروف أمنية قاهرة».

ولسبب غير معروف تعذر حضور المرشد الجديد لأداء العهد أمام المجلس لظروف قاهرة أيضا.. ففوض المجلس أعضاء مكتب الإرشاد من مصر بتلقى العهد المنصوص عليه فى القانون الأساسى من المرشد ونصه: «أعاهد الله على التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما استطعت إلى ذلك سبيلا والالتزام بمنهاج الإخوان المسلمين ونظامهم الأساسى منفذا لقرارات الجماعة المناطة بى ولو خالفت رأيى والله على ما أقول شهيد».

ووجه المجلس خطابا للمرشد أهدوه فيه السلام وباركوا انتخابه «فى هذه الفترة العصيبة التى تمر بها الدعوة».. وأبدوا اطمئنانهم «أشد الأطمئنان أن اختياره لهذه المهمة هو قدر من الله».

وكان أول قرارات محمد بديع يوم الأربعاء 27 يناير 2010 تعيين جمعة أمين عبدالعزيز ورشاد البيومى ومحمود عزت نوابا له داخل مصر مع استمرار احتفاظ محمد خيرت الشاطر بموقعه نائبا للمرشد وأمينا للتنظيم.

وفى نفس القرار عين للتحدث باسم الجماعة: الدكتور محمد مرسى والدكتور محمد سعد الكتاتنى والدكتور عصام العريان.

ووجه المرشد الجديد رسالة إلى أفراد جماعته بدأها بتحية استاذه وأخيه الكبير ومرشده الكريم محمد مهدى عاكف «الذى قاد السفينة وسط العواصف والأنواء وتجاوز بها العقبات».. واعتبر تنازله عن موقعه دليلا على الديمقراطية داخل الجماعة.. وتحدث عن بناء الشخصية المسلمة المستقلة الحرة التى بدونها لا تتحرر الأوطان من «كل سلطان أجنبى عسكرى أو سياسى أو اقتصادى أو فكرى».. وطالب بأن يبدأوا بأنفسهم فى ممارسة الشورى على كل المستويات» لأنها تحتاج إلى تدريب وصبر على سماع الرأى الآخر والنصيحة التى هى لب الدين وهى لأئمة المسلمين قبل عامتهم».

والحقيقة أن اختيار محمد بديع يعد انقلابا فى فكر الجماعة فهو ينتمى لما يسمى بالقطبيين.. نسبة إلى سيد قطب.. مؤسس فكر التكفير.. والمحرض على تغيير النظم بالعنف.. والقوة المسلحة.. وقد وضع خطة لحرق مصر وتدمير منشآتها واغتيال قياداتها.. لكن الخطة التى فشلت الجماعة فى تنفيذها عام 1965 نفذتها عام 2013.

وقد أعدم سيد قطلب.. وسجن محمد بديع.. ليكرر بعد 48 سنة ما كان يحلم به سيد قطب.. فهل يلقى نفس مصيره؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.