تعد التصنيفات وقوائم التفضيل والمراتب القياسية، إحدى الاهتمامات لدى قطاع كبير من المتابعين والمراقبين في شتى المجالات، سواء كانت ترفيهية أم سياسية أم اقتصادية، حيث يعتبرها كثيرون مؤشرات يمكن أن تستخدم في التحليلات الاستراتيجية والدراسات، بل أيضاً قد تساهم في رسم خطط العمل والأهداف بل والسياسات المستقبلية. وفي إطار المنظومة السياحية في مصر، وما يمر به القطاع السياحي من تعثر وتوقف، تأتي الكبوات والمشكلات لتلاحقه، وتتوالى عليهم جميع الجهات آخرها التصنيف الذي أعدته شركة "هنلي أند بارتنرز" للاستشارات العالمية، الأكثر تخصصاً في الجنسيات الأجنبية والإقامات السياحية وجوازات السفر والتأشيرات، حيث احتلت مصر المرتبة 79 من بين 93 دولة من حيث قيمة جواز السفر، وتمكين مواطنيها من السفر والسماح لهم بالدخول إلى دول أخرى دون الحاجة إلى طلب تأشيرة مسبقة، حيث يتيح جواز السفر المصري الدخول إلي ما يقرب من 47 دولة فقط بدون تأشيرة؛ مما يجعلها في مرتبة متأخرة بالمقارنة مع الدول الأفريقية والعربية. إن التصنيف المقدم من الشركة لا يتعبر بالضرورة مؤشرا حقيقيا لمكانة مصر السياحية، ولا يدل على شيء سوى أنها مجرد آراء للقائمين عليه في ظل ضعف التقارير والتصنيفات الصادرة عن تلك الوكالات، لذا يجب توخي الحذر، وعدم الاطمئنان في تناول تلك البيانات، واعتبارها كمجرد معلومات اضافية وليست كمسلمات وحيدة ونهائية. لكن على الرغم من كونه تصنيفا عابرا إلا أنه جاء صادماً للكثيرين بما فيهم العاملون داخل الحقل السياحي، ويعتبر توقيته حرجاً في ظل الجهود المضنية لاستعادة السياحة، والنهوض بها لما تمنحه الدولة من تسهيلات في منح تأشيرات السفر في كافة منافذ الجمهورية، بل تقوم الدولة في كثير من الأحيان إلى السماح بالسفر إلى المدن السياحية الساحلية وجنوب سيناء دون تأشيرة. في البداية، يجب الاعتراف بأن المصريين جميعاً يواجهون مشكلة حقيقة في طريقة التعامل مع جواز سفرهم، حيث يعاملونه بحرص شديد؛ خوفا عليه من العبث أو الضياع "لا قدر الله"، إذ يصبح الفرد تحت طائلة القانون في حال فقدانه - لا سمح الله - فيتحول المواطن المصري إلى حام ومدافع عن جواز سفره، وليس العكس على خلاف الدول المتقدمة التي تحمي وتحرك جيوشها وأساطيلها الحربية في خدمة رعاياها في أي مكان. قبل التفكير في قيمة جواز السفر، وكم عدد الدولة المسموح دخولها بدون تأشيرة، هل هناك احصائيات أو بيانات عن عدد المصريين الذين يحملون جواز سفر في الأساس؟ بالطبع الإجابة ستكون سلبية. هناك كثير من عشاق السفر الذين تروادهم أحلام المغامرات والرحلات الاستكشافية، ولكن تضيع كل هذا الأفكار عندما تأتي في أذهانهم المأساة الكبرى، وهي كيفية استخراج تأشيرة السفر. إنها أزمة حقيقية تواجه هؤلاء الشباب الحالم الذين يلجئون في النهاية إلى طرق ،ملتوية وغير شرعية مثل دفع الرشاوي، وتزوير التأشيرات، وينتهي بهم المطاف إلى السقوط فريسة في براثن تجار التهريب والنصب والاحتيال، آملين في السفر والوصول إلي دولة أخرى. لقد قامت السلطات المصرية مؤخراً بتطوير وتحديث جواز السفر من الخارج أو بمعنى آخر تحسين الشكل الخارجي، ولكن مضمونه والحالة النفسية وانطباع أغلب المصريين المسافرين عليه لاتزال نفسها سلبية ومحبطة. إن قيمة جواز السفر والسماح لحامليه بالدخول إلى دول أخرى بدون تأشيرة، يعكس مستوى العلاقات الخارجية بين الدول ومدى صلابة وعمق العلاقات الدولية المتبادلة التي تربط بين الدول بعضها البعض، وليس حجم السياحة أو توافد الجنسيات الأجنبية على دولة بعينها. أين هي العلاقات الخارجية المصرية؟ وأين الدور الدبلوماسي ووزارة الخارجية من هذه القضية؟ وأين دور وزارة السياحة الحاضر الغائب؟ ولكن هذا لا يعني أن تقوم مصر بتسهيل إجراءات منح التأشيرة إلى درجة إعطائها للوافدين والقادمين إليها في المطار عند الوصول تحت مبرر أن هذا يساعد على تشجيع السياحة وارتفاع أعداد السائحين الزائرين لمصر، في حين أن المصريين يعانون ويواجهون أشد المعاناة والمهانة في محاولتهم البائسة للسفر وفي الحصول على التأشيرة التي قد تؤدي إلى فقدان حياتهم. مع قيام الثورة الشعبية الليبية اتخذت السلطات الليبية قواعد فرض رسوم وضوابط لمنح تأشيرة السفر لجميع الجنسيات بما فيهم الأشقاء المصريون، فكيف لنا أرض الكنانة والتاريخ والحضارة لا نطبق ونفعل أبسط الضوابط والقواعد، أو نتبع الأساليب المهنية والأعراف الدولية في منح واستخراج تأشيرات السفر.