لجنة مراقبة الأسواق تقود حملات تفتيشية مكبرة بطنطا    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    حزب الوفد ينظم محاضرة "تحديات الأمن القومي في عالم متغير"    ضبط 56 مركبا مخالفا ببحيرة البرلس    مدير سلاح الإشارة: تدعيم مركز مصر كممر رئيسي لحركة نقل البيانات في العالم    مرشحة رئاسة أمريكية اعتقلت في احتجاجات الجامعات المؤيدة لغزة.. من هي؟    أستاذ قانون دولي: الاحتلال الإسرائيلي ارتكب كل الجرائم المنصوص عليها بالجنائية الدولية    وجيه أحمد يكشف القرار الصحيح لأزمة مباراة المقاولون وسموحة    تحقق 3 توقعات لخبيرة الأبراج عبير فؤاد في مباراة الزمالك ودريمز الغاني    السيطرة على حريق «زيد» في الفيوم    بالأسماء.. إصابة 12 في حادث انقلاب سيارة ميكروباص في البحيرة    ملك أحمد زاهر ترد على منتقدي أداء شقيقتها ليلى في «أعلى نسبة مشاهدة»    عمرو أديب يوجه رسالة للرئيس السيسي: المدرس داخل المدرسة مبيعرفش في الكمبيوتر    محمد أبو هاشم: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب (فيديو)    «الرقابة الصحية»: القطاع الخاص يقدم 60% من الخدمات الصحية حاليا    معبر رفح يشهد عبور 4150 شاحنة مساعدات ووقود لغزة منذ بداية أبريل    ملك أحمد زاهر عن والدها: أتعامل معه خلال التصوير كفنان فقط    بلينكن يشيد باتفاق أذربيجان وأرمينيا على ترسيم الحدود    محافظ الدقهلية: دعمي الكامل والمستمر لنادي المنصورة وفريقه حتي يعود إلي المنافسة في الدوري    بايرن ميونخ يغري برشلونة بجوهرته لإنجاز صفقة تبادلية    فرقة بني سويف تقدم ماكبث على مسرح قصر ثقافة ببا    برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع    الرئيس عباس يطالب أمريكا بمنع إسرائيل من "اجتياح رفح" لتجنب كارثة إنسانية    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    وزير السياحة السعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة على البحر الأحمر    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    «حرس الحدود»: ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر قبل تهريبها    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي بمحافظة الأقصر    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    فيلم «شقو» ل عمرو يوسف يتجاوز ال57 مليون جنيه في 19 يوما    ننشر أقوال محمد الشيبي أمام لجنة الانضباط في شكوى الأهلي    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    رمضان عبد المعز: فوّض ربك في كل أمورك فأقداره وتدابيره خير    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    رفض والدها زواجه من ابنته فقتله.. الإعدام شنقًا لميكانيكي في أسيوط    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في قرية جبل الطير بسمالوط غدا    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    البوصلة    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    حسام غالي: «شرف لي أن أكون رئيسًا الأهلي يوما ما وأتمناها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكري يكشف التفاصيل الكاملة عن ثورة 30 يونيو في الذكرى العاشرة
نشر في صدى البلد يوم 30 - 06 - 2023


مصطفى بكري:
- السيسي يرفض تحذيرات الأمريكيين والغرب ويمهل جماعة الإخوان 48 ساعة
- تفاصيل اللقاء الخطير بين مرسي والسيسي الذي أعقب ثورة الثلاثين من يونيو!!
- حزب النور يطالب مرسي بالاستجابة لمطالب الشعب.. واستقالات واسعة من كبار المسئولين.
- وزير الداخلية يؤكد أن الشرطة على الحياد.. فماذا كان رد فعل مرسي؟!
- لماذا رفض السيسي تولي الرئاسة وانحاز إلى اقتراح إسناد المنصب مؤقتًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا؟
- تفاصيل عودة المستشار عبد المجيد محمود إلى منصبه.. وإنهاء فترة النائب العام المعين بحكم قضائي باتٍّ ونهائي.

كشف النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، تفاصيل مهمة عن ثورة 30 يونيو، وذلك خلال مقال له، بمناسبة الاحتفال بالذكرى العاشرة للثورة، وذلك تحت عنوان «الطريق إلى 3 يوليو.. وقائع وأسرار».
وكشف بكري عن سبب رفض الرئيس السيسي تحذيرات الأمريكيين والغرب، وقراره بإمهال جماعة الإخوان 48 ساعة إضافة تفاصيل اللقاء الخطير بين مرسي والسيسي الذي أعقب ثورة الثلاثين من يونيو!!، متطرقا في المقال نفسه للحديث عن حزب النور، والذي طالب مرسي بالاستجابة لمطالب الشعب.
كما كشف سر رفض السيسي تولي الرئاسة بعد ثورة 30 يونيو، وانحيازه إلى اقتراح إسناد المنصب مؤقتًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا، بجانب تفاصيل عودة المستشار عبد المجيد محمود إلى منصبه.. وإنهاء فترة النائب العام المعين بحكم قضائي باتٍّ ونهائي.
وقال مصطفى بكري، إنه فى الثلاثين من يونيو 2013 احتشد عشرات الملايين من المصريين، مضوا فى تظاهرات عارمة استهدفت قصر الاتحادية بهدف إسقاط نظام جماعة الإخوان بعد فشلها فى إدارة شئون البلاد والسعى إلى أخونة الدولة وطمس هويتها.. وقد ظلت الجماهير عدة أيام فى الشارع تطالب برحيل الرئيس الإخوانى محمد مرسى وضرورة قيام الجيش بعزله وإنقاذ البلاد من مخاطر الحرب الأهلية.
وأوضح أن الأيام الثلاثة التى تلت أحداث ثورة الثلاثين من يونيو شهدت تطورات وحوارات، استهدف القائد العام عبد الفتاح السيسى إنقاذ البلاد من خطر المواجهة، إلا أن مكتب الإرشاد صمم على رفض المطالب الشعبية وأولها الاستفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وأشار إلى أنه بالرغم من الضغوط الأمريكية والغربية التى مورست ضد قيادة الجيش بهدف إبعاده عن المشهد، إلا أن القيادة العامة للجيش أمهلت المعنيين 48 ساعة لإنهاء الأزمة وإلا اضطرت إلى الدعوة لوضع خارطة مستقبل تهدف إلى إنقاذ البلاد من الفوضى..
وتابه: بالفعل فى الثالث من يوليو 2013 وجدت قيادة الجيش نفسها أمام خيار واحد ووحيد يقضى بالانحياز إلى ثورة الشعب وعزل الرئيس الإخواني، ودعوة كافة القوى إلى الاتفاق على خارطة للمستقبل، جرى الإعلان عن بنودها مساء ذات اليوم.
مصر على فوهة بركان
وشدد على أن مصر كانت فى الثلاثين من يونيو على فوهة بركان، حالة الغضب واضحة على الوجوه، لقد أدرك المصريون أن هذا اليوم سيكون فاصلاً فى التاريخ، إنها المعركة الأخيرة مع جماعة الإخوان ومندوبها فى القصر الرئاسى.
وأردف: منذ الصباح الباكر، بدأتِ الحشود تتدفق باتجاه ميدان التحرير والميادين الأخرى بطول مصر وعرضها، وسائل الإعلام كانت تمهد لهذا اليوم، وتطالب المصريين بالخروج لإسقاط حكم الإخوان.
واستطرد قائلا: خرجت من بيتى فى هذا اليوم فى وقت مبكر من الصباح، ربما لم أعرف طعم النوم فى الليلة الماضية، كنت أتجول بين الفضائيات، أناشد المصريين المشاركة فى تظاهرات الغد، مضيفا بأنه كان لديه يقين بأن المظاهرات ستقتلع الإخوان من جذورهم، وكنت على ثقة بأن ملايين المصريين سيتدفقون فى الشوارع لرسم لوحة الانتصار المدوي على الذين سعوا إلى طمس هوية الوطن وإسقاط مؤسساته.
وذكر أن المعتصمون بميدان التحرير كانوا قد استعدوا لاستقبال مئات الآلاف الذين بدأوا يحتشدون فى الميدان وغيره من الميادين الأخرى، كانت معنوياتهم عالية، وإيمانهم بالانتصار أكيدًا، رفعوا الأعلام، وانطلق الهتاف يدوِّى من كل مكان يطالب برحيل مرسى، مشيرا إلى أنه مضى فى الثانية من ظهر هذا اليوم إلى نقابة المحامين، حيث بدأ المحامون ومعهم مواطنون عاديون يتجمعون أمام مبنى النقابة المطل على شارع رمسيس كثيف الازدحام.
وبين: اعتليت المنصة وبدأت أهتف مع المحتشدين بالدعوة لإسقاط محمد مرسى والقبض على قادة جماعة الإخوان، وبعد قليل تحركت المظاهرة من أمام مبنى مجلس نقابة المحامين لتنضم إلى مظاهرة حاشدة للصحفيين، وأمام مبنى مجلس النقابة، ليلتحم الجميع معًا، تحركنا بعد قليل إلى مبنى نادى القضاة، حيث كان هناك حشد من القضاة، ثم عرجنا باتجاه مبنى دار القضاء العالى ومنه إلى شارع طلعت حرب حتى ميدان التحرير.
وذكر أن الشوارع الجانبية كانت قد امتلأت بالحشود، بينما لم يكن هناك موطئ قدم فى ميدان التحرير، ومن وسط الحشد الهائل، طالبت المتظاهرين بالعودة إلى شارع 26 يوليو ومنه إلى شارع رمسيس متوجهين ناحية قصر الاتحادية فى مصر الجديدة، مردفا: كان عددنا فى البداية عندما تحركنا من ميدان التحرير نحو عشرة آلاف متظاهر، وعندما وصلنا إلى ميدان رمسيس كان عددنا قد وصل إلى نحو خمسين ألفًا.
ثورة يونيو
ونوه مصطفى بكري بأن العديد من الأصدقاء حذروه من المشاركة فى التظاهرات، خاصة أننى كنت من المستهدفين من قِبل جماعة الإخوان، إلا أننى صممت على السير وسط الناس، مهما كان الثمن، مشيرًا إلى أن المطالبة برحيل مرسى ودعوة الجيش إلى تسلم السلطة وعزل الرئيس «الخائن»، توحدت وكانت النساء المسنات يهتفن ويرفعن الأعلام من نوافذ العمارات المطلة على شارع رمسيس، يلقين علينا بزجاجات المياه والحلوى، بينما علم مصر شكَّل لوحة متناسقة، حتى بدا شارع رمسيس وكأنه تزين عن آخره بهذه الأعلام.
وحكى: "وأمام ميدان رمسيس، حملنى المتظاهرون على الأكتاف لنهتف معًا: «ارحل»، بصوت مدوٍّ هز أرجاء المنطقة بأسرها..مضينا فى الطريق، باتجاه ميدان العباسية، وكانت الشوارع قد اكتظت بالبشر، وأمام مبنى الكاتدرائية حملنى المتظاهرون مرة أخرى لنهتف «مسلم- مسيحى- إيد واحدة»، بينما راح الهتاف يدوِّى من المساكن المواجهة للكاتدرائية.
وأردف: عند منطقة غمرة، على بُعد أمتار قليلة من مبنى الكاتدرائية، كان أبناء المنطقة قد أقاموا منصة، وراحوا يبثون الأغانى الوطنية، ويهتفون برحيل الإخوان، وما أن شاهدونى، حتى دعونى لإلقاء خطب وسط المحتشدين.. وبالفعل تحدثت إليهم لوقت قصير، ودعوتهم جميعًا إلى عدم الانصراف إلى منازلهم والبقاء فى الشوارع حتى إسقاط حكم جماعة الإخوان.
وواصل: مضينا إلى ميدان العباسية، حيث كانت الحشود تلتقى من كل اتجاه، وأمام مبنى وزارة الدفاع طلبت من المتظاهرين التوقف، وتوجهنا إلى الباب الرئيسى للوزارة، حيث حملنى المتظاهرون على الأعناق مرة أخرى ورُحنا نهتف «واحد اتنين.. الجيش المصرى فين»، كان الضباط والجنود الواقفون أمام مبنى الوزارة يوجهون إلينا التحية، وكأنهم يشدون على أيادينا، وبعد قليل تقدم إليَّ أحد الضباط الكبار، وطلب منِّي إبعاد المتظاهرين قليلاً عن مبنى الوزارة، كإجراء أمنى، ولم أنسَ كلمته الأخيرة التى وجَّهها إليَّ «متخافوش على مصر.. إحنا معاكم.. ربنا هيوفقنا»..إنها نفس الكلمات التى استمعت إليها من الضباط الذين كانوا يقفون أمام أحد الأبواب الرئيسية لدار الحرس الجمهورى فى شارع الخليفة المأمون.
وقال إنه عندما وصلوا إلى قصر الاتحادية كانت المنطقة قد تحولت إلى معسكر كبير، حيث احتشد مئات الآلاف حول القصر والشوارع الجانبية، بامتدادات كبيرة، متابعا: "بقينا لبعض الوقت أمام الاتحادية، بعد أربع ساعات ونصف الساعة من السير على الأقدام، شعرت بإنهاك شديد، مضيت إلى قناة العربية، حيث كان هناك موعد سابق قد حددته القناة معى للحديث عن ثورة يونيو والتوقعات المستقبلية".
وحكى بكري: "كان شقيقى محمود، ونجلى أحمد وعدد من أبناء حلوان وصحفيو «الأسبوع» يرافقوننى، ركبت أنا وشقيقى ونجلى سيارة تاكسى، متجهين إلى حيث مقر قناة (سكاى نيوز) بجوار مبنى الإذاعة والتليفزيون على كورنيش النيل.
ومن هناك مضيت بصعوبة إلى مبنى القناة، حيث كان عشرات الألوف يملأون الشوارع فى ازدحام لم يشهد له التاريخ المصرى مثيلاً.
كانت أصوات المتظاهرين فى هذه المنطقة ترفع شعار «انزل يا سيسى.. مرسى موش رئيسى»، وكان ذلك يعنى مناشدة الجيش النزول لحسم الأمر والاستجابة لمطلب الشعب المصرى بإسقاط مرسى وحكم جماعة الإخوان.
ولفت إلى أن قناة ال(سى. إن. إن) الأمريكية قدرت عدد المتظاهرين وفقًا لتقديرات موقع «جوجل» بنحو 33 مليون متظاهر نزلوا إلى الشارع فى هذا المساء، موضحا بأنه لم يكن الصعيد بعيدًا عن هذه التظاهرات، فقد نزل ملايين البشر فى محافظات الصعيد المختلفة يطالبون بإسقاط حكم الإخوان، وهم الذين عزفوا عن النزول بهذا الشكل خلال أحداث 25 يناير 2011.
وذكر أنه فى هذا اليوم، نظَّم المئات من ضباط وأفراد الشرطة مظاهرة حاشدة انطلقت من أمام ميدان الأوبرا باتجاه ميدان التحرير، وكان فى مقدمتها اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية الأسبق، والعديد من كبار الضباط.
مظاهرات يونيو
وقال عضو مجلس النواب مصطفى بكريء: فى هذا اليوم أجرى وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى» اتصالاً بالدكتور محمد البرادعى وآخر بالسيد عمرو موسى، حيث تناول الاتصال التطورات الراهنة على الساحة المصرية، وطالبهما بالسعى لإجراء مصالحة وطنية تقوم على تنازلات متبادلة من الطرفين، إلا أن ردهما كان التأكيد أن الوقت قد فات، وأن خيار الشعب الآن هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وكشف عن أنه فى هذا اليوم طلب الفريق أول عبد الفتاح السيسى من اللواء رأفت شحاتة رئيس المخابرات العامة إبلاغ الرئيس مرسى بأن الجيش فى حالة غليان وأن الجيش يتخوف من تردى الأوضاع، وأن عليه الاستجابة لمطالب الشعب، مضيفاً بأن رئيس المخابرات العامة تمكن بالفعل من الاتصال بالرئيس مرسى الذى كان قد انتقل إلى فيلا خاصة داخل دار الحرس الجمهورى خوفًا على حياته وقال له: «إن الوضع يستحق إجراءات عاجلة لتهدئة الشارع الغاضب»، وقال له: «أنت وحدك الذى ستدفع الثمن، ونحن لا نريد أن تصبح مصر كالسودان، فتتعرض للعقوبات، وتكون النهاية إحالتك للمحكمة الجنائية الدولية، شأنك شأن الرئيس عمر البشير».
وقال إن اللواء شحاتة طلب من محمد مرسى أن يُعِد خطابًا جديدًا للشعب يؤكد فيه أنه وبرغم حرصه على «الشرعية» فإن حرصه على الدم أكبر بكثير من أى طموحات سياسية، وأن يتعهد فيه بأنه لن يقبل أن يُذكر اسمه فى التاريخ مقترنًا بأى فتنة تشهدها البلاد، فتؤدى إلى اقتتال أبناء الوطن الواحد وأنه مستعد للوصول إلى حل جاد وحقيقى ينهى الأزمة فى البلاد، مستطردا: "بعد أن استمع مرسى إلى نصيحة اللواء رأفت شحاتة، رد عليه بالإجابة المعتادة «طيب هنشوف»، وساعتها أدرك اللواء شحاتة أن مرسى مصمم على العناد حتى النهاية، فأبلغ القائد العام بفحوى المحادثة".
وكشف عن أنه فى مساء هذا اليوم أيضًا تلقى رئيس المخابرات العامة المصرية اتصالاً هاتفيًّا من السفيرة الأمريكية «آن باترسون»، أبلغته فيه بأنها تحاول الاتصال بالرئيس مرسى منذ الرابعة عصرًا لأنها تريد إبلاغه رسالة مهمة من الرئيس أوباما، إلا أنها فشلت حتى هذا الوقت فى الاتصال به.. وعندما سألها اللواء شحاتة عن مضمون هذه الرسالة، قالت: «إن الرئيس الأمريكى يريد إبلاغه قلقنا من تطورات الأحداث، وتشجيعه على تقديم تنازلات متبادلة لتجنيب البلاد مخاطر الفوضى».
وتابه: قالت باترسون: «إن تقديرنا هو أن حل الأزمة يتطلب عددًا من التنازلات، منها تغيير الحكومة وإسناد رئاستها لشخصية مستقلة، لديها القدرة على اختيار الحكومة وإدارة الأمور فى البلاد، وكذلك نتمنى إيجاد حل عاجل لقضية النائب العام الحالى باختيار بديل نيابة عنه يرضى عنه القضاة وبقية أبناء الشعب المصرى».
وقال إن رئيس المخابرات سجل مضمون رسالة الرئيس أوباما وحاول الاتصال بمحمد مرسى، لكنه لم يتمكن حتى الساعة الثامنة والربع مساء ذات اليوم، وعندما أبلغه برسالة الرئيس الأمريكى، رد عليه بالقول: «هنشوف، هنشوف».
وأشار إلى أنه فى هذا الوقت كان اللواء رأفت شحاتة، قد تلقى معلومات تفيد بأن جماعة الإخوان أعدتِ العُدة لمهاجمة مقر المخابرات العامة والاستيلاء عليه، فاتصل على الفور بالقائد العام الفريق أول عبد الفتاح السيسى وأبلغه بفحوى هذه المعلومات، فأصدر القائد العام تعليماته بإرسال تشكيل من المدرعات والدبابات لتمكث داخل مبنى المخابرات العامة لحمايته.
وأوضح أنه فى هذا اليوم كان قد نشر مقالاً بعنوان «انتهى الدرس يا مرسى»، وفيه توقعت سقوط النظام الإخوانى، حيث قلت فيه: «إن محمد مرسى لا يعرف أن الناس تدرك أن مَن يخُن مرة، سيخون ألف مرة، وأن مَن لا يصدق فى وعوده سيظل أبد الدهر يكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا».
وذكر فيه: «غدًا تعود الفرحة إلى بيوتنا الكئيبة، غدًا تسعد الأمهات ويهلل الأطفال، تُذرف الدموع على الشهداء الذين اغتيلوا غدرًا، غدًا نبنى مصر بلا إقصاء.. وبلا تقسيم أو انقسام.. ساعات قليلة ومصر تعود إلينا، واحذروا دومًا مؤامراتهم حتى بعد سقوطهم، توحدوا، لا تتفرقوا فتذهب ريحكم».
وقاب إنه فى هذا اليوم، نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية حديثًا مع محمد مرسى، قال فيه متحديًا الجميع: «إما أنا أو الفوضى، وأرفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وفكرة استقالتى ستقوِّض شرعية مَن سيأتون بعدى، وسيؤدى هذا لفوضى لا تنتهى»، وقال: «إذا تنحيت سيطيحون بخليفتى بعد أسبوع أو شهر»، وأكد أنه «واثق جدًّا فى أن الجيش لن يتدخل وهو مشغول بشئونه»، مردفا أنه فى مساء هذا اليوم، حاصر المتظاهرون مقر مكتب الإرشاد فى المقطم بعد ورود معلومات عن وجود مسلحين داخل المقر.
وذكر مصطفى بكري: "قد صرح مصدر أمنى فى هذا اليوم بأن «هناك قرابة 60 مسلحًا داخل مقر مكتب الإرشاد أطلقوا النيران بأسلحة آلية وخرطوش على المتظاهرين»، وقال: «إن الشرطة قبضت على أحدهم وكان يتحدث بلهجة عربية وتبين للضباط أنه ينتمى إلى حركة حماس، إلا أن زملاءه أطلقوا النيران فى اتجاه ضباط الشرطة، مما مكنه من الفرار والرجوع إلى مقر مكتب الإرشاد».. وقد أسفرتِ المواجهة عن سقوط عدد من القتلى والجرحى فى هذا اليوم، مما زاد الأزمة اشتعالاً.
وقال إن الرئيس الأمريكى أوباما صرح تعليقًا على هذه الأحداث بقوله: إن «بلاده تدعم الديمقراطية فى مصر وتؤيد العملية السلمية لإحداث تغيير».
مظاهرات يونيو
وقال مصطفى بكري عضو مجلس النواب إنه فى مساء ذات اليوم، تلقى الفريق أول عبد الفتاح السيسى القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربى مكالمة هاتفية من نظيره «تشاك هيجل» وزير الدفاع الأمريكى، رفض فيها السيسى إبداء رد فعل واضح تجاه الضغوط الأمريكية التى حذرته من تدخل الجيش لصالح المتظاهرين، وترك إدارة أوباما تخمن ما الذى يمكن أن يفعله فيما بعد.. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى حالة انعقاد مستمر لبحث كافة التطورات أولاً بأول، وكان القائد العام يسعى إلى إقناع محمد مرسى بكل السبل بضرورة الاستجابة للمطالب الشعبية حتى يقى البلاد مخاطر ما هو قادم، مشيرًا إلى أن كافة المؤشرات كانت تؤكد أن مرسى تلقّى تعليمات من مكتب الإرشاد برفض كافة محاولات إجباره على التنازل عن بعض سلطاته لصالح تهدئة الأحوال فى البلاد.
وأوضح أنه كانت لديهم ثقة كبيرة فى إنهاء الأمر، وطلبوا من مرسى التحلى بالصبر، خاصة أن تقديراتهم كانت تشير إلى أن هذه المظاهرات لن تستمر طويلاً، وأن المتظاهرين حتمًا سينصرفون إلى بيوتهم قبيل أن يحل شهر رمضان خلال أيام قليلة... ولكل ذلك كان محمد مرسى واثقًا من أن الأمور ستنتهى دون أن يقدم أى تنازلات، فظل متشبثًا بمواقفه حتى اللحظة الأخيرة، ورفض الاستماع إلى كافة النصائح التى أُسديت إليه.
اللقاء الحاسم
وقال مصطفى بكري إ المتظاهرون ظلوا يرابضون فى الشوارع، الملايين رفضوا العودة إلى منازلهم، وفى هذا اليوم، ذهبتُ فى وقت متأخر إلى ميدان جهينة فى السادس من أكتوبر، حيث كانت الحشود عارمة، وكانت زوجتى وأولادى ضمن المتظاهرين فى هذه المنطقة.. وهناك ألقى خطابًا وسط المحتشدين، أكد فيه أن خيار رحيل مرسى وعصابته هو الخيار الوحيد الذى لن يقبل الشعب المصرى بسواه، وأن اللحظة قد حانت لتحرير مصر من هيمنتهم وسيطرتهم عليها.
وأشار إلى أنه فى اليوم التالى الأول من يوليو، كان رجال القيادة العامة للقوات المسلحة برئاسة الفريق أول عبد الفتاح السيسى القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربى يعقدون اجتماعًا جديدًا لتدارس الموقف فى ضوء أعداد المتظاهرين التى قُدِّرت بنحو 33 مليونًا فى الليلة السابقة.
وأوضح أن الشئون المعنوية للقوات المسلحة كانت قد أعدت طائرة للمخرج خالد يوسف لتصوير التظاهرات من الجو، حتى تكون وثيقة مهمة للتاريخ ترصد مجرى الأحداث فى هذا اليوم.. وكان قرار القيادة العامة للقوات المسلحة هو مواجهة أى محاولات لإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وكانت رسالة الجيش فى هذا اليوم موجهة إلى جماعة الإخوان بأنه هو الذى سيتصدى لأى محاولة تستهدف المتظاهرين السلميين.
وأوضح أن قد ظل اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة فى حالة انعقاد مستمر هذا اليوم، لمناقشة كافة التطورات أولاً بأول، واتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة الأحداث المتوقعة وآليات التعامل معها.. وكان محمد مرسى قد استقبل عددًا من الوزراء وكبار المسئولين فى هذا اليوم حتى يعطى رسالة للجميع بأنه لا يزال متماسكًا وقويًا..وفى الرابعة من بعد عصر هذا اليوم الأول من يوليو 2013، كانت القيادة العامة للقوات المسلحة قد قررت إعطاء محمد مرسى مهلة جديدة قوامها 48 ساعة علَّه يستجيب خلالها لمطالب الشعب المصرى، ويحمى البلاد من الخطر الذى يحدق بها.
وأوضح أن البيان الذى قرأه العقيد ياسر وهبة قد تضمن القول: إن القوات المسلحة كطرف رئيسى فى معادلة المستقبل وانطلاقًا من مسئوليتها الوطنية والتاريخية فى حماية أمن وسلامة الوطن، تؤكد الآتى:
- أنها لن تكون طرفًا فى دائرة السياسة أو الحكم، ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها فى الفكر الديمقراطى الأصيل النابع من إرادة الشعب.
- أن الأمن القومى للدولة تعرَّض لخطر شديد جراء التطورات التى تشهدها البلاد، وهو يلقى علينا بمسئوليات كلٌّ حسب موقعه للتعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر.
- أن القوات المسلحة استشعرت مبكرًا خطورة الظرف الراهن، وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصرى العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهلة أسبوعًا لجميع القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذى أثار الإعجاب والتقدير والاهتمام على كل من المستوى الداخلى والإقليمى والدولى.
- أن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيدًا من الانقسام والتصارع الذى حذرنا ومازلنا نحذر منه، خصوصًا أن هذا الشعب الكريم قد عانى، ولم يجد مَن يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقى بعبء أخلاقى ونفسى على القوات المسلحة التى تجد لزامًا أن يتوقف الجميع عن أى شىء، بخلاف احتضان هذا الشعب الأبى الذى برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفانى من أجله.
- أن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميع 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمُّل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن، والذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصِّر فى تحمُّل مسئوليتها.
- تهيب القوات المسلحة بالجميع، أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة، فسوف يكون لزامًا عليها استنادًا لمسئوليتها الوطنية والتاريخية، واحترامًا لمطالب الشعب المصرى العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بمن فيهم الشباب الذى كان ولايزال مفجِّرًا لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد.
وقال: كان هذا هو نص البيان الذى أحدث صدمة لدى جماعة الإخوان والرئيس محمد مرسى. لقد أربك البيان المشهد مجددًا، وراح قادة الإخوان يجتمعون لبحث الأمر. كان من رأى خيرت الشاطر، ضرورة صدور قرار بعزل السيسى ووزير الداخلية فورًا، إلا أن البعض رأى أن هذه مغامرة، خاصة أن السيسى قد دفع بالقوات المسلحة إلى الشارع منذ فجر السادس والعشرين من يونيو، لتأخذ مواقعها استعدادًا لأى طارئ، دون التشاور مع أحد، ولم يكن أمام مرسى والإخوان سوى الاستسلام، لذلك استقر الرأى فى النهاية على الاستعداد للمواجهة، وتم تحديد يوم الخميس 4 يوليو، كموعد نهائى للقبض على الجميع وإصدار القرارات المهمة. وظل قادة الجيش فى يقظة كاملة، كانت القاهرة والمحافظات تموج بالمظاهرات وأعمال العنف، تزايدت الحشود فى الميادين العامة، والمدن والقرى والكفور والمناطق الشعبية ترفع شعارًا واحدًا فقط «ارحل».. وكان الإخوان وحلفاؤهم فى المقابل يحتشدون فى ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر، وميدان النهضة بالجيزة، وكانت شعاراتهم وهتافاتهم وتطاولهم على الجيش تتواصل بلا توقف.
وذكر مصطفى بكري أن صلاح عبد المقصود -وزير الإعلام الإخوانى- كان قد بعث بسيارتين تابعتين للهندسة الإذاعية لنقل أحداث الاعتصام المسلح للإخوان وهجومهم فى رابعة على الدولة المصرية، والمطالبة بالحشد الشعبى لدعم شرعية مرسى، وكانت قناة «الجزيرة» تقف جنبًا إلى جنب مع جماعة الإخوان فى مؤامرتها ضد البلاد وضد الجيش.. وفى هذا اليوم طلب محمد مرسى مقابلة الفريق أول عبد الفتاح السيسى وبحضور رئيس الوزراء هشام قنديل، وعندما شاهد المواطنون القائد العام جنبًا إلى جنب مع محمد مرسى ثارت حالة شديدة من الإحباط وظن البعض أن تفاهمًا قد حدث بين قائد الجيش والرئيس مرسى وجماعته.
وتابع: كان الفريق أول عبد الفتاح السيسى قد اجتمع بالقيادة العامة للقوات المسلحة ليأخذ رأيهم فى هذا اللقاء، ولم يعترض أحد على ذهابه، إلا أن هناك مخاوف ثارت لديهم من حدوث أى شىء للقائد العام... كان محمد مرسى يجلس فى مكتبه الملحق بالفيلا الرئاسية وحوله عدد من أنصاره ومستشاريه، انصرفوا جميعًا ليبدأ لقاءه مع السيسى بحضور د.هشام قنديل رئيس الوزراء.
وكشف: فى بداية اللقاء سأل محمد مرسى الفريق أول عبد الفتاح السيسى عن الأوضاع فى البلاد.. فرد السيسى بأن الأوضاع تزداد سوءًا، وأن البيان قد جاء لتحذير الجميع وليبعث برسالة تقول إن الأوضاع باتت خطيرة للغاية.. وهنا رد عليه محمد مرسى، بالقول: يبدو أنك تتجاهل الحقيقة يا سيادة الوزير، الأوضاع جيدة والناس متفهمة، ويكفى أن الشعب رفض الاستجابة لمطالب المخربين وقاطع المظاهرات.
وأشار مصطفى بكري إلى أن السيسى أبدى دهشته، وشعر أن مرسى فى عالم آخر، فقال له: كيف ذلك وهناك حشود ضخمة بالملايين تملأ الشوارع؟!.. قاطعه مرسى على الفور، وقال: كل ده «فوتوشوب»، لقد جاءتنى الصور والتقارير الحقيقية، هؤلاء جميعًا لا يزيد عددهم على 120 ألف شخص فقط.
وقال بكري: رد عليه القائد العام بالقول: للأسف معلوماتك مغلوطة ونحن لدينا الفيديوهات التى تؤكد أن مَن خرجوا بالأمس لا يقلُّون عن 30 مليون مواطن.. صمم مرسى على كلامه بأن تقديرات القائد العام خاطئة وظل يشرح له كيف يمكن تكبير الصورة وزيادة الأعداد، وكان السيسى يبدو ممتعضًا، وقد أدرك أن رئيس الدولة مغيَّب عن الواقع، أو جرى تغييبه عن عمد.
وتابع بكري كاشفا حديث مرسي والسيسي:
- تحدث مرسى بإسهاب، وقال للقائد العام: أنا أطلب منك الوقوف مع الشرعية ودعمها بكل ما تملك، ولا تنسَ أننى القائد الأعلى للقوات المسلحة.
- رد عليه السيسى بالقول: أى شرعية تتحدث عنها؟! الشرعية هى للشعب أولاً، ولا بد من الاستجابة لمطالب الشعب حتى يعود الهدوء والاستقرار إلى البلاد.
- قال مرسى: أى شعب؟! الشعب مع الشرعية كما قلت لك، وهؤلاء قلة حاقدة.
- قال السيسى: ولكن إذا أردت الخروج من المأزق فليس أمامك سوى الاستفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة.
- رد مرسى بالقول: أنا أرفض الاستفتاء، أنا رئيس شرعى ومنتخب انتخابًا حرًا مباشرًا، وهؤلاء مدفوعون بأغراض خاصة، ونحن نعرفهم جيدًا.
- قال السيسى: الجيش ليس لديه أى مطامع خاصة، لكنه لن يقف صامتًا وهو يرى البلاد تنهار أمام عينيه، والبلد يكاد يدخل فى حرب أهلية، وأنت لا تريد أن تساعدنا، وأنا أطلب منك التراجع عن موقفك والاستجابة لمطالب الشعب المصرى.
هنا هدد مرسى بتدخل شباب الإخوان والمتحالفين معها لإنهاء الوضع وطرد المتظاهرين من الميادين.
رد السيسى بالقول: إن الجيش سيسحق أى محاولة من هذا القبيل، ولن يقبل أبدًا بالاعتداء على المتظاهرين السلميين، وسنحاسب كلَّ مَن يتورط فى الاعتداء على المصريين مهما كان منصبه.
أدرك مرسى أن السيسى جاد فى تهديداته، بدأ يتراجع، وقال: «انت غضبان ليه، نحن نقدِّرك ونحترمك، وأنا على ثقة أنك لن تتجاوز الشرعية أبدًا».
وتابع مصطفى بكري: خرج القائد العام من مبنى دار الحرس الجمهورى واتجه على الفور إلى مبنى القيادة العامة بوزارة الدفاع، كان أعضاء القيادة العامة يتابعون الموقف، وكان الفريق أول السيسى غاضبًا، لقد أدرك أن محمد مرسى وجماعته لن يستجيبوا لصوت العقل، لكنه لم يفقد الأمل.
مظاهرات يونيو. انزل يا سيسي
وأشار مصطفى بكري إلى أنه كان من رأى العديد من القادة حسم الأمر سريعًا قبل أن تتدهور الأوضاع، إلا أنه رفض ذلك، وقال: فلنعطِ مزيدًا من الوقت، وكان القائد العام يحاول تفادى أى صدام يمكن أن يحدث، لقد راهن على اللحظة الأخيرة، وتمنى أن يعود محمد مرسى إلى رشده، وأن يتوقف عن عناده وأن يستجيب لمطالب الملايين المحتشدة فى الشوارع، والتى عاهدت نفسها ألا تعود إلى بيوتها مرة أخرى إلا بعد رحيل محمد مرسى وجماعته عن الحكم.
ونوه بأنه قد أثارت التصريحات التى أدلى بها المرشد السابق محمد مهدى عاكف غضب الجميع عندما قال: «إن مهلة الجيش لمرسى كلام لا قيمة له، وإن الرئيس الشرعى سوف يستمر فى منصبه».. وفى هذا اليوم احتفت مواقع التواصل الاجتماعى بالمقال الذى نشرته صحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية والذى أكد أن الجيش المصرى هو المنقذ لمصر.
وأشار إلى أنه الإخوان وحزبهم بدأوا يعلنون التحدى، وقد دعا حزب الحرية والعدالة أنصاره إلى التظاهر لمقاومة أى تحرك للجيش يمكن أن يشكل «انقلابًا» على حد تعبير المتحدث الرسمى باسم الحزب مراد على فى تصريح أدلى به لوكالة «رويترز».وقال على: «إن هذه لحظة حرجة للغاية فى تاريخ مصر، وإننا نواجه لحظة مماثلة إلى حد بعيد لما حدث فى عام 1952»، وأضاف: «إن المصريين يدركون جيدًا، أن هناك مَن يحاولون إعادة البلاد إلى الوراء والديكتاتورية».
وأجرى د.عصام الحداد -مساعد الرئيس للعلاقات الدولية- العديد من الاتصالات بالمسئولين الأمريكيين والغربيين، حيث طلب منهم «ممارسة الضغط الشديد على الجيش لإبعاده عن المشهد السياسى وتحذيره من التدخل ضد الرئيس الشرعى».
وفى هذا اليوم، وبعد أن شعر مرسى أن الخناق يضيق من حوله، اتصل تليفونيًّا باللواء رأفت شحاتة رئيس المخابرات العامة وأبلغه أنه توصل إلى مبادرة للحل، وطلب منه إجراء اتصالات بالقوى السياسية للحصول على موافقتها.
وقال مرسى إن مبادرته تقوم على إجراء تعديل وزارى، وبعض الإصلاحات الأخرى.. وعندما سأله اللواء رأفت شحاتة: ولماذا لا تقول تغييرًا وزاريًّا؟ رد عليه بالقول: «خلينا نقول «تعديل» وفى التفاوض نخليها «تغيير»!!».
- قال رئيس المخابرات العامة: الأزمة تتفاقم وليس لدينا وقت.
- رد الرئيس مرسى: سأطلب من مدير مكتبى أن يرسل المبادرة على الفاكس، وأنت عليك أن تبدأ اتصالاتك فورًا.
- قال اللواء شحاتة: الوقت متأخر جدًّا، وأنا أقترح أن تخرج غدًا على الناس بنفسك وتعلن المبادرة عبر التليفزيون.
- قال مرسى: سأدرس الأمر، وأنا أميل لذلك.
فى مساء هذا اليوم اتصل بى الفريق سامى عنان -رئيس الأركان السابق والمستشار العسكرى للرئيس مرسى-، وقال لى إنه تقدم باستقالته من منصبه كمستشار عسكرى للرئيس، وهو المنصب الذى ظل شكليًّا وبلا فاعلية على مدى الفترة الماضية.
وفى هذا الوقت استقال 5 من وزراء الحكومة تضامنًا مع مطالب المتظاهرين وهم: خالد فهمى وزير البيئة، هشام زعزوع وزير السياحة، عاطف حلمى وزير الاتصالات، د.عبد القوى خليفة وزير المرافق، والمستشار حاتم بجاتو وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، ثم استقال أيضًا بعد ذلك وزير الخارجية محمد كامل عمرو من منصبه تضامنًا مع المتظاهرين.
وأوضح مصطفى بكري أنه مع تزايد حدة الأزمة، أصدر حزب النور والدعوة السلفية بيانًا طالبا فيه الرئيس محمد مرسى بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خشية عودة الجيش للحياة العامة، فى حين أصدر ما يسمى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية بيانًا أكد فيه الرفض النهائى والمطلق لمحاولات البعض دعوة الجيش للانقضاض والانقلاب على الشرعية والإرادة الشعبية.
ولفت إلى أن التنسيق كان على أَشُده بين القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية لحماية البلاد من الانزلاق إلى الفوضى، وبعد صدور بيان الجيش الذى منح مرسى 48 ساعة، أصدرت وزارة الداخلية بدورها بيانًا أعلنت فيه تضامنها مع القوات المسلحة، وأكدت أنها تقف على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية فى البلاد.. وكانت الإدارة الأمريكية لا تتوقف عن إجراء اتصالاتها بالأطراف المعنية فى مصر، فبعد اتصاله بمرسى، قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما: «إن الرئيس مرسى رئيس منتخب، لكن على حكومته الآن احترام المعارضة وجماعات الأقليات».
وقد صرح عمر عامر (المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية فى مصر) على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) بأن مرسى تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس أوباما أكد فيها أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع القيادة المصرية المنتخبة من الشعب المصرى وتدعم التحول الديمقراطى السلمى فى مصر، وقال: «إن المكالمة تناولت تطور الأحداث الجارية والمساعى الحثيثة لاحتواء المطالب التى عبر عنها المصريون بكافة أطيافهم فى الميادين المختلفة».
وذكر: فى هذا اليوم صدر بيان البيت الأبيض الذى يتضمن اتصالات واستقبالات وتحركات الرئيس خاليًا من هذا الاتصال، وقد لاحظ الصحفيون ذلك من خلال البيان اليومى الذى وُزِّع عليهم، إلا أنهم لم يجدوا إجابة شافية على سؤالهم: لماذا تم تجاهل الاتصال؟!.. أما جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى، فقد علَّق على التطورات خلال جولة له بالشرق الأوسط، بالقول: «نحن نحاول المساعدة مثلما تحاول دول أخرى إيجاد مكان للمعارضة السياسية لتنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية التى تسهم فى جذب الأعمال ورأس المال وبدء تحريك الاقتصاد».
أجرى «تشاك هاجل» وزير الدفاع الأمريكى العديد من الاتصالات بالفريق أول عبد الفتاح السيسى وحذَّره من تداعيات عزل مرسى على العلاقات المصرية-الأمريكية، بما فى ذلك قدرة واشنطن على الاستمرار فى تقديم المساعدات، غير أن السيسى كان حكيمًا فى ردوده، وقال إن الجيش لم يكن يبغي التدخل أو الحديث فى الأمور السياسية، لكنهم فعلوا ما يرونه ضروريًّا لإعادة النظام إلى الشارع.
لقد سبق لوزير الدفاع الأمريكى أن تحدث مع السيسى فى نهاية شهر يونيو وحذره من مغبة تدخل الجيش، ثم عاد وحذر من الآثار المحتملة على العلاقات المصرية-الأمريكية فى ضوء تدخل الجيش، إلا أن السيسى لم يعلن التزامه بشىء، تاركًا إدارة أوباما فى حيرة من أمرها!!
كانتِ اللحظات التى تمر بها البلاد فى منتهى الصعوبة، وكانت كل الخيارات مفتوحة، وقد كانت اتصالاتى بالعقيد أحمد محمد على لا تتوقف، وكان سؤالى الدائم له: متى يتخذ الجيش الخطوة الضرورية، ويعزل مرسى حمايةً للبلاد من حرب أهلية أراها قادمة بلا جدال؟ وكان العقيد أحمد محمد على يقول لى دومًا إن الجيش لن يترك البلاد تصل إلى الحرب الأهلية، وإنه يتباحث مع مرسى، وإذا لم يستجب، فقطعًا سيتدخل بلا تردد حمايةً للدولة وحمايةً للشعب.
بعد انتهاء اجتماعات مكتب الإرشاد الذى عُقد فى مكان بعيد عن مقر المقطم، كان الرأى هو إبلاغ مرسى برفض تقديم أى تنازلات جوهرية وإلقاء خطاب إلى الشعب المصرى يؤكد فيه استعداده لإجراء بعض التغييرات.
وطلب مكتب الإرشاد من الرئيس مرسى ضرورة الرد على بيان الجيش ورفض الاستجابة لمهلة ال48 ساعة.. وبالفعل أصدرت رئاسة الجمهورية بيانًا فى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء 2 يوليو أشارت فيه إلى أن الرئاسة المصرية ترى بعض العبارات الواردة فى بيان الجيش تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب فى إحداث إرباك للمشهد الوطنى المركب.
وكان شيخ الأزهر د.أحمد الطيب قد دعا أيضًا فى بيان صادر عن المشيخة، كل مصرى إلى تحمُّل مسئوليته أمام الله والتاريخ والعالم، وحذَّر من الانجراف إلى الحرب الأهلية التى بدت ملامحها تلوح فى الأفق والتى تنذر بعواقب لا تليق بتاريخ مصر ووحدة المصريين ولن تغفرها الأجيال لأحد، كما دعا البابا تواضروس بابا الكنيسة المرقسية إلى «التفكير والتحاور معًا لإنقاذ البلاد»، وطلب من الجميع الصلاة من أجل إنقاذ مصر».
وأوضح بكري أنه فى هذا اليوم تجمَّع مؤيدو ومرسى برئاسة حازم صلاح أبوإسماعيل فى ميدان النهضة وراحوا يهتفون «إسلامية - إسلامية - رغم أنف العلمانية» كما هتفوا ضد الجيش وضد القائد العام عبد الفتاح السيسى.
وقدم نحو 91 دبلوماسيًّا مصريًّا استقالاتهم فى هذا اليوم وأصدروا بيانًا طالبوا فيه برحيل محمد مرسى عن الحكم.. كان الملايين قد خرجوا ليلتحموا بالمتظاهرين المطالبين بعزل مرسى، خاصة بعد صدور بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، وأصبحت البلاد على فوهة بركان، بينما راحتِ الأنباء تتردد عن سقوط وإصابة العشرات من المصريين فى معارك اندلعت فى كافة أنحاء البلاد.
لقد اتصل رئيس الأركان الأمريكى فى هذا اليوم برئيس الأركان المصرى الفريق صدقى صبحى يطلب منه عدم المساس بالرئيس المنتخب وإلا كانت العواقب وخيمة، إلا أن الفريق صدقى أكد له أن الجيش يقف دومًا مع شعبه ويحمى أمنه واستقراره.
أما الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسى السابق، الذى كان موجودًا فى أبوظبى فى هذا الوقت، فقد صرح بأن حكم الإخوان سينتهى خلال ساعات، وأنه سيترشح مرة أخرى لمنصب رئيس الجمهورية بعد سقوط حكم الإخوان.. فى هذا الوقت ازدادت حدة أعمال العنف التى تقوم بها الجماعة وعناصرها، وقد تم سحل أحد ضباط الشرطة بصورة مهينة عكست حالة شديدة من الغضب فى كافة الأوساط، بينما أُطلق الرصاص على نائب مأمور قسم بولاق الدكرور أثناء الاشتباكات بين مؤيدين لمرسى ومعارضين له، كما جرى إطلاق الرصاص فى هذه المنطقة وأصيب العشرات من المواطنين.
وفى هذا الوقت أعلن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أنه تم القبض على 5 مسلحين من جماعة الإخوان أسفل منزل المرشد العام محمد بديع بالتجمع الخامس، وفى حوزتهم فرد خرطوش وطبنجة وساطور ودروع واقية، وكانوا يروعون الآمنين فى هذه المنطقة.. وتزايدت حدة الاشتباكات فى ميدان النهضة بسقوط نحو عشرين قتيلاً وأكثر من مائة جريح، بفعل التحريض الذى كان يقوم به حازم أبو إسماعيل الذى تم القبض عليه فى هذا الوقت.
وقال مصطفى بكري: كنت أتردد بين الفضائيات، مطالبًا الجيش بإسقاط محمد مرسى وحكم الجماعة، وأتذكر أننى كنت ضيفًا على قناة الحياة فى هذا اليوم، وقد طالبت القائد العام للجيش بضرورة القبض على «الجاسوس الخائن محمد مرسى» وقلت: إننى أشك فى قواه العقلية، لأنه يسعى إلى تدمير البلد.. وفى هذا اليوم ترددت شائعات أشارت إلى أن حكومة هشام قنديل قدمت استقالتها بعد إنذار الجيش، إلا أن المستشار أحمد سليمان وزير العدل نفى هذه الأنباء، وقال «إن الحكومة مستمرة فى أداء عملها، وقد عقدت اجتماعًا فى هذا اليوم لم يحضره وزيرا الدفاع والداخلية، وكذلك الوزراء الستة الذين قدموا استقالاتهم.
وأشار إلى أن محمد مرسى كان قد أنهى اتصالاته مع مستشاريه الموجودين معه ومع قيادات مكتب الإرشاد، وبعد أن انتهوا من إعداد البيان الذى سيلقيه جىء له بكاميرات التليفزيون التى سجلت الخطاب من داخل مبنى دار الحرس الجمهورى ثم بثه بعد ذلك.. زعلم الفريق أول السيسى بعزم مرسى توجيه خطاب إلى الشعب، طلب عدم التدخل بأى شكل من الأشكال، لقد جرى تسجيل الخطاب، وكان الجيش على علم بمضمونه، غير أن الشارع ظن أن مرسى قد يقدم جديدًا لإنهاء الأوضاع المتوترة فى الشارع المصرى.
وجاء خطاب مرسى ليكرر ذات المقولات، وليعلن تحدى الجميع، غير آبه بالتطورات الراهنة والحشود التى لا تزال تسيطر على الشارع.
* لقد ركز محمد مرسى فى خطابه على عدة نقاط عبَّر عنها بالقول:
- إن الشعب اختارنى رئيسًا فى انتخابات حرة ونزيهة، وكنت ومازلت الرئيس الشرعى وسأظل أتحمل المسئولية.
- إن الشعب أصدر دستورًا، كلفنى فيه بمهام محددة وإدارة البلاد، وإننى لا بد أن ألتزم بهذه الشرعية، وأن ألتزم بهذا الدستور، وإنه ليس أمامى من خيار سوى أن أتحمل المسئولية.
- الشرعية التى أتمسك بها هى الضمان الوحيد لحماية البلاد من سفك الدماء، وهى الضمان لعدم ارتكاب أعمال عنف، وتفويت الفرصة على بقايا النظام السابق والثورة المضادة التى تريد العودة من جديد.
- إن الرئاسة ماضية فى طريقها الذى خططته من قبل لإجراء مصالحة وطنية شاملة استيعابًا لجميع القوى الوطنية والشبابية واستجابة لتطلعات الشعب المصرى، بغضِّ النظر عن أى تصريحات من شأنها تعميق الفُرقة بين أبناء الوطن الواحد، وبما يهدد السلم الاجتماعى، وإن الرئيس لا يزال يُجرى مشاورات مع جميع القوى الوطنية حرصًا على تأمين مسار التحول الديمقراطى وحماية الإرادة الشعبية.
- إننى سأحافظ على الشرعية ودون ذلك حياتى، وإذا كان الحفاظ على الشرعية ثمنه دمى، فأنا مستعد أن أبذل ذلك.
وقال أيضًا فى هذا الخطاب إنه مستعد لتشكيل حكومة انتقالية لحين إجراء الانتخابات البرلمانية، وقال: «إن موضوع النائب العام قد حُسم، ووافق على تشكيل لجنة للتعديلات الدستورية والمصالحة الوطنية وتعجيل إجراءات قانون الانتخابات، إلا أنه رفض مجددًا الاستفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة فى الوقت الراهن.
واستطرد بكري أنه بعد الخطاب، كنت أتنقل بين قنوات التحرير والنهار وصدى البلد، وقلت: إن مرسى قد كتب شهادة وفاته النهائية اليوم، وليس أمام الجيش سوى التحرك وتسلُّم السلطة فى البلاد.
ونوه بأن خطاب مرسي الذى استخدم فيه لفظ «الشرعية» أكثر من ستين مرة، د استحدث ردودَ فعل غاضبة فى الشارع المصرى، ولم يكن أمام القوات المسلحة غير خيار واحد ووحيد، هو عزل مرسى وإعلان خارطة الطريق.. لقد أدرك القائد العام أن خطاب مرسى ما هو إلا تحريض على العنف، ورفض لإرادة الشعب، والتمسك بالكرسى مهما كان الثمن.
وأشار إلى أنه أمام التحركات الإخوانية وقتل الأبرياء، كتب الفريق أول عبد الفتاح السيسى على الصفحة الرسمية للقوات المسلحة يقول ردًا على هذا الخطاب: «أشرف لنا أن نموت من أن يُروَّع الشعب المصرى، ونقسم بالله أن نفتدى مصر وشعبها بدمائنا ضد كل إرهابى أو متطرف أو جاهل».. وبعدها أصدر القائد العام تعليماته بمنع الهواتف والاتصالات بين مرسى وعناصر جماعته، ونفَّذه اللواء محمد زكى قائد الحرس الجمهورى التعليمات على الفور.
وشدد على أن الجيش كان قد أمسك بمقاليد البلاد من الناحية الأمنية جيدًا، وجرى توزيع المهام بينه وبين جهاز الشرطة الذى وقف رجاله وقفة لن ينساها لهم التاريخ أبدًا، وأمام تصاعد عمليات العنف، قالت مصادر عسكرية فى بيان وُزِّع على الصحف ووسائل الإعلام فى مساء هذا اليوم: «إن القوات المسلحة ستعلق العمل بالدستور وتحل مجلس الشورى بموجب خارطة طريق سياسية ستنفذها القوات المسلحة ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول غد الأربعاء».
أوصح أنه تردد فى هذا الوقت أن الجيش قد يسلم السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا..وقد عاد وزير الدفاع الأمريكى «تشاك هيجل» لإجراء المزيد من الاتصالات بالفريق أول عبد الفتاح السيسى يحذره فيها من الانقلاب على الرئيس المنتخب، إلا أن السيسى رد عليه بالقول: «لن نسمح لأحد بالتدخل فى الشأن الداخلى المصرى، ونحن الذين نقرر مصيرنا بأنفسنا».. أما السفيرة الأمريكية «آن باترسون»، فقد كانت تتابع الأحداث وتنقل المعلومات وتقدم التقارير، وقد أجرت اتصالات مجددة بخيرت الشاطر نقلت إليه عبرها عدة رسائل من الإدارة الأمريكية حثت فيها على ضرورة احتواء غضب الشعب المصرى وتقديم تنازلات تُنهى الأزمة وتمنع تدخل الجيش، إلا أن الشاطر أكد لها أن هذه المظاهرات لن تُجدى نفعًا، وأن الجيش لن يجرؤ على عزل الرئيس مرسى.
بيان 3 يوليو .. الطريق إلى الحرية
وقال مصطفى بكري إنه فى صباح الثانى من يوليو 2013، أصدرت محكمة النقض حكمها بإعادة المستشار عبد المجيد محمود إلى منصبه كنائب عام شرعى، ومن ثم فقد تم عزل النائب العام المعين من قِبل جماعة الإخوان (المستشار طلعت إبراهيم عبد الله).
لقد تجمعنا فى هذا اليوم فى نادى القضاة، والتقيت مطولاً بالمستشار أحمد الزند رئيس النادى والذى كان له دوره الكبير فى الحشد الجماهيرى والثورة على نظام الإخوان، وبعد قليل وصل إلينا المستشار عبد المجيد محمود وكان فى استقباله المستشار الزند وعدد كبير من رجال النيابة العامة والقضاة.. كانت قضية المستشار عبد المجيد محمود والاعتداء على السلطة القضائية والمحكمة الدستورية هى واحدة من أخطر الأزمات التى كانت واحدة من مشاكل عديدة تسببت فيها جماعة الإخوان ومندوبها فى قصر الرئاسة.
وتابع: كان يوم الأربعاء الثالث من يوليو، يومًا حاسمًا فى تاريخ البلاد، صحوت فى نحو الرابعة صباحًا، لم أنم أكثر من ساعتين فى هذا اليوم، ظللت أتابع الأحداث وردود الفعل، وكنت على ثقة أن الجيش سيضع اليوم حدًّا فاصلاً لما يجرى فى الشارع من تظاهرات وأعمال قتل وتخريب.
وقال إنه فى هذا الصباح اتصلت بى د.فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى سابقًا، وسألتنى عن توقعاتى، فقلت لها إننى أتوقع اليوم تحركًا عسكريًّا بعد انتهاء مدة ال48 ساعة فى الرابعة عصرًا، وسيكون هذا التحرك لصالح الشعب وحماية الدولة.
قالت لى: وأنا أشاركك هذا التوقع.
كان القائد العام قد طلب فى هذا الوقت من د.محمد سليم العوا ومعه د.هشام قنديل بدء اتصالات مع محمد مرسى لإقناعه بقبول مطالب الشعب، لإنهاء الأزمة، إلا أن الاتصالات لم تُجدِ نفعًا.
وفى العاشرة من صباح هذا اليوم اتصل د.ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بالدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى.
وبالفعل توجه رئيس مجلس الشورى إلى دار الحرس الجمهوري حيث التقاه د.سليم العوا هناك، وكان معه رئيس الوزراء السابق هشام قنديل والثلاثة التقوا بالرئيس مرسى، وعرض عليه أحمد فهمى مضمون الحوار الذى جرى معه، إلا أن الرئيس مرسى أبلغه استعداده للموافقة على تشكيل حكومة جديدة برئاسة السيسى والإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية بعد عدة أشهر، إلا أنه يعترض على إجراء الاستفتاء على الانتخابات المبكرة، وأنه مستعد لذلك شريطة أن يتم الاستفتاء فى أعقاب إجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة بعد عدة أشهر.
دار حوار مطول بين أحمد فهمى والعوا مع مرسى للوصول إلى حل وسط، إلا أنه رفض وبعناد شديد الموافقة على الاستفتاء وطلب منه أن يبلغ هذا الموقف إلى القائد العام باعتباره موقفه النهائى.
بعد أن غادر د.أحمد فهمى ود.سليم العوا دار الحرس الجمهورى، اتصل أحمد فهمى باللواء ممدوح شاهين وطلب منه إبلاغ السيسى بعدم موافقة مرسى على إجراء استفتاء عاجل على الانتخابات الرئاسية المبكرة مع استعداده لتنفيذ هذا المقترح ولكن بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة.
أبلغ القائد العام أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة بما دار بينه وبين مرسى، ورفضه الاستجابة للمطالب، أدرك الجميع أنه لم يعُد أمامهم من خيار سوى التدخل للحيلولة دون دخول البلاد فى حرب أهلية، خاصة أن الجماهير بدأت تزحف إلى مبنى وزارة الدفاع للمطالبة بتدخل الجيش لحماية البلاد..
وبعد مناقشة الأمر، عُهد إلى جهة سيادية كبرى، البدء فى دعوة الشخصيات المحددة وهى شيخ الأزهر وبابا الكنيسة المرقسية، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ود.محمد البرادعى الذى تم تفويضه من قِبل جبهة الإنقاذ، وممثلة للمرأة، و3 ممثلين لشباب تمرد، بالإضافة إلى قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، والقائد العام.
وقامت الجهة السيادية بإجراء اتصال بالمستشار هشام بدوى -رئيس محكمة الجنايات فى هذا الوقت- لصياغة بيان خارطة الطريق، إلا أنه اعتذر لأنه ليس قاضيًا دستوريًّا، ورشح المستشارة تهانى الجبالى التى تم الاتصال بها، فانتقلت على الفور إلى الجهة السيادية.
واستعانت وزارة الدفاع من جانبها بالمستشار ماهر البحيرى أحد أبرز قضاة المحكمة الدستورية، ثم جرى بعد ذلك دمج البيانين فى صيغة واحدة، وأدخل الفريق أول عبد الفتاح السيسى بعض التعديلات والإضافات.
وقال مصطفى بكري: فى هذا الوقت علمت من مصادرى الخاصة أن البيان سيذاع فى الرابعة والنصف مساء، وعندما سئلت من بعض الفضائيات عن السيناريو المتوقع، قلت لهم إن البيان سيذاع بعد عصر اليوم، وإن هناك اتجاهًا لاختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلى منصور لإدارة شئون البلاد فى الفترة الانتقالية.
لم يصدِّق الكثيرون أن القرار سيُحسم بهذه السهولة، وكان الأمر المثير والغريب، أن القوات المسلحة أعطت إشارة واضحة بأنها تنوى اتخاذ قرارات حاسمة من بينها دعوة القوى السياسية لإعداد خارطة طريق، أى وضع نظام حكم جديد للبلاد، وكان ذلك قبل انتهاء الموعد المحدد ب48 ساعة، ومع ذلك ظل الإخوان على يقين أن الجيش لن يستطيع أن يفعلها حتى فوجئوا بتطورات الأحداث.
واردف: لقد ظللت فى هذا اليوم أتابع تطورات الأحداث وأحللها من الرابعة مساء إلى نحو الثامنة مساء مع المذيعة ياسمين سعيد على قناة الحياة، باعتبار أن القرار قد اتُّخذ، وأن حكم الإخوان قد سقط، وأن بيان انحياز الجيش للثورة سوف يصدر بعد قليل.. وكانت المذيعة فى دهشة من الأمر، وتطرح دومًا سؤالاً متكررًا: وهل أنت على ثقة من ذلك؟ فكانتِ الإجابة: نعم على ثقة من ذلك.
كانتِ الاستعدادات فى هذا الوقت قد اكتملت، لقد تم الاتصال بالدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة الإخوانى للمشاركة فى إعلان البيان، إلا أن تعليمات صدرت للكتاتنى برفض المشاركة جملة وتفصيلاً.. كانت مصر كلها فى انتظار الحدث الذى سيمثل نقطة تحول فى تاريخ هذا البلد، كانت الآمال معلقة بالقرار الذى سيتم اتخاذه، لقد انتهت المدة المحددة فى الرابعة والنصف مساء، وبدأ القلق يتسلل إلى النفوس، وراحت الأسئلة تلاحق بعضها، وكنت أحاول على قدر المستطاع أن أجيب عليها من شاشة قناة الحياة.
وقال إنه في البداية قد تردد أن إعلان البيان سيتم فى الرابعة، ثم قيل فى السابعة، ثم الثامنة، حتى تم فى التاسعة والنصف من مساء ذات اليوم، وخلال هذه الفترة كانت الشائعات لا تتوقف، وكانت عقول الناس فى انتظار الحدث الذى سيحدد مصير الوطن بأسره.
كان الإخوان قد طلبوا فى هذا الوقت مهلة لمدة يومين آخرين لإنهاء الأزمة، إلا أن المعلومات التى رصدها جهاز الأمن القومى فى هذا الوقت، أكدت أن الإخوان قد أعدوا قوائم للاعتقال والاغتيال مساء الأربعاء 3 يوليو وصباح الخميس..وقد استطاع جهاز الأمن القومى من خلال رصد بعض هذه المكالمات أن يتوصل إلى المعلومات كاملة وأن يبلغها إلى القائد العام للقوات المسلحة.
وقال: كانتِ الأجهزة الأمنية قد أعدت قائمة كاملة بأسماء العناصر الحركية الناشطة والمتورطة فى خلق الأزمات وأعمال العنف فى البلاد، وقبيل أن يعلن القائد العام بيانه كانت أسماء هؤلاء قد أُدرجت على قوائم الممنوعين من السفر على المطارات والموانئ، بينما بدأتِ الجهات الأمنية الاستعداد لحملات اعتقال لهذه العناصر التى هددت بإشعال أعمال العنف والتخريب فى البلاد.
وفى نفس الوقت الذى استعد فيه السيسى لإعلان البيان التاريخى، طلب اللواء محمد زكى قائد الحرس الجمهورى من محمد مرسى الدخول إلى الفيلا، لأن هناك أمرًا عسكريًّا باحتجازه، فراح يصرخ: «انتوا مين، أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنا آمرك بأن تتوقف عن هذا الفعل وإلا فإننى سأحاكمك محاكمة عسكرية، انت والسيسى وكل المتورطين.. ».
وتابع: حاول اللواء محمد زكى إفهامه الأمر، وقال له إن الجيش قد انحاز إلى الشعب، وإن الفريق أول عبد الفتاح السيسى يعلن الآن خارطة الطريق فى حضور القوى السياسية والأزهر والكنيسة والقضاء، إلا أنه لم يصدق، وظل يردد: أنا الرئيس الشرعى المنتخب، أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، أنا سأحاكمكم، ولن أسكت عليكم أبدًا، وإن المجتمع الدولى سيجبركم على التراجع.
واستطرد: عندما لم يجد مرسى استجابة، راح يطلب ضرورة أن يصاحبه فى الإقامة داخل الفيلا، كل من السفير محمد رفاعة الطهطاوى رئيس الديوان وأسعد الشيخة نائب رئيس الديوان، وقد تحقق له مطلبه بالفعل، بينما تم احتجاز الأشخاص الآخرين داخل مبنى الحرس الجمهورى، وتم السماح لأفراد أسرته الذين كانوا يصاحبونه بمغادرة المبنى إلى منزلهم.
أردف: كانتِ المعلومات تقول فى البداية إن البيان سيُلقى بصوت المقدم «ياسر» الضابط بالشئون المعنوية والذي سبق أن تلا بصوته العديد من بيانات القوات المسلحة وكان آخرها بيان الإنذار الأخير للرئيس مرسى، وأن الموعد هو الرابعة والنصف بعد عصر يوم الأربعاء 3 يوليو، إلا أنه وبعد التشاور كان الرأى السائد هو أن يتلو الفريق أول عبد الفتاح السيسى البيان بنفسه شخصيًا.
وقال: وفى تمام التاسعة من مساء الأربعاء الثالث من يوليو وقف الفريق أول عبد الفتاح السيسى يلقى بيان القوات المسلحة لخارطة طريق المرحلة الانتقالية بحضور الفريق صدقى صبحى رئيس الأركان وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، وأيضًا بحضور شيخ الأزهر د.أحمد الطيب والأنبا تواضروس والدكتور محمد البرادعى الأمين العام لجبهة الإنقاذ المعارضة وسكينة فؤاد، مساعد رئيس الجمهورية السابق التى سبق أن قدمت استقالتها، ومحمود بدر ومحمد عبد العزيز- من قادة حركة تمرد.
لقد أكد البيان التاريخى للقوات المسلحة عددًا من القرارات المهمة هى:
1 - أن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصمَّ آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطنى وليس دورها السياسى، على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول مَن أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسى.
2 - لقد استشعرت القوات المسلحة انطلاقًا من رؤيتها الثاقبة أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته، وتلك هى الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدَّرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسى آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة.
3 - لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ نوفمبر 2012، بدأت بالدعوة لحوار وطنى استجابت له كل القوى السياسية والوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة، ثم تتابعت وتوالتِ الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت حتى تاريخه.
4 - تقدمتِ القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجى على المستويين الداخلى والخارجى تضمَّن أهم التحديات والمخاطر التى تواجه الوطن على كل من المستوى الأمنى والاقتصادى والسياسى والاجتماعى، ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعى وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.
5 - فى إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد رئيس الجمهورية فى قصر القبة يوم 22 يونية 2013، حيث عرضت رأي القيادة العامة ورفضها الإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها ترويع وتهديد جموع الشعب المصرى.
6 - لقد كان الأمل معقودًا على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة ال48 (ساعة) جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب، الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة، استنادًا إلى مسئوليتها الوطنية والتاريخية، التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.. حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يُقصي أحدًا من أبنائه وتياراته ويُنهى حالة الصراع والانقسام.. وتشتمل هذه الخارطة على الآتى:
- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.
- يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.
- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.
- لرئيس المحكمة الدستورية سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
- تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
- تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتًا.
- مناشدة المحكمة الدستورية العليا سرعة إصدار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.
- وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
- اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكًا فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
- تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
- تهيب القوات المسلحة بالشعب المصرى العظيم بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمى وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء، وتحذر من أنها ستتصدى -بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية- بكل قوة وحسم لأى خروج عن السلمية طبقًا للقانون وذلك من منطلق مسئوليتها التاريخية والوطنية.
وقال مصطفى بكري إنه فى هذا الاجتماع تحدث شيخ الأزهر فأكد أن مصر الآن أمام أمرين أحلاهما مُر وأشدهما صدام الشعب، وأكد البابا تواضروس أن التوافق حول خارطة الطريق لحل الأزمة استهدف عدم إقصاء أحد، أما البرادعى فقد أكد فى كلمته أن خارطة الطريق هى تصحيح لمسار ثورة 25 يناير، وأكد محمود بدر على المعانى نفسها وكذلك الآخرون.
وأوضح أن الحرس الجمهورى كان قد قرر احتجاز محمد مرسى فى هذا الوقت داخل دار الحرس الجمهورى ومعه بعض مستشاريه ومساعديه.
وفى هذا المساء راح نجله «أحمد» يركب إحدى سيارات الرئاسة ويلف بها فى فناء دار الحرس الجمهورى بطريقة جنونية غير مصدق لما جرى، كان يسب الجميع بألفاظ فاحشة، إلاَّ أن اللواء محمد زكى قائد الحرس طلب عدم التعرض له.
وذكر: لقد عمَّتِ الفرحة الشارع المصرى، تدفق الملايين إلى الشوارع يحتفلون بقرار القيادة العامة للقوات المسلحة، لم يصدق البعض وقائع ما حدث، شعروا أنهم كانوا يعيشون كابوسًا رهيبًا، كانوا على ثقة أن مصر قد خُطفت منهم، وأن الجيش أعاد إليهم الوطن والحياة.
وقال: ارتفعت أعلام مصر وصور السيسى فى كل مكان، خرجت مظاهرات فى العديد من البلدان العربية تعلن تضامنها مع الشعب المصرى وتهنئه بسقوط حكم الإخوان.
مظاهرات يونيو
ونوه مصطفى بأن قد أصيب الإخوان وحلفاؤهم بصدمة عنيفة، تساءلوا فى دهشة: كيف استطاع السيسى أن يفعلها؟! عم الصراخ المحتشدين فى رابعة، انطلقت هتافاتهم تدوى وتطالب بالثورة على مَن أسموهم بقادة «الانقلاب»، أصدر عصام الحداد بيانات يطالب فيها بالتدخل الأجنبى لإعادة الرئيس المعزول إلى منصبه، اجتماعات سرية لجماعات إخوانية وتكفيرية، عمليات هروب القيادات الإخوانية والاختفاء عن الأنظار، القبض على بعض القيادات وكان من أبرزها: المرشد السابق محمد مهدى عاكف و4 من حراسه ود.محمد سعد الكتاتنى (رئيس حزب الحرية والعدالة).
وفى هذا الوقت أعلن مسئول بحزب الحرية والعدالة فى بيان صادر عن الحزب رفض ما أسماه ب«الانقلاب العسكرى» الذى قام به وزير الدفاع وعطَّل به الدستور، وعزل رئيس الجمهورية المنتخب وقيامه بتعيين قيادة جديدة لإدارة شئون البلاد.
وقد حذر الحزب فى بيانه من أنه سيقف بكل حسم ضد ما أسماه ب«الانقلاب العسكرى»، وأنه لن يتعاون مع إدارة البلاد الحالية التى قال إنها اغتصبتِ السلطة، وأنه سيظل يعمل لعودة الشرعية مع كل القوى الرافضة ل(الانقلاب)، وأنه يطالب جميع القوى الشعبية والحزبية بإعلان مواقفها الواضحة القاطعة إما مع إرادة الشعب الحرة، وإما مع انقلاب عسكرى كامل على الإرادة الشعبية.
وقال الحزب إنه سيظل مشاركًا فى جميع الفعاليات السلمية الرافضة للانقلاب وسط الشعب وضد الممارسات القمعية التى أطلَّت برأسها وضد القتل الممنهج الذى بدأته قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين وضد إغلاق منافذ التعبير ومصادرة حرية الرأى التى بدأت باعتقال رئيس الحزب د.محمد سعد الكتاتنى ومطاردة بعض رموزه وقياداته.
فى هذا الوقت استأذن الفريق أول عبد الفتاح السيسى زملاءه وقرر الخروج من مبنى المخابرات الحربية متجهًا إلى منزل والدته فى مدينة نصر، مضى إلى هناك وسط الحشود التى راحت تتدفق فى الشوارع والميادين، ألقى بجسده فى حضنها، قبَّل يديها، فاضت دموعه، اختلطت بدموعها، وطلب منها الدعاء لمصر، وقرر العودة إلى مبنى المخابرات الحربية.
فى هذا الوقت أصدرت وزارة الداخلية بيانًا أكدت فيه دعمها الكامل والتام لبيان القيادة العامة للقوات المسلحة بكل ما تضمنه من خطوات وطنية وجادة وصادقة رسمت بحق خارطة طريق تبتغى مصلحة الوطن، وتحقق إرادة الشعب المصرى العظيم، وتنحاز لطموحاته المشروعة نحو مستقبل أفضل.
وشدد البيان على أن رجال الشرطة يؤكدون وقوفهم كتفًا بكتف مع رجال القوات المسلحة البواسل، تساندهم جموع أبناء الوطن لتحقيق أمن واستقرار البلاد، وقال: «إن الجميع على ثقة كاملة بأن سواعدهم الوطنية قادرة على بناء مصرنا التى نتمناها جميعًا، قوية أبية شامخة، آمنة».
وفى هذا الوقت دعا الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومى الأمريكى لبحث الموقف فى ضوء الأحداث التى تشهدها مصر.
وكانتِ الخارجية الأمريكية قد طلبت من السفيرة «آن باترسون» إجراء اتصالات مكثفة مع المسئولين المصريين لمعرفة آخر تطورات الموقف فى البلاد.
أما وزارة الدفاع الأمريكية، فقد أقامت غرفة عمليات للمتابعة، بينما أصدر رئيس هيئة الأركان الأمريكية بيانًا حذر فيه من عواقب ما إذا جرى اعتبار عزل الجيش للرئيس مرسى انقلابًا، وقال: «إنها بلدهم على أى حال وسيجدون طريقهم، ولكن ستكون هناك عواقب كبيرة إذا أسىء التعامل مع الأمر، هناك قوانين تحكم كيفية تعاملنا مع هذه الأنواع من المواقف».
وفى مقابل ذلك، صرح رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس النواب الأمريكى قائلاً: «إن الاستقرار فى مصر بالغ الأهمية، لأمن أمريكا وحلفائها فى الشرق الأوسط، ووصف الرئيس المعزول محمد مرسى بالعقبة أمام الديمقراطية الدستورية التى يريدها معظم المصريين».
لقد حدث انقسام فى الرأى بين أركان المؤسسة الأمريكية فى هذا الوقت، حيث كان جون كيرى وزير الخارجية وسوزان رايس مستشار الرئيس للأمن القومى أقرب إلى موقف أوباما المتشدد ضد انحياز الجيش للشعب، بينما كان «تشاك هيجل» وزير الدفاع وقادة الكونجرس يتخذون موقفًا يتسم بالمرونة ويرفضون التصعيد ضد النظام الجديد فى مصر.
وفى هذا الوقت، وتحديدًا فى الثانية صباحًا من بعد منتصف ليل الأربعاء، أجرى رئيس المخابرات المركزية الأمريكية اتصالاً برئيس المخابرات المصرية اللواء رأفت شحاتة وأبلغه رسالة من الرئيس باراك أوباما إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسى القائد العام، تضمنت عدة نقاط أبرزها:
- أن الولايات المتحدة تأمل تحقيق الاستقرار فى مصر سريعًا، ولا تسعى إلى التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد.
- أن الرئيس أوباما لا يرغب أن يكون للجيش أى دور فى الحياة السياسية وأن دوره يجب أن ينحصر فى حماية العملية السياسية ومتابعة تنفيذ خارطة الطريق والحرص على تحقيق المصالحة، وعدم إقصاء أى تيارات سياسية خصوصًا حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان.
- أن الولايات المتحدة تتمنى عدم اللجوء إلى أى إجراءات استثنائية أو القبض على عناصر سياسية إلا فى إطار القانون، وأنه يجب الحرص على سلامة الرئيس السابق محمد مرسى وعدم اتخاذ أى إجراءات استثنائية ضده.
- أن الإدارة الأمريكية تقر بالحق فى التظاهر السلمى للتعبير عن المطالب المشروعة للمصريين، وتحذر من أعمال العنف فى البلاد، وتطلب حماية الرعايا الأمريكيين فى مصر.
- أن واشنطن ستتابع ما يجرى فى مصر لتقييم موقف الإدارة الجديدة، وأن الإدارة الأمريكية ستحدد مواقفها فى ضوء التطورات التى تشهدها البلاد.
وأكد مصطفى بكري: لم يستطعِ اللواء رأفت شحاتة الاتصال بالقائد العام، فاتصل فى الثانية والنصف من فجر الخميس 4 يوليو بالفريق صدقى صبحى -رئيس الأركان- وأبلغه بمضمون الرسالة، فأعطاه اللواء محمود حجازى مدير المخابرات الحربية الذى كان يجلس إلى جواره لإبلاغه بمضمون رسالة أوباما إلى القائد العام.
فى هذا الوقت، وفى أعقاب انتهاء اجتماع مجلس الأمن القومى الأمريكى، أصدر الرئيس أوباما بيانًا طالب فيه بالخروج الآمن للرئيس مرسى، وقال فى بيان صادر عن البيت الأبيض «إن مستقبل مصر، لا يمكن تحديده إلا من قِبل الشعب المصرى»، وقال: «نحن نشعر بقلق عميق تجاه قرار القوات المسلحة تنحية الرئيس مرسى من منصبه وتعليق العمل بالدستور، ولكن على الجيش المصرى التحرك بسرعة لإعادة السلطة الكاملة مرة أخرى إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيًّا فى أقرب وقت ممكن من خلال عملية شاملة وشفافة وتجنب أى اعتقالات لمرسى وأنصاره».
مظاهرات يونيو
وتابع مصطفى بكري مقاله: قال: «إننا نتوقع من الجيش ضمان حقوق جميع المصريين بما فى ذلك الحق فى التجمع السلمى والمحاكمات النزيهة أمام المحاكم المدنية.. مشددًا على أن يكون الهدف من أى عملية سياسية هو تشكيل حكومة تحترم حقوق الأغلبية والأقلية، وتضع مصالح الشعب فوق مصلحة أى حزب أو فصيل»، وقال: «إلى أن يتحقق ذلك فإننى أحث جميع الأطراف على تجنب العنف والتوحد لضمان تحقيق الديمقراطية فى مصر».
وأردف: لقد أدركت واشنطن أن رهانها على الإخوان قد سقط، فجُنَّ جنونها، وبدأت فى ممارسة الضغوط على القيادة المصرية الجديدة، إلا أن الفريق أول السيسى كان قد وقع اختياره وباتفاق الجميع على رئيس المحكمة الدستورية العليا لتولى شئون الحكم فى البلاد..
واختتم مصطفى بكري قائلا،: لقد انتصرتِ الثورة، وتمكن الجيش من حسم الأمر سريعًا، كان السيسى يدرك أن المعركة قادمة بلا محال، وأنه مستعد لتحمُّل أعبائها، وأن الجيش سيتصدى ويتحمل المسئولية نيابة عن الشعب، ولم يكن أمامه من خيار آخر، إنه قدر الرجال الذين تحمَّلوا المسئولية وأنقذوا البلاد من خطر الانهيار والسقوط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.