لا يزال المجلس الإستشارى يعافر ويقاوم السير نحو مصيره المحتوم بالإضمحلال والتلاشى من على سطح الحياة السياسية فى مصر. ويقود هذا التيار داخل المجلس رئيسه منصور حسن ومعه بعض الأعضاء الذين يرون ان هناك ثمة فرصة لتقديم الدعم والمعونة للمجلس العسكرى فيما يخص المرحلة الإنتقالية وكتابة الدستور، بينما الواقع ينفى عن المجلس هذه القدرة خاصة فى ظل تزايد حالات الإستقالة من المجلس وكان اخرها إستقالة محمد برغش زعيم الفلاحين أمس، وقبله إستقالة الدكتور حسن نافعة الذى كان يقود ملف التوافق الوطنى، وقبلهما إستقالة الأمين العام الدكتور محمد نور فرحات لأسباب أعزاها لعدم جدوى المجلس وغياب دور حقيقى له، غير عدة إستقالات لأبو العلا ماضى والدكتورة نادية مصطفى وأخرين قبل أن يبدأ المجلس نشاطه على وقع أحداث شارع محمد محمود. وبخلاف إستقالة اعضاء إكتشفوا الحقيقة داخل المجلس ، لا يجب ان ننسى ان هناك من رفض عضوية المجلس من الأساس مثل الدكتور حسام عيسى والمهندس ممدوح حمزة والكاتب الصحفى عبد الله السناوى، وجمال فهمى وكيل نقابة الصحفيين. لكن هذا لايمنع ان هناك عشرات من " عبده مشتاق " السلطة الذين يحبون على أرجلهم وأياديهم طلباً لعضوية المجلس من أجل الشو والمنظرة، غير أن المجلس لا يمنحهم هذا الطلب. وحتى وقت قريب كان الدكتور حسن نافعة يسعى بدأب وجدية فى موضوع التوافق الوطنى غير أن حزب الحرية والعدالة بإصرار عجيب أحبط مشروعه ، مما دعاه لكى يرسل إستقالته من طنجة لرئيس المجلس فى رسالة على بريده الإلكترونى، وحتى يقطع خط العودة أعلنها من خلال مقاله الإسبوعى فى المصرى اليوم، واخطر ماجاء فى استقالة نافعة اكتشافه أن المجلس العسكرى مهموم باقتسام السلطة مع الإخوان ، غير عابىء بمشروع التوافق او حتى كتابة دستور توافقى . لقد كنت أتصور أن المجلس بما لديه من خبرات حقيقية وشخصيات وطنية مؤهل لدور ما فى الحياة السياسية القلقة فى البلاد، كما أننى تخيلت أنه لو نجح الإستشارى فى تحقيق شبه إجماع وطنى على تشكيل لجنة تأسيسية تمثل كل المصريين فى كتابة الدستور، أو حتى تقديم مسودة دستور تبدأ من عندها اللجنة العمل على كتابة الدستور حتى نستطيع أن ننجز الدستور سريعاً لإنهاء الفترة الإنتقالية، ولكن كل يوم أفقد الثقة فى قدرة المجلس على إنجاز اى من هاتين المهمتين اللتان لو أنجزهما لكفاه ذلك ولسجل تاريخياً بإسمه. ورغم إستمساكى بالأمل للنهاية إلا أن الشواهد تؤكد ان العسكرى يضمر أشياءاً لا يظهرها للناس وحتى للمجلس الإستشارى الذى يعاونه فى هذه الفترة الحرجة بالمشورة والرأى والفكر. ويبدو لى أن الأمر كان بالنسبة للعسكرى يتمثل فى إنشاء حائط صد من شخصيات عامة ضمن الإستشارى لتتلقى عنه ضربات الشارع فقط دون ان يكون لها دور فعلى فى إدارة حركة الصراع السياسى فى البلاد. لكن مازال يحدونا الأمل فى أن ينقذ المجلس الإستشارى نفسه وينقذ أعضاءه بما لهم من أوزان سياسية وفكرية من محكمة التاريخ التى لن ترحم.