عندما جاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي مصر قبل عدة سنوات، وضع ضمن برنامجه زيارة مسجد السلطان حسن, وهنا اتجهت أنظار العالم كله ناحية هذه التحفة الأثرية، حيث يعد المسجد أكثر آثار القاهرة تناسقا وانسجاما، ويمثل مرحلة نضوج العمارة المملوكيّة. ويتكون البناء من مسجد ومدرسة لكل مذهب من المذاهب الأربعة (الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي), ويعتبر حاليا من أهم الأماكن السياحية التي يتوافد عليها السياح بمختلف ثقافاتهم، ويحتوي على مدرسة صغيرة للأطفال للقرآن الكريم وتقام به حلقات وندوات ثقافية. وأنشأ المسجد السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون, حيث بدأ البناء في سنة 1356م واكتمل في 1363م, وقد قتل السلطان قبل انتهاء البناء ولم يعثر على جثمانه، ولم يدفن في الضريح الذي بناه في المسجد خصيصا بل دفن فيه ولداه فيما بعد الشهاب أحمد وإسماعيل. وتولى السلطان حسن الحكم سنة 748 هجرية (1347م) بعد أخيه الملك المظفر حاجى وعمره 13سنة ولصغر سنه كان الأمر بيد أمرائه, وبعد أن بلغ رشده صفت له الدنيا واستبد بالملك إلى أن اعتقل سنة 752 هجرية (1351م) وظل في معتقله مشتغلا بالعلم، حتى عاد للسلطنة ثانية سنة 755 هجرية (1354م) وظل متربعا في الحكم إلى أن قتل في 762 هجرية (1361م). وكان البدء في بناء هذا المسجد سنة 757 هجرية (1356م) واستمر العمل فيه ثلاث سنوات بغير انقطاع ومات السلطان قبل أن يتم بناؤه فأكمله من بعده أحد أمرائه - بشير الجمدار- سنة 764 هجرية (1363م),ويعتبر هذا المسجد أعظم المساجد المملوكية شأنا حيث جمع بين ضخامة البناء وجلال الهندسة ودقة الصناعة وتنوع الزخرف. كما تجمعت فيه شتى الفنون والصناعات خاصة زخارف المدخل ومقرنصاته العجيبة, وبراعة صناعة الرخام في وزرتى القبة وإيوان القبلة ومحرابيهما الرخاميين والمنبر ودكة المبلغ وكسوة مداخل المدارس الأربعة المشرفة على الصحن ومزرات أعتاب أبوابها, كما نشاهد دقة صناعة النجارة العربية وتطعيمها مجسمة في سورة الكرسي الموجود بالقبة. أما باب المسجد النحاسي المركب الآن على باب جامع المؤيد فيعتبر مثلا رائعا لأجمل الأبواب المكسوة بالنحاس المشغول على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات محفورة ومفرغة بزخارف دقيقة,وعلى أحد مدخلي القبة بقى باب مصفح بالنحاس كفتت حشواته بالذهب والفضة على أشكال وهيئات زخرفية جميلة تدل علي عظمة ما يحويه هذا المسجد من روائع الفن وما أنفق في سبيله من أموال طائلة. المسجد أنشئ على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد إذ يعبر الإنسان من المدخل الرئيس إلى دركاة ثم ينثنى يسارا إلى طرقة توصل إلى صحن مكشوف مساحته 32 في 34.60 متر تشرف عليه أربعة إيوانات متقابلة ومعقودة أكبرها وأهمها إيوان القبلة تحصر بينها أربع مدارس لتعليم المذاهب الأربعة الإسلامية. كتب على كل من أبوابها أنه أمر بإنشائها السلطان الشهيد المرحوم الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن قلاوون في شهور سنة 764 هجرية ويتكون كل منها من صحن مكشوف وإيوان القبلة ويحيط بالصحن مساكن للطلبة مكونة من عدة طبقات بارتفاع المسجد. ويتوسط صحن المسجد قبة معقودة على مكان الوضوء تحملها ثمانية أعمدة رخامية كتب بدائرها آيات قرآنية في نهايتها تاريخ إنشائها 766 هجرية وتحيط بدائر إيوان القبلة وزرة رخامية يتوسطها المحراب وعلى يمينه المنبر الرخامي الذي يعد من المنابر الرخامية القليلة التي نشاهدها في بعض المساجد، ويعلو الوزرة الرخامية طراز من الجص محفور به سورة الفتح بالخط الكوفى المزخرف بلغ الذروة في الجمال والإتقان. ولهذا المسجد واجهتان هامتان أولاهما الوجهة العمومية وطولها 150 مترا تحليها صفف مستطيلة تنتهى بمقرنصات ومفتوح فيها شبابيك لمساكن الطلبة وتنتهى من أعلى كما تنتهى الوجهة الشرقية والمدخل بكرنيش ضخم من المقرنص المتعدد الحطات والذي يبلغ بروزة حوالي 1.50 متر وكان يعلوه شرفات مورقة أزيلت عن الواجهة العمومية والمدخل في السنين الأخيرة للتخفيف عنه. أما الواجهة الثانية فهى المشرفة على ميدان صلاح الدين وتتوسطها القبة تقوم على يمينها المنارة الكبيرة التي يبلغ ارتفاعها 84 مترا تقريبا وعلى يسارها منارة صغيرة أقل من الأولى ارتفاعا. ويرجع تاريخ إنشائها إلى سنة 1070 هجرية = 1659 / 60 م.