تم عقد الاجتماع السادس بين المفوضية الأوروبية ومفوضية الاتحاد الأفريقي ومن هذا المنطلق سنعمل على الاستفادة من التقدم الذي تم على صعيد الشراكة الجارية بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي وانعكاساتها على رؤيتنا المشتركة فيما يتعلق بالمستقبل. هناك أمر وحيد وثابت في عالمنا سريع التغير وهو أن أفريقيا وأوروبا ستظلان الجيران الأقرب لبعضهما البعض. فنجد أن أفريقيا تتشارك بدولها الأربعة والخمسين مع الاتحاد الأروربي الذي سيصل أعضاؤه قريباً إلى ثمانية وعشرين دولة في كونهما جيران بالإضافة لشراكتهم التاريخية والمستقبلية، واعتماداً على هذه الروح السائدة بين أفريقيا وأوروبا حدث التقارب الذي رأيناه في قمة لشبونة في ديسمبر 2007 والتي عقدت لخلق الشراكة بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي استناداً على العلاقات السياسية القوية والتعاون الوثيق بينهما في كافة المجالات. تهدف هذه الشراكة لإقامة جسر تنموي لعبور الفجوة الناشئة بين أفريقيا وأوروبا من خلال توثيق التعاون الاقتصادي وتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة في قارتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن ورخاء وتضامن وكرامة إنسانية. وقد شهد العالم تغييرات كبيرة منذ قمة لشبونة وحتى الآن منها على سبيل المثال الأزمة المالية العالمية والربيع العربي وتأثيرهما على كل من أفريقيا وأوروبا. إن عالمنا الذي يزداد ترابطاً ووجود التحولات في القوة العالمية هما من العوامل الهامة المؤثرة في التغير في كلا القارتين. هذا وفي نفس الوقت اكتسبت شراكتنا زخماً مطرداً وقدمت نتائج راسخة قوية في العديد من المجالات الرئيسية. ونعمل دوماً بشكل وثيق في مجال السلم والأمن لتعزيز قدرة أفريقيا على منع وتسوية حالات الأزمات والحفاظ على السلام، كما نمتلك برامج رائدة في مجال الزراعة والتنمية الريفية والبنية التحتية والطاقة والبيئة والبحث والتطوير وتنقل الطلاب..كما عززت كلا القارتين التعاون فيما يتعلق بالقضايا العالمية مثل قضية تغير المناخ ومكافحة الإرهاب. تواجه أفريقيا وأوروبا الآن تحدياً فيما يتعلق بإنشاء نمو اقتصادي مستدام مع ضمان خلق فرص عمل جديدة لشعوبنا، ويشارك الاتحاد الأوروبي في هذه العملية عبر مبادرة "أوروبا 2020" والتي أطلقت عام 2010 ورسمت استراتيجية النمو الأوروبي خلال هذا العقد من الزمان. وقد تعاملت مباردة "أوروبا 2020" مع تحديات المدى القصير والمرتبطة بالأزمة العالمية بالإضافة لتعاملها مع الإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل والمرتبطة بالعولمة والضغط على الموارد الطبيعية وتقدم عمر السكان. لذا وضعت أوروبا سلسلة من الأهداف الطموحة والتي يتعين تحقيقها بحلول عام 2020 لتحقيق نمو مستدام وشامل على أصعدة العمالة والابتكار والتعليم والاندماج المجتمعي والمناخ والطاقة، كما جدد الاتحاد الأوروبي سياسته الإنمائية العالمية في أجندته للتغيير والتي منحت تركيزاً أكبر للحكم الديمقراطي والقطاع الخاص والنمو الشامل والمستدام. هذا وسيتم أيضاً تركيز جهود التنمية الأوروبية على أفقر دول العالم وخاصة في أفريقيا. لقد خرجت أفريقيا بسرعة من الأزمة المالية العالمية بارتفاع في النمو نسبته 5% في عام 2012 على مستوى القارة، بجانب تضاعف النمو في عدة دول أفريقية أخرى. والتحدي الذي يواجه أفريقيا مع الاخذ في الاعتبار تضاعف سكان القارة المتوقع بحلول عام 2050 وازديادها تحضراً وشباباً هو المحافظة على معدلات نموها المثيرة للإعجاب وخلق الملايين من فرص العمل التي تلبي احتياجات السكان المتزايدة لاسيما للنساء والشباب مع تعجيل التقدم نحو الأهداف الإنمائية للألفية. ويحتفل الاتحاد الأفريقي هذا العام بمرور 50 عاماً من التكامل القاري حيث باشر الاتحاد في تعريف الإطار الاستراتيجي طويل الأمد لهذا التكامل لتواجه التحدي السابق. هذا ولدى أفريقيا بالفعل العديد من البرامج الرائدة ومن ضمنها منطقة التجارة الحرة القارية (CFTA) وبرنامج تنمية البنية التحتية في أفريقيا (PIDA) وبرنامج التعجيل بالتنمية الصناعية لأفريقيا (AIDA) ومشروع رؤية أفريقيا للتعدين (AMV) والبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا (CAADP) ومنظومة السلم والأمن الأفريقي (APSA) والآلية الأفريقية لاستعراض الأقران (APRM) ، حيث تدفع هذه البرامج مجتمعة النمو القاري لأفريقيا ولأجندتها المتكاملة. يتطلب النمو المستدام والشامل سواء لأفريقيا أو أوروبا اتخاذ إجراءات منسقة على المستوى القاري والإقليمي والوطني. إن مؤسسات الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي في حاجة للتأكد من أن البرامج والسياسات الموسعة للقارة والتي مورست تدعم بدورها النمو القاري بشكل فعال. وكما أن الملكية الكاملة والالتزام هو أمر ضروري على مستوى الدول الأعضاء وذلك من قبل رؤساء الدول والحكومات وهذا على الصعيدين المحلي والإقليمي فأيضاً المجتمع المدني بما في ذلك القطاع الخاص والشركاء المجتمعيين لابد وأن يتم إشراكهم بشكل كامل لأنهم في الواقع هم المحرك الرئيسي لقيادة النمو للأمام. تأتي الجهود الأفريقية الأوروبية في إطار شراكتنا الأوروبية-الأفريقية، ورغم الاتفاق العظيم الذي تم إنجازه منذ عام 2007 مازال هناك العديد من الأمور الأخرى التي يتعين القيام بها. وهذه الشراكة مبنية على فهم واضح لمستقبل أفريقيا وأوروبا المترابط بشكل وثيق مع بعضه البعض، لذا فسوف نستمر في تعاوننا بشأن القضايا العالمية والعمل سوياً على حل الأزمات الأمنية والمتعلقة بالسلام بالإضافة لتحسين الحوكمة والتصدي للتحديات الإنمائية الرئيسية مثل الهجرة والتنقل وإدارة المواد الخام والطاقة المستدامة والتجارة والتكامل الإقليمي وأجندة تنمية مرحلة مابعد الأهداف الإنمائية للألفية. هذا وسيلتقي الاتحاد الأوروبي وأفريقيا سوياً مرة أخرى في أبريل 2014 ولكن هذه المرة في بروكسل وذلك في القمة الأفريقية-الأوروبية الرابعة لاستعراض ما تم إنجازه في إطار شراكتنا ورسم رؤيتنا للمستقبل..ورغم أننا قارتين إلا أننا نتشاطر في رؤية مشتركة لمستقبل مزدهر وديمقراطي وسلمي لشعوبنا..وبشراكتنا معاً يمكننا تحقيق ما نريد. رئيس المفوضية الأوروبية: خوسيه مانويل باروسو ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي الدكتورة نكوسازانا دالاميني زوما