الرشوة على مر العصور تطورت مع تطور وسائل العصر , ففى الماضى كان يتم دفع الاموال للوالى او السلطان للحصول على المناصب أو المنافع , وكانت صورتها واحدة دنانير أو دراهم , ومع الايام تطورت الامور وصارت تُدفع للوزراء , ثم أستفحلت وصارت تٌدفع لكبار الموظفين , وانطلاقاً من ( اذا كان رب البيت للدف ضارباً ) فقد توحشت وصارت تُدفع للصغار والكبار معاً , وتطورت معها الفتاوى لتبرر دفعها للتهرب من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله الراشى والمرتشى) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومع تطورها تطورت صورها من أموال نقدية الى أشياء عينية أغلى من الاموال . ونظراً لأننا أحفاد الفراعنة اللذين برعوا فى كل شئ فقد برعنا أيضاً فى تطوير الفساد , واستحدث له شياطين الانس فى مصر وسائل فاقت وسائل شياطين الجن نفسه , ومن قصص الفساد شبه المكررة , قصة رجل عاش طفولة بائسة فى حارة ضيقة فى أحد الاحياء الفقيرة فى أحدى المدن , حيث الفقر يولد الكفر كما يقولون , فكما أن الفقر يُخرج الاولياء والصالحين ويتباهون بكونهم فقراء الى الله فأن الفقر أيضاً يٌخرج اللصوص والمرتشين , ولذا عندما سنحت له الظروف ووجد نفسه رئيساً لفرع بأحدى الهيئات الهامة اقسم ان لا يعود الى الفقر مرة اخرى , لذا أستحدث وسائل جهنمية للحصول على الأموال الحرام أو العمولات أو الاتعاب كما يسميها لمن يكشف زيف تدينه والله ورسوله أعلم بالسرائر , فالرجل لا يقبل الرشاوى ولكنه يقبل العمولات والاتعاب , فتسمية الرشوة عمولة أو أتعاب كفيل بتحليلها من وجهة نظره , فمن أجل الحصول على عشرات ألالاف من الجنيهات الحرام تضيع على الدولة والمجتمع عشرات الملايين من الجنيهات , وكله بالقانون . فالفساد يتطور والفاسدين يحدثون وسائل فسادهم بطريقة رهيبة , ولكن للأسف وسائل محاربة الفساد فى مصر على حسب معلوماتى المحدودة قديمة وتقليدية ولم تعد تستطيع مجاراة تطور الفساد وتطور طرق الفاسدين بصفة عامة والمرتشين بصفة خاصة , ولذا يحصل معظم الفاسدين على براءات فى معظم قضايا الفساد , لأن كل شئ مرتب ومنظم بالقانون, ولذا نحن بحاجة الى هيئة جديدة تختص بتحديث وسائل مكافحة الفساد وتضم فى عضويتها جميع الهيئات الحالية أيضاً , ونضيف اليها هيئة عصرية جديدة بوسائل حديثة لمكافحة الفساد والفاسدين ونوفر حماية حقيقية وعملية لمن يبلغ عن مرتشى أو فاسد . الموضوع كبير وشائك وأصبح ينخر كالسوس فى المجتمع وبحاجة الى وقفة حقيقية , ولذا تنفق الدولة ملايين ومليارات الجنيهات من أجل الناس دون فائدة أو عائد حقيقى عليهم , لأن معظمها يساء استخدامه من أجل تحقيق مصالح شخصية ضيقة ولذا تكون المحصلة صفر . المزيد من أعمدة على ثابت