تعتبر محافظة دمياط هى قلعة الأثاث فى جمهورية مصر العربية ، ففى كل شارع وكل منزل وكل حارة تجد ورشة لصناعة الموبيليات الدمياطى التى لا يعلى عليها فى جودتها ودقتها وحداثتها ومتانتها وجمال شكلها . وبذلك إذا إرتفعت أسعار الأخشاب أصيبت الصناعة بالركود ، وإذا إنخفضت راجت الأسواق ، فالعملية عرض وطلب ، كلما إرتفعت أسعار الخامات على النجار " الصانع " كلما إرتفعت على المشتريين سواء أصحاب المعارض " التجار " أو الزبائن العادية .
وغالباً ما يكون ضحية جنون الأسعار هو النجار فقط الذى يقع بين شقى الرحى
" التاجر ، وبائع الأخشاب " .
فالتاجر يبخسه ثمنه حتى يبيع لزبائن المعرض بأعلى سعر ويستفيد بأكبر ربح وعائد مادى ، وتاجر الأخشاب يبيع له بأعلى الأسعار حتى يربح ، وبين هذا وذاك يخسر الصانع " مصنعيته " فى العمل .
وقد عانت المحافظة من هذه الأزمة فى الآونة الأخيرة بسبب إرتفاع سعر الدولار الذى أثر على سوق تجارة الأخشاب ، وبالرغم من وجود كميات كبيرة وهائلة لدى التجار إلا أنهم باعوا بالسعر الجديد للنجارين ، وتسبب ذلك فى حالة من الركود فى سوق العمل لقلة الإقبال على شراء الأخشاب وبالتالى توقف الصناعة بالمحافظة .
وللتعرف على المشكلة عن قرب كان لنا لقاء مع المقربين منها لقراءة ما بين السطور والتعرف على أبعادها حيث قال محمد السيد حسن الغتورى نجار موبليات إرتفعت أسعار الأخشاب والقشرة والأبلكاش بصورة مبالغ فيها ، وبلغت الزيادة فى متر الخشب 150 جنية ، والقشرة إرتفعت من 5.5 إلى 7 جنيهات ، ولوح الأبلكاش إرتفع جنية ونصف عن سعره ، والمشترى لا يدفع الفرق ولا يحسب له حساب بل يبذل جهداَ شاقاً ليشترى الأثاث باقل الأسعار .
وأكد على أقواله السيد حسن البرش نجار أيضاً قائلاً منذ حوالى ثلاثة شهور وحالة سوق الأثاث فى ركود تام ، وتوقفت حركة البيع والشراء تماماً ، وأصبحت الورش خالية من العمل ، بل تم إغلاق بعض الورش فى أنحاء تفرقة بدمياط ومنها منطقة غيط النصارى التابعة لمركز دمياط بسبب إرتفاع أسعار الإيجارات وفواتير الكهرباء وخلافه دون وجود عائد من العمل ، وتم تسريح العمالة .
وقد صرح محمد الحمامى رئيس مجلس إدارة نقابة البناء والأخشاب وصناع الأثاث بدمياط أن إرتفاع أسعار الأخشاب تسبب فى إرتفاع الأسعار بنسبة 100% خاصة فى ظل إرتفاع أسعار المكونات والمدخلات التى تدخل فى صناعة الأثاث ، وبالرغم من حالة الركود التى تسيطر على سوق الأثاث بالمحافظة ، ومحاولة التجار الهروب من الأزمة فإن إنتشار أماكن بيع الموبيليات الصينى بات خطراً يهددهم لأن أسعار الأخشاب إرتفعت بشكل كبير ، ووصل سعر المتر فى الخشب السويدى إلى 1760 جنية ، والزان القصير إلى 3100 ، والخشب السويدى رقم 1 إلى 2175 جنية ، والخشب الروسى 1700 ، والأبلكاش الكورى 28 جنية ، والأبلكاش الزان 56 جنية ، والكونتر المحلى 95 جنية ، مما ضاعف حالة الركود التى يعانى منها أصحاب المعارض .
كما أضاف طلال الجمل المتحدث الرسمى بإسم النقابة أن الأسواق عامة بمحافظة دمياط تعانى من حالة ركود شبه تام بإستثناء الأشياء الضرورية للمعيشة فقط ، حيث يشهد سوق الأثاث الذى يشتهر به محافظة دمياط ويعتمد عليه أكثر من 70% من السكان ركوداَ تاماَ ، وتأثرت الحالة فى سوق الأثاث بسبب الإحتجاجات والإعتصامات وقطع الطرق التى تشهدها دمياط من آن لآخر بعد الثورة ، مما أدى إلى هروب الزبائن والراغبين فى تأسيس عش الزوجية إلى الشرء من أسواق أخرى بعيداَ عن دمياط ، وأكثر أماناَ كذلك قيام العديد من أصحاب الورش بغلق ورشهم بسبب غلاء الخامة وركود السوق الذى تأثر بسبب إرتفاع سعر الدولار .
ورغم قيام اللواء محمد على فليفل محافظ دمياط بعقد إجتماع مع مجلس إدارة الغرفة التجارية والمستوردين لبحث طرق تخفيض هامش الربح حتى لا يزيد العبء على أصحاب الورش الصغيرة إلا ان الأغلبية بدأت تهجر هذه المهنة وتنضم إلى صفوف العاطلين .