قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تنظم ندوات لنشر الوعى بين طلبة المدارس والجامعات    محافظ بورسعيد يتفقد إجراءات تطوير ورصف «طرح البحر 2» (تفاصيل)    وزير الاتصالات يفتتح المقر الجديد لشركة «أرتشر» الأمريكية في مصر    تنبيه مهم من «الإسكان الاجتماعي» بشأن تأخر دفع الأقساط للوحدات السكنية    وزير النقل يعلن عن تجربة التاكسي الطائر في موسم حج هذا العام    رئيس «المصرية للمعارض» يفتتح معرض الأثاث والديكور بمركز القاهرة للمؤتمرات    مصرع 4 من حزب الله فى غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهم جنوب لبنان (تفاصيل)    مصدر رفيع المستوى: وفدا حماس وإسرائيل يغادران القاهرة بعد جولة مفاوضات    ابن ترامب يدخل عالم السياسية رغم صغر سنه.. عُين مندوبا للحزب الجمهوري الأمريكي    رئيس فرنسا عن مشاركة مبابي في الأولمبياد: أمارس الضغط على ناديه المستقبلي    الخطيب يحفز لاعبي الأهلي قبل السفر إلى تونس لخوض النهائي الأفريقي    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    «التعليم»: بدء تسليم أرقام جلوس الدبلومات الفنية 2024 في المدارس    رشا سامي العدل تعلق مجددا على عودة العوضي وياسمين عبدالعزيز : هو مش سر أصلا (ما القصة؟)    سلوفينيا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في موعد أقصاه 13 يونيو المقبل    تنفيذ 4 قوافل طبية للقرى الأكثر احتياجا في الدقهلية    عضو تضامن النواب تثمن دور القومي للمرأة في استقلالية إدارة المنح والمساعدات    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    فضل ذو القعدة وسبب تسميته وهل هو من الأشهر الحرم؟ معلومات تهمك    نصائح مهمة لتقليل توتر الأبناء في فترة الامتحانات    استفز لاعبي الأهلي | نص مرافعة دفاع حسين الشحات في قضية الشيبي    ثورة الفلاحين .. عرض مسرحي لفرقة قصر ثقافة المحلة    أبونسب السبب.. أب يفارق الحياة حزنا على ابنه في المنوفية    حزب حماة وطن يكرم الآلاف من حفظة القرآن الكريم في كفر الشيخ    بنك ناصر يرعى المؤتمر العلمي الدولي ال29 لكلية الإعلام بجامعة القاهرة    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    قنديل يناقش مجالات التعاون مع جامعة 15 مايو وتطوير مستشفي بدر    وفد صحة الشيوخ يتفقد عددا من المستشفيات ووحدات الإسعاف وطب الأسرة بالأقصر    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    هل يقترب مدافع الوداد السابق من الانتقال للأهلي؟    الشعب الجمهوري يعقد اجتماعًا تنظيميًا لأمناء المرأة على مستوى محافظات الجمهورية    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    حسين فهمي ضيف شرف اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    البيتي بيتي 2 .. طرد كريم محمود عبد العزيز وزوجته من الفيلا    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    لليوم الرابع على التوالي.. إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام المساعدات لغزة    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    هل تصح الصلاة على النبي أثناء أداء الصلاة؟.. الإفتاء توضح    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    إيرادات فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بعد 4 أسابيع من طرحه بالسينمات    اكتشفوه في الصرف الصحي.. FLiRT متحور جديد من كورونا يثير مخاوف العالم| هذه أعراضه    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    عاجل| مصدر أمنى رفيع المستوى يكشف تطورات جديدة في مفاوضات غزة    مفاجآت سارة ل5 أبراج خلال شهر مايو.. فرص لتحقيق مكاسب مالية    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    البورصة المصرية.. «EGX70» يتراجع وحيدًا بمستهل تعاملات الخميس    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنفراد : رسائل اسامة الشيخ ل " الفجر " من السجن
نشر في الفجر يوم 09 - 07 - 2012

عبداللطيف المناوي هو المسئول الوحيد عن التغطية الإعلامية للثورة في ايامها الأولي.
المناوي طلب ايقاف بث كل البرامج وضمها في ارسال موحد بغرض احكام السيطرة علي الخطاب الإعلامي ليتوافق مع توجيهات اجهزة سيادية.
عدت من الخارج يوم جمعة الغضب وقدمت استقالتي لأسباب مهنية لكن جهة سيادية اقنعتني بتأجيل اعلانها.
لم اكن عضوا بالحزب الوطني والجهات الأمنية تعرف انني انتخبت شخصا معارضا في انتخابات الرئاسة 2005 كل القيادات التي ستتولي امر ماسبيرو ستفشل بسسب صورتي وانا بملابس السجن.
رجال في النظام السابق ادخلوني السجن بتقرير لجنة اعضاؤها كانوا من خصومي او طامعين في منصبي
سامي الشريف كان سبب خراب ماسبيرو لإرتاكابه اخطاء جسيمة وأحمد انيس جاء بعد خراب مالطة

منذ 3 اسابيع أرسل لنا المهندس اسامة الشيخ عبر ابنه اسلام رسائله الشخصية .. ماكتبه المهندس اسامة كان سيجد طريقه الي النشر لولا تليفون من ابنه اسلام يطلب فيه أن يختار هو التوقيت وهو أمر احترمناه تماما.. قال لنا اسلام :"أقرأها وان كانت لك ملاحظة قلها لتصل الي والدي لكن لا تنشرها حتي يقول المحامون كلمتهم".. احترمنا ماقاله اسلام، والتزمنا بعدم النشر حتي سمح المحامون بذلك
.
في هذه الرسائل-المكتوبة ببراعة- يشرح فيها اسامة الشيخ الأيام الأولي للثورة وكيف جري ادارتها من قبل الإعلام المصري ومن المسئول عن التغطية؟.. فيها يكشف عن اسباب الخراب الذي حل بماسبيرو ومن قام بذلك خدمة لقنوات كانت ومازالت تتربص به ربما لتنفرد بالكعكه الإعلانية.. فيها يفضح اعضاء اللجنة التي شاهدت المسلسلات التي تعاقد عليها وكتبت تقريرا انتقاميا ليحكم عليه ب5سنوات.. فيها يكشف وبالأرقام ماقدمه لماسبيرو وما جلبه من ملايين لم يعد التليفزيون يري مليما منها.. فالملايين التي يتم ضخها في ماسبيرو الآن لسد الجوع فقط ولاشئ يعود الي المبني.. اكثر من مليار جنيه منذ ثورة يناير تعلق كأذون صرف علي الحوائط فقط لا غير.. في الرسائل ايضا حكايات عن مسئولين سابقين ارتكبوا كوارث ولم يحاسبوا ومسئولين حاليين أستلموا المبني خرابة
.
من يعرف اسامة الشيخ جيدا يعرف انه لا ينتمي الي النظام المخلوع .. لم يكن يعرف من رجاله سوي أنس الفقي وزير الإعلام الأسبق الذي استدعاه في مهمة انقاذ المبني من التردي .. المهمة التي بدأها في قطاع القنوات المتخصصة ومن بعدها رئاسة الإتحاد.. من يعرف اسامة الشيخ يعرف انه كان -بقدر استطاعته- يسبح ضد التيار.. كان يمرر أعمال لاطاقة للنظام بها.. مسلسلات وبرامج صناعها من المغضوب عليهم والمرفوضين أمنيا .. كان من بينها برنامج حكومة شو البرنامج الذي سخر من حكومة نظيف وكل الوزراء بما فيهم انس الفقي واسامة الشيخ.. تحمس الشيخ للمشروع لكنه لم ير النور لتعنت احمد نظيف .. هو البرنامج الذي تابعه المصريون فيما بعد وتخيلوا انه من انتاج الثورة.. كان من بينها برنامج عمرطاهر"مصري اصلي" المرفوض امنيا.. كان من بينها مسلسل "أهل كايرو" ل بلال فضل الذي كان كلما ازعج النظام خرجت كلابه لتنهش في لحمه الحي، وغيرها لايعد ولايحصي.
الرسائل الشخصية حملت عنوان:" لغز اسامة الشيخ..من أوراق السجن".. اكثر من 13 الف كلمة انتهي من كتابتها في يونيو 2012 .. اهدي الشيخ هذه الرسائل الي احبائه ، واستعان في الإهداء بشعر محمد عفيفي مطر وادونيس وناظم حكمت وسورة الزمر انهاه ب:" انتظروا مني كلماتى.. رسائلي..فلا أملك الآن غيرها..احتفظوا بها للتاريخ.. إنها وثائق برائتي..لتبقى رؤوسكم مرفوعة،ولتكونوا أحراراً .. ولتعيشوا كراماً.. انتظروني فى يوم الحقيقة."


لغز
أسامة الشيخ
"من أوراق السجن"

هذه رسائلي الشخصية .....

أسامة الشيخ
يونيو – 2012


إليكم ... أحبائي

إليكم
يا أبنائي .. يا أحبابي ..
سنظل واقفين كالأشجار رغم المحن
حتى لو ثقلت علينا الأحمال ... لأننا أشجار مثمرة
فقد تعلمنا ممن قال " لا أنحني إلا لأحضن موطني " ( )
ولأن الوطن " مازال يرقع الثوب ولا يستبدل الجسد " ( )
فنحن ندرك أن " أجمل أيامنا لم تأت بعد " ( )
وسوف تأتي .. حتماً ستأتي.
ونحن نؤمن بالله .. وهو يعلم من ظلمنا
وهو المدافع عنا .. ولسوف ينصرنا
" أليس الله بكاف عبده " ( )
أحبكم .. وأفخر بكم .. وأثق فيكم.
ومن محبسي .. سأبقى مدافعاً عنكم.
وسأدفع الظلم الذى حاق بى وبكم أياً كان موقعي.
فمازال العالم مليئاً بالشرفاء والطيبين والمظلومين.
لن أنقطع عن التواصل معهم .. وسأعود لأحملهم على كاهلي.
انتظروا مني كلماتى ... رسائلي.
فلا أملك الآن غيرها.
احتفظوا بها للتاريخ.
إنها وثائق براءتي.
لتبقى رؤوسكم مرفوعة.
ولتكونوا أحراراً .. ولتعيشوا كراماً.
... انتظروني فى يوم الحقيقة.


أحبائي
أشعر أن الله يحبني
فقد منحني الصبر مع الشدة
ومنحني اليسر مع العسر
ومنحنى اللطف فيما نزل
ومنحني الرزق في محبسي
ومنحني التأييد من جنوده
ومنحني الإشارة والبشارة
ومنحني قلوب المحبين من الأسرة والأصدقاء
لقد اختصني بالإجتباء مع الابتلاء
ألم يمنحني الفرصة للمراجعة قبل الاختيار
ألم يمنحني منحة تفرغ قبل يوم العرض
أزيل ما ران على قلبي من غشاوة
وأتذكر لأعوض ما فاتني
وأتهيأ لأ تلقي النور من النور
إن الله يهيئني لألقي وجهه الكريم بما يليق بجلاله
ولهذا فقد تم سجن ذاتي لترميمها
بالصلاة والذكر والدعاء والاستغفار
وميزني الله ونبهني وها أنا مقبل عليه
أدعوه أن أحمده حمد عبد لربه الواحد الأحد
ولهذا فأنا أشعر بالراحة والسعادة
وأشتاق إليكم تطلعاً إلى نعمه وتوسلاً إلى شكره
ولذلك فأنا أحبكم في الله
ولسوف ينصرني الله بعزته وجلاله
" أليس هو غياث المستغيثين برحمته
"أليس الله بكاف عبده "
صدق الله العظيم
العبد الفقير إلى الله : أسامة الشيخ

الرسالة الأولى

ثوار وفلول ومتحولون
لم تكن الثورة المصرية زلزالاً مفاجئاً بل انطلقت كبركان سبق فورانه نُذر ومقدمات لها أسبابها المتراكمة ومظاهرها المتعددة حتى شكلت إرهاصاتها واحداً من مظاهر الحياة السياسية اليومية عبرت عنها بكفاءة العديد من الحركات الإحتجاجية مثل كفاية وشايفنيكو و6 أبريل ومجموعة القضاة المستقلين وتعددت المظاهر الإحتجاجية على سلالم نقابة الصحفيين وحول أسوار مجلس الشعب وأمام مجلس الوزراء وداخل المواقع العمالية وخارج الجامع الأزهر وملأت تعبيراتها الفضاء الإلكترونى للمدونات ومواقع التواصل الإجتماعى
.
إن الآلة الثورية التى حملت إرهاصات الثورة وأمدتها بالوقود وحفرت مجراها يوماً بعد يوم ولدت منفصلة تماماً عن كافة قوى المعارضة المستأنسة التى ترعرعت فى أحضان النظام الذى أسند لها دور القائم بالإحتجاجات الشكلية على مسرح السياسة المصرية لذلك فسرعان ما تآكلت مع النظام المترهل وتراجع دورها بعد أن أصبحت من الشوائب التى جرفها تيار التغيير المندفع فى إتجاه حركة التاريخ. فالثورات لا يفجرها إلا القوى الجديدة صاحبة المصلحة الحقيقية فى التغيير وحاملة رسالته بأشكال وآليات جديدة منتمية إلى زمنها القادم فلها إعلامها ووسائل تواصلها مع الجماهير المحتشدة حول الطليعة الثورية التي تعبر عن أحلامها أصدق تعبير وترفع رايات التغيير. وكان هذا هو ما بهر العالم بالثورة المصرية منذ اللحظة الأولى لأنها كانت أول ثورة تعبر بشكل عبقرى عن متغيرات العصر وتنحى مناحى غير تقليدية فهى سلمية وبلا قيادة معروفة وتتمدد أفقيا مع شموخها الرأسى وتتواصل لحظيا مع وطنها وعالمها عبر كل وسائل الإتصال الحديث من أقمار صناعية وهواتف محمولة وشبكات للإنترنت وبوابات ومواقع للتواصل الإجتماعى بل تستخدم الصحف والفضائيات الخاصة التى وُلدت من رحم النظام السابق ثم تمردت عليه وعلى ملاكها لتكتسب الحياة والقوة الدافعة للإستمرار لأنها وُلدت مستقلة ونمت غير طفيلية فصدرت صحف المصرى اليوم والبديل والكرامة والفجر وصوت الأمة ودستور إبراهيم عيسى بإصداريه والشروق واليوم السابع التى كانت جميعها صحفاً مستقلة لا تمثل أياً من الأحزاب القائمة المعترف بها من السلطة، كما إنطلقت قنوات دريم وON TV تغرد خارج السرب أحياناً وتحاول مرة بالتحايل ومرة بالإجتراء مواجهة الضغوط وتجاهل أجراس الإنذار
.
لايمكن القول بأن كل ما سبق من منافذ إعلامية مستحدثة سواء كانت مقروءة أو مرئية قد ولد بالأساس لغرض التبشير بثورة فى رحم الغيب والتعبير عنها عدا إستثناءات محدودة يدركها القارئ فقد أطلقها صانعوها لتملأ فراغاً مرجعه ما أصاب الصحافة القومية والتلفزيون الرسمى من ترهل مرجعه ترهل القيادات على مقاعدها فرعى المنافذ الجديدة جيل شاب وجديد من الإعلاميين لم يحصل على الفرصة التى تلائم قدراته وتطلعاته فكان ولاؤه الأول والأخير للقارئ والمشاهد بالمهنية والمعاصرة ومن منطلق أن الصدق هو أفضل الطرق لإكتساب احترام المتلقّى والإحتفاظ به مع الرهان على أن المتلقى الواعد والشاب والباحث عن التغيير هو الضامن لمستقبل هذه الوسائل وهو ما فات على وسائل الإعلام التقليدية أن تنتبه له ففقدت مع مصداقيتها قراءها ومشاهديها بل وفرصتها فى المستقبل. ولذلك فقد انطلقت الدعوة منذ أول أيام التحرير إلى ما سمى بتطهير الإعلام الرسمى وعلى رأسه التلفزيون المصرى والصحافة القومية. وربما يأتى اليوم لإزاحة الستار عن الأسباب الحقيقية للأداء الإعلامى للتلفزيون المصرى وقت الثورة إذ أغفل حقيقة ما كان يحدث بمصر وإنحاز ضد مطالب الجماهير فخلق علاقة ملتبسة يشوبها العداء وإنعدام الثقة بين جماهير الثورة وتلفزيون الدولة الذى حاز لقب " تلفزيون الفلول " بدلاً من أن يكون " تلفزيون الشعب المصرى " إلا أن الواجب المهنى والإنصاف التاريخى يقتضى أن نشهد بأن ظلماً صارخاً أصاب السواد الأعظم من أبناء ماسبيرو الذين لم يكن لهم ناقة ولا جمل فى تحديد المحتوى الإعلامى الصادر من التلفزيون المصرى الرسمى أيام الثورة إذ أن جميع قنواته كان قد تم إيقاف بث برامجها وضمها فى إرسال موحد تلبية لطلب رئيس قطاع الأخبار بغرض إحكام السيطرة على الخطاب الإعلامى ليتوافق مع رؤى السلطة الحاكمة وتوجيهات أجهزة أمنية أو سيادية. ومنذ البداية فقد تم إختطاف دور رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون وكذلك مجلس أمنائه إذ كان رئيسه أسامة الشيخ فى إجازة قبيل بداية الثورة خارج الوطن عاد منها للبلاد فى 28 يناير وأحجم عن إعلان استقالته التى كتبها فى الثانى من فبراير بعد حادثة الجمل استجابة لطلب بتأجيل إعلانها طبقاً لأسباب وجيهة أقنعته بها إحدى الجهات السيادية المحترمة. ولم يكن قراره بالإستقالة موقفاً ثورياً بقدر ما كان موقفاً مهنياً رأى بوضوح أن ما حدث يستوجب أن يكون هناك إعلام جديد وإعلاميون جدد طبقاً لما جاء فى خطاب استقالته
.
إن رئيس قطاع الأخبار وقت الثورة كان هو المدير الفعلى والمسئول الوحيد عما بثه التلفزيون المصرى خلال أيام الثورة وهو صديق عزيز إلا أن إختلاف المواقف لا يفسد للود قضية. إن التسرع والتعميم ظلم لأبناء التلفزيون المصرى فلو كان البث لكافة قنواته متاحاً بالحرية الحقيقية لكل أبنائه الذين تواجد معظمهم فى ميدان التحرير لكانت الصورة مختلفة والخطاب مختلفاً فلم يتم السماح لأكثر من واحد في المائة من أبنائة بالتواجد في مبنى ماسبيرو لأسباب بعضها معقول وبعضها مجهول. ورغم كل محاولات الحصار والتدجين وخلط المفاهيم بين تليفزيون الدولة الذى يجب أن يعبر عن الشعب بكل أطيافه وتليفزيون الحكومة المعبر عن الحزب الحاكم وكوادره فإن جانبا هاماً من محتوى قنوات التلفزيون المصرى قبل الثورة كان منحازاً للشعب المصرى ومعبراً عن قضاياه الحيوية والحقيقية ومستشرفاً لإرهاصات التغيير القادم متخذاً نفس المواقف التي عبرت عنها موجة مختلفة وشجاعة من إبداعات الكتاب الشبان والمدونين والسينمائيين الجدد وحركات المسرح المستقل إما بالصراحة أو بالإلتفاف حول ما يواجههم من قيود وعوائق.
أتصور أنه قد آن الأوان أن تقوم جهات متخصصة من مراكز الأبحاث الإعلامية المستقلة والأكاديمية بجهد علمى محايد ومستفيض لتحليل مضمون ما كانت تقدمه وسائل الإعلام المقروءة والمرئية قبل الثورة بكل الحياد والعمق والتحليل بما يتعدى المحاسبة والتقييم إلى استشراف رؤية واعية لمستقبل الإعلام الوطنى الذى ينبغى أن يعبر عن أمة وليس عن سلطة. وربما تكون النتائج أساساً يستلهم منه الخبراء ميثاق الشرف أو الكود المهنى المصرى الذى يحكم مهنة الإعلام ويقيم أداء من يعملون بها فلا ينبغى أن يتصور أحد أن الكثير من الإعلاميين الرسميين قد تابوا وأنابوا وتعلموا الدرس فمازال الواقع يؤكد أن بعضهم مازال يفتقد الحيدة والمهنية ومازالوا أسرى الإنتقاء والإخفاء والإنحياز لقوى سياسية معينة يمكن أن يراهنون عليها ثم سرعان ما ينقلبون عليها حسب موازين القوى أو حسب التعبير الدارج "هم مع الرايجة" حتى صرت أشفق عليهم وهم يلهثون متراوحين بين المواقف المتسارعة فى التغيير ولا يدركون أنهم صاروا كالبهلوان الذى لا يجيد أى دور آخر ولايدركون أنهم عراة أمام الجماهير وأمام التاريخ بل يحسبون أنهم ثوار بمجرد أن نطقوا بمصطلحات الثورة واستبدلوا ضيوف برامجهم وصاروا الأسرع توقعاً لإتجاه الريح.
إن دراسات تحليل المضمون المقترحة يجب أن تركز على تحليل المحتوى الإعلامى الذى تم تقديمه خلال فترة ما قبل الثورة والذين قاموا ببث الرسائل التى تضمنت هذا المحتوى وارتباط ذلك بسلوكياتهم المهنية وعلاقاتهم مع السلطة فى كل مواقعها المختلفة وبكل الإمتيازات التى حصلوا عليها فى كل العصور. وليكن أسامة الشيخ آخر مسئول عن إتحاد الإذاعة والتلفزيون قبل الثورة هو أول من يجب تقييم أدائه ومحاكمته سياسياً وإعلامياً فهو سادس من قُبض عليه بعد الثورة وتم إعتباره واحداً من رموز النظام وكان سادس من حُكم عليه بالسجن ولمدة خمس سنوات بتهمة المبالغة فى سعر شراء عشر مسلسلات وبرامج تلفزيونية لصالح إتحاد الإذاعة والتلفزيون طبقاً لمرئيات لجنة كونها أول رئيس للإتحاد بعد الثورة بعد أيام معدودة من تعيينه فأتى بلجنة معظمها من خصومه ناقصى الخبرة أو معدومى الشجاعة أو فاقدى الأمانة فشهدوا بما أُملى عليهم وجاء الحكم عليه بالسجن ومازال من استولوا على مئات الملايين وعشرات المليارات يرفلون فى النعيم الذى اغتصبوه ويعيشون فى القصور ويتنقلون بالطائرات الخاصة ويسبحون بحمد الثورة.
إن أسامة الشيخ رئيس الإتحاد الأسبق لم يعد إلى التليفزيون المصرى بعد عشر سنوات من إستقالته منه بكارت توصية أو بمكالمة من شخصية نافذة ولكنه كان مدعواً لمهمة لصالح تلفزيون وطنه زكّاه لها نجاحاته المهنية السابقة فى القطاع الإعلامى الخاص محلياً وعربياً فهو أول من أسس وأدار أول قناة فضائية مصرية خاصة (قناة دريم) وهو المصرى الوحيد الذى رأس وأدار قناة فضائية عربية خاصة (تلفزيون الراى) وساهم فى إنشاء وإدارة أكبر شبكة قنوات عربية (شبكة قنوات راديو وتلفزيون العرب ART). وهو الذى أعاد نجوماً ممنوعين من الظهور أو قدم لأول مرة من أصبحوا نجوماً ملء السمع والبصر على الشاشات التى أدارها مثل (مجدى مهنا) (وإبراهيم عيسى) (وهالة سرحان) (ووائل الإبراشى) (وجمال الغيطانى) (وفهمى هويدى) (ويحيى الجمل) (والحبيب على الجفرى) (وعمروخالد) (وميلاد حنا) (وحمدى قنديل) (وأيمن نور) (وأحمد فؤاد نجم) ومعظمهم كانوا من المغضوب عليهم غير الضالين كما أصبح تلامذته هم معظم من يديرون القنوات المصرية الخاصة والحكومية. وقبل كل ذلك فهو الذى أقنع الأستاذ محمد حسنين هيكل بالظهور على قناة دريم وثم أقنعه بعد ذلك بإذاعة محاضرة الجامعة الأمريكية الشهيرة التى كانت أول ناقوس يدق محذراً من التوريث ثم عاد وأحتفل به على نفس القناة لما أعلن الإنصراف من خلال خمسة أفلام تسجيلية طويلة وحديث طويل له لم يتم إذاعته حتى الآن.
ولما دخل رئيس الإتحاد الأسبق عام 2007 عُش الدبابير المسمى بماسبيرو بدعوة من وزير الإعلام ليؤدى مهمة وليس ليحصل على وظيفة رغم المقاومات العنيفة من أجهزة أمن الدولة وأجهزة أخرى كانت تضعه فى قائمة معارضى النظام فقد مارس دوره الأول رئيساً لقطاع القنوات المتخصصة غير متسلح سوى بالمهنية والوطنية والتوكل على الله ليحقق نجاحاً سريعاً وواضحاً كان الدليل عليه أن العائد الإعلانى لهذا القطاع زاد من مليونين من الجنيهات سنوياً قبل أن يتولى مسئوليته إلى مائة وخمسة وثلاثون مليون جنيه فى السنة الواحدة قبل أن يصبح رئيساً لإتحاد الإذاعة والتلفزيون.
أسامة الشيخ لم يكن فى يوم من الأيام عضواً فى الحزب الوطنى على أى مستوى ولم يعرف طوال حياته أياً من قيادات الدولة العليا سوى وزير الإعلام بل إن أجهزة أمن الدولة تعرف جيداً أنه لم ينتخب الرئيس السابق عند إجراء الإنتخابات الرئاسية عام 2005 إذ انتخب مرشحاً آخر كما قام بترشيح نفسه معارضاً فى انتخابات مجلس الشعب عام 2000.
إن تحليل مضمون ما أذاعه التليفزيون المصرى من البرامج والمسلسلات الخاصة بشهر رمضان عام 2010 التى كانت سبباً فى الحكم عليه بالسجن يؤكد أن اختيارها للعرض على شاشات التلفزيون المصرى كان متسقاً بالقصد مع إرهاصات الثورة ومعبراً عن أنين الشعب وغضب طلائعه الثورية.
فهل كانت صدفة أن تتضمن مسلسلات عام 2010 التى تعاقد عليها أسامة الشيخ لبثها فى شهر رمضان مسلسل "أهل كايرو" الذى كتبه المبدع بلال فضل وقام ببطولته الفنان خالد الصاوى وهو المسلسل الذى يكشف الفساد الناتج عن زواج السلطة والثورة فى أعلى طبقات المجتمع؟
وهل كانت صدفة أن تتضمن المسلسلات التى تعاقد عليها أسامة الشيخ عام 2010 وشارك الإتحاد فى إنتاجها مسلسل "عابد كرمان" الذي قام ببطولته الفنان تيم الحسن وكتبه السينارست بشير الديك وأخرجه الأستاذ نادر جلال ليحكى فصلاً من بطولات المخابرات المصرية ضد العدو الصهيونى وهو المسلسل الذى تأجل عرضة إلى عام 2011؟.
وهل كانت صدفة أن تتضمن مسلسلات عام 2010 التى تعاقد عليها أسامة الشيخ مسلسل "مش ألف ليلة وليلة" بطولة الفنان أشرف عبد الباقى ليحكى قصة ثورة قام بها الشعب ضد حاكم أفسده التجار والحاشية؟
وهل كانت صدفة أن تتضمن مسلسلات عام 2010 التى تعاقد عليها أسامة الشيخ مسلسل "قصة حب" بطولة الفنان جمال سليمان والفنانة بسمة والذى كتبه الدكتور محمد العدل وأخرجته الأستاذة شيرين عادل وهو يحكى قصة حب بين ناظر مدرسة وإمرأة منقبة ذات شخصية رائعة ويكون الإرهاب المقنع بالدين هو محور المسلسل الذى لم يغفل الإشارة لممارسات جهاز أمن الدولة.
وهل كانت صدفة أن تتضمن مسلسلات عام 2010 التى تعاقد عليها أسامة الشيخ وشارك الإتحاد فى إنتاجها مسلسل "سقوط الخلافة" للكاتب يسرى الجندى الذى يحلل أسباب سقوط الأنظمة الحاكمة؟
وهل كانت صدفة أن تتضمن مسلسلات عام 2010 التى تعاقد عليها أسامة الشيخ مسلسل "الجماعة" الذى كتبه المبدع وحيد حامد وقام ببطولته الفنان إياد نصار فأثار غضب السلطة بقدر ما أثار غضب الإخوان المسلمين رغم أنه أزاح الستار عن جزء هام من تاريخ مصر وعن شخصية مصرية لها كل الإحترام ربت جيلاً وأسست فصيلاً سياسياً ما كان ينبغى تجاهله بقدر ما ينبغى دراسته وفتح المجال لكل الآراء من كل الإتجاهات والتخصصات لمعرفة التاريخ الحقيقى للوطن وليس تجاهله؟
وهل كانت صدفة أن تتضمن مسلسلات عام 2010 التى تعاقد عليها أسامة الشيخ وشارك الإتحاد فى إنتاجها مسلسل "السائرون نياماً" الذى كتبه الأديب الراحل سعد مكاوى وقامت ببطولته الفنانة فردوس عبد الحميد والفنان على الحجار وأخرجه المخرج المبدع محمد فاضل بعد أن قبعت الحلقات المكتوبة فى الأدراج أعواما عديدة لأن المسلسل يحكى فصلاً من فصول نضال الجماهير الشعبية المصرية لتحقيق الإستقلال الوطنى؟
وهل كانت صدفة أن تتضمن مسلسلات عام 2010 التى تعاقد عليها أسامة الشيخ وشارك الإتحاد فى إنتاجها مسلسل "ماما فى القسم" الذى كتبه المبدع يوسف معاطى وقام ببطولته الفنانة سميرة أحمد والفنان محمود ياسين والذى يتناول دورالحكومة فى تزوير الإنتخابات البرلمانية لصالح قاضى يتغاضى عن كل القيم الأخلاقية والمهنية فيصبح وزيراً؟
وهل كانت صدفة أن يقدم الكاتب المبدع عمر طاهر برنامج "مصرى أصلى" فى رمضان عام 2010 لمدة ثلاثين حلقة يومياً على شاشات التلفزيون المصرى رغم إعتراض الأجهزة الأمنية على مجرد ظهوره على شاشة التلفزيون المصرى.
وهل كانت صدفة أن ينتج التلفزيون المصرى المسلسل الكارتونى "بسنت ودياسطى" بطولة الفنان صلاح عبد الله والفنانة حنان ترك عام 2010 وهى حلقات تتحدث عن دياسطى الفلاح المصرى الفصيح عضو البرلمان الذى ينتقد بكل السخرية أداء البرلمان المصرى؟.
وهل كانت صدفة أن يُنتج التليفزيون المصرى عام 2010 البرنامج الساخر "حكومة شو" الذى يتقمص فيه الفنان محمود عزب شخصيات رؤساء مجلس الوزراء والمجلسين النيابيين وكبار الوزراء والمسئولين ويسخر من أدائهم إلى الحد الذى تقرر معه عدم بث البرنامج فلم يتم إذاعته إلا بعد الثورة؟.
ألم يطلق رئيس الإتحاد السجين عام 2010 محطة فضائية جديدة لم تستمر إلا عشرين يوماً أطلق عليها اسم "التلفزيون العربى" ففتحت نافذة على تاريخ مصر الوطنى والفنى والإعلامى منذ عام 1960 وقامت ببث ما كان ممنوعاً من خطب لعبد الناصر والسادات وما يضمه أرشيف التلفزيون المصرى من برامج وأحداث وأغانى وطنية وأحاديث للعمالقة والرموز الفكرية والإعلامية. وسرعان ما تم إيقاف هذه المحطة لأسباب يسهل أن يستنتج القارئ الواعى أسباب إيقافها؟
أليس أسامة الشيخ هو من أصر على مشاركة إتحاد الإذاعة والتلفزيون فى إنتاج الفيلم السينمائى العالمى " مملكة النمل " للمخرج التونسى " شوقى الماجرى " وذلك رغم كل الإعتراضات من الجهات الأمنية لأن الفيلم يؤكد على حتمية إنتصار الشعب الفلسطينى ضد ممارسات الإحتلال الصهيونى؟.
إن الجميع فى ماسبيرو يعرف أن رئيس الإتحاد السجين لم يكن له أى علاقة بالأخبار والبرامج السياسية وتلك حقيقة يعرفها كل ذوى الصلة بدهاليز ماسبيرو وقد كان مرتاحاً لذلك لأنه يعلم أنه لم يكن ليستطيع أن يغير المحتوى السياسى لما يقدمه التلفزيون المصرى أو التأثير فيه فكان أمامه الكثير غير ذلك ليفعله. والكل يعلم أن قناة النيل للأخبار كانت دائما تابعة لقطاع القنوات المتخصصة ولما ظهرت بوادر مبكرة لتعديل سياستها التحريرية لما أصبح أسامة الشيخ رئيساً لهذا القطاع تم نقل تبعيتها الكاملة لقطاع الأخبار.
أليس أسامة الشيخ هو أول من نبه وحذر من الإنقضاض على ميدان التحرير قبيل موقعة الجمل ليأخذ الجميع حذرهم كما شهد بذلك الأستاذ عبد الله السناوى على إحدى القنوات الفضائية؟.
وأخيرا فليس كل ما سبق محاولة لتبرئة رئيس الإتحاد الأسبق بقدر ما هو محاولة لتوخى الحقيقة والعدل نحو سجين ما زال كثيرون يوقنون ببرائته بقدر إيمانه بعدل الله الذى سيأتى لا محاله ولو بعد حين. إنها دعوة إلى إنتهاج الموضوعية من خلال تقييم المواقف منذ ما قبل الثورة وليس بعدها حتى لا يسارع من كانوا فلولاً بالركض من مقاهى المتحولين إلى الميادين يرتدون الأقنعة وينقضون على الغنائم ولا ينسون أن يذرفوا دموع التماسيح على الشهداء بعد أن ينقشع الغبار... أما حمزة فلا بواكى له!!
أسامة الشيخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.