عندما تقترب من أشخاص تراهم لاول مرة وتريد أن تتحدث معهم عن الحياة السياسية فى وطنهم "مصر" وتتفاجىء بأنهم لا يعرفون من هو رئيس الجمهورية الجديد و ليس على دراية بقيام ثورة 25 يناير ، فأنت تتحدث مع مجموعة إنعزلت عن المجتمع ليس بإرادتها ولكن سعياً وراء "لقمة العيش" التى تجعلهم يشقون كثيرا من أجل الحصول عليها . أتحدث عن مجموعة من "الصيادين "أنعزلوا عن مجتمعهم وكونوا أسرة متحابة أشتركو معاً فى مهنة واحدة هى "الصيد" مصدر رزقهم الوحيد ليس منهم من يعمل فى مصلحة حكومية وقطاع خاص يدير له داخلا ثابتا ، كما اشتركوا أيضا فى الذل والمهانة التى عاشوها على مدار سنوات طويلة فى ظل إهمال المسئوليين الذين لا يعرفون من هؤلاء وكيف يعيشون. الدراما المصرية تناولت قصة هؤلاء تحت عنوان " عرفة البحر" ولكن الان أحدثكم عن واقع رأيتة بعينى بل قضيت معهم أيام كانت قليلة ولكن خرجت ومعى أسرار هؤلاء الذين صرحوا لى بنشر البعض من هذه الاسرار وعدم النشر للبعض الاخر. التقيت ب" أحمد عاطف" الذى حدثنى عن بداية المعيشة فى هذا المكان الذى أطلقوا علية "نجع عبدالله" هذا النجع بمركز طهطا سوهاج ، توافدنا إلى هنا على ضفاف نهر النيل أسرة تلو الاخرة سعيا وراء "لقمة العيش" واخترنا مهنتنا مهنة" الصيد" التى لا نعرف شيئا غيرها ولا أبالغ إن قلت لك أن هذة المهنة مصدر رزقنا الوحيد.
وبعيون لا تفارقها الدموع يقول " محمد " الذى أكتفى بلأسم الاول من أسمة : تحدثنا كثيرا مع المسئولين لكى ينظروا إلينا نظرة الراعى لرعيتة ،كما أوصى رسول الله صلى الله علية وسلم ولكن كل المحولات باءت بالفشل ، وسرد محمد تلقينا وعود كثيرة وردود أكثر وكانت أخر هدة الردود من احد المسئولين "أنتوا مش تبعنا" وكان هذا الرد أخر محولات الامل التى جعلتنا نعتمد على انفسنا دون النظر إلى أحد.
و أضافت "س.م.ك" ربة منزل ، جئنا إلى هنا ومعنا أطفال وشيوخ دون أى دخل أوعائد يعود علينا ويساعدن فى المعيشة فقررنا الخروج إلى نهر النيل الذى لا يبعد عنا كثيرا و أتخذناة مصدرا لرزقنا ودخلنا .
وسردت نصطاد السمك من نهر النيل فى الصباح الباكر ونذهب بة إلى الاسواق لكى نبيعة ونشترى بثمنة متطلابات منازلنا ومعيشتنا ، و طعام اطفالنا و أبنائنا الذين يصرخون ليل نهار من إهمال المسئولين.
و كانت المأساة عندما دخلت منازل هؤلاء المهمشيين عن المحافظة ،وذلك عندما شهدت المنزل الذى أعمدته من فلاق النخيل وجدرانة من الطين اللبن و سقفة من البوص ، معيشة تهدد بالخطر و أطفال يصرخون جوعاً ، و سيدات تطالب بالاستقرار ، ورجال تطالب بتحسين معيشتهم ، و شباب يتحدون الام المعيشة .
وكان لابد أن أعرف ما نصيب هؤلاء الفئة من التعليم ، وكان الرد قاسيا جدا عندما سمعت من طفل لا يتعدى عمرة العشرة سنوات وهو يقول "إحنا لاقين ناكل قوم هنتعلم" نعم ردا قاسيا جدا يحاسب علية المسئولين أمام ربهم. أقتصر التعليم على هؤلاء فى حصول أحدهم على المرحلة الابتدائية وأخرون على المرحلة الاعددية وكان أعلى مؤهلات هؤلاء الدبلومات الفنية ، الذى حصل عيها أفراد منهم لا يتعدون 10 أشخاص.
متى ينظر المسئؤليين إلى هذة الفئة التى إنعزلت عن أهالى المحافظة ليس بإردتها ولكن سعيا وراء لقمة العيش التى طالبوا بها المسئوليين كثيرا دون إستجابة ؟