عشت طفولتي المبكرة في عهد السادات رحمه الله، وكامب ديفيد التي كان الاعلام يروج لها ويقول انها ستجعل مصر تتفرغ للبناء والتنمية وسننطلق كما انطلقت اليابان والمانيا بعد الحب العالمية الثانية، واننا قادرون علي صنع المعجزة كما تبعث العنقاء (الفينيكس) من بين الرماد-حسب الاسطورة اليونانية. وظننا أننا أفضل من تلك الشعوب لاننا أصحاب أقدم حضارة علي وجه الارض،ولكنا لم نعلم أن بعض الظن إثم وصبرنا علي أمل الرخاء القريب،فكان الانفتاح الاقتصادى ،وليس الانتاجي والذى زاد الاغنياء غنىً والفقراء فقراً. وظهر ملياردرات الفساد والدواجن الفاسدة وتوكيلات السلع الاستفزازية والكمالية وأصبحت مصر سوقاً لكل الشركات العالمية التي لم تنشيء مصنعا واحدا لها في مصر ولكن رغم ذلك،فأن الاسعار كانت أقل بكثير من الوقت الحالي. وقتل السادات قبل ان يحقق الرخاء المزعوم وجاء مبارك فعشنا معه ثلاثين سنةً عجافاً تجعلني أعد نفسي من الجيل التعس الذى ضاع من عمره ثلاثون عاماً في عهد المخلوع ؛أظها اسوأ فترة في تاريخ مصر المعاصر/وبالطبع زادت الاسعار زيادات فلكية وظلت المرتبات والاجور علي عهدها منذ عهد السادات وربما عبدالناصر وزاد الفقراء فقراً والاغنياء فحشاً وتسلطاً وارتباطاً بصناع القرار وضاع الشعب الكادح بين فساد رجال الاعمال ورجال السلطان. ورغم أن دولاً كثيرة نهضت وصارت من النمور،في فترة زمنية قياسية؛مثل ماليزيا التي بدأ زعيمها مهاتير محمد مع مبارك في نفي العام،فوصل مهاتير بماليزيا إلي عنان السماء ووصل مبارك بمصر إلي ما نحن فيه اليوم، ذلك لان هذه الدول طبقت الديموقراطية بكل نزاهة وأمانة؛فنجحت وتقدمت للأن الديموقراطية تضمن وصول الشخص المناسب إلي المكان المناسب وتضمن مراقبته ومحاسبته ومعالجة الاخطاء أولاً بأول قبل أن تتفاقم وتستعصي علي العلاج وهذا ما الم يحدث في مصر ماقبل ثورة يناير. وجاءت الثورة المباركة ،لتحيي فينا أحلام الرخاء والحرية والكرامة ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن فما لبثنا ان فرحنا بأول تجربة ديموقراطية حقيقية وأول رئيس منتخب منذ الفراعنة حتي تم الانقضاض ووصلا إلي حالة من الفوضي وعدم الاستقرار لانعلم متي ستنتهي وهكذا ضاعت أعمارنا أو اربعين عاما من أعمارنا في إانتظار الرخاء الموعود فلم نره ولم نري بشائره، وحتي الوعود لم يعد أحد يعد الشعب بها بل أن الريس القادم يعد الشعب بالمعاناة لجيلٍ أو جيلين مما يعني أن أبناء الاربعيينات مثلي لن يروا رخاءً ولا ازدهاراً بقية أعمارهم. فلكي الله يا مصر ولشعبك الطيب الصبر والسلوان.