اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 3 مايو 2024    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سعر الموز والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 3 مايو 2024    انخفاضات جديدة في الأسعار على الأبواب.. الحكومة تُحارب المحتكرين وتُؤمن احتياجات المواطنين    سفير الكويت بالقاهرة: شاهدت جهود مصر الجبارة لإدخال المساعدات لغزة بنفسي    إصابة 8 جنود سوريين في غارة إسرائيلية على مشارف دمشق    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بيريرا: لدي 9 أصدقاء و27 عدوًا كل أسبوع    علام يكشف حقيقة خلاف إمام و بركات مع علاء نبيل    مفاجأة صادمة.. الزمالك يفقد ثلاثي الفريق في نهائي الكونفدرالية    جمال علام يعلن حل أزمة مستحقات فيتوريا    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    «ملبوس وبميل للصغار والميتين».. القصة الكاملة لجريمة قتل طفلة مدينة نصر بعد التعدي عليها جنسيًا    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    جناح مصر في معرض أبو ظبي يحتفي بكتاب المسرح الشعري    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    خالد منتصر منتقدًا حسام موافي بسبب مشهد تقبيل الأيادي: الوسط الطبي في حالة صدمة    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    حار نهاراً والعظمى في القاهرة 32.. حالة الطقس اليوم    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    فوز مثير لفيورنتينا على كلوب بروج في نصف نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    منتخب السباحة يتألق بالبطولة الأفريقية بعد حصد 11 ميدالية بنهاية اليوم الثالث    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    حدث بالفن | وفاة فنانة وشيرين بالحجاب وزيجات دانا حلبي وعقد قران ابنة مصطفى كامل    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مياه الفيوم تنظم سلسلة ندوات توعوية على هامش القوافل الطبية بالقرى والنجوع    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    مغربي يصل بني سويف في رحلته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغني
نشر في الفجر يوم 18 - 12 - 2012

الفقر وصفٌ ذاتيّ للمخلوقات، فهم فقراء في وجودهم، فقراء في الإمداد بالنعم الظاهرة والباطنة والتحصّل على الأرزاق والأقوات، فقراء في صرف النقم عنهم ودفع المكاره وإزالة العقبات، فقراء في تعلّم ما يجهلون وإدراك ما لا يعلمون، ولو وكلوا إلى أنفسهم لهلكوا، ولكن برحمة الله يلجئون إلى (الغني) الذي يكفيهم حاجاتهم كلّها مهما تنوّعت واختلفت، ومع وقفةٍ حول اسم الله الغني .

الأصل في الاشتقاق:

اسم الله الغني يعود إلى الفعل غَنِيَ، فيُقال: غني يَغنىَ غِنَى، وهذا المصدر يدلّ على الكفاية كما ذكر أهل اللغة، ومما يدلّ عليه قوله تعالى: {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} (عبس:37) بمعنى: يكفيه شغل نفسه عن شغل غيره.

والكفاية تدلّ على الاستغناء، لذلك نجد أن كثيراً من الألفاظ المتعلّقة بالمادّة: (غني) تدلّ على هذا المعنى بشكلٍ أو بآخر، فمن ذلك لفظ الغانية، وقالوا في معناه: هي المرأة التي استغنت بمنزل أبويها أو استغنت بزوجها، ويُقال: استغنت بجمالها عن لبس الحلي.

وأما قول الشاعر:


كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا

فهو بمعنى: أشد استغناء.

والغَناء بفتح الغين مع المد: الكفاية، فأنت تقول: لا يُغني فلان غَناء فلان، أي لا يكفي كفايته، وأما الغِناء بكسر الغين فهو معناه تحسين الصوت وترقيقه، سواءٌ كان بالقرآن أم بغيره، وهنا يُذكر حديثان للنبي –صلى الله عليه وسلم-، الأوّل قوله: (ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن، يجهر به) رواه البخاري ومسلم، والثاني قوله: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) رواه البخاري، وقد ذكروا أن التغنّي الوارد في الحديثين له أحد معنيين: الاستغناء والتطريب؛ قال الأزهري: "فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغِنى، ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغِناء".

ويُقال: غني القوم في دارهم إذا طال مقامهم فيها، وهذا يُفسّر قول الله تعالى في كتابه: {كأن لم يغنوا فيها} (الأعراف: 92) ، أي: لم يقيموا فيها، قال أبو عبيدة: "المغاني هي المنازل التي يقطنها أهلها، واحدها مغنى، ويقال للشيء إذا فني كأن لم يغن بالأمس، بمعنى:كأن لم يكن".

وجاء في حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) متفق عليه، والمقصود: ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم، فإذا أعطيتها غيرك أبقيت بعدها لك ولهم، فكانت عن استغناء منك، ويُقال: أغنى الله الرجل حتى غني، أي: صار له مال، ورجل غان عن كذا أي مستغن، وما لك عنه غِنى ولا غُنية، أي: ما لك عنه بُد، وما يغني عنك هذا: أي ما يُجزئ عنك وما ينفعك.

وفي القرآن استعمالٌ للغنى على عدّة معانٍ ذكرها الراغب الأصفهاني على النحو الآتي:
الأوّل: عدم الحاجات، وليس ذلك إلا لله تعالى، وهو المذكور في قوله : {وإن الله لهو الغني الحميد} (الحج :64).

الثاني: قلة الحاجات؛ وهو المشار إليه بقوله: {ووجدك عائلا فأغنى} (الضحى:8).

الثالث: كثرة المال أوالملك؛ كما جاء في قوله:{ومن كان غنيا فليستعفف} (النساء:6).

الرابع: عدم الاحتياج إلى ما عند الناس، فلا يفتقر إليهم ويتعفف عما عندهم، ومن هذا القبيل قوله تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} (البقرة:273)، وقد جاء في السنّة استعماله بهذا المعنى في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- : (ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس) متفق عليه، والعَرَض هو متاع الدينا وحطامها.


المعنى الاصطلاحي:

سبق أن الدلالة اللغوية لمعنى الغنى هي الكفاية والاستغناء وعدم الحاجة للغير، وعليه فاسم الله (الغني) دالٌ على عدم حاجته لغيره من خلقه.

وهذا الربط الحاصل بين المعنى اللغوي والشرعيّ مستعملٌ عند العلماء ، فنحن نجد أن الإمام الزجاجي أورده عند تفسير معنى هذا الاسم فقال: "الغني في كلام العرب: الذي ليس بمحتاج إلى غيره ، وكذلك الله ليس بمحتاج إلى أحد، جلّ وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، كما قال :{ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } (العنكبوت:6).

قال الإمام ابن الأثير: "هو الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء وكل أحد محتاج إليه، وهذا هو الغنى المطلق ولا يشارك الله تعالى فيه غيره".

وذكر الإمام الخطابيُّ، أن اسم الله (الغني) يعني أنه سبحانه وتعالى هو الذي استغنى عن الخلق وعن نصرتهم وتأييدهم لملكه، فليست به حاجة إليهم، فهم إليه فقراء محتاجون، كما وصف الخالق نفسه فقال:{ والله الغني وأنتم الفقراء} (محمد :38).

والله سبحانه وتعالى هو الغني بذاته، المستغني عن الخلق بقدرته وعزّ سلطانه، فله الغنى التام المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات؛ لكمال ذاته وكمال صفاته، والغنى وصفٌ من أوصاف الذات الإلهيّة، والصفات الذاتيّة لا تنفكّ عن الذات ولا يمكن أن تزول، فغنى الله سبحانه وتعالى دائمٌ وشامل لا يطرأ عليه ما يُنافيه من الذلّ والحاجة، ولا يمكن أن يكون لغيره فضلٌ عليه.

وقد نظم الإمام ابن القيّم في نونيّته قائلاً:


وهو الغني بذاته فغناه ذاتي له كالجود والاحسان

الفرق بين غنى الله وغنى العباد:

غنى الله سبحانه وتعالى هو الغنى الكامل المطابق للمعنى اللغوي: الكفاية والاستغناء وعدم الحاجة، بينما غنى العباد غنىً نسبي وليس مطلقاً، فقد يستغني أحدنا عن رجلٍ ويكون غير محتاجٍ له، مع حاجته لغيره، ولن يُعدم مخلوقٌ أن يكون محتاجاً لغيره في معونةٍ أو تصرّفٍ أو فعلٍ أو غيرها من الأمور، ولذلك سخّر الله تعالى الخلائق بعضها لبعض. والحاصل أن غنى العباد مشوبٌ بالنقص، أما غنى الله تعالى فهو الغنى الحقيقي عن كلّ شيء، والخلق إليه مفتقرون، قال سبحانه وتعالى: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} (فاطر:15).

أدلة هذا الاسم من النصوص الشرعيّة:

ورد اسم الله (الغني) في كتاب الله مقروناً باسم (الحميد): {والله هو الغني الحميد} (فاطر:15)، وباسم (الحليم): {والله غني حليم} (البقرة:263)، وبكرمه سبحانه وتعالى: {فإن ربي غني كريم} (النمل:40)، وبرحمته: {وربك الغني ذو الرحمة} (الأنعام:133) .

آثار الإيمان بهذا الاسم:

أولاً: إدراك كمال الغنى الإلهيّ، وأن جوده يسع الخلائق كلّها دون أن يُنقص ذلك من ملكه شيء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قال الله عز وجل: يد الله ملأى، لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض، فإنه لم يغض ما في يده) متفق عليه واللفظ للبخاري.

ثانياً: الحرص على طاعة الله سبحانه وتعالى، لأن من كمال غناه أن طاعة الطائعين لا تنفعه، ومعصية العاصين لا تضرّه، إنما مردّ ذلك الأمر كلّه إلى العبد، فإن اتبع الحق فلنفسه، وإن انقاد إلى الباطل فعلى نفسه جنى، قال تبارك وتعالى: { ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين} (العنكبوت:6)، وفي آية أخرى:{ ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم} (النمل:40).

ثالثاً: التفكّر في اتصاف الله بالغنى يورث العبد التواضع، فلا يتكبّر ويبطر بما آتاه الله من فضله، ولكن يؤدي شكر نعم الخالق عليه ولا يكفر تلك النعم ويجحدها؛ لأنه مهما بلغ من القوة والسطوة، والمكانة والجاه والثروة، فسيظلّ مفتقراً إلى ربّه في جميع حالاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.